الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
208 -
(1)
المعتضد عباد
عباد بن إسماعيل بن عباد، المعتضد أبو عمرو صاحب إشبيلية وابن قاضيها، أبو القاسم، لما توفي أبوه تولى (2) المعتضد بعده، وهو أبو المعتمد، وكان شهماً صارماً وخوطب بأمير المؤمنين، دانت له الملوك؛ اتخذ خشباً في قصره وجللها برؤوس ملوك وأعيان ومقدمين، وكان تشبه بأبي جعفر المنصور. وكان ابنه ولي عهده إسماعيل قد هم بقبضه، فلم يتم له ذلك، وضرب أبوه (3) عنقه، وطالت أيامه إلى أن توفي في شهر رجب سنة أربع وستين وأربعمائة؛ يقال إن ملك الإفرنج سمه في ثياب بعثها إليه.
قال فيه الحجاري: وهذا الرؤوف العطوف، الدمث الأخلاق الألوف، ما مات حتى قبض أرواح ندمائه وخواصه بيده، ولم يكلهم إلى غيره، ولم يحوجهم إلى أحد بعده، فجزي عنهم بما هو أهله، وكان قد عرف منه ذلك واشتهر، فصار الأدباء يتحامونه.
ولما وفد أبو عبد الله ابن شرف القيرواني على الأندلس تطلعت إليه همم ملوكها لبعد صيته، فكان ممن استدعاه المعتضد بن عباد، وكان ابن شرف قد امتلأت مسامعه من أخباره الشنيعة، فجاوبه بقوله:
(1) الصواب في اسمه: عباد بن محمد بن إسماعيل؛ انظر البيان المغرب 3: 204 - 285 وتاريخ بني عباد (من جمع دوزي) والمعجب: 151 وما بعدها والشذرات 3: 316 والحلة السيراء 2: 39 والذخيرة (القسم الثاني) .
(2)
زيادة لازمة، او ما هو بمعناها.
(3)
ص: أبيه.
أأنت صيدت غيري صيد طائرة
…
أوسعتها الحب حتى ضمها القفص
حسبتني فرصةً أخرى ظفرت بها
…
هيهات ما كل حين تمكن الفرص
لك الموائد للقصاد مترعة
…
تروي وتشبع لكن بعدها الغصص (1) ومن شنيع ما روي عنه: أن غلاماً دون البلوغ دخل عليه بغير استئذان فقطع رأسه، فسمع جارية تقول: والله القبر أحسن من سكنى هذا القصر، فقال: والله لأبلغنك ما طلبتيه، وأمر بها فدفنت حية.
وتعجب الناس من وزيره ابن زيدون كيف انفرد بالسلامة منه، فقال: كنت كمن يمسك بأذني الأسد يتقي سطوته، تركه أو مسكه، وفيه يقول عند موته:
لقد سرنا أن الجحيم موكل
…
بطاغيةٍ قد حم منه حمام
تجانب صوب المزن عن ذلك الصدى
…
ومر عليه الغيث وهو جهام وللمعتضد شعر (2) مدون فمنه:
كأنما ياسميننا (3) الغض
…
كواكب في السماء تنقض
والطرق الحمر في جوانبه
…
كخد عذراء مسه عض ومنه:
اشرب على وجه الصباح
…
وانظر إلى نور الأقاحي
واعلم بأنك جاهل
…
إن لم تقل بالإصطباح
والدهر شيء بارد
…
إن لم تسخنه براح ومنه:
شربنا وجفن الليل يغسل كحله
…
بماء صباحٍ والنسيم رقيق
(1) ولما وفد
…
الغصص: سقط من المطبوعة.
(2)
من هنا حتى آخر الترجمة لم يرد في المطبوعة.
(3)
ص: ياسمينا، والتصويب عن الحلة 2:49.