الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [4]: قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}
.
الخير ههنا المراد به المال بلا خلاف، قاله القرطبي، وقد استحب أهل العلم لمن ترك مالًا كثيرًا أن يوصي وكرهوا لمن له مال قليل أن يوصي، وأحبوا له أن يترك المال لأولاده، وورثته.
• واختلف أهل العلم في تحديد الكثير من القليل.
قال ابن الجوزي رحمه الله في «زاد المسير» (1/ 182): وفي مقدار المال الذي تقع هذه الوصية فيه ستة أقوال: أحدها: أنه ألف درهم فصاعداً، روي عن علي
(1)
، وقتادة. والثاني: أنه سبعمائة درهم فما فوقها، رواه طاووس عن ابن عباس.
(2)
والثالث: ستون ديناراً فما فوقها، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(3)
والرابع: أنه المال الكثير الفاضل عن نفقة العيال. قالت عائشة لرجل سألها: إني أُريد الوصية. فقالت: كم مالك؟ قال: ثلاثة آلاف. قالت: كم عيالك؟ قال: أربعة. قالت: هذا شيء يسير، فدعه لعيالك.
(4)
والخامس: أنه من ألف درهم إلى خمسمائة، قاله إبراهيم النخعي. والسادس: أنه القليل والكثير، رواه معمر عن الزهري. اهـ
(1)
أثر علي رضي الله عنه أخرجه ابن جرير في تفسير [آية:180] من سورة البقرة، والدارمي (2/ 405)، من طريق: عروة، عن علي، وعروة لم يسمع من علي رضي الله عنه؛ فالإسناد ضعيف منقطع.
(2)
أخرجه سعيد بن منصور في «التفسير» رقم (250)، من طريق: ابن جريج، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس بمعناه، وابن جريج لم يصرح بالسماع، وليث هو ابن أبي سليم ضعيف. وأخرجه البيهقي (6/ 270)، وابن أبي شيبة (11/ 207)، من نفس الوجه.
(3)
أخرجه عبد بن حميد كما في «الدر المنثور» [آية:180] من سورة البقرة.
(4)
أخرجه سعيد بن منصور برقم (248)، وابن أبي شيبة (11/ 208)، والبيهقي (6/ 270)، من طريق: أبي معاوية، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة به، وهذا إسناد صحيح.
ونقل ابن قدامة عن أحمد أنه قال: إذَا تَرَكَ دُونَ الْأَلْفِ لَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ. وَعَنْ طَاوُس: الْخَيْرُ ثَمَانُونَ دِينَارًا. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الْقَلِيلُ أَنْ يُصِيبَ أَقَلُّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا خَمْسُونَ دِرْهَمًا.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُلُ عَنْ غِنَى الْوَرَثَةِ، فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ:«أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً» ، وَلِأَنَّ إعْطَاءَ الْقَرِيبِ الْمُحْتَاجِ خَيْرٌ مِنْ إعْطَاءِ الْأَجْنَبِيِّ، فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ، كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ كَعَطِيَّتِهِمْ إيَّاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ فَعِنْدَ هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ، وَغِنَاهُمْ وَحَاجَتِهِمْ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مِنْ المَالِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ
والأشهر في مذهب الحنابلة أنَّ ذلك يرجع إلى العرف كما في «الإنصاف» (7/ 178).
(1)
فائدة: قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 393): وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الثُّلُثُ كَثِيرٌ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
فائدة أخرى: قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 394): وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ وَصِيَّتَهُ لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ، إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(1)
وانظر: «تفسر القرطبي» (2/ 259)«زاد المسير» (1/ 182)«المغني» (8/ 392).
(2)
أخرجه البخاري برقم (2743)، ومسلم برقم (1629).