الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
324
أبو الفتح البلطي
عثمان بن عيسى بن هيجون (2) ، أبو الفتح البلطي الأديب النحوي؛ له شعر ومجاميع في الأدب، وكان طويلاً ضخماً كبير اللحية، ويلبس عمامة كبيرة وثياباً كثيرة في الحر، تصدر بالجامع العتيق بمصر وروى؛ وتوفي سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
وبلط: بليدة قريبة من الموصل.
وكان قد أقام بدمشق مدة يتردد إلى الزبداني للتعليم، ولما ملك الملك الناصر مصر انتقل إليها وحظي بها، ورتب له صلاح الدين على جامع مصر جارياً يقرئ به النحو والقرآن، ولما كان في آخر سنة الغلاء توفي، وبقي في بيته ثلاثة أيام ميتاً، لأنه كان يحب الانفراد والخلوة، وكان يتطيلس ولا يدير الطيلسان على عنقه بل يرسله، وكان إذا دخل فصل الشتاء اختفى ولم يكد يظهر، وكانوا يقولون له: أنت في الشتاء من حشرات الأرض، وإذا دخل الحمام يدخل وعلى رأسه مزدوجة مبطنة بقطن، فإذا صار عند الحوض كشف رأسه بيده الواحدة وصب عليه الماء الحار الناضج بيده الأخرى، ثم يغطيه إلى أن يملأ السطل ثم يكشفه ويصب عليه ثم يغطيه، يفعل ذلك مراراً ويقول: أخاف من الهواء.
وكان إماماً نحوياً مؤرخاً شاعراً. وله العروض الكبير نحو ثلثمائة ورقة، وكتاب العروض الصغير وكتاب العظات الموقظات وكتاب النير في العربية وكتاب أخبار المتنبي وكتاب المستزاد على المستجاد في فعلات
(1) معجم الأدباء 12: 141 والزركشي: 207 وبغية الوعاة: 323 ومعجم البلدان (بلط) .
(2)
الزركشي ومعجم البلدان والبغية: منصور
الأجواد وكتاب علم أشكال الخط وكتاب التصحيف والتحريف وكتاب تعليل العبادات.
وحضر يوماً عند البلطي بعض المطربين، فغناه صوتاً أطربه، فبكى البلطي وبكى المغني، فقال له البلطي: أما أنا فإني طربت، فأنت علام بكيت؟ قال: تذكرت والدي فإنه كان إذا سمع هذا الصوت بكى، فقال له البلطي: فأنت والله إذن ابن أخي، وخرج فأشهد على نفسه جماعةً من عدول مصر بأنه ابن أخيه ولا وارث له سواه، ولم يزل ذلك المطرب يعرف بابن أخي البلطي.
وكان البلطي ماجناً خليعاً خميراً متهتكاً منهمكاً على الشراب واللذات ومن شعره:
دعوه على ضعفي يجور ويشتط
…
فما بيدي حل لذاك ولا ربط
ولا تعتبوه فالعتاب يزيده
…
ملالاً وإني لي اصطبار (1) إذا يسطو
تنازعت الآرام والدر والمها
…
له شبهاً والغصن والبدر والسقط
فللريم منه اللحظ واللون والطلا
…
وللدر منه اللفظ واللحظ والخط
وللغصن منه القد، والبدر وجهه
…
وعين المها عين بها أبداً يسطو
وللسقط منه ردفه فإذا مشى
…
بدا خلفه كالموج يعلو وينحط ومدح القاضي الفاضل بموشحة، وهي:
ويلاه من راوغ
…
بجوره يقضي
ظبي بني يزداذ
…
منه الجفا حظي
قد زاد وسواسي
…
مذ زاد في التيه
لم يلق في الناس
…
ما أنا لاقيه
من قيم قاسي
…
بالهجر يغريه
أروم إيناسي
…
به ويثنيه
(1) ص: ولي اصطباراً، ر: اصطباراً.
إذا وصال ساغ
…
بقربه يرضى
أبعده الأستاذ
…
لا حيط بالحفظ
وكل ذا الوجد
…
بطول إبراقه
مضرج الخد
…
من دم عشاقه
مصارع الأسد
…
في لحظ أحداقه
لو كان ذا ود
…
رق لعشاقه
شيطانه النزاغ
…
علمه بغضي
واستحوذ استحواذ
…
بقلبه الفظ
دع ذكره واذكر
…
خلاصة المجد
الفاضل الأشهر
…
بالعلم والزهد
والطاهر المئزر
…
والصادق الوعد
وكيف لا أشكر
…
مولى له عندي
نعمى لها إسباغ
…
صائنة عرضي
من كف كاسٍ غاذ
…
والدهر ذو عظ
منة مستبق
…
ضاق بها ذرعي
قد أفحمت نطقي
…
واستنفدت وسعي
وملكت رقي
…
لمكمل الصنع
دافع عن رزقي
…
في موطن الدفع
لما سعى ابياغ
…
دهري في خفضي
أنفذني إنفاذ
…
من همه حفظي
ذو المنطق الصائب
…
في حومة الفضل
ذكاؤه الثاقب
…
يجل عن مثل (1)
فهو الفتى الغالب
…
كل ذوي النبل
من عمرو والصاحب
…
ومن أبو الفضل؟
لا يستوي الافراغ
…
بواحد الأرض
أين من الآزاذ
…
نفاية المنظ (2)
يا أيها الصدر
…
فت الورى وصفا
قد مسني الضر
…
والحال ما يخفى
وعبدك الدهر
…
يسومني خسفا
وليس لي عذر
…
ما دمت لي كهفا
من صرف دهر طاغ
…
أنى له أغضي
من بك أمسى عاذ
…
لم يخش من بهظ وقال من أبيات حصر قوافيها، ومنع أن يزاد فيها:
بأبي من تهتكي فيه صون
…
رب وافٍ لغادر فيه خون
بين ذل المحب في طاعة الحب
…
وعز الحبيب يا قوم بون
أين مضنىً يحكي البهارة لوناً
…
من غرير له من الورد لون
لي حبيب ساجي اللواحظ أحوى
…
مترف زانه جمال وصون
يلبس الوشي والقباطي جون
…
فوق جون ولون حالي جون
إن رماني دهري فإن جمال
…
الدين ركني وجوده لي عون
عنده للمسيء صفح وللأسرار
…
مستودع وللمال هون
(1) ص ر: مثلي.
(2)
الأزاد: نوع جيد من التمر؛ والمنظ: كذا في ص ر - بالنون - ولعلها ((المظ)) وهو الرمان البري.