الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَهَى الْحُرَّ عَنْ أَكْلِهِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا حَجَّ، ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: إنِّي رَجُلٌ أَكْنُسُ، فَمَا تَرَى فِي مَكْسَبِي؟ قَالَ: أَيَّ شَيْءٍ تَكْنُسُ؟ قَالَ: الْعَذِرَةَ. قَالَ: وَمِنْهُ حَجَجْت، وَمِنْهُ تَزَوَّجْت؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَنْتَ خَبِيثٌ، وَحَجُّك خَبِيثٌ، وَمَا تَزَوَّجْت خَبِيثٌ. أَوْ نَحْوَ هَذَا، ذَكَرَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، فِي «سُنَنِهِ» بِمَعْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ دَنَاءَةً، فَكُرِهَ، كَالْحِجَامَةِ، فَأَمَّا الْإِجَارَةُ فِي الْجُمْلَةِ، فَجَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا، فَلَا تَنْدَفِعُ بِدُونِ إبَاحَةِ الْإِجَارَةِ؛ فَوَجَبَ إبَاحَتُهَا، كَالْحِجَامَةِ. اهـ
قلتُ: والقول بالجواز قول عامة أهل العلم كما في «المحلى» (1318)، وأثر ابن عباس إسناده صحيح كما في «المحلى» .
مسألة [79]: هل يضمن الراعي إذا تلفت بعض الشياه
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 123): لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي فِيمَا تَلِفَ مِنْ الْمَاشِيَةِ؛ مَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إلَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ ضَمَّنَ الرَّاعِيَ، وَلَنَا أَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى حِفْظِهَا، فَلَمْ يَضْمَنْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، كَالْمُودَعِ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ قَبَضَهَا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَأَمَّا مَا تَلِفَ بِتَعَدِّيهِ، فَيَضْمَنُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، مِثْلُ أَنْ يَنَامَ عَنْ السَّائِمَةِ، أَوْ يَغْفُلَ عَنْهَا، أَوْ يَتْرُكَهَا تَتَبَاعَدُ مِنْهُ، أَوْ تَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ وَحِفْظِهِ، أَوْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا يُسْرِفُ فِيهِ، أَوْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ
…
، وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا يُعَدُّ تَفْرِيطًا وَتَعَدِّيًا. اهـ