الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلا ولا سامرت ذكرك في الدجى
…
إلا طربت بظاهري وبباطني
لو كنت أحسب أن بينك صانع
…
بي ما وجدت لما تحرك ساكني
فعليك مني ما حييت تحية
…
تلهي المقيم بطيب ذكر الظاعن وكتب إلى الصاحب بهاء الدين بن حنا:
يمم علياً فهو بحر الندى
…
وناده في المضلع المعضل
فرفده مجدٍ على مجدبٍ
…
ووفده مفضٍ إلى مفضل 166 (1)
سعدون المجنون
سعدون المجنون؛ يقال إن اسمه سعيد وكنيته أبو عطاء ولقبه سعدون، من أهل البصرة؛ كان من عقلاء المجانين وحكمائهم، له أخبار ملاح وكلام سديد ونظم ونثر يستحسن، وطوف البلاد، ودونت أخباره.
استقدمه المتوكل وسمع كلامه، وكان من المحبين لله عز وجل، صام ستين سنة فجف دماغه، فسماه الناس مجنوناً.
قال عطاء السلمي: احتبس علينا القطر بالبصرة فخرجنا نستسقي، وإذا بسعدون المجنون، فلما أبصرني قال: يا عطاء إلى أين؟ قلت: خرجنا نستسقي، قال: بقلوب سماوية أم بقلوب أرضية؟ قلت: بقلوب سماوية، قال: لا تبهرج فإن الناقد بصير، قلت: ما هو إلا ماحكيت لك، فاستسق لنا، فرفع رأسه إلى السماء وقال: أقسمت عليك إلا سقيتنا الغيث، ثم أنشأ يقول:
أيا من كلما نودي أجابا
…
ومن جلاله ينشي السحابا
(1) طبقات الشعراني 1: 79 (ط. بولاق) .
ويا من كلم الصديق موسى
…
كلاماً ثم ألهمه الصوابا
ويا من رد يوسف بعد ضرٍ
…
على من كان ينتحب انتحابا
ويا من خص أحمد واصطفاه
…
وأعطاه الرسالة والكتابا اسقنا؛ فأرسلت السماء شآبيب كأفواه القرب، فقلت: زدني، قال ليس ذا الكيل من ذا البيدر، ثم أنشأ يقول (1) :
سبحان من لم يزل له حجج
…
قامت على خلقه بمعرفته
قد علموا أنه مليكهم
…
يعجز وصف الأنام عن صفته وقال عطاء: رأيت سعدون المجنون ذات يوم يتفلى (2) في الشمس، فانكشفت عورته، فقلت له: استرها يا أخا الجهل، فقال: من لك مثلها فاستر. ثم مر بي يوماً وأنا آكل رماناً في السوق، فعرك أذني وقال (3) :
أرى كل إنسان يرى عيب غيره
…
ويعمى عن العيب الذي هو فيه
وما خير من تخفى عليه عيوبه
…
ويبدو له العيب الذي لأخيه
وكيف أرى عيباً وعيبي ظاهر
…
وما يعرف السوءات غير سفيه وقال عبد الله بن سويد: رأيت سعدون المجنون وبيده فحمة وهو يكتب بها على قصر خراب:
يا خاطب الدنيا إلى نفسه
…
إن لها في كل يوم خليل
ما أقبح الدنيا بخطابها
…
تقتلهم عمداً قتيلاً (4) قتيل
تستنكح البعل وقد وطنت
…
في موضعٍ آخر منه البديل
(1) من أول الأبيات البائية حتى هذا الموضع سقط من المطبوعة.
(2)
ص: يتقلى.
(3)
ورد البيتان الأولان في الإشارات الإلهية للتوحيدي: 384 (دون نسبة) .
(4)
ص: قتيل.