الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقلت لها إني فديتك غاصب
…
وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفي عن أثيم ظلامةً
…
وإن أنت لم ترضي فألفاً على العد
فقالت قصاص (1) يشهد العقل أنه
…
على كبد الجاني ألذ من الشهد
فباتت يميني وهي هميان خصرها
…
وباتت يساري وهي واسطة العقد
فقالت ألم أخبر بأنك زاهد
…
فقلت لها ما زلت أزهد في الزهد 315 (2)
شرف الدين ابن فضل الله
عبد الوهاب بن فضل الله، القاضي شرف الدين، يمين الملوك والسلاطين، القرشي العمري - وقد ذكرنا تمام نسبه في ترجمة ابن أخيه شهاب الدين؛ مولده في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وستمائة؛ كان كاتباً أديباً مترسلاً كتب المنسوب الفائق ومتع بحواسه لم يفقد منها شيئاً ولم تتغير كتابته، ومات وهو جالس ينفذ بريد (3) إلى بعض النواحي، وكان مخادميه يحترمونه ويعظمونه، مثل حسام الدين لاجين والملك الأشرف والملك الناصر والأمير سيف الدين تنكز، كان كل وقت يذكره، وكان كاملاً في فنه، ما كتب عن ملوك الأتراك أحد مثله.
رآه الملك الأشرف مرة وقد قام ومشى يلقى أميراً، فلما حضر عنده قال: رأيتك قمت من مكانك وخطوت خطوات، فقال: يا خوند كان الأمير سيف الدين بيدرا النائب قد جاء وسلم علي فقال: لا تعد تقم لأحد أبداً،
(1) ص: قصاصاً.
(2)
الزركشي: 204 والدرر الكامنة 3: 42 والنجوم الزاهرة 9: 240 والشذرات 6: 46 وذيل العبر: 94 والسلوك 2: 179.
(3)
كذا في ص ر.
أنت تكون قاعداً عندي وذاك واقف.
وحكي أنه كان يوماً بالمرج يقرأ على تنكز كتاب بريد جاء من السلطان، والمماليك قد رموا جلمة على عصفور، فاشتغل تنكز بالنظر إليها، فبطل شرف الدين القراءة وأمسكه وقال: يا خوند إذا قرأت عليك كتاب السلطان اجعل بالك كله مني، ويكون ذهنك عندي، لا تشتغل بغيري أبداً، وافهمه لفظة لفظة.
وما رأى أحد ما رآه من التعظيم في النفوس؛ وكان في مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر ويأكل الأطعمة الشهية ويعمل السماعات، ويعاشر الفضلاء مثل بدر الدين بن مالك وابن الظهير وغيرهم (1) ، ثم انسلخ من ذلك كله لما داخل الدولة، وقتر (3) على نفسه واختصر في ملبسه وانجمع عن الناس انجماعاً كلياً، ولما مات خلف نعمة طائلة.
وكان الملك الناصر قد نقله من مصر إلى الشام عوضاً عن أخيه محيي الدين؛ لأن السلطان كان قد وعى القاضي علاء الدين ابن الأثير لما كان معه بالكرك بالمنصب، فأقام بدمشق إلى سنة سبع عشرة (3) وسبعمائة، وتوفي في رمضان رحمه الله تعالى.
ورثاه شهاب الدين محمود وهو بمصر وكتب بها إلى القاضي محيي الدين أخيه:
لتبك المعالي والنهى الشرف الأعلى
…
وتبكي الورى الإحسان والحلم والفضلا
وتنتحب الدنيا لمن لم تجد له
…
وإن جهدت في حسن أوصافه مثلا
ومن أتعب الناس اتباع طريقه
…
فكفوا وأعيتهم طريقته المثلى
لقد أثكل الأيام حتى تجهمت
…
وإن كانت الأيام لا تعرف الثكلا
وفارق منه الدست صدراً معظماً
…
رحيباً يرد الحزن تدبيره سهلا
(1) كذا في ص ر.
(3)
ر ص: عشر.
(3)
ر ص: عشر.
فكم حاط بالرأي الممالك فاكتفت
…
له أن تعد الخيل للصون والرجلا
وكم جردت أيدي العدا نصل كيدهم
…
فرد إلى أعناقهم ذلك النصلا
وكم جل خطب لا يحل انعقاده
…
فأعمل فيه صائب الرأي فانحلا
وكم جاء أمر لا يطاق هجومه
…
فلما تولى أمر تدبيره ولى
وكم كف محذوراً وكم فك عانياً
…
وكم رد مكروهاً وكم قد جلا جلى
وقد كان للاجين ظلاً فقلصت
…
يد الموت عدوا عنهم ذلك الظلا
سأندبه دهري وأرثيه جاهداً
…
واكثر فيه من بكائي وإن قلا
ولم لا وقد صاحبته جل مدتي
…
أراه أباً براً ويعتدني نجلا
ولم يرنا في طول مدتنا امرؤ
…
فيحسبنا إلا الأقارب والأهلا
وكم أرشدتني في الكتابة كتبه
…
ولو زل عن إرشادها خاطري ضلا
وكم (1) مشكلاتٍ لم تبن لمحدقٍ
…
إليها جلاها فانجلت عند ما أملى
فمن هذه حالي وحالته معي
…
أيحسن أن أبكي على فقده أم لا
وعهدي به لا أبعد الله عهده
…
وأقلامه أنى جرت نشرت عدلا
لقد كان لي أنس به وهو نازح
…
كان التنائي لم يفرق لنا شملا
وقد زال ذاك الأنس واعتضت بعده
…
دموعاً إذا أنشأتها أنشت الوبلا
فلا مدمعي الهامي يجف ولا الأسى
…
يخف جواه إن أقل لهما مهلا
ولا حرقي تخبو وإن يطف وقدها
…
بماء دموعي صار فيها غضاً جزلا
إلى الله أشكو فقد صحب رزئتهم
…
وفقد ابن فضل الله قد عدل الكلا
ولم يترك الموت الذي حم منهم
…
حميماً ولا خلى الردى منهم خلا
وعمهم داعي الحمام فأسرعوا
…
جميعاً وألغى قولنا فيهم إلا
وكم يرجئ الساري النوى عن رفاقه
…
إذا ركبهم يوماً بدارهم (2) حلا
(1) ص: ومن.
(2)
ص: بدارهم.
أيطمع من قد جاز معترك الردى
…
بإبطائه عمن تقدمه؟ كلا
ولا سيما من عاود الداء جسمه
…
يعاوده بدءاً إذا ظنه ولى
عزاءك محيي الدين في الذاهب الذي
…
قضى إذ قضى فرض المناقب والنفلا
فمثلك من يلقى الخطوب بكاهلٍ
…
يقل الذي تعيا الجبال له حملا
وفي الصبر أجر أنت تعرف فضله
…
وآثاره الحسنى فلا تدع الفضلا
وسلم لأمر الله وارض بحكمه
…
تحز منه فضلاً ما برحت له أهلا
ولا زال صوب المزن والعفو دائماً
…
يؤمانه حتى إذا وصلا انهلا ومن شعر شرف الدين يمدح الملك المنصور قلاوون الألفي:
تهب الألوف ولا تهاب لهم
…
ألفاً إذا لاقيت في الصف
ألف وألف في ندى ووغىً
…
فلأجل ذا سموك بالألفي ومنه لما ختن الملك الناصر:
لم يروع له الختان جناناً
…
قد أصاب الحديد منه حديدا
مثل ما تنقص المصابيح بالقط
…
فتزداد في الضياء وقودا وقال:
كتبت والشوق يدنيني إلى أملٍ
…
من اللقاء ويقصيني عن الدار
والحب يضرم فيما بين ذاك وذا
…
بين الجوانح أجزاءً من النار