الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين
مسألة [1]: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر، ولا ضرار»
.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في «جامع العلوم والحكم» (2/ 211 - ): وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» اختلفوا: هل بين اللفظتين -أعني الضرر والضرار-
فرقٌ، أم لا؟ فمنهم من قال: هو بمعنى واحد على وجه التأكيد، والمشهور أنَّ بينهما فرقًا. ثم قيل: إنَّ الضرر هو (الاسم)، والضرار (الفعل)؛ فالمعنى أنَّ الضرر نفسه منتف في الشرع، وإدخال الضرر بغير حق كذلك. وقيل: الضرر أن يدخل على غيره ضررًا بما ينتفع هو به، والضرار أن يدخل على غيره ضررًا بما لا منفعة له به، كمن منع ما لا يضره، ويتضرر به الممنوع، ورجَّح هذا القول طائفة منهم: ابن عبد البر، وابن الصلاح. وقيل: الضرر أن يضر بمن لا يضره، والضرار أن يضر بمن قد أضر به على وجهٍ غير جائز. وبكل حال؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الضرر والضرار بغير حقٍّ، وهذا على نوعين: أحدهما: أن لا يكون في ذلك غرض سوى الضرر بذلك، فهذا لا ريب في قبحه، وتحريمه. -ثم ذكر أمثلةً عليه مع الأدلة-.
ثم قال رحمه الله: والنوع الثاني: أن يكون له غرض آخر صحيح، مثل أن يتصرف في ملكه بما فيه مصلحة له، فيتعدى ذلك إلى ضرر غيره، أو يمنع غيره من الانتفاع بملكه؛ توفيرًا له، فيتضرر الممنوع بذلك. فأما الأول: وهو التصرف في ملكه بما يتعدى ضرره إلى غيره؛ فإن كان على غير الوجه المعتاد، مثل أن يؤجج في أرضه نارًا في يوم عاصف، فيحترق ما يليه؛ فإنه متعد بذلك، وعليه الضمان، وإن كان على الوجه المعتاد ففيه للعلماء قولان مشهوران -ثم ذكر الخلاف وبعض الصور التي يختلف فيها أهل العلم في ذلك- وأما الثاني: وهو منع الجار من الانتفاع بملكه والارتفاق به. -ثم ذكر الخلاف في ذلك-.
قال: ومما ينهى عن منعه للضرر منع الماء والكلأ. انتهى بتصرف وتلخيص.
ثم ذكر الخلاف في ذلك، وسنذكره إن شاء الله عند آخر حديث في هذا الباب.
فائدة: إدخال حديث ابن عباس رضي الله عنهما في هذا الباب فيه تنبيه على أن إحياء الأموات، يتملك به صاحبه ما ليس في تملكه ضرر على أحد.
912 -
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ» . رَوَاهُ أَبُودَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الجَارُودِ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
استدل بعض الفقهاء بهذا الحديث على أنَّ من شرط الإحياء تحويط حائطٍ على الأرض، والحديث لا يدل على اشتراط ذلك، وغاية ما يدل عليه أنَّ إحاطة الحائط على الأرض تعد إحياءً للأرض، ولا يمنع أن الأرض تُحيا بغير ذلك.
وقد تقدم أنَّ الراجح في هذه المسألة أنَّ ما عدَّه الناس إحياءً يكون إحياءً للأرض، والله أعلم.
(1)
صحيح بشوهده. أخرجه أبوداود (3077)، وابن الجارود (1015)، من طريق الحسن عن سمرة، والحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، ولكن الحديث صحيح بشواهده المتقدمة في أول الباب.