الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ميراث الأم، ولم يخص الأم الملاعنة بحكم آخر.
قالوا: والأحاديث الورادة في ذلك لا تقوى للاحتجاج بها، وقد جاء في آخر حديث سهل بن سعد في «الصحيحين» في قصة المتلاعنين: ثم جرت السُّنَّة أنه يرثها، وترث منه ما فرض الله لها. جاء في بعض الروايات أنه قالها سهل، وفي بعض الروايات أنها من قول الزهري، فيحتمل أنَّ كليهما قالها.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصحيح في المسألة ما قاله علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، وذلك يتوافق مع مسألة الرد، ومع مسألة توريث ذوي الأرحام، وبالله التوفيق.
(1)
مسألة [8]: ولد الزنا
.
• قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (9/ 122): وَالْحُكْمُ فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الزِّنَى فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، كَالْحُكْمِ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَقْوَالِ، وَالِاخْتِلَافِ، إلَّا أَنَّ الْحَسَنَ ابْنَ صَالِحٍ قَالَ: عَصَبَةُ وَلَدِ الزِّنَى سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ لَيْسَتْ فِرَاشًا، بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا؛ لِانْقِطَاعِ نَسَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَبِيهِ، إلَّا أَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَلْحَقُ الْمُلَاعِنَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ، وَوَلَدُ الزِّنَى لَا يَلْحَقُ الزَّانِيَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ: يَلْحَقُ الْوَاطِئَ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَرِثُهُ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: يَلْحَقُهُ إذَا جُلِدَ
(1)
انظر: «المغني» (9/ 116)«ابن أبي شيبة» (11/ 334 - )«الفتح» (5315)(6748)«سنن الدارمي» (4/ 1934 - )«تهذيب السنن» (4/ 177 - )«سنن أبي داود» (2098)«المراسيل» رقم (352) تحقيق الزهراني، «سنن البيهقي» (6/ 259).
الْحَدَّ، أَوْ مَلَكَ الْمَوْطُوءَةَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَلْحَقُهُ. وَذُكِرَ عَنْ عُرْوَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ نَحْوُهُ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا أَرَى بَأْسًا إذَا زَنَى الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَعَ حَمْلهَا، وَيَسْتُرَ عَلَيْهَا، وَالْوَلَدُ وَلَدٌ لَهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ رَجُلٍ؛ فَادَّعَاهُ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا وُلِدَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ إذَا لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ؛ فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ بِحَالٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ فِرَاشًا، أَوْ كَمَا لَوْ لَمْ يُجْلَدْ الْحَدَّ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَهُ. اهـ
• قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (5/ 425 - ): فإن قيل: فقد دلَّ الحديثُ على حكم استلحاق الولد، وعلى أن الولد للفراش، فما تقولون لو استلحق الزانى ولدًا لا فِراش هُناك يُعارضه، هل يلحقُه نسبُه، ويثبتُ له أحكامُ النسب؟ قيل: هذه مسألة جليلة اختلف أهلُ العلم فيها، فكان إسحاق بن راهويه يذهبُ إلى أن المولودَ مِن الزِّنى إذا لم يكن مولودًا على فراش يدَّعيه صاحبه، وادعاه الزانى؛ أُلحِقَ به، وأوَّل قول النبى صلى الله عليه وسلم:«الولد للفراش» على أنه حكم بذلك عند تنازُع الزاني وصاحب الفراش كما تقدم، وهذا مذهب الحسن البصرى، رواه عنه إسحاق بإسناده، فى رجلٍ زنى بامرأة، فولدت ولدًا، فادَّعى ولدَها، فقال: يُجلد ويلزمُه الولد، وهذا مذهبُ عروة بن الزبير، وسليمانَ بن يسار ذكر عنهما أنهما قالا: أيُّما رجل أتى إلى غلام يزعم أنه ابن له، وأنه زنى بأمه ولم يَدَّعِ ذلك الغلامَ أحد، فهو ابنُه، واحتج سليمان، بأن عمر بن الخطاب كان يُلِيطُ أولادَ
الجاهلية بمن ادعاهم فى الإسلام، وهذا المذهبُ كما تراه قوة ووضوحًا، وليس مع الجمهور أكثرُ مِن «الولد للفراش» ، وصاحبُ هذا المذهب أوَّلُ قائل به، والقياسُ الصحيح يقتضيه؛ فإن الأبَ أحدُ الزانيين، وهو إذا كان يلحق بأمه، وينسب إليها وترثه ويرثُها، ويثبت النسب بينه وبين أقارب أمه مع كونها زنت به، وقد وُجِدَ الولدُ مِن ماء الزانيين، وقد اشتركا فيه، واتفقا على أنه ابنهُما، فما المانِعُ مِن لحوقه بالأب إذا لم يدَّعِهِ غيرُه؟ فهذا محضُ القياس، وقد قال جريج للغلام الذى زنت أمُّه بالراعى:«من أبوك يا غلام؟ قال: فلان الراعى» ، وهذا إنطاق من الله لا يُمكن فيه الكذبُ. اهـ
وانظر ما ذكرناه عند الحديث رقم (1122).
(1)
(1)
وانظر: «المحلى» (1744)«ابن أبي شيبة» (11/ 348 - )«سنن الدارمي» (4/ 1996).