الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
909 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا حِمَى إلَّا للهِ وَلِرَسُولِهِ» . رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: معنى الحِمَى
.
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» (2370): أصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلًا مخصبًا استعوى كلبًا على مكان عالٍ، فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب، فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه، والحمى هو المكان المحمي، وهو خلاف المباح، ومعناه: أن يمنع من الإحياء من ذلك الموات؛ ليتوفر فيه الكلأ، فترعاه مواشٍ مخصوصة، ويمنع غيرها. اهـ
مسألة [2]: قوله: «لا حِمَى إلَاّ للهِ وَلِرَسُولِهِ»
.
• قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» (2370): قَالَ الشَّافِعِيّ: يَحْتَمِل مَعْنَى الْحَدِيث شَيْئَيْنِ: أَحَدهمَا: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِي لِلْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا حَمَاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَالآخَر: مَعْنَاهُ إِلَّا عَلَى مِثْل مَا حَمَاهُ عَلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَعَلَى الْأَوَّل لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْوُلَاة بَعْده أَنْ يَحْمِي، وَعَلَى الثَّانِي يَخْتَصّ الْحِمَى بِمَنْ قَامَ مَقَام رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الْخَلِيفَة خَاصَّة. وَأَخَذَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ مِنْ هَذَا أَنَّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ، وَالرَّاجِح عِنْدهمْ الثَّانِي. اهـ
(1)
أخرجه البخاري برقم (2370).
قلتُ: وهذا الراجح عند الشافعية هو قول أحمد، ومالك، وأبي حنيفة، واستدلوا على ترجيحه بأنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه صح عنه أنه حَمَى الربذة كما في «مصنف ابن أبي شيبة» (7/ 767)، و «الأموال» (ص 306) لأبي عبيد، وأصله في «البخاري» (2370) بسند منقطع، وجاء عن عثمان أيضًا كما في «سنن البيهقي» (6/ 147)، وفي إسناده: أبو سعيد مولى أسيد، مجهول، تفرد بالرواية عنه أبو نضرة، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.
قال ابن قدامة رحمه الله: واشتهر ذلك في الصحابة، فلم ينكر عليهما؛ فكان إجماعًا. اهـ
قال البيهقي رحمه الله عقب أثر عمر، وعثمان رضي الله عنهما: هذا الأثر يدل على أنَّ غير النبي صلى الله عليه وسلم ليس له أن يحمي لنفسه، وفيه وفيما قبله دلالة على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا حمى إلا لله ولرسوله» أراد به أن لا حمى إلا على مثل ما حمى عليه رسوله في صلاح المسلمين، والله أعلم. اهـ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ومحل الجواز مطلقًا أن لا يضر بكافة المسلمين. اهـ
فائدة: اشتهر أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حمى النقيع، وهو عند البخاري (2370)، عن الزهري بلاغًا، وأخرجه أحمد (2/ 91، 155)، والبيهقي (6/ 146)، وأبوعبيد رقم (740) موصولًا عن ابن عمر بإسناد فيه عبد الله العمري، وهو ضعيفٌ.