الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة:113] الآية.
وأما قوله تعالى: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]؛ فإنَّ قوله: {مِلَّتَهُمْ} واحد باللفظ أُضيف إلى ما يفيد الكثرة بالمعنى، كقول القائل: أخذ عن علماء الدين علمهم. يريد علم كلٍّ منهم. أجاب بذلك القرطبي في «المفهم» كما في «الفتح» .
(1)
تنبيه: جاء عن جماعة من الفقهاء أنهم يشترطون في توريث الكفار بعضهم من بعض أن يكون دارهم واحدًا، كأن يكونوا حربيين فقط، أو ذميين؛ فلا توارث عندهم بين ذميٍّ وحربيٍّ، وهو قول الشافعي وأصحابه، والحنفية، وبعض الحنابلة.
ورجح ابن قدامة عدم اشتراط ذلك، وهو قول جماعة من الحنابلة، والمالكية؛ لعدم وجود دليل على هذا الشرط، والأحاديث -أعني حديث أسامة وعبدالله بن عمرو- عامة تشمل الذمي، والحربي، والمستأمن، وهذا القول هو الصواب، والله أعلم، وهو ترجيح الفوزان.
(2)
مسألة [7]: ميراث المرتد
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (9/ 159): لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ أَحَدًا. وَهَذَا قَوْلُ، مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا
(1)
انظر: «المغني» (9/ 156 - 157)«الفتح» (6764).
(2)
انظر: «المغني» (9/ 157 - 159)«التحقيقات» (ص 63 - 64).
نَعْلَمُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ مُسْلِمًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا» ، وَلَا يَرِثُ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي حُكْمِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ، وَلَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ، وَإِنْ انْتَقَلُوا إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَلِأَنَّ الْمُرْتَدَّ تَزُولُ أَمْلَاكُهُ الثَّابِتَةُ لَهُ وَاسْتِقْرَارُهَا، فَلَأَنْ لَا يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ أَوْلَى. وَلَوْ ارْتَدَّ مُتَوَارِثَانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا؛ لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ؛ فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: نفى ابن قدامة علمه بالخلاف، وقد وجدت خلافًا عن داود الظاهري، وتبعه ابن حزم؛ فإنهم يجعلون المرتد حكمه كحكم الكافر، فميراثه لورثته من الكفار، وقيَّد ابن حزم ذلك بماله الذي لم يظفر به المسلمون، وهذا ظاهر اختيار الشوكاني كما في «وبل الغمام» .
قال أبو عبد الله غفر الله له: المرتد لا يُقَرُّ على دينه، وهو حلال الدم والمال، وهذا لا يمنع أن يرث من قريبه الكافر، ولا يمنع أيضًا أنَّ الكافر المرتد إذا مات بين ظهراني الكافرين الحربيين أنهم يرثون ماله؛ لأننا لم نظفر به كما أشار إلى ذلك ابن حزم، والله أعلم.
وأما إذا ارتد، ولحق بأهل الذمة؛ فلا يقرون على أخذ ماله، بل هو فيءٌ للمسلمين، وأهل الذمة ملزمون بعهدهم، ومن ذلك عدم إيواء المرتدين، ونصرهم، والحفاظ على أموالهم، والله أعلم.
(1)
(1)
انظر: «المحلى» (1744)«وبل الغمام» (2/ 380).