الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخلوق؟! فقال أخرجوه عني قبحه الله تعالى.
ولما قتل المتوكل كان حاضراً، فلما هجموا على المتوكل وهو على شرابه وقطعوه بالسيوف قام الفتح بن خاقان وألقى نفسه عليه وقال: يا أمير المؤمنين، لا حياة لي بعدك، فقطعوه بالسيف أيضاً، فلما رأى ذلك عبادة انزوى وقال: يا أمير المؤمنين إلا أنا، إن لي بعدك أدواراً وأنزالاً أشربها، فضحكوا منه وتركوه.
211 -
(1)
ابن المؤدب
عبد الله بن إبراهيم بن مثنى الطوسي المعروف بابن المؤدب، أصله من المهدية وكان شاعراً مذكوراً مشهوراً قليل الشعر، مفرطاً في حب الغلمان مجاهراً بذلك، بعيد الغور ذا حيلة ومكيدة، مغرى بالسياحة والكيمياء والأحجار، معسراً مقتراً عليه متلافاً إذا أفاد.
خرج مرة يريد صقلية فأسره الروم، وأقام عندهم مدة إلى أن هادن ثقة الدولة ملك الروم وبعث إليه بالأسرى، وكان المؤدب من جملتهم، فمدح ثقة الدولة، ورام صلته فلم يصله بما أرضاه، فتكلم فيه فبلغ ذلك ثقة الدولة فطلبه فاختفى، وطالت المدة، فخرج وهو سكران بعض الليالي ليشتري نقلاً، فما شعر إلا وقد قيد وحمل إلى بين يدي ثقة الدولة، فقال له: ما الذي بلغني عنك؟ قال للحال يا سيدنا، قال: من الذي يقول:
والحر ممتحن بأولاد الزنا
…
(1) مسالك الأبصار 11: 347 (والمكتبة الصقلية: 654) وابن خلكان 6: 157 (في ترجمة يحيى ابن أكثم) والنقل فيه وفي المسالك - كما هو هنا أيضاً - عن ((الأنموذج)) لابن رشيق.
قال: الذي يقول:
وعداوة الشعراء بئس المقتنى
…
فتنمر ساعة ثم أمر له بمائة رباعي وأمر بإخراجه من المدينة، كراهية أن تقوم عليه نفسه فيعاقبه، فخرج، ثم مدح ثقة الدولة بقصيدة منها:
أبيت أراعي النجم في دار غربةٍ
…
وفي القلب مني نار حزن مضرم
أرى كل نجم في السماء محله
…
ونجمي أراه في النجوم المنجم
سأحمل نفسي في لظى الحرب جملة
…
تبلغها من خطبها كل معظم
فإن سلمت عاشت بعز وإن تمت
…
إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم وقال وهو في الأسر:
لا يذكر الله قوماً (1)
…
حللت فيهم بخير
جاهدت بالسيف جهدي
…
حتى أسرت وغيري
والآن لست أطيق ال
…
جهاد إلا بأيري
فهات من شئت منهم
…
لو كان صاحب دير وكان صديقاً لعبد الله بن رشيق، وهو يؤدب بعض أولاد تجار القيروان، وكان حسناً، وكان ابن المؤدب يزوره، فعلق بالغلام، وخرج ابن رشيق للحج، فكلما أتي بمعلم لم يقم عنده إلا أسبوعاً ويدعي الغلام أنه راوده، فذكر ابن المؤدب لوالده فأحضره، فما كان إلا ساعة جلوسه في المسجد ودخول الغلام إليه فأغلق باب الصحن وقام فبلغ أربه منه، وخرج الغلام إلى أبيه مبادراً فأخبره فقال أبوه: الآن تقرر عندي أنك كاذب وكذبت على من كان قبله، وصرفه إلى المكتب، فأقام على تلك الحال مدة طويلة وقال:
وظبي أنيسٍ عالجته حبائلي
…
فغادرنه قبل الوثوق صريعا
(1) ص: قوم.