الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقتادة أنهما ورثا من أعتق قبل القسمة، وقول الجمهور هو الصواب، وكان يلزم من ورث الكافر إذا أسلم قبل القسمة أن يورث العبد إذا أُعتق قبل القسمة، وقد فرَّقوا بينهما بما لا يوجب التفريق.
(1)
مسألة [6]: هل يتوارث أهل الكفر بعضهم من بعض
؟
أما إذا كانت ملتهم واحدة كاليهودية، أو النصرانية؛ فإنهم يتوارثون. قال ابن قدامة: لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافًا.
والدليل على ذلك مفهوم حديث أسامة، وعبد الله بن عمرو، وورث طالب وعقيل أبا طالب دون جعفر، وعلي؛ لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين كما في «الصحيح» .
(2)
• وأما إذا اختلفت أديانهم، ففيه خلاف بين أهل العلم، فمذهب الشافعي، و أبي حنيفة، وداود، وأحمد في رواية وآخرين أنهم يتوارثون؛ لأنَّ الكفر كله ملة واحدة، قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73]، وقال تعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، وهذا القول عزاه الحافظ للجمهور.
• وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنَّ الكفر ثلاث ملل: اليهودية، والنصرانية، ودين من عداهم، يجمعهم أنهم لا كتاب لهم، وهذا قول شريح، وعطاء، وعمر
(1)
وانظر: «المغني» (9/ 161).
(2)
انظر: «البخاري» رقم (1588)، ومسلم رقم (1351).
ابن عبد العزيز، والضحاك، والحكم، والثوري، والليث، ووكيع، ومالك، وبعض الحنابلة، واستدلوا بحديث:«لا يتوارث أهل ملتين» .
• والمشهور في مذهب أحمد أنَّ الكفر ملل كثيرة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج:17]، ففرق بين الملل المذكورة، وهذا قول الزهري، وربيعة، وإسحاق، وطائفة من أهل المدينة، والبصرة. واستدلوا أيضًا بالحديث:«لا يتوارث أهل ملتين» .
قال ابن قدامة رحمه الله: وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
واستدل بالحديث المذكور.
قال: وَلِأَنَّ كُلَّ فَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمْ، وَلَا اتِّفَاقَ فِي دِينٍ؛ فَلَمْ يَرِثْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَالمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ.
قال: وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه؛ فَإِنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي خَالِدٍ رَوَى عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام أَنَّهُ جَعَلَ الْكُفْرَ مِلَلًا مُخْتَلِفَةً. وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ؛ فَيَكُونُ إجْمَاعًا. اهـ
وهذا القول هو الصواب -والله أعلم- وهو ترجيح الإمام ابن عثيمين، وفضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله وعافاه.
وأما الآية: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73]؛ فالمراد أهل الدين الواحد منهم، أو المراد أنهم يتوالون ويتناصرون ضد المسلمين، ويدل على ذلك قوله