الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [7]: إذا كانت المعادن في موات، فأراد إنسان أخذ المعادن دون إحياء الأرض
؟
• قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 154 - ): وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ المَعَادِنَ الظَّاهِرَةَ، وَهِيَ الَّتِي يُوصَلُ إلَى مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ، يَنْتَابُهَا النَّاسُ، وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا، كَالْمِلْحِ، وَالمَاءِ، وَالْكِبْرِيتِ، وَالْقِيرِ، وَالمُومْيَاءِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ
…
، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، لَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَا يَجُوزُ إقْطَاعُهَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَلَا احْتِجَازُهَا دُونَ المُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِالمُسْلِمِينَ، وَتَضْيِيقًا عَلَيْهِمْ.
ثم استدلَّ على ذلك بقصة أبيض بن حمَّال أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أقطعه الملح بمأرب، فقيل: يا رسول الله، أقطعته الماء الْعِدَّ الجاري فاسترجعه منه. أخرجه أبو داود (3064)، والترمذي (1380)، وابن ماجه (2475)، وهو حديث ضعيفٌ؛ في إسناده مجاهيل.
ثم قال رحمه الله: وَلِأَنَّ هَذَا تَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُ المُسْلِمِينَ الْعَامَّةُ؛ فَلَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ، وَلَا إقْطَاعُهُ، كَمَشَارِعِ الْمَاءِ، وَطُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
ثم قال رحمه الله: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. اهـ
قال أبو حسين العمراني في «البيان» (7/ 487): فإن سبق واحد إلى شيء من هذه المعادن الظاهرة؛ أخذه وملكه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سبق إلى مالم يسبق إليه؛ فهو أحق به» ؛ فإن أخذ منها وانصرف، وجاء غيره وأخذ منها وانصرف، وعلى هذا يأخذون، واحد بعد واحد
…
؛ جاز.
قال: وإن جاء واحد وأطال يده عليها ففيه وجهان أي: عند الشافعية أحدهما: لا يزيل الإمام يده؛ لأنه أحق به. والثاني: يزيل يده عنها؛ لأنه يصير متحجرًا، وتحجرها لا يجوز. اهـ
قلتُ: أما الحديث: «من سبق إلى مالم يسبق إليه
…
» فأخرجه أبو داود (3071) من حديث أسمر بن مضرس، وفيه أربعة مجاهيل، يروي أحدهم عن الآخر، فهو مسلسل بالمجاهيل؛ فهو شديد الضعف.
وأما الوجهان اللذان ذكرهما فهما وجهان للحنابلة أيضًا كما في «المغني» (8/ 159 - 160)، والأصح في ذلك أنه يرفع يده عنها؛ لأنها حق عام؛ فليس له أن يحتجزه على من دونه، وإنما له أن يأخذ حاجته؛ فهو أحق بالسبق.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (8/ 156): فَأَمَّا الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُوصَلُ إلَيْهَا إلَّا بِالْعَمَلِ وَالْمُؤْنَةِ، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَالرَّصَاصِ
…
، فَإِذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً؛ لَمْ تُمْلَكْ أَيْضًا بِالْإِحْيَاءِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً، فَحَفَرَهَا إنْسَانٌ وَأَظْهَرَهَا؛ لَمْ يَمْلِكْهَا بِذَلِكَ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَوَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِالْعَمَلِ وَالْمُؤْنَةِ؛ فَمُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ، كَالْأَرْضِ، وَلِأَنَّهُ بِإِظْهَارِهِ تَهَيَّأَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى تَكْرَارِ ذَلِكَ الْعَمَلِ؛ فَأَشْبَهَ الْأَرْضَ إذَا جَاءَهَا بِمَاءٍ أَوْ حَاطَهَا.