الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
186 -
(1)
سلار الصالحي المنصوري
سلار الأمير، سيف الدين التتري (2) الصالحي المنصوري؛ كان أولاً من مماليك الصالح علاء الدين علي بن المنصور قلاون، فلما مات الصالح صار من خاصة المنصور، ثم اتصل بخدمة الأشرف وحظي عنده وتأمر، وكان عاقلاً تاركاً للشر، ينطوي على دهاء وخبرة بالأمور، وفيه دين بالجملة، وكان صديق السلطان حسام الدين لاجين ونائبه منكوتمر، ندبوه الأمراء لإحضار السلطان الملك الناصر من الكرك، فسار إليه وأحضره، وركن إلى عقله وأيمانه فاستنابه وقدمه على الجميع فخضعوا له، ونال سلار من سعادة الدنيا ما لا يوصف، وجمع من الذهب قناطير مقنطرة، حتى اشتهر على ألسنة الناس أنه كان يدخله كل يوم مائة ألف درهم، واستمر في دست النيابة إحدى عشرة سنة وكان إقطاعه بضعة وثلاثون طبلخاناه (3) .
ولما توجه الملك الناصر إلى الكرك وتملك الجاشنكير استمر به في النيابة، وازداد عظمة وسعادة، وأقاما على ذلك تسعة أشهر، فلما عاد السلطان من الكرك تلقاه سلار إلى أثناء الرمل، ولما دخل مصر أعطاه الشوبك، فتوجه إليها هو
(1) الدرر الكامنة 2: 276 والنجوم الزاهرة: (صفحات متفرقة من ج؟: 9) والسلوك 1/2: 97 والشذرات 6: 19 وذيل العبر: 53؛ وسيجد القارئ أن بعض الفاظ والتعبيرات في هذه الترجمة مخالف للقواعد المعروفة في الأعراب.
(2)
ص: التشتري؛ وسماه في ذيل العبر: ((المغلي)) .
(3)
الطبلخاناه (بيت الطبل) يحكم عليها أمير من أمراء العشرات يعرف بأمير علم، ولها مهتار متسلم لحواصلها بمهتار الطبلخاناه وله رجال تحت يده: ولا تكون الطبلخاناه لأقل من أربعين (صبح الأعشى 4: 13، 15) .
وجماعته، وتشاغل السلطان عنه، ونزح سلار عن الشوبك ودخل البرية، وسير يطلب الأمان على أنه يقيم بالقدس يعبد الله عز وجل، فأجابه السلطان إلى ذلك، ودخل القاهرة بعد أن بقي أياماً في البرية مردداً بين العرب ينوبه كل يوم ألف درهم وأربعين غرارة شعير، فلما جاء عاتبه السلطان واعتقله ومنعه الزاد حتى مات جوعاً.
قيل إنه أكل سرموزته (1) ، وقيل خفه، وقيل إنهم دخلوا عليه وقالوا له: عفا السلطان عنك، فقام من الفرح ومشى خطوات وسقط ميتاً.
وكان أسمر لطيف القد، أسيل الخد لحيته في حنكه سودا، وهو من التتار الأويراتية، مات في أوائل الكهولة في سنة عشر وسبعمائة، ولعله ما بلغ الكهولة، رحمه الله تعالى؛ وأذن السلطان للجاولي أن يتولى جنازته ودفنه، فدفن بتربته (2) عند الكبش بالقاهرة.
وكان ظريفاً في لبسه، اقترح أشياء في الملبس وهي إليه منسوبة (3) ، وكذلك في المناديل وفي قماش الخيل وفي آلة الحرب.
قال شمس الدين الجزري: قيل إنه أخذ له ثلثمائة ألف ألف دينار وشيء كثير من الجواهر والحلي والحلل والسلاح والغلال مما لا يكاد يحصر.
قال الشيخ شمس الدين الذهبي: وهذا مستحيل؛ لأن ذلك يجيء وقر عشرة آلاف (4) بغل.
قال الشيخ شمس الدين الجزري: نقلت من ورقة بخط علم الدين البرزالي قال: دفع إلي المولى جمال الدين ابن الفويرة ورقة بتفصيل بعض أموال سلار وقت الحوطة عليه في أيام متعددة (5) :
(1) سرموزته أو سرموجته (في النجوم: 18) نوع من الأحذية؛ وفي ص قد تقرأ اللفظة رزموزته.
(2)
تربة سنجر الجاولي بين القاهرة ومصر (الخطط 2: 398) .
(3)
ذكر ابن تغري بردي (20) لباس السلاري، نسبة إليه، ولم يصفه.
(4)
النجوم: خمسة آلاف.
(5)
نقل هذا النص صاحب النجوم الزاهرة عن الجزري، وفيه اختلاف عما ورد هنا.
يوم الأحد: تسعة عشر رطل بالمصري زمرد، ياقوت رطلان، بلخش رطلان ونصف، صناديق ستة ضمنها جواهر وفصوص ألماس وغيره، لؤلؤ كبار مدور من زنة درهم إلى مثقال، ألف ومائة وخمسون حبة ذهب مائتان ألف وأربعون ألف مثقال، دراهم أربعمائة ألف وسبعون ألف درهم.
يوم الاثنين: ذهب مائة ألف وخمسون ألف دينار، وألف ألف درهم وخمسون ألف، فصوص رطلان ونصف، مصاغ عقود وأساور وزنود وحلق أربع قناطير بالمصري، وفضيات أواني وطاسات وهواوين وأطباق وغير ذلك ستة قناطير.
يوم الثلاثا: خمسة وأربعون ألف دينار، وثمانية آلف ألف، براجم وأهلة وسناجق ثلاث قناطير.
يوم الأربعاء: ذهب ألف ألف دينار، وثمانمائة ألف درهم، أقبية ملونة بفرو قاقم (1) ثلاثمائة قباء، أقبية سنجاب أربعمائة قباء، سروج مزركشة مائة سرج.
ووجد عند صهره الأمير موسى ثمان صناديق كان من جملة ما فيها عشر جواشن مجوهرة سلطانية، وتركاش (2) ما يقوم، ومائة ثوب طرد وحش (3) ، وحضر صحبته من الشوبك خمسون ألف دينار وخمسمائة ألف درهم وثلثمائة خلعة وخركاه (4) أطلس معدني مبطنة بأزرق وبابها زركش، وثلثمائة فرس ومائة وعشرين قطار بغال ومثلها جمال، كل هذا سوى الغلال والأنعام والجواري والغلمان والأملاك والعدد والقماش.
ذكروا أنه عوقب كاتبه، فأقر أنه كان يحمل إليه كل يوم ألف دينار ما يعلم
(1) القاقم: حيوان كالسنجاب، فروه يشبه الفنك.
(2)
التركاش: جعبة السهام.
(3)
طرد وحش: نوع من القماش الحرير مزين بصور الصيد والطرد (ملحق دوزي) .
(4)
الخركاء: الخيمة.
بها غيره؛ وقيل إن مملوكاً دلهم على كنز له مبني في داره، فوجد فيه أكياساً وفتحوا بركة فوجدوها مملوءة أكياساً، ثم مات البائس يتحسر على الخبز اليابس.
قال الشيخ شمس الدين: وحدثني شيخنا فخر الدين أن إنساناً حدثه قال: دخل العام شونة (1) سلار ستمائة ألف أردب، والله أعلم.
(1) الشونة وجمعها شون: مخزن الغلة.
فراغ