الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
222 -
(1)
محيي الدين بن عبد الظاهر
عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر بن نجدة الجذامي المصري، المولى القاضي محيي الدين ابن القاضي رشيد الدين، الكاتب الناظم الناثر، شيخ أهل الترسل، ومن سلك طريق الفاضلية في إنشائه، وهو والد (2) القاضي فتح الدين محمد صاحب دواوين الإنشاء.
سمع من جعفر الهمداني وعبد الله بن إسماعيل بن رمضان ويوسف بن المخيلي وجماعة، وكتب عنه البرزالي وابن سيد الناس وأثير الدين والجماعة؛ وكان بارع الكتابة له (3) في قلم الرقاع طريقة غريبة حلوة، وكان ذا مروة وعصبية، ولد في المحرم سنة عشرين وستمائة، وتوفي بالقاهرة سنة اثنتين وتسعين وستمائة.
ومن إنشائه كتاب (4) كتبه إلى الأمير شمس الدين آقسنقر جواباً عن كتاب كتبه بفتح بلاد النوبة:
" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة "(الاسراء:12) أدام الله نعمة المجلس، ولا زالت عزائمه مرهوبة، وغنائمه
(1) الزركشي: 147 والنجوم الزاهرة 8: 38 وابن الفرات 8: 162 والبداية والنهاية 13: 334 والشذرات 5: 421 وحسن المحاضرة 1: 570، وهو صاحب ((سيرة الملك الظاهر)) و ((تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور)) وقد نشر الثاني بعناية مراد كامل (مصر 1961) وفيه مقدمة درس المحقق فيها جوانب من حياة ابن عبد الظاهر ومؤلفاته وأورد مجموعة من رسائله وشعره.
(2)
ص: ولد.
(3)
سقطت من ص والزركشي وفيه: وكان بارع الكتابة في قلم الرقاع ذا مروة.. الخ.
(4)
ص: كتاباً.
مجلوبة ومجنوبة، وسطاه وخطاه هذه تكف النوب (1) وهذه تكفي النوبة، ولا برحت وطأته على الكفار مشتدة، وآماله لإهلاك الأعداء كرماحه ممتدة، ولا عدمت الدولة بيض سيوفه التي يرى (2) بها الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة.
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس تثني على عزائمه التي (3) واتت على كل أمرٍ رشيد، واتت على كل جبار عنيد، وحكمت بعدل السيف في كل عبد سوء " وما ربك بظلام للعبيد " فصلت: حيث شكرت الضمر الجرد وحمدت العيس، واشتبه يوم النصر بأمسه بقيام حروف العلة مقام بعض فأصبح غزو كنيسة سوس كغزو سيس (4) ، ونفهمه أنا علمنا (5) أن الله بفضله طهر البلاد، من رجسها وأزاح العناد، وحسم مادة معظمها الكافر وقد كاد وكاد، وعجل عيد النحر بالأضحية بكل كبش حرب يبرك في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد، وتحققنا النصر الذي شفى النفوس وأزال البوس، ومحا آية الليل بخير الشموس، وخرب دنقلة بجريمة سوس، وكيف لا يخرب شيء يكون فيه سوس، فالحمد لله الذي صبحتهم عزائم المجلس بالويل، وعلى أن أولج النهار من السيف منهم في الليل، وعلى أن رد حرب حرابهم (6) إلى نحورهم، وجعل تدبيرهم في تدميرهم، وبين خيط السيف الأبيض من الخيط الأسود من فجر فجورهم، واطلع على مغيبات النصر ذهن المجلس الحاضر (7) ، وأورث سليمان
(1) سقطت من ص.
(2)
سقطت من ص.
(3)
ص: الذي.
(4)
سوس بالنوبة وكان داود ملك النوبة يزعم أنه يتلقى من كنيستها ما يؤديه، وقد خربت في الحملة المشار إليها وأخذ ما فيها؛ أما سيس فإنها من الثغور الشامية، وقد غزاها الملك الظاهر أيضاً.
(5)
ص: أن أعلمنا.
(6)
ص: خرب خرابهم.
(7)
ص: الحاظر.
المؤمن ملك داود (1) الكافر، وقرن النصر بعزم المجلس الأنهض، وأهلك العدو الأسود بميمون طائر النصر الأبيض، وكيف لا وآقسنقر هو الطائر الأبيض، وأقر لأهل الصعيد كل عين، وجمع شملهم فلا يرون من عدوهم بعدها غراب بين، ونصر ذوي السيوف على ذوي الحراب، وسهل صيد ملكهم على يد المجلس وكيف يعسر على السنقر صيد الغراب، والشكر لله على إذلال ملكهم الذي لان وهان، وأذاله لباسه الذي صرح به بسر كل منهم في قناله فأمسى وهو عريان، وازهاقهم الأسنة التي غدا طعنها كفم الزق غدا والزق ملآن (2) ، ودق أقفيتهم بالسيف الذي انطق الله بفألهم الطير فقال دق قفا السودان، ورعى الله جهاد المجلس الذي قوم هذا الحادث المنآد، ولا عدم الإسلام في هذا الخطب سيفه الذي قام خطيباً وكيف لا وقد ألبسه منهم السواد، وشكر له عزمه الذي استبشر به وجه الزمن بعد القطوب، وتحققت بلاد الشمال به صلاح بلاد الجنوب، وأصبحت بهم سهام الغنائم في كل جهة تسهم، ومتون الفتوحات تمتطي فتارة يمتطي السيف منها كل سيس وتارة كل ادهم، وحمد شجاعته التي ما وقف لصدمتها السواد العظم، ولله المنة على أن جعل ربع العدو بعزائم المجلس حصيداً كان لم يغن بالأمس، وأقام فروض الجهاد بسيوفه المسنونة وأنامله الخمس، وقرن ثباته بتوصيل الطعن لنحور الأعداء ووقت النحر قيد رمح من طلوع الشمس، ونرجو من كرم الله تعالى إدراك داود المطلوب، ورده على السيف بعيب هربه والعبد الأسود إذا هرب يرد بعيب الهروب.
(1) كان داود ملكاً للنوبة وقد حضر ابن أخته واسمه متظلماً منه، فجرد الملك الظاهر جيشاً ضده (674) وكانت النتيجة أن فر داود واسر أخوه شنكو وأقيم مشكد في المملكة وألبس التاج مكان داود (السلوك 1: 622) .
(2)
في هذا نثر لقول الفند الزماني:
فلما صرح الشر
…
وأمسى وهو عريان
بطعن كفم الزق
…
غدا والزق ملآن
وفي هذه الغزاة قال ابن النقيب الفقيسي:
يا يوم دنقلة وقتل عبيدها
…
في كل ناحية وكل مكان
كم فيه زنجي يقول لأمه
…
نوحي فقد دقوا قفا السودان وكتب في محضر قيم حمام الصوفية (1) جوار خانقاه سعيد السعداء اسمه يوسف:
يقول الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن عبد الظاهر: إن أبا الحجاج يوسف ما برح لأهل الصلاح قيماً، وله جودة صناعة استحق بها أن يدعي قيماً، كم له عند جسم من من جسيم، وكم أقبل مستعملوه تعرف في وجوههم نضرة النعيم، وكم تجرد مع شيخ صالح في خلوه، وكم قال ولي الله يا بشراي إنه ليوسف حين أدلى دلوه، كم خدم من العلماء والصلحاء إنساناً، وكم ادخر بركتهم لدنياً وأخرى فحصل من كل منهم شفيعين مؤتزراً وعرياناً (2) ، كم حرمة خدمة له عند أكابر الناس، وكم له يد عند جسه (3) ومنة على راس، كم شكرته أبشار البشر، وكم حك رجل صالحٍ فتحقق هناك أن السعادة لتلحظ الحجر، قد ميز بخدمة الفضلاء والزهاد أهله وقبيله، وشكر على ما يعاب به غيره من طول الفتيلة، تتمتع الأجساد بتطييبه لحمامه بظل ممدود وماء مسكوب، وتكاد كثرة ما يخرجه من المياه أن تكون كالرمح أنبوباً على أنبوب.
وكتب إلى بعض أصحابه يستدعيه إلى حمام:
هل لك - أطال الله بقاءك إطالةً تكرع بها (4) من منهل النعيم، وتتملى
(1) ص: الصوفة.
(2)
من قول الفرزدق:
ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزراً
…
مثل الشفيع الذي يأتيك عرياناً (3) في المطبوعة: ((جسد)) وهي قراءة جيدة.
(4)
سقطت من ص.
بالسعادة تملي الزهر بالوسمي والنظر بالحسن الوسيم - في المشاركة في حمام (1) جمع بين جنة ونار، وأنواء وأنوار، وزهر وأزهار، قد زال فيه الاحتشام فكل عارٍ، ولا عار، نجوم سمائه لا يعتريها أفول، وناجم رخامه لا يعتريه ذبول، تنافست العناصر على خدمة الحال به، تنافساً احسن كل التوصل فيه إلى بلوغ أربه، فأرسل البحر ما جسده جسده من زبده، لتقبيل أخمصه إذ قصرت همته عن تقبيل يده، ولما لم ير التراب له في هذه الخدمة مدخلاً، تطفل وجاء وما علم أن التسريح لمن جاء متطفلاً، والنار رأت أن عين مباشرتها يستقل، وأنها بفرض من خدمته لا تخل، ولأن لها حرمة هداية الضيف في السرى، وبها يدفع (2) القر ويقع القرى، فأعلمت ضدها الماء فدخل وهو حار الأنفاس، وغلت مراجله فلأجل ذلك داخله من صوت تساكبه الوسواس، والهوا أنه قصر عن مطاولة هذا المبار، فأمسك متهيباً ينظر ولكن من خلف زجاجة إلى تلك الدار، ثم إن الأشجار رأت أنها لا مشاركة (3) لها في هذه الحظوة، ولا مساهمة في تلك الخلوة، فأرسلت في الأمشاط أكفاً أحسنت بها تدعو إليه الفرق، ومرت على سواد العذار الفاحم كما يمر البرق، وذلك بيد قيم قيمٍ بحقوق الخدمة، عامل بما يعامل به أهل النعيم أهل النعمة، خفيف اليد مع الأمانة، موصوف بالمهابة عند أهل تلك المهانة، لطف أخلاقاً حتى كأنها عتاب بين جحظة والزمان، وحسن صنعةً فلا يمسك يداً إلا بمعروف ولا يسرح تسريحاً إلا بإحسان، أبداً يرى مع طهارته وهو ذو صلف، ويشاهد مزيلاً لكل أذىً حتى لو خدم البدر لأزال عن وجهه الكلف، بيده موسى كأنه صباح ينسخ ظلاماً، أو نسيم ينفض عن الزهر كماماً، إذا أخذ صابونه أوهم من يخدمه بما يمره على جسده أنه
(1) سقطت من ص.
(2)
ص: دفع.
(3)
ص: لانشآئه.
بحر عجاج، وانه يبدو منها زبد الأعكان التي هي أحسن من الأمواج، فهلم إلى هذه اللذة، ولا تعد الحمام أنها دعوة أهل الحراف فربما كانت هذه من بين تلك الدعوات فذة، ولعل سيدنا يشاهد ما لا يحسن وصفه قلمي، واستحسن وصفها ليدي وفمي، إذا جمح عناني فأقول، وإذا ترامت بي الخلاعة أخلع ما تستر به ذوو العقول: لدي - أبهجك الله - غصون قد هزها الحسن طرباً، رماح لغير كفاح قد نشرت من الشعور عذباً، وبدور أسدلت من الذوائب غيهباً، قد جعلت بين الخصور والروادف من المآزر برزخاً لا يبغيان، وعلمنا بهم أننا في جنة تجري من تحتها الأنهار وتطوف علينا بها الولدان، يكاد الماء إذا مر على أجسادهم يجرحها بمره، والقلب يخرج إلى مباشرتها من الصدر وعجيب من مباشر لأمر لا يلتقيه بصدره، إذا أسدل ذوائبه ترى ماء عليه ظل يرف، وجوهراً (1) من تحت عنبر يشف، يطلب كل منهم السلام وكان الواجب طلب السلامة، وكيف لا وقد غدا كل منهم أمير حسن (2) وشعره المنشور وخاله العلامة، إذا قلب بأصفر الصفر ماء على الحضار، قلت هذا بدر بيده نجم تقسم منه أشعة الأنوار، وإن أخذ غسولاً وأمره على جسمه مفركاً، لم يبق عضو إلا واكتسب منه لطافة وراح مدلكاً، فما عذرك في انتهاز الفرص، واقتناص هذه الشوارد التي يجب على مثلك أن يغدو لها وقد اقتنص، والله تعالى يولي إليك المسار، ويجعلها لديك دائمة الاستقرار.
ومن شعره:
كم قلت لما بت أرشف ريقه
…
وأرى نقي الثغر دراً منتقى
بالله يا ذاك اللمى متروياً
…
كرر علي حديث جيران النقا
(1) ص: وجوهر.
(2)
سقطت من ص.
وقال أيضاً:
قيل للعين طيف إلفك ساري
…
فتباهي له ولو بعواري
فتهيت لقربه وتهادت
…
من دموعٍ إليه بين جواري
يتسابقن خدمةً فتراهن
…
لديها كالدر أو كالدراري
ثم لما تحقق الطيف أن تل
…
ك دموع خشي جوار البحار
بات جاري ودمع عيني جاري
…
فتحيرت بين جارٍ وجاري
يا لقومي مابين هذا وهذا
…
كيف يبقي السلو حسن اصطباري
مفرد في جماله إن تبدى
…
خجلت منه جملة الأقمار
كيف أرجو الوفاء منه وعامل
…
ت غريماً من طرفه ذا انكسار
ذو حواش تبدي لنا قلم ال
…
ريحان من خده فجل الباري
فيه وجدي محقق، وسلوي
…
وكلام العذول مثل الغبار
ولساني في حبه قلم الشع
…
ر ورقي المكتوب بالطومار
كم أكني عنه وأكتم وجدي
…
وأرى الحب هاتك الأستار وقال في الشبابة:
وناطقةٍ بالروح عن أمر ربها
…
تعبر عما عندنا وتترجم
سكتنا وقالت للنفوس فأطربت
…
فنحن سكوت والهوى يتكلم وقال أيضاً:
نسب الناس للحمامة حزناً
…
وأراها في الحزن ليست هنالك
خضبت كفها وطوقت الجي
…
د وغنت وما الحزين كذلك وقال أيضاً:
لئن جاد لي بالوصل طيف خياله
…
وأصبح محروماً رقيب ولائم
ألا إنها الأقدار تحرم ساهراً
…
وآخر يأتي رزقه وهو نائم
وقال أيضاً:
لا نقل الروض أحاديثه
…
عن عين نمام غدت خافيه
فإنه ينقل أخباره
…
إلي عين عنده صافيه وقال:
يا قاتلي بلحاظٍ
…
قتيلها ليس يقبر
إن صبروا عنك قلبي
…
فهو القتيل المصبر وقال:
لا واخذ الله بندك
…
فكم وشى بي عندك
وقال عني بأني
…
شبهت بالغصن قدك
وأنت تعظم عندي
…
أن يصلح البدر عبدك
ولست والله ترضى
…
أن يحكي الورد خدك
فقاتل الله طرفي
…
فكم به نلت قصدك
ولا رعى الله قلبي
…
فكم رعى لك عهدك
فمن ترى أنا حتى
…
جعلت قتلي وكدك
وكم أطعتك جهدي
…
وكم تجنيت جهدك
وأنت تخلف وعدي
…
ولست أخلف وعدك
وما عشقتك وحدي
…
بلى عشقتك وحدك
وبعد هذا وهذا
…
وذاك لا ذقت فقدك وقال متغزلاً:
ما خلت أني من سلوي مملق
…
حتى غدوت من المدامع أنفق
كلا ولا خلت اصطباري كاسداً
…
حتى رأيت مصون دمعي يطلق
يا للرجال نصيحةً من عاشقٍ
…
بين النفوس وبينكم أن تعشقوا
علقته غصناً ببدرٍ مثمراً
…
لكن أخضر عارضيه مورق
لو لم تكن كالرمح قامته لما
…
أمسى عليه لواء قلبي يخفق
قمر له الوجه الذي هو جنة
…
أمسى بها يتنعم المتعشق
فعذاره من سندس ورضابه
…
من كوثرٍ وخدوده إستبرق وقال أيضاً:
كم عاشقٍ ظنه لما بدا وثنا
…
حتى لوى عطفه من تيهه وثنى
رخيم دلٍ إذا ما قال واصفه
…
للظبي نفرته قلنا نعم ولنا
كم قد رمى أسهماً من لحظ مقلته
…
فحير الناس لما أن رمى ورنا
كم لي أحاديث عشق لست أسندها
…
إلا بحدثنا عنه وأخبرنا (1)
قالت جفوني لما لاح عارضه
…
أهلاً به عارض قد لاح ممطرنا
الصبح غرته والليل طرته
…
والقلب لا يلتقي من ذا وذا سكنا
إن قيل من هو عبد للحبيب أقل
…
لو لم أكن أنا عبد الله قلت أنا
أو قلت بدر قضيب دمية رشأ
…
لقال والله بي عما ذكرت غنى
دع ما هناك من الأوصاف مفترقاً
…
ودونك الكل مجموعاً لدي هنا
كم قلت واشيك يا ما كان أوحشه
…
وغاب عنا فما والله أوحشنا
فيا حبيباً به قد صرت من زمني
…
أشكو وكنت عليه أشكر الزمنا
أشبهت يوسف في حسن وزدت على
…
شاريه بالبخس (2) يا من قد غلا ثمنا
ملأت عيني نوراً مشرقاً وسناً
…
فلم يسع جفنها من ذا وذا وسنا
أقسمت بالصفو من ودي ومن شيمي
…
ما إن عصيتك لا سراً ولا علنا
كم قلت عندك لي في الحب مسألة
…
فيها افتنا يا مليحاً حسنه فتنا
هل عنك يعتاض قلبي يا حشاشته
…
وليس من قد نأى عنه كمن كمنا وقال أيضاً من أبيات:
(1) ص: تحدثنا
…
وتخبرنا.
(2)
ص: بالنخس.
ذو قوامٍ يجور (1) منه اعتدال
…
كم قتيل به من العشاق
سلب القضب لينها فهي غيظاً
…
واقفات تشكوه بالأوراق وقال أيضاً:
بحق ما بينكم وبيني
…
لا تذكروا لي حديث بين
فأنتم لي بياض حظي
…
وأنتم لي سواد عيني وقال أيضاً:
رب روض أزرته بدر تم
…
حيث غال في تيهه والتجري
فرأيت الأغصان ذلاً لديه
…
وا قفات والعين للدمع تذري
كان ظني أن يفضح القد بالغص
…
ن وأن الزلال بالريق يزري
ثم لما ثنى العنان عن النه
…
ر غدا في ركابه وهو يجري وله أيضاً:
صح الصحيح وأي شيء يختفي
…
بي أهيف وفديته من أهيف
كلفي ببدرٍ قد سما بكماله
…
في الأرض عن بدر السماء الأكلف
ظبي من الأتراك إلا أنه
…
فيه من الأعراب ترك تصلف
من جنة المأوى بدا وعلى سوى
…
أصداغه أوراقها لم تخصف
رشأ حريري الخدود وإنما
…
قلبي مريد عذاره المتصوف
ما أبصرته مقلة ثم انثنت
…
إلا تقول لها ملاحته قفي
من قال ريقته الشهية قرقف
…
للريق لم يعرف ولا للقرقف
الغصن لما مال قال تهتكاً
…
فضح التكلف شيمة المتكلف
من ردفه وقوامه كم صرعةٍ
…
لمحبه بمثقلٍ ومخفف
كم مزقت ألحاظه من مهجةٍ
…
بسوى الرضى من قلبه لم ترتفي
(1) ص: يحوز.
وبليتي هيف القدود فإنها
…
جاءت إلي بفتنةٍ لم توصف
أهوى من الأحقاف غصناً فصلت
…
زمراً حياصته بأحسن زخرف
فحوى جواميم النساء ووجهه
…
أيضاً حوى ميم اللمى من مرشف
فهو المعوذ من عيون حواسدٍ
…
برقى ملاحته وتلك بها كفي
كم بت منتظراً عذاريه عسى
…
أسلو فزاد بها عليه تأسفي
كم قال لي لما أشرت لمهجتي
…
في ناظريك أنا فقلت له وفي
فوحق وجنته أما خيلانها
…
تحكي لنا الأعشار جنب المصحف
ووحق سورة يوسفٍ ما وجهه
…
إلا كما قد قيل صورة يوسف
وجه حكى الدينار إلا أنه
…
عن خاطري ونواظري لم يصرف
كم قلت فيه لعاذلي كن عاذري
…
ما كنت ممن عذلي بي تشتفي
كم رمت أحلف لا عشقت مهفهفاً
…
وتقول لي أعطافه لا تحلف وكتب إلى ولده فتح الدين:
إن شئت تنظرني وتنظر حالتي
…
قابل إذا هب النسيم قبولا
تلقاه مثلي رقةً ولطافةً
…
ولأجل قلبك لا أقول عليلا
فهو الرسول إليك مني ليتني
…
كنت اتخذت مع النسيم رسولا وقال أيضاً:
أيها الصائد باللحظ ومن
…
هو من بين الورى مقتنصي
لا تسم طائر قلبي هرباً
…
إنه من أضلعي في قفص وقال أيضاً:
لقد قال لي إذ رحت من خمر ريقه
…
أحث كؤوساً من ألذ مقبل
بلثم شفاهي أو برشف شفاهها
…
تنقل فلذات الهوى في التنقل وقال أيضاً:
ولم أنسه إذ قال قم نودع الدجى
…
ذخائر وصلٍ فالظلام كتوم
فما مثله حرز حريز لأنه
…
تبيت عليه للنجوم ختوم وقال أيضاً:
ألا ليت ليلاتٍ مضين رواجع
…
وهل ما مضى من سالف لدهر يرجع
ليالٍ مواضٍ كم قطعت بها منىً
…
ولا شك في أن المواضي تقطع وقال أيضاً:
أنا في العالم طرفه
…
من أشد الناس حرفه
إن أجد فعلاً فعيلاً (1)
…
كان في الفضة خفة
أو أجد هذا وهذا
…
لم أجد في الحال غرفه
أو أجدهن جميعاً
…
كان في الآلة وقفه
فتراني طول دهري
…
تائباً من غير عفه وقال في دمشق:
لا تلوموا (2) دمشق إن جئتموها
…
فهي قد أوضحت لكم ما لديها
إنها في الوجوه تضحك بالزه
…
ر لمن مر في الربيع عليها
وتراها بالثلج تبصق في لح
…
ية من جاء في الشتاء إليها وقال في منزلة القطيفة:
هذي القطيفة التي
…
لا تشتهى نقلاً وعقلا
حشيت ببردٍ يابسٍ
…
فلأجل ذاك الحشو تقلى وقال موالياً:
لك طرف حمى حسنك من السرحه
…
كم قد أغار على العشاق في صبحه
(1) كذا في ص والزركشي، وهو كناية؛ وفي المطبوعة: ردفاً ثقيلاً.
(2)
ص: تلموا.
لما علمت بأنه (1) سابق اللمحة
…
عليه قد خفت شطبله (2) على صحه وقال ملغزاً في شبرية:
وهنديةٍ موطوءةٍ (3) غير أنها
…
إذا افترشت أغرتك بالبيض والسمر
تعانق من أعطافها خيزرانةً
…
وتلمح من أزرارها طلعة (4) البدر
على أربعٍ أمست تنام وإن تقم
…
تفوتك طولاً وهي تعزى إلى الشبر وقال أيضاً:
وكم قال قوم (5) بالمجالس خوطبوا
…
وذاك دوا جهالهم في التنافس
فقلت لهم ما ذاك بدع وإنه
…
لعند الدوا يدعى الخرا بالمجالس وقال أيضاً في أعور:
وأعور العين ظل يكشفها
…
بلا حياءٍ منه ولا خيفه
وكيف تلقى الحياء عند فتىً
…
عورته لا تزال مكشوفه وقال ذوبيت:
لله ليالٍ أقبلت بالنعم
…
في ظل بناءٍ شاهقٍ كالعلم
بالجيزة والنيل بدا أوله
…
في مقبل الشباب عند الهرم
(1) ص: بآبه.
(2)
ص: شظيله؛ واللام بصورة الكاف.
(3)
ص: موطوفة.
(4)
ص: ازرار طلعتها.
(5)
ص: قوماً.