الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطوسي، فاشتغل عليه بعلوم الأوائل، وبالآداب والنظم والنثر، ومهر في التاريخ، وله يد بيضاء في ترصيع التراجم، وذهن سيال، وقلم سريع، وخط بديع إلى الغاية، قيل إنه يكتب من ذلك الخط الفائق الرائق أربع كراريس، ويكتب وهو نائم على ظهره، وله بصر بالمنطق وفنون الحكمة. باشر خزانة الرصد أكثر من عشرة أعوام بمراغة ولهج بالتاريخ، واطلع على كتب نفيسة، ثم تحول إلى بغداد وصار خازن كتب المستنصرية، فأكب على التصنيف وسود تاريخاً كبيراً جداً وآخر دونه سماه مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب في خمسين مجلداً، وألف كتاب درر الأصداف في غرر الأوصاف مرتب على وضع الوجود من المبتدأ إلى المعاد، يكون عشرين مجلداً، وكتاب تلقيح الأفهام في المؤتلف والمختلف مجدولاً، والتاريخ على الحوادث من آدام إلى خراب بغداد، والدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة وله شعر كثير بالعربي والعجمي رحمه الله تعالى وعفا عنه.
276 -
(1)
أبو طالب المأموني
عبد السلام بن الحسين، أبو طالب المأموني (2) ، من أولاد المأمون؛ توفي سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة، ورد الري وامتدح الصاحب بن عباد بقصائد، فأعجبه نظمه وتقدم عنده، فدبت عقارب الحسد له، ورماه ندماء الصاحب بالدعوة في بني العباس، وبالغوا في النصب واعتقاد كفر الشيعة والمعتزلة وبهجاء الصاحب، وينتحلون عليه الشعر ويحلفون انه له، حتى سقطت منزلته عند الصاحب، وقال
(1) يتيمة الدهر: 161 والزركشي: 175.
(2)
ص: المأموني.
قصيدته الغراء وطلب الإذن للرحيل، وأولها:
يا ربع لو كنت دمعاً فيك منسكبا
…
قضيت نحبي ولم أقض الذي وجبا
لا ينكرن ربعك البالي بلى جسدي
…
فقد شربت بكأس الحب (1) ما شربا
ولو أفضت دموعي حسب واجبها
…
أفضت من كل عضو مدمعاً سربا
عهدي بربعك للذات مرتبعاً
…
فقد غدا لغوادي السحب منتحبا
فيا سقاك أخو جفني السحاب حياً
…
يحبو ربي الأرض من نور الرياض حبا
ذو بارق كسيوف الصاحب انتضيت (2)
…
ووابلٍ كعطاياه إذا وهبا منها:
وعصبةٍ بات فيها الغيظ متقداً
…
إذ شدت لي فوق أعناق العلا رتبا
فكنت يوسف والأسباط هم وأبو ال
…
أسباط أنت ودعواهم دماً كذبا (3)
ومن يرد ضياء الشمس إن شرقت
…
ومن يسد طريق الغيث إن سكبا
قد ينبح الكلب ما لم يلق ليث شرى
…
حتى إذا ما رأى ليثاً مضى هربا
أرى مآربكم في نظم قافيةٍ
…
وما أرى لي في غير العلا أربا
عدوا عن الشعر إن الشعر منقصة
…
لذي العلاء وهاتوا المجد والحسبا
فالشعر أقصر من أن يستطال به
…
أكان مبتدعاً أم كان مقتضبا ومنها:
أسير عنك ولي في كل جارحة
…
فم بشكرك يحوي منطقاً ذربا
إني لأهوى مقامي في ذراك كما
…
تهوى يمينك في العافين أن تهبا
لكن لساني يهوى السير عنك لأن
…
يطبق الأرض مدحاً فيك منتخبا
أظنني بين أهلي والأنام هم
…
إذا ترحلت عن مغناك مغتربا
(1) ص: الحي.
(2)
ص: انتضت.
(3)
وقع هذا البيت متأخراً كثيراً عن هذا الموضع في اليتيمة.
وكان يمني نفسه أن يقصد بغداد ويدخلها في جيش ينضم إليه من خراسان، وتسمو همته إلى الخلافة، فاعتل بالاستسقاء، وتوفي كما ذكرنا في سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة، رحمه الله.
ومن شعره:
فلست وإن حكت القريض بشاعر
…
فأعطى على (1) ما قلته القل والكثرا
ولكن بحر العلم بين أضالعي
…
طمى فرمى من دره النظم والنثرا
ولو كان لي مال بذلت رقابه
…
لمن يعتفيكم أو يذيع لكم شكرا
فقد قنعت والحمد لله همتي
…
وفزت وما أبغي بمدحكم أجرا
وما طلبي إلا السرير وإنما
…
سريت إليكم أبتغي بكم النصرا وقال:
ما ترى النار كيف أسقمها الق
…
ر فأضحت تخبو وحيناً تسعر
وغدا الجمر والرماد عليه
…
في قميصين مذهبٍ ومعنبر وقال أيضاً:
وحمامٍ له حر الجحيم
…
ولكن شابه برد النسيم
قذفت به ثواباً في عقابٍ
…
وزرت به نعيماً في جحيم
(1) على: سقطت من ر.