الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال:
خليلي كم أشكو إلى غير راحم
…
وأجعل عرضي عرضة للوائم
وأسحب ذيل الذل بين بيوتكم
…
وأقرع في ناديكم سن نادم
هبوني ما استوجبت حقاً عليكم
…
أما تعتريكم هزة للمكارم
كأن المعالي ما حللن لديكم
…
وقد أصبحت معدودةً في المحارم 171 (1)
سليمان القرمطي
سليمان بن الحسن بن بهرام، القرمطي - بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم بعدها طاء مهملة - الجنابي رئيس القرامطة؛ ذكر ابن الأثير في حوادث سنة ثمان وسبعين ومائتين، قال (2) : في هذه السنة تحرك قوم بسواد الكوفة يعرفون بالقرامطة، ثم بسط القول في مبدأ أمرهم وحاصله أن رجلاً أظهر العبادة والزهد والتقشف وكان يسف الخوص ويأكل من كسبه، وكان يدعو الناس إلى إمام من (3) أهل البيت. وأقام على ذلك مدة، فاستجاب له خلق كثير، وجرت له أحوال وأوجبت حسن العقيدة فيه، وانتشر بسواد الكوفة ذكره.
ثم قال في سنة ست وثمانين ومائتين (4) : وفي هذه السنة ظهر رجل يعرف بالحسن
(1) هو المعروف بأبي طاهر الجنابي ولد أبي سعيد (الحسن بن بهرام) الجنابي؛ انظر أخباره في تاريخ ابن الأثير وتاريخ أخبار القرامطة، والروض المعطار (مادة جنابا والزرادة) والمسالك والممالك للبكري (مخطوطة كوبريللي) وصلة عريب: 110 - 164 والنجوم الزاهرة 3: 225؛ وقد أورد ابن خلكان أكثر ما جاء به المؤلف هنا (الوفيات 2: 147) وما بعدها) .
(2)
تاريخ ابن الأثير 7: 444.
(3)
سقطت من ص.
(4)
ابن الأثير 7: 493.
الجنابي بالبحرين، واجتمع إليه جماعة من الأعراب والقرامطة وقوي أمره، وأن غلامه الصقلبي قتله سنة إحدى وثلثمائة، وقام بعده أبو طاهر ابنه؛ وفي سنة إحدى عشرة وثلثمائة قصد أبو طاهر البصرة وملكها بغير قتال، بل صعدوا إليها بسلالم شعر، فلما أحسوا بهم ساروا إليهم،، فقتلوا والي البلد ووضعوا السيف في الناس، فهرب منهم من هرب، وأقاموا فيه سبعة عشر يوماً، ونهب القرمطي جميع ما فيها وعاد إلى بلده، ولم يزل يعيث في البلاد ويكثر فيها الفساد، من القتل والسبي والحريق والنهب، إلى سنة سبع عشرة (1) وثلثمائة، فحج الناس، وسلموا في طريقهم. ثم إن القرمطي وافاهم بمكة يوم التروية فنهب أموال الحاج وقتلهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه، وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فقاتلوه فقتلهم أجمعين، وقلع باب الكعبة، وأصعد رجلاً ليقلع الميزاب فسقط ومات، وألقى القتلى في بئر زمزم وترك الباقي في المسجد الحرام، وأخذ كسوة البيت وقسمها بين أصحابه، ونهب دور أهل مكة، فلما بلغ ذلك المهدي عبيد الله صاحب إفريقية، كتب إليه ينكر عليه ويلومه ويلعنه ويقول: حققت على شيعتنا ودعاة دولتنا الكفر واسم الإلحاد بما فعلت، وإن لم ترد على أهل مكة والحاج ما أخذت منهم، وترد الحجر الأسود إلى مكانه، وترد الكسوة، وإلا فأنا بريء منك في الدنيا والأخرة، فلما وصل هذا الكتاب إليه أعاد الحجر الأسود وما أمكنه من أموال أهل مكة، وقال: أخذناه بأمر ورددناه بأمر، وكان بجكم التركي أمير العراق وبغداد قد بذل لهم في رده خمسين ألف دينار فلم يردوه (2) .
قال ابن الأثير: ردوه إلى الكعبة لخمس خلون من ذي القعدة سنة تسع
(1) ص: سبعة عشر.
(2)
استدرك ابن خلكان هنا على ابن الأثير، بقوله: إن كتاب المهدي غلى القرمطي لا يستقيم لأن المهدي توفي سنة 322 وكان رد الحجر سنة 399.
وثلاثين وثلثمائة في خلافة المطيع، وأنهم لما أخذوه تفسخ تحته ثلاثة (1) جمال قوية من ثقله، ولما أعادوه حملوه على جمل واحد ووصل سالماً.
قال ابن أبي الدم في الفرق الإسلامية: إن الخليفة راسل أبا طاهر في ابتياعه، فأجابه إلى ذلك، فباعه من المسلمين بخمسين ألف دينار، وجهز الخليفة إليهم عبد الله بن عكيم المحدث، وجماعة معه، فأحضر أبو طاهر شهوداً ليشهدوا على نواب الخليفة بتسليمه، ثم أخرج لهم أحد الحجرين المصنوعين، فقال لهم عبد الله بن عكيم: إن لنا في حجرنا علامة: إنه لا يسخن بالنار، وثانية أنه لا يغوص في الماء، فأحضروا ماء وناراً (2) ، فألقاه في الماء وغاص، ثم ألقاه في النار فحمي وكاد يتشقق، فقال: ليس هذا بحجرنا، ثم أحضر الحجر الثاني المصنوع، وقد ضمخه بالطيب وغشاه بالديباج يظهر كرامته، فصنع به عبد الله كما صنع بالأول وقال: ليس هذا بحجرنا، فأحضر الحجر الأسود بعينه، فوضعه في الماء فطفا ولم يغص، وجعله في النار فلم يسخن، فقال: هذا حجرنا، فعجب أبو طاهر، وسأله عن معرفة طريقه، فقال عبد الله بن عكيم: حدثنا فلان عن فلان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحجر الأسود يمين الله تعالى في أرضه، خلقه الله تعالى من درة بيضاء في الجنة، وإنما اسود من ذنوب الناس، يحشر يوم القيامة له عينان ينظر بهما ولسان يتكلم به، يشهد لكل من استلمه أو قبله بالإيمان، وأه حجر يطفو على الماء ولا يسخن بالنار إذا أوقدت عليه فقال أبو طاهر: هذا دين مضبوط بالنقل.
وقال صلاح الدين الصفدي حرسه الله تعالى في تاريخه: قال بعضهم: إن القرامطة أخذوا الحجر الأسود مرتين، فيحتمل أن المرة الأولى رده بكتاب المهدي، والثانية رده لما اشتري منه، أو بالعكس، والله أعلم.
وقصد القرامطة أطراف الشام، وفتحوا سلمية وبعلبك، وقتلوا غالب من
(1) ص ثلاث.
(2)
ص: ماء ونار.