الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• ومنهم من يقول: يرد لورثة الأول، وهو وجهٌ في مذهب الحنابلة، واختاره ابن قدامة، وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنفية، وهذا القول أقرب، والحجة فيه أنه لم يعلم السابق منهم موتًا من اللاحق؛ فلا توارث بينهما كالغرقى، والهدمى، والحرقى، وهو ترجيح الفوزان، والله أعلم.
(1)
مسألة [11]: توريث المجوس
.
أما المجوس ومن جرى مجراهم ممن ينكح ذوات المحارم إذا أسلموا، فلا خلاف بين العلماء يُعلم أنهم لا يرثون بنكاح ذوات المحارم، فأما غيره من الأنكحة؛ فكل نكاح اعتقدوا صحته، وأقروا عليه بعد إسلامهم؛ توارثوا به، سواء وجد بشروطه المعتبرة في نكاح المسلمين، أو لم يوجد، وما لا يقرون عليه بعد إسلامهم لا يتوارثون به.
والمجوس وغيرهم في هذا سواء، فلو طلق الكافر امرأته ثلاثًا، ثم نكحها، ثم أسلما، ومات أحدهما؛ لم يُقرَّا عليه، ولم يتوارثا به، وكذلك إن مات أحدهما قبل إسلامهما؛ لم يتوارثا في قول الجميع، وهناك صُورٌ أخرى يختلف فيها أهل العلم بناء على الاختلاف فيما يُقرَّان عليه إذا أسلما، أو تحاكما إلينا، وسيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله.
مسألة [12]: وهل يتوارث المجوس بأكثر من قرابة
؟
• ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنهم يتوارثون بجميع القرابات إن أمكن ذلك،
(1)
انظر: «التحقيقات» (ص 234 - ) للفوزان.
نصَّ عليه أحمد رحمه الله، وهو قول إسحاق، وداود، ويحيى بن آدم، والشافعي في قول، والحنفية، ونُقل هذا القول عن علي، وابن مسعود رضي الله عنهما، ولم يثبت عنهما؛ فإنَّ في الإسناد رجلًا مُبهمًا كما في «مصنف ابن أبي شيبة» و «سنن الدارمي» ، واختار هذا القول ابن الَّلبَّان.
• وذهب الحسن، والزهري، والأوزاعي، ومالك، والليث، وحماد، وهو الصحيح عن الشافعي أنه يرث بأقوى القرابتين، وهي التي لا تسقط بحال، ونقل هذا القول عن زيد ابن ثابت، واحتجوا بأنهما قرابتان لا يورث بهما في الإسلام، فلا يورث بهما في غيره، كما لو أسقطت إحداهما الأخرى.
واستدل أهل القول الأول بأنَّ الله تعالى أعطى الأم الثلث، وأعطى الأخت النصف، فإذا كانت الأم أختًا؛ وجب إعطاؤها ما فَرض الله لها في الآيتين، ولأنهما قرابتان ترث بكل واحدة منهما منفردة، لا تحجب إحداهما الأخرى ولا ترجح بها، فترث بهما مجتمعتين، كزوج هو ابن عم، أو ابن عم هو أخ من أم، وكذوي الأرحام المدلين بقرابتين.
وأجابوا على قياس أهل القول الثاني: بأنَّ قياسهم فاسد؛ لأنَّ القرابتين في الأصل تسقط إحداهما الأخرى إذا كانتا في شخصين، فكذلك إذا كانتا في شخص.
وقولهم: (لا يُورث بهما في الإسلام) ممنوعٌ؛ فإنه إذا وجد ذلك من وطء شبهة في الإسلام؛ ورث بهما، ثم إن امتناع الإرث بهما في الإسلام؛ لعدم وجودهما، ولو تصور وجودهما؛ لورث بهما، بدليل أنه قد ورث بنظيرهما في ابن
عمٍّ، هو زوج، أو أخ من أم.
ثم نقل ابن قدامة عن ابن اللبان كلامًا جيدًا يبين فيه أنَّ الراجح هو التوريث بالقرابتين، وفيه إلزامات مفسدة لقول من قال بالتوريث بأقوى القرابتين.
(1)
تنبيه: حديث عمر الذي في الباب «ما أحرز الوالد، أو الولد فهو لعصبته من كان» ستأتي دراسته إن شاء الله تعالى في [كتاب العتق]، وبالله التوفيق، والتسديد.
(1)
انظر جميع ما تقدم في «المغني» (9/ 165 - 167).