الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
333
ابن الثردة الواعظ
علي بن إبراهيم بن علي بن معتوق بن عبد المجيد بن وفا، المعروف بابن الثردة الواعظ الواسطي الأصل البغدادي المنشأ؛ سألته عن مولده فقال: بكرة الإثنين ثاني عشرين شعبان سنة سبع وتسعين وستمائة.
قدم إلى دمشق مرات ووعظ بها بالجامع الأموي، ثم حصل له خلط سوداوي فتغير حاله، وكان يدعي في هذه الحالة أنه كانت له ببغداد كتب تقدير ألفي مجلدة، وأن جماعة من التجار الذين قدموا دمشق اغتصبوها وقدموا بها دمشق وأباعوها، وكان ذلك كله من مخيلة السوداء، فساءت حاله وأضرت به، والتحق بعقلاء المجانين، وكان يتخذ كارة (2) يحملها تحت إبطه لا يفارقها ليلاً ولا نهاراً، بحيث أنه كان إذا دخل الحمام أو الطهارة يكون جالساً وهي تحت إبطه، وكلما وجد خيطاً أو حبلاً شدها به، فلا تزال في نمو وزيادة وهو حاملها، وكان يقول: لو دفع لي فيها ملك مصر ما أبعتها، ويقول: هي أشهى إلي من خاتمة الخير، والله لو خيرت بين دخول الجنة بلا كارتي أو دخول النار وكارتي معي اخترت دخول النار على دخول الجنة. وكان ينظم الشعر الجيد في هذه الحالة، وكان إذا دفع إليه أحد شيئاً من دراهم أو غيرها لا يقبل منه، ويقول: من أنت؟ أظن عندك شيء من كتبي فأنت تبرطلني على ذلك، ولا يقبل لأحد شيئاً إلا بعد الجهد؛ وكانت وفاته بمارستان ابن سويد في أوائل سنة خمسين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
(1) الزركشي: 230 والدرر الكامنة 3: 76 وفي نسبة ((يعقوب)) بدل ((معتوق)) والفردة بدل ((الثردة)) ؛ وصاحب الدرر ينقل عن الصفدي.
(2)
الكارة: مكيال للدقيق أو وعاء.
ولما توفي فتحت كارته فما وجد فيها سوى جزاز بخطه وكراريس وعظيات وشعر تغزل وغيره (1) .
أنشدني لنفسه:
أضحى جمالك للورى أعجوبة
…
كل الورى قد قيدوا بقياده
فوحق من سواك يا بدر الدجى
…
ما أنت إلا فتنة لعباده وقال:
لي حبيب خياله نصب عيني
…
أينما كنت وجهه (2) مرآتي
يتجلى لطور سيناء قلبي
…
فتراني أخر من صعقاتي
ليتني ما عدمته من حبيب
…
أتراءاه من (3) جميع جهاتي
وإذا لاح أو تجلى لعيني
…
كدت أقضي من شدة الحسرات
هو ناري وجنتي ومماتي
…
وحياتي في السر والخلوات
لست مهما حييت أنساه أصلا
…
لا ولا ساعةً من الساعات وأنشدني لنفسه:
سبحان من أبدى جمالك للورى
…
عجباً يحار العقل في تصويره
وصفوك غاية وصفهم لكنهم
…
لم يدركوا مقدار عشر عشيره
لو كان يوسف في زمانه فقته
…
حسناً وكنت تكون فوق سريره
اعطف على عبدٍ ملكت قياده
…
فالعبد لم يرحمه غير أميره وأنشدني لنفسه:
يا دار علوة لا عداك غمام
…
مني عليك تحية وسلام
(1) بعد هذا في ر: رحمه الله تعالى وعفا عنه.
(2)
ر: ووجهه.
(3)
ر: في.
فلقد تقضت لي بربعك عيشة
…
زمن الصبا إذ لست فيك ألام
مع فتية حلوا ببطحاء الحمى
…
ولهم بقلبي مربع ومقام
يحمون بالبيض النزيل حمية
…
ومن استجار بهم فليس يضام
انظر إليهم كيف تضرم نارهم
…
للطارقين إذا ألم ظلام
ترهم إذا ما الليل جن عليهم
…
وهم سجود في الدجى وقيام
لولاهم ما كان يعرف ما الهوى
…
كلا ولا بيع النفوس يسام وقال أيضاً عفا الله عنه:
بالجامع الأموي ظبي أهيف
…
ما في الملاح كحسنه وجماله
هو بدر تم والقلوب بروجه
…
يخفي البدور بنور عز جلاله
وإذا تثنى مائساً في مشيه
…
فضح الغصون بلينه ودلاله وقال:
ولما تجلى من أحب لناظري
…
خررت من الأشواق صعقا إلى الأرض
وإني لأتلو ذكره وحديثه
…
وسمعي به يلتذ في النفل والفرض وقال مواليا:
لك وجه يحكي فتات السكر المصري
…
وقد يشبه (1) قضيب البان لي يمري
وردف ما ريت مثله قط في عصري
…
يا ليته حظ علي بن الثردة المقري وأنشدني لنفسه من موشح:
أيها النائم كم هذا الرقاد
…
انتبه كم نوم
انتبه من ذا الكرى يا ذا الجماد
…
تلتحق بالقوم
وتأهب لغدٍ يوم المعاد
…
يا له من يوم
(1) شبه.
وافعل الخير لتحظى بالنجاح
…
لا تكن كسلان
واجتهد فالمجتهد يلقى الفلاح
…
ويرى الإحسان
قد تقضى العمر دع لهو الصبا
…
أيها الغافل
لا تكن ممن إلى الجهل صبا
…
تعس الجاهل
كل شيء تهب الدنيا هبا
…
ليس بالطائل
كم حريص خلف الدنيا وراح
…
لابس الأكفان
وأخو الفقر توفي فاستراح
…
قلبه التعبان