الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولشعراء عصره فيه أمداح طنانة مليحة إلى الغاية، فممن امتدحه ابن الساعاتي وابن سناء الملك وابن نفادة وابن نبيه وابن عنين وغيرهم، والأمداح موجودة في دواوينهم.
225 -
(1)
تقي الدين السروجي
عبد الله بن علي بن منجد بن ماجد بن بركات، الشيخ تقي الدين السروجي قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: كان رجلاً خيراً عفيفاً تالياً للقرآن، عنده حظ جيد من النحو واللغة والآداب، متقللاً من الدنيا، يغلب عليه حب الجمال مع العفة التامة والصيانة، نظم كثيراً وغنى بشعره المغنيون، وكان يكرر على المفصل والمتنبي والمقامات، ويستحضر حظاً كثيراً من صحاح الجوهري، وكان مأمون الصحبة طاهر اللسان، يتفقد أصحابه، لا يكاد يظهر إلا يوم الجمعة، وكان يكره أن يخبر أحد باسمه، لأنه كان يقول: لي مع الأصحاب ثلاث رتب: أول ما اجتمع بهم يقولون: جاء التقي راح التقي صبرت عليهم، وعلمت أنهم قد أخذوا في الملل، فإذا قالوا: جاء السروجي راح السروجي، فذلك آخر عهدي بهم.
وقال الشيخ شهاب الدين محمود: كان يكره مكان تكون فيه امرأة، ومن دعاه قال: شرطي معروف أن لا تحضر امرأة، وكنا يوم في دعوة فأحضر شوا، فأدخل إلى النسا يقطعوه ويجعلوه في الصحون فلم يأكل منه،
(1) الزركشي: 150 وتشترك النسخة ر مع النسخة ص في جانب يسير من هذه الترجمة؛ وقد حافظة على النص كما ورد لأنه يمثل لهجة العصر حينئذ.
وقال: أفيه لمسوه بأيديهم!!
وكان مولده سنة سبع وعشرين وستمائة بسروج، وتوفي بالقاهرة رابع رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة.
قال أبو حيان: ولما توفي قال أبو محبوبة: والله ما أدفنه إلا في قبر ولدي، لأنه كان يهواه، وما أفرق بينهما، لما كان يعتقده من دينه وعفافه، رحمه الله تعالى.
ومن شعره:
أنعم بوصلك لي فهذا وقته
…
يكفي من الهجران ما قد ذقته
أنفقت عمري في هواك وليتني
…
أعطي وصولاً بالذي أنفقته
يا من شغلت بحبه عن غيره
…
وسلوت كل الناس حين عشقته
كم جال في ميدان حبك فارس
…
بالصدق فيك إلى رضاك سبقته
أنت الذي جمع المحاسن وجهه
…
لكن عليه تصبري أنفقته (1)
قال (2) الوشاة قد ادعى بك نسبةً
…
فسررت لما قلت قد صدقته
بالله إن سألوك عني قل لهم
…
عبدي وملك يدي وما أعتقته
أو قيل مشتاق (3) إليك فقل لهم
…
أدري بذا وأنا الذي شوقته
يا حسن طيفٍ من خيالك زارني
…
من فرحتي بلقاه ما حققته
فمضى وفي قلبي عليه حسرة
…
لو كان يمكنني الرقاد لحقته وقال أيضاً:
دنيا المحب ودينه أحبابه
…
فإذا جفوه تقطعت أسبابه
وإذا أتاهم في المحبة صادقاً
…
كشف الحجاب له وعز جنابه (4)
(1) سقط من ص وثبت في ر والزركشي.
(2)
ر ص: قالوا.
(3)
ص: مشتاقاً.
(4)
وقع هذا البيت بعد الذي يليه في ص.
ومتى سقوه شراب أنس منهم
…
رقت معانيه وراق شرابه
وإذا تهتك ما يلام لأنه
…
سكران عشقٍ لا يفيد عتابه
بعث السلام مع النسيم رسالةً
…
فأتاه في طي النسيم جوابه
قصد الحمى وأتاه يجهد في السرى
…
حتى بدت أعلامه وقبابه
ورأى لليلى العامرية منزلاً
…
بالجود يعرف والندى أصحابه
فيه الأمان لمن يخاف من الردى
…
والخير قد ظفرت به طلابه
قد أشرعت بيض الصوارم والقنا
…
من حوله فهو المنيع حجابه
وعلى حماه جلالة من أهله
…
فلذالك طارقة العيون تهابه
كم قلبت فيه القلوب على الثرى
…
شوقاً إليه وقبلت أعتابه
كم أخصبت منه الأباطح والربى
…
للزائرين وفتحت أبوابه وقال أيضاً:
بالجانب الأيمن من خدها
…
نقطة مسكٍ أشتهي شمها
حسبته لما بدا خالها
…
وجدته من حسنه عمها وقال أيضاً:
معاملة الأحباب بالوصل والوفا
…
فدع يا حبيبي عنك ذا الصد والجفا
وإن كان لي ذنب بجهلي فعلته
…
فمثلي من أخطأ ومثلك من عفا
أيا بدر تم حان منه طلوعه
…
ويا غصن بانٍ آن أن يتعطفا
كفى ما جرى من دمع عيني بالبكا
…
وعشقي على قلبي جرى منه ما كفى
فإن كنت لا تدري وتعرف ما الهوى
…
فقصدي أن تدري بذاك وتعرفا
أعد ذلك الفعل الجميل تجملاً
…
وإن لم يكن طبعاً يكون تكلفا
فما أقبح الإعراض عمن تحبه
…
وما أحسن الإقبال منه وألطفا
تقدم شوقي يسبق الدمع جارياً
…
إليك ولكن عنك صبري تخلفا
فديتك محبوباً على السخط والرضى
…
وعذرك مقبول على الغدر والوفا
وقال رحمه الله:
يا ساعي الشوق الذي مذ جرى
…
جرت دموعي فهي أعوانه
خذ لي جواباً عن كتابي الذي
…
إلى الحسينية عنوانه
فهي كما قد قيل وادي النقا
…
وأهلها في الحسن غزلانه
امش (1) قليلاً وانعطف يسرةً
…
يلقاك درب طال بنيانه
واقصد بصدر الدرب دار الذي
…
بحسنه تحسن جيرانه
سلم وقل يخشى مسن كي مسن
…
أشت حديثاً طال كتمانه (2)
كنكلم كزم ساوم إشى أط كبي
…
فحبه أنت وأشجانه
واسأل لي الوصل فإن قال يوق
…
فقل أوات قد طال هجرانه (3)
وكن صديقي واقض لي حاجةً
…
فشكر ذا عندي وشكرانه أنشدني القاضي علم الدين ابن إبراهيم مستوفي الشام رحمه الله تعالى، بسوق الكتب في شهور سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة في معنى أبيات السروجي:
قصة الشوق سر بها يا رسولي
…
نحو من قربه مناي وسولي
عند باب الفتوح حارة بهاء ال
…
دين تحت الساباط قف يا خليلي
فإذا ما حللت تلك المغاني
…
قف بتلك الطول غير مطيل
وتأمل هناك تلق غرير ال
…
طرف يرمي بالنبل (4) كل نبيل
ألفي القوام قد ألف الهج
…
ر دلالاً على المحب الذليل
فإذا ما رأيته من بعيدٍ
…
يتثنى عجباً بتلك الطول
قبل الأرض ثم قدم إليه
…
قصة ترجمت بشرحٍ طويل
فإذا قال اوزمي بختك در سلام بر
…
كيف حال المضنى الكئيب العليل
(1) ص: امشي.
(2)
في هذا البيت والذي يليه ألفاظ تركية، لم أهتد إلى حلها.
(3)
يوق: لا، بالتركية؛ أوات: نعم.
(4)
ص: بنبال الجفون، ولا يصح به الوزن.
قل قلن خش دا كل تلاماس دن
…
باذن ألاسن (1) بلا تطويل (2)
جد لمن في هواك قد شفه الوج
…
د فأضحى حلف الضنى والنحول (3) عدنا إلى شعر السروجي
وقال أيضاً:
قلت لمحبوبي وقد زارني
…
إلي يا محبوب قلبي إلي
قد عشق الناس وقد واصلوا
…
ما وقع الإنكار إلا علي وقال أيضاً:
يا ريس الحب أدركني فقد وحلت
…
مراكب الحب بي في بحر أشواقي
ولي بضاعة صبر ضاع أكثرها
…
وقد علانا الهوى يستغرق الباقي وله أيضاً:
تفقهت في عشقي لمن قد هويته
…
ولي فيه بالتحرير قول ومذهب
وللعين تنبيه به طال شرحه
…
وللقلب منه صدق ود مهذب وقال أيضاً (4) :
عندي هوىً لك طال عمر زمانه
…
لم يبق لي صبر على كتمانه
قد ضل قلبي عن طريق سلوه
…
فدليله لا يهتدي لمكانه
يا صاحب القلب الذي أفراحه
…
تلهيه عن قلبي وعن أحزانه
عيني لفقدك قد بدا إنسانها
…
وجفا الكرى شوقاً إلى إنسانه
يا من بدا في حسنه متلطفاً
…
فعشقته وطمعت في إحسانه
(1) ص: بادن الأسنى.
(2)
في هذا البيت والذي قبله ألفاظ تركية، ولست واثقاً من صحة كتابتها.
(3)
عند هذا الحد وقع خرم في ص ضاعت بسببه أوراق؛ وهذا البيت لم يرد في ص وهو في المطبوعة.
(4)
أوردها الزركشي أيضاً.
كان اعتقادي أن أفوز بوصله
…
فحرمته ورزقت من هجرانه
كان الرقاد لصيد طيفك حيلتي
…
فسلبته وفجعتني بعيانه
ومنعتني أن أجتني من وصله
…
ثمراً يطيب جناه قبل أوانه
ضمن التلطف منك وصلي في الهوى
…
لكن أطال وما وفى بضمانه
خوف الفراق إلى حماك يسوقني
…
فمتى أفوز من اللقا بأمانه وقال أيضاً:
مد إلي من أحب حبل صدودٍ
…
حين أوهى تجلدي واصطباري
ثم قال امش لي عليه سريعاً
…
كيف أمشي وما أنا باختياري وقال أيضاً:
أرى المشتري في روضة الحسن قد بدا
…
على رصد المعشوق فالقلب واجد
وحقك ما السبع الوجوه إذا بدت
…
بمغنيةٍ عن وجهه وهو واحد وقال أيضاً:
خدمت لذاك الوجه للثغر ناظراً
…
لعلي أمسي والياً من ولاته
وأصل حسابي ضبط حاصل وصله
…
وتقبيله مستخرج من جهاته وقال أيضاً:
لي حبيب منه أرى وجه بدرٍ
…
لم يزل داخلاً بباب السعاده
هو للحسن جامع حاكمي
…
فلهذا عشاقه في الزياده وقال أيضاً:
نديمي ومن حالي من الوجد حاله
…
ومن هو مثلي عن مناه بعيد
أعد ذكر من أهوى فإني مدرس
…
لذكراه من شوقي وأنت معيد وقال أيضاً:
ألا هل لجمع الشمل ممن أحبه
…
دعوتك ملهوفاً وأنت سميع
فلم يبق لي مما تشوقت مهجة
…
ولم يبق لي مما بكيت دموع وله أيضاً غفر الله له:
أفدي رئيساً كل فعل له
…
يحبه العبد ويرضاه
ومثله خادمه محسن
…
والعبد من طينة مولاه وقال أيضاً (1) :
يا مرحباً بقدوم جيران النقا
…
كمل السرور بهم وطاب الملتقى
أنست بقربهم المنازل واغتدى
…
وجه الزمان بهم منيراً مشرقا
ولطيب نشرهم تعطرت الصبا
…
وأرى على الدنيا بذلك رونقا
فتهن يا قلبي تهن وطالما
…
قد بت نحوهم كئيباً شيقا
يا ناظري، ولك البشارة، طالما
…
أبكاك من ألم البعاد وأرقا
فلمثل هذا اليوم كنت مؤملاً
…
وإليه كنت على المدى متشوقا
يا جيرةً صفت الحياة بقربهم
…
وغدا بهم روض المسرة مونقا
لا تحسبوا أني سررت بغيركم
…
مذ كان شمل وصالنا متفرقا
وحياتكم ما لي سواكم مرتجى
…
أبداً ولست بغيركم متعلقا
لكنني أخشى على أسراركم
…
دمعاً غدا متدافعاً متدفقا
قد عبرت عبراته عن كل ما
…
أخفى بطول بكائها لا منطقا
أحببتكم وأشعت حب سواكم
…
إذ كنت حذراناً عليكم مشفقا
ولقد وجدت لبينكم يا سادتي
…
ما أزعج القلب المشوق وأقلقا وقال أيضاً:
سأودعك السر الذي قد كتمته
…
وأعلمك الأمر الذي قد علمته
(1) انظر الزركشي: 151.
وأفهمك المعنى اللطيف من الهوى
…
واشرحه حتى تقول فهمته
فعندي حديث منك سوف أقوله
…
إذا ما خلونا ساعة الوصل قلته
وتقرً من شوقي كتاباً مترجماً
…
بدمعي على خدي إليك كتبته
وبي منك داء أصله كان نظرةً
…
عدمت اصطباري عنك لما وجدته
سألت طبيب الحي ماذا دواؤه
…
فرق لما أشكوه لما سألته
أراني إذا أبصرت شخصك مقبلاً
…
تغير مني الحال عما عهدته
وقال جليسي ما لوجهك أصفراً
…
فقلت له بالرغم مني صبغته
ومد إلى قلبي يداً وهو خافق
…
فغالطته عنه وقلت فقدته
وقال لمن تهوى فقلت أهابه
…
ويشرقني دمعي إذا ما ذكرته وقال وقد رأى زفة مليحٍ ليلة عرسه (1) :
عاينت في بارحتي زفةً
…
قضيت فيها كل أوطاري
وشمعها مثل نجوم الدجى
…
محيطة بالقمر الساري
ما زلت مذ عاينتها قائلاً
…
يا ليتها كانت إلى داري فلما سمع والد العروس هذه الأبيات حمل ولده طبق حلوى وأتى به إلى باب الشيخ تقي الدين، لما كان يعتقده فيه.
وقال أيضاً وهو عليل (2) :
بالله إن حضرت لديك منيتي
…
وشهدت من روحي الغداة حمامها
فكن الوفي لها فأنت قتلتها
…
وتمش خلف جنازتي وأمامها
فلعل منكراً أو نكيراً يبلغا
…
روحي بأنك قد وفيت ذمامها وقال أيضاً رحمه الله موشحاً:
(1) انظر الزركشي: 152/أ.
(2)
انظر الزركشي: 152/ب.
بالروح أفديك يا حبيبي
…
إن كنت ترضى بها فداك
فداوني اليوم يا طبيبي
…
فالجسم قد ذاب من جفاك
يا طلعة البدر إن تجلى
…
وإن تثنى فغصن بان
بالوصل طوبى لمن تملى
…
ونال من قربك الأمان
قل لي نعم قد ضجرت من لا
…
وضاع مني بها الزمان
فارجع إلى الله من قريب
…
فبعض ما حل بي كفاك
من دمع عيني ومن نحيبي
…
وادي الحمى أنبت الأراك
والله ما كنت في حسابي
…
وإنما عشقق اتفاق
وما أنا من ذوي التصابي
…
فلم دمي في الهوى يراق
وكلت بي تبتغي عذابي
…
بالصد والبين والفراق
ثلاثة قد غدت نصيبي
…
يا ليتها لا عدت عداك
وإن تكن ترضى الذي بي
…
فإن كل المنى رضاك
إن طال شوقي وزاد وجدي
…
فإنني عاشق صبور
اسمع حديثي بقيت بعدي
…
أنا وحق النبي غيور
ما أشتهي أن يكون ضدي
…
يمشي حواليك أو يدور
كأنما لحظه رقيبي
…
ملازم عندما أراك
يسعى إلى الناس في مغيبي
…
يقول هذا يحب ذاك
جميع ما تشتهي وترضى
…
علي إحضاره إليك
وذاك شيء أراه فرضا
…
بالله قل لي وما عليك
أنفق وخذ ما تريد نضا
…
فحاصلي أمره لديك
فأنت يا نزهتي طبيبي
…
عن صحبتي ما لك انفكاك
ولا ابن عمي ولا نسيبي
…
يرى إلى مهجتي سواك
إن كنت تهوى مقام شربٍ
…
قم نغتبق ثم نصطبح
تعال حتى تزيل عتبي
…
وبعد ذا العتب نصطلح
والحقد في القلب لا تغبي
…
وروح الهم تسترح
فالعيش للعاشق الكئيب
…
يطيب للأنس في حماك
في خلسة المنظر العجيب
…
تجيبه كلما دعاك وقال أيضاً موشحاً رحمه الله:
يا لائمي في الهوى كفاني
…
فعد عن بعض ذا الملام
لم لا تلوم الذي جفاني
…
وصد عن مقلتي المنام
هواه من أشكل المسائل
…
كم حار في وصفه فقيه
وفيه ما تنفع الوسائل
…
أخشاه جهدي وأتقيه
وكم عتابٍ وكم رسائل
…
أعدها حين ألتقيه
يهتز من نشوة الدنان
…
كأنما لحظه مدام
وتعتري سكتة اللسان
…
يعود لا يفصح الكلام
أقسام هجرانه لعشقي
…
ماضٍ ومستقبل وحال
خاطرت في حبه بنطقي
…
إذ قلت لا بد من وصال
أخلصت عزمي به وصدقي
…
وقد تعرضت للسؤال
عسى بعين الرضا يراني
…
من غير عجب ولا احتشام
يبدل البعد بالتداني
…
ويعقب الهجر بالتئام
سكرت من حبه بشمس
…
من فوق عطفيه تطلع
وفيه يومي مضى وأمسي
…
وشملنا ليس يجمع