الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحت البسط، فإذا دخل عليه الرجل الجليل وجلس قدامه انشقت، ويظهر لها صوت (1) فيخجل الرجل ويضحك أصحابه، ففسدت حاله واختل ملكه ومال الناس إلى السعي عليه، وآل أمره إلى أن أجلي عن مدينة رقادة وانقرضت دولة بني الأغلب على يده وكان لها مائة سنة واثنتا عشرة (2) سنة وهرب من مدينة رقادة في شهر رجب سنة ست وتسعين ومائتين.
160 -
(3)
زيد بن زين العابدين
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين الهاشمي؛ روى عن أبيه وأخيه محمد بن علي وأبان بن عثمان، وروى عنه جعفر الصادق والزهري وشعبة وغيرهم، ووفد على هشام بن عبد الملك، فرأى منه جفوة، فكانت سبب خروجه وطلبه الخلافة، وسار إلى الكوفة فقام إليه منها شيعة، فظفر به يوسف بن عمر الثقفي فقتله وصلبه وحرقه، وعده ابن سعد في الطبقة الثالثة.
وعن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى زيد بن حارثة وبكى وقال: " إن المظلوم من أهل بيتي سمي هذا، والمقتول في الله والمصلوب من أمتي سمي هذا ".
(1) ص: صوتاً.
(2)
ص: واثنى عشر.
(3)
أخباره في المصادر التاريخية كتاريخ الطبري والكامل لابن الأثير ومروج الذهب وتاريخ اليعقوبي وتاريخ ابن خلدون والأخبار الطوال للدينوري وفتوح ابن أعثم
…
الخ؛ وانظر طبقات المعتزلة: 17 وابن خلكان 5: 122، 6: 110 وتهذيب التهذيب 3: 419 والحور العين: 188 والشهرستاني 1: 138. والفرق بين الفرق: 30 - 37 ومختصره: 33 وتهذيب ابن عساكر 6: 15.
وذكره جعفر الصادق يوماً فقال: يرحم الله عمي، كان والله سيداً، والله ما ترك فينا لدنيا ولا آخرة مثله.
وسأل زيد بن علي بعض أصحابه عن قوله تعالى: " والسابقون السابقون أولئك المقربون " الواقعة قال: أبو بكر وعمر، ثم قال: لا أنالني الله شفاعة جدي إن لم أوالهما. وقال: أما أنا فلو كنت مكان أبي بكر لحكمت مثل ما حكم به أبو بكر في فدك.
وقال أيضاً: الرافضة حربي وحرب أبي في الدنيا والآخرة.
وسئل عيسى بن يونس عن الرافضة والزيدية فقال: أما الرافضة فأول ما ترفضت جاءوا إلى زيد بن علي حين خرج وقالوا له: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك، قال: بل أتولاهما، قالوا: إذن نرفضك، فسميت الرافضة. والزيدية قالوا: نتولاهما ونتبرأ ممن تبرأ منهما وخرجوا مع زيد فسميت الزيدية.
وقال الزبير بن بكار، حدثني عبد الرحمن ابن عبد الله الزهري قال: دخل زيد بن علي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من باب السوق، فرأى سعد بن إبراهيم في جماعة من القرشيين قد حان قيامهم فقاموا، فأشار إليهم وقال: يا قوم، أنتم أضعف من أهل الحرة؟ قالوا: لا، قال: وأنا أشهد أن يزيد ليس شراً من هشام (1)، فمالكم؟ فقال سعد لأصحابه: مدة هذا قصيرة، فلم يلبث أن خرج فقتل.
وقال الوليد بن محمد: كنا على باب الزهري، فسمع جلبة فقال: ما هذا يا وليد؟ فنظرت فإذا رأس زيد بن علي يطاف به، فأخبرته فبكى ثم قال: أهلك أهل هذا البيت العجلة.
وصلبوه بالكناسة سنة ثلاث وعشرين ومائة، وله أربع وأربعون سنة، ثم أحرقوه بالنار، ولم يزل مصلوباً إلى سنة ست وعشرين ثم أنزل بعد أربع سنين.
(1) ص: هاشم.
وقيل كانوا يوجهون (1) وجهه إلى ناحية العراق، فيصبح وقد دار إلى القبلة، مراراً. ونسجت العنكبوت على عورته، وكان قد صلب عرياناً.
وقال الموكل بخشبته: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد وقف على الخشبة وقال: " هكذا يصنعون بولدي من بعدي؟ يا بني، يا زيد، قتلوك قتلهم الله، صلبوك صلبهم الله "، فخرج هذا في الناس، فكتب يوسف بن عمر إلى هشام: أن عجل إلى العراق فقد فتنوا، فكتب إليه هشام: أن أحرقه بالنار.
قال جرير بن حازم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسنداً ظهره إلى خشبة زيد بن علي وهو يبكي، ويقول: هكذا يفعلون بولدي. ذكر هذا كله الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وقال ابن أبي الدم في الفرق الإسلامية: الزيدية أصحاب زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، كان زيد قد آثر تحصيل علم الأصول، فتتلمذ لواصل بن عطاء رأس المعتزلة، فقرأ عليه واقتبس منه علم الاعتزال، وصار زيد وجميع أصحابه معتزلة في المذهب والاعتقاد، وكان أخوه محمد الباقر يعيب عليه كونه قرأ على واصل بن عطاء وتتلمذ له واقتبس منه، مع كونه يجوز الخطأ على جده علي بن أبي طالب بسبب خروجه إلى حرب الجمل والنهروان، ولأن واصلاً (2) كان يتكلم في القضاء والقدر على خلاف مذهب أهل البيت.
وكان زيد يقول: علي أفضل من أبي بكر الصديق ومن بقية الصحابة، إلا أن أبا بكر فوضت إليه الخلافة لمصلحة رآها الصحابة وقاعدة دينية راعوها من تسكين الفتنة وتطيب قلوب الرعية، وكان يجوز إمامة المفضول مع قيام الأفضل للمصلحة.
فلما قتل زيد في خلافة هشام قام بالأمر بعده ولده يحيى ومضى إلى
(1) ص: يوجهوا.
(2)
ص: واصل.
خراسان، فاجتمع بها عليه خلق كثير وبايعوه، ووعدوه بالقيام معه ومقابلة (1) أعدائه، وبذلوا له الطاعة، فبلغ ذلك جعفر بن محمد الصادق فكتب إليه ينهاه عن ذلك، وعرفه أنه مقتول كما قتل أبوه، وكان كما أخبر الصادق، فإن أمير خراسان قتله بجوزجان.
ثم تفرقت الزيدية ثلاثة فرق: جارودية وسليمانية وبترية، أما الجارودية فأصحاب أبي الجارود، وكان من أصحاب زيد بن علي، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي بن أبي طالب بالنص دون التسمية، وأن الناس كفروا بنصب أبي بكر إماماً، ثم ساقوا الإمامة بعد علي إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم إلى علي بن الحسين ثم إلى زيد بن علي.
وأما السليمانية فيأتي ذكرهم في ترجمة سليمان بن جرير.
وأما البترية فيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى في ترجمة كثير الأبتر.
ومن شعر زيد:
ومن فضل الأقوام يوماً برأيه
…
فإن علياً فضلته المناقب
وقول رسول الله والحق قوله
…
وإن زعمت منه الأنوف الكواذب
بأنك مني يا علي معالناً
…
كهارون من موسى أخ لي وصاحب
دعاه ببدرٍ فاستجاب لأمره
…
فبادر في ذات الإله يضارب
(1) كذا في ص، ولعلها: ومقاتلة.