الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [2]: إذا اشترط على هبته الثواب، ولم يبين مقدار الثواب
؟
• مذهب الشافعي، والظاهرية، وأبي ثور، وبعض الحنابلة أنَّ الهبة لا تصح، ولا يجوز ذلك؛ لأنها باشتراط ذلك صارت بيعًا بعوضٍ مجهول.
• ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وهوظاهر كلام أحمد أنها تصح، وهو القول القديم للشافعي، وقال به من التابعين عطاء، والقاسم، وأبو الزناد، وآخرون، وهو قول شريح، وربيعة، واستدلوا بحديث ابن عباس الذي في الباب، وبأثر عمر، وبحديث:«المسلمون على شروطهم» ، قالوا: فعليه أن يثيبه حتى يرضَى؛ فإن لم يفعل، أو لم يستطع؛ فلصاحب الهبة أن يرجع فيها.
قلتُ: وهذا القول هو الصواب، والله أعلم.
فائدة: قال أحمد: إذا تغيرت العين الموهوبة بزيادة أو نقصان، ولم يثبه منها؛ فلا أرى عليه نقصان ما نقص عنده إذا ردَّه إلى صاحبه، إلا أن يكون ثوبًا لبسه، أو غلامًا استعمله، أو جارية استخدمها، فأما غير ذلك إذا نقص؛ فلا شيء عليه، فكان عندي مثل الرهن، الزيادة والنقصان لصاحبه.
(1)
مسألة [3]: إذا اشترط على هبته ثوابًا معلومًا
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 280): فَإِنْ شَرَطَ فِي الْهِبَةِ ثَوَابًا مَعْلُومًا؛ صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضِ مَعْلُومٍ، فَهُوَ كَالْبَيْعِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ
(1)
انظر: «المغني» (8/ 280 - 281)«الفتح» (2585)«المحلى» (1628).
الْبَيْعِ، فِي ضَمَانِ الدَّرْكِ، وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ، وَبِهَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْهِبَةِ مَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا.
قال: وَلَنَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ؛ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ قَالَ: مَلَّكْتُك هَذَا بِدِرْهَمٍ. فَإِنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ التَّمْلِيكَ؛ كَانَ هِبَةً، وَإِذَا ذَكَرَ الْعِوَضَ؛ صَارَ بَيْعًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَقْتَضِي أَنْ يُغَلَّبَ فِي هَذَا حُكْمُ الْهِبَةِ، فَلَا تَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ. اهـ
فائدة: استحب أهل العلم الإثابة على الهدية وإن لم يشترط؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يفعل ذلك، وفي «سنن أبي داود» وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه»
(1)
، وهذا يغني عن حديث عائشة الذي في الباب، والله أعلم.
ومن حسَّن حديث عائشة رضي الله عنها؛ فلا إنكار عليه، بل هو أقرب؛ للأحاديث المتكاثرة في قبول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الهدية؛ ولبعض الأحاديث الثابتة التي فيها أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أثاب عليها، وبالله التوفيق.
(1)
سيأتي في «البلوغ» برقم (1465).