الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهما من المسلمين، وخرج المكتفي بنفسه في جيش عظيم لما عزموا على حصار دمشق، وكثر الضجيج بمدينة السلام، وسار حتى نزل بالرقة، وبث الجيوش بين حلب وحماة وحمص، وعادت القرامطة تقصد حصار حلب، فالتقى الجمعان بتمنع، موضع بينه وبين حماة اثنا عشر ميلاً، وكان ذلك سنة إحدى وتسعين ومائتين أيام والده أبي سعيد، فانهزم جميع القرامطة وتبعوهم المسلمون وأفنوا عامتهم.
ثم قام القرامطة أيضاً وكثر حربهم، ولم يزالوا إلى أن مات أبو سعيد، وقام أبو طاهر ابنه.
وقيل إنه ملك دمشق وقتل جعفر بن فلاح نائب المصريين؛ ثم بلغ عسكر القرامطة إلى عين شمس، وهي على باب القاهرة، وظهروا عليهم، ثم انتصر أهل مصر عليهم فرجعوا عنهم، ولم يزل الناس معهم في شدة وبلاء إلى أن قتل أبو طاهر في سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة.
172 -
(1)
المستعين الأموي
سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر عبد الرحمن الأموي، الملقب بالمستعين؛ خرج قبل الأربعمائة والتف عليه خلق كثير من جيوش البربر بالأندلس، وحاصر قرطبة وأخذها، ثم إن متولي سبتة خرج عليه وجهز لحربه جيشاً، فالتقوا وانهزم جيش المستعين، فدخل قرطبة وهجم على المستعين وذبحه صبراً وذبح أباه، وذلك في سنة سبع وأربعمائة؛ وملك قرطبة مرتين، وكانت
(1) الذخيرة 1/1: 24 وجذوة المقتبس: 19 والبيان والمغرب 3: 91 والمعجب: 90 وصفحات متفرقة من النفح؛ ولم يرد في المطبوعة من هذه الترجمة إلا القليل.
مدة ملكه في المرتين ست سنين وعشرة أشهر، وكانت مشحونة بالشدائد، معروفة بالمنكر والفساد، نفرت القلوب عنه، وبسبب ذلك تملك ملوك الطوائف.
ولما كانت سنة خمس وأربعمائة شاع الخبر أن مجاهد العامري أقام خليفة يعرف بالفقيه المعيطي، فاستعظم ذلك إلى أن بلغه ظهور علي بن حمود الفاطمي بسبتة، فسقط في يد المستعين، فجاءه الفاطمي في جموعه فهزمه، ونبش خيران العامري القبر الذي ذكر له أن هشاماً به، فشهد أنه هشام، وجعل المستعين يبرأ من دمه وهو الذي قتله بعد أن استولى على قرطبة في المرة الثانية، فلم يفد ذلك، وظهر منه جزع عظيم لما رأى السيف.
وكان المستعين من الشعراء المجيدين، ومن شعره:
عجباً يهاب الليث حد سناني
…
وأهاب سحر فواتر الأجفان
وأقارع الأهوال لا متهيباً
…
منها سوى الإعراض والهجران
وتملكت روحي ثلاث كالدمى
…
زهر الوجوه نواعم الأبدان
ككواكب الظلماء لحن لناظري
…
من فوق أغصانٍ على كثبان
حاكمت فيهن السلو إلى الصبا
…
فقضى بسلطانٍ على سلطاني
فأبحن من قلبي الحمى، وتركنني
…
في عز ملكي كالأسير العاني
لا تعذلوا ملكاً تذلل للهوى
…
ذل الهوى عز وملك ثان
ما ضر أني عبدهن صبابةً
…
وبنو الزمان وهن من عبداني
إن لم أطع فيهن سلطان الهوى
…
كلفاً بهن فلست من مروان