الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [11]: المساقاة على شجرٍ صغير، أو على شجر يغرسه
.
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (7/ 552): وَإِذَا سَاقَاهُ عَلَى وَدِيِّ النَّخْلِ صغاره أَوْ صِغَارِ الشَّجَرِ، إلَى مُدَّةٍ يَحْمِلُ فِيهَا غَالِبًا، وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا جُزْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ مَعْلُومٌ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ يَكْثُرُ، وَنَصِيبَهُ يَقِلُّ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا. اهـ
وقال رحمه الله (7/ 552): وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ، وَيَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى يَحْمِلَ، وَيَكُونُ لَهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَرَةِ مَعْلُومٌ؛ صَحَّ أَيْضًا. وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَى صِغَارِ الشَّجَرِ، عَلَى مَا بَيَّنَاهُ. اهـ
(1)
مسألة [12]: هل عقد المساقاة والمزارعة لازم، أم جائزٌ
؟
• مذهب أحمد، وبعض أصحاب الحديث أنَّ المساقاة والمزارعة من العقود الجائزة، واستدلوا على ذلك بحديث معاملة أهل خيبر؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«نقركم بها على ذلك ما شئنا» ، ولأنه عقد على جزء من نماء المال؛ فكان جائزًا كالمضاربة، وفارق الإجارة؛ لأنها بيع، فكانت لازمة، قالوا: ولو كان عقدًا لازمًا؛ للزم بيان المدة وتحديدها.
• ومذهب أكثر الفقهاء أنها عقد لازم؛ لأنه عقد معاوضة، فكان لازمًا كالإجارة، ولأنه لو كان جائزًا لرب المال فسخه إذا أدركت الثمرة، فيسقط حق العامل، فيستضر، واختار هذا القول شيخ الإسلام رحمه الله كما في «الإنصاف» .
(1)
وانظر: «الشرح الممتع» (4/ 288) ط/الآثار.
• وقال بعض الحنابلة: هي جائزة من جهة العامل، لازمة من جهة المالك، كالإجارة.
واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قول الجمهور كما في «الشرح الممتع» (9/ 453)، فقال: وهذا هو الصحيح، وعليه عمل الناس اليوم؛ لأننا لو قلنا: إنه عقد جائز؛ كثر الضرر والنزاع بين الناس، ولأنَّ العامل ربما يتحيل فيأتي إلى صاحب الملك، ويأخذ منه الملك مساقاة في موسم المساقاة، فإذا زال الموسم جاء إلى المالك وفسخ، وكذلك بالعكس ربما يكون المالك أعطى العامل هذا الملك ليعمل فيه، فإذا زادت الأسهم للملاك فسخها، وأعطاه أجرة المثل، فالصواب أن المساقاة عقد لازم، ويتعين فيها تحديد المدة. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: يظهر لي -والله أعلم- أنهما إن كان اشترطا عند العقد الاستمرار، أو كان عرف الناس ذلك؛ فيكون عقدًا لازمًا، وإلا فهو عقد جائز كالمضاربة؛ فإنَّ صاحب الشجر قد يرى عاملًا أفضل من الأول، فيرغب فيه، والعامل قد يكسل عن العمل، أو يمرض، أو يشغل، فيريد الترك، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1].
وقد ذكر القائلون بأنه عقد جائز أنه إن كان الفسخ قبل ظهور الثمرة؛ فإن كان من رب الشجر؛ فعليه للعامل أجرة المثل، والأقرب أن يقال: له نصيب المثل. وإن كان الفسخ من العامل فلا شيء له.