الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
916 -
وَعَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنه، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاث: فِي الكَلَأِ، وَالمَاءِ، وَالنَّارِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُودَاوُد، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: أقسام المياه الغير محروزة
.
قال ابن قدامة رحمه الله: لَا يَخْلُو الْمَاءُ مِنْ حَالَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ جَارِيًا، أَوْ وَاقِفًا؛ فَإِنْ كَانَ جَارِيًا فَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ، وَهُوَ قِسْمَانِ:
1) أَنْ يَكُونَ نَهْرًا عَظِيمًا، كَالنِّيلِ، وَالْفُرَاتِ، وَدِجْلَةَ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَنْهَارِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي لَا يَسْتَضِرُّ أَحَدٌ بِسَقْيِهِ مِنْهَا، فَهَذَا لَا تَزَاحُمَ فِيهِ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهَا مَا شَاءَ، مَتَى شَاءَ، وَكَيْف شَاءَ.
(1)
صحيح لغيره. أخرجه أحمد (5/ 364)، وأبوداود (3477)، من طريق حريز بن عثمان عن أبي خداش عن رجل من الصحابة
…
فذكره بلفظ «المسلمون» ولفظ «الناس» عند أبي عبيد في كتابه «الأموال» وذكر الإمام الألباني في «الإرواء» أنه لفظ شاذ، والمحفوظ لفظ «المسلمون» .
والحديث في إسناده أبوخداش واسمه حبان بن زيد الشرعبي تفرد بالرواية عنه حريز بن عثمان، وقد قال أبوداود: مشايخ حريز كلهم ثقات؛ ولذلك صحح بعض أهل العلم الحديث، وبعضهم يقول: كلام أبي داود محمول على الغالب، وإلا فبعضهم مجهول الحال.
وعلى كلٍّ فالحديث صحيح؛ فإن له شاهدًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
أخرجه ابن ماجه (2473)، حدثنا محمد بن عبدالله بن يزيد قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«ثلاث لا يمنعن: الماء والكلأ والنار» . وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير شيخ ابن ماجه، وهو ثقة.
2) أَنْ يَكُونَ نَهْرًا صَغِيرًا يَزْدَحِمُ النَّاسُ فِيهِ، وَيَتَشَاحُّونَ فِي مَائِهِ، أَوْ سَيْلًا يَتَشَاحُّ فِيهِ أَهْلُ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ مَنْ فِي أَوَّلِ النَّهْرِ، فَيَسْقِي وَيَحْبِسُ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الْكَعْبِ، ثُمَّ يُرْسِلُ إلَى الَّذِي يَلِيهِ فَيَصْنَعُ كَذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْأَرَاضِي كُلُّهَا، وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
قال ابن قدامة: وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.
قال: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى عَبْدُ الله بْن الزُّبَيْرِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ، الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ المَاءَ إلَى جَارِك» ، فَغَضِبَ الرَّجُلُ، وَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِك؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:«يَا زُبَيْرُ، اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْجَدْرِ» ، قَالَ الزُّبَيْرُ: فَوَاَلله، إنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65]
(1)
قَالَ الزُّهْرِيُّ: نَظَرْنَا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ احْبِسْ المَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الجَدْرِ» ؛ فَكَانَ ذَلِكَ إلَى الْكَعْبَيْنِ.
قال: فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ صَاحِبِ الْأَعْلَى مُخْتَلِفَةً، مِنْهَا مُسْتَعْلِيَةٌ، وَمِنْهَا مُسْتَفِلَةٌ؛ سَقَى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهَا، وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ؛ اقْتَسَمَا المَاءَ بَيْنَهُمَا، إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَقُدِّمَ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ؛ فَإِنْ كَانَ المَاءُ لَا يَفْضُلُ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ سَقَى مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنْ المَاءِ، ثُمَّ تَرَكَهُ لِلْآخَرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِجَمِيعِ المَاءِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُسَاوِيه فِي اسْتِحْقَاقِ
(1)
أخرجه البخاري برقم (2359)(2360)، ومسلم برقم (2357).
المَاءِ، وَإِنَّمَا الْقُرْعَةُ لِلتَّقْدِيمِ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، لَا فِي أَصْلِ الْحَقِّ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمَاءُ الْجَارِي فِي نَهْرٍ مَمْلُوكٍ، وَهُوَ أَيْضًا قِسْمَانِ:
1) أَنْ يَكُونَ المَاءُ مُبَاحَ الْأَصْلِ، مِثْلَ أَنْ يَحْفِرَ إنْسَانٌ نَهْرًا صَغِيرًا يَتَّصِلُ بِنَهْرٍ كَبِيرٍ مُبَاحٍ، فَمَا لَمْ يَتَّصِلْ الْحَفْرُ لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَحَجُّرٌ وَشُرُوعٌ فِي الْإِحْيَاءِ، فَإِذَا اتَّصَلَ الْحَفْرُ، كَمُلَ الْإِحْيَاءُ وَمَلَكَهُ، سَوَاءٌ أَجْرَى فِيهِ المَاءَ أَوْ لَمْ يُجْرِ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ يَحْصُلُ بِأَنْ يُهَيِّئَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ دُونَ حُصُولِ المَنْفَعَةِ، فَيَصِيرُ مَالِكًا لِقَرَارِ النَّهْرِ وَحَافَّتَيْهِ، وَهَوَاؤُهُ حَقٌّ لَهُ، وَكَذَلِكَ حَرِيمُهُ، وَهُوَ مُلْقَى الطِّينِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَعِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ النَّهْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ حَرِيمُ الْبِئْرِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِصَاحِبِهِ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَمْ تُمْلَكْ؛ فَهِيَ لَهُ» .
قال: فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَكَانَ النَّهْرُ لِجَمَاعَةِ؛ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ؛ فَإِنْ كَفَى جَمِيعَهُمْ؛ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ، وَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ بِالْمُهَايَأَةِ -المناوبة- أَوْ غَيْرِهَا؛ جَازَ، وَإِنْ تَشَاحُّوا فِي قِسْمَتِهِ؛ قَسَمَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمْلِكُ مِنْ النَّهْرِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، فَتُؤْخَذُ خَشَبَةٌ صَلْبَةٌ، أَوْ حَجَرٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ، فَيُوضَعُ عَلَى مَوْضِعٍ مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ، فِي مُقَدَّمِ الْمَاءِ، فِيهِ حُزُوزٌ، أَوْ ثُقُوبٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي السَّعَةِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ، يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ أَوْ ثُقْبٍ إلَى سَاقِيَةٍ مُفْرَدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَإِذَا
حَصَلَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَتِهِ انْفَرَدَ بِهِ؛ فَإِنْ كَانَتْ أَمْلَاكُهُمْ مُخْتَلِفَةً؛ قُسِّمَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ، وَلِلْآخَرِ سُدُسُهُ، جُعِلَ فِيهِ سِتَّةُ ثُقُوبٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ تَصُبُّ فِي سَاقِيَتِهِ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ.
قال: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي سَاقِيَتِهِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِمَا أَحَبَّ، مِنْ إجْرَاءِ غَيْرِ هَذَا الْمَاءِ فِيهَا، أَوْ عَمَلِ رَحًى عَلَيْهَا، أَوْ دُولَابٍ، أَوْ عَبَّارَةٍ، وَهِيَ خَشَبَةٌ تُمَدُّ عَلَى طَرَفَيْ النَّهْرِ، أَوْ قَنْطَرَةٍ يَعْبُرُ الْمَاءُ فِيهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهَا، فَأَمَّا النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ؛ فَلَيْسَ لَوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَفِي حَرِيمِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ.
2) أَنْ يَكُونَ مَنْبَعُ الْمَاءِ مَمْلُوكًا، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِكَ جَمَاعَةٌ فِي اسْتِنْبَاطِ عَيْنٍ وَإِجْرَائِهَا؛ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إحْيَاءٌ لَهَا، وَيَشْتَرِكُونَ فِيهَا، وَفِي سَاقِيَتِهَا، عَلَى حَسَبِ مَا أَنْفَقُوا عَلَيْهَا، وَعَمِلُوا فِيهَا، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، إلَّا أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ ثَمَّ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ دَخَلَ مِلْكَهُ؛ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ صَيْدٌ بُسْتَانَه، وَهَاهُنَا يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ أَيْضًا.
قال: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي لِشُرْبِهِ، وَوُضُوئِهِ، وَغُسْلِهِ، وَغَسْلِ ثِيَابِهِ، وَيَنْتَفِعَ بِهِ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مُحَوَّطٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ الله إلَيْهِمْ، وَلَا
يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، فذكر منهم:«رَجُلٌ كَانَ بِفَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ، فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» متفق عليه.
(1)
قال: إذَا كَانَ النَّهْرُ، أَوْ السَّاقِيَةُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمَاعَةٍ؛ فَإِنْ أَرَادُوا إكْرَاءَهُ أَوْ سَدَّ بَثْقٍ فِيهِ، أَوْ إصْلَاحَ حَائِطِهِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ؛ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ مِلْكِهِمْ فِيهِ؛ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَدْنَى إلَى أَوَّلِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ اشْتَرَكَ الْكُلُّ فِي إكْرَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ، إلَى أَنْ يَصِلُوا إلَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَشْتَرِكُ الْبَاقُونَ حَتَّى يَصِلُوا إلَى الثَّانِي، ثُمَّ يَشْتَرِكُ مَنْ بَعْدَهُ كَذَلِكَ، كُلَّمَا انْتَهَى الْعَمَلُ إلَى مَوْضِعِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْءٌ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: يَشْتَرِكُ جَمِيعُهُمْ فِي إكْرَائِهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِجَمِيعِهِ؛ فَإِنَّ مَا جَاوَزَ الْأَوَّلَ مَصَبٌّ لِمَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْقِ أَرْضَهُ. وَلَنَا أَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا يَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ الَّذِي فِي مَوْضِعِ شُرْبِهِ، وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا يَخْتَصُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مَنْ دُونَهُ، فَلَا يُشَارِكُهُمْ فِي مُؤْنَتِهِ، كَمَا لَا يُشَارِكُهُمْ فِي نَفْعِهِ؛ فَإِنْ كَانَ يَفْضُلُ عَنْ جَمِيعِهِمْ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى مَصْرِفٍ؛ فَمُؤْنَةُ ذَلِكَ الْمَصْرِفِ عَلَى جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ فِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ؛ فَكَانَتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، كَأَوَّلِهِ. انتهى ملخصًا من «المغني» (8/ 167 - 176).
(2)
تنبيه: الماء الذي في أرضٍ مباحة ليس لأحد أن يتملكه، وكذلك الكلأ، بل هو مشترك بين المسلمين، والأحق فيه الأسبق، فالأسبق.
(1)
أخرجه البخاري برقم (7212)، ومسلم برقم (108).
(2)
وانظر: «الإنصاف» (6/ 345)«زاد المعاد» (5/ 801).