الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحلومٍ إذا الحلوم استخفت
…
ووجوه مثل الدنانير ملس قال المنصور: فوالله ما فرغ من إنشاده حتى توهمت أن العمى أدركني، وافترقنا، فلما أفضت إلي الخلافة خرجت حاجاً، فنزلت أمشي بجبلي زرود، فبصرت بالأعمى ففرقت من كان حولي ثم دنوت منه وقلت: أتعرفني؟ فقال لا، فقلت: أنا رفيقك وأنت تريد الشام أيام مروان، فقال: أوه:
آمت نساء بني أمية منهم
…
وبناتهم بمضيعةٍ أيتام
نامت جدودوهم وأسقط نجمهم
…
والنجم يسقط والجدود تنام
خلت المنابر والأسرة منهم
…
فعليهم حتى الممات سلام فقلت: ما كان مروان أعطاك، بأبي أنت؟ فقال: أغناني أن أسأل أحداً بعده، فهممت بقتله، فذكرت الاسترسال والصحبة فأمسكت، وغاب عن عيني، ثم بدا لي فأمرت بطلبه، فكأنما الأرض ابتلعته.
162 -
(1)
عبد بني الحسحاس
سحيم عبد بني الحسحاس ابن هند بن سفيان بن نوفل بن عصاب بن كعب بن سعد بن عمرو بن مالك بن ثعلبة بن مروان بن أسد بن خزيمة، يكنى أبا عبد الله. وهو زنجي أسود فصيح، توفي في حدود الأربعين للهجرة، وهو القائل (2) :
(1) الأغاني 22: 326 والإصابة 3: 163 والشعر والشعراء: 320 وطبقات ابن سلام: 156 والسمط: 720 وأسماء المغتالين: 272 والخزانة 1: 271 وشرح شواهد المغني: 112 والزركشي: 121، وقد نشر ديوانه بتحقيق الميمني (القاهرة: 1950) .
(2)
ديوانه: 55.
أشعار عبد بني الحسحاس قمن له
…
عند الفخار مقام الأصل والورق
إن كنت عبداً فنفسي حرة كرماً
…
أو أسود اللون إني أبيض الخلق عن ابن سلام قال: أتي عثمان بن عفان رضي الله عنه بسحيم فأعجب به، فقيل له: إنه شاعر، وأرادوا يرغبوه فيه فقال: لا حاجة لي به، إن (1) الشاعر لا حريم له، إن شبع شبب بنساء أهله وإن جاع هجاهم، فاشتراه غيره، فلما رحل به قال في طريقه، وكان الذي اشتراه رجلاً (2) من نجد والذي باعه مالك الحسحاسي (3) :
وما كان ظني مالكي أن يبيعني
…
بمال ولو أضحت أنامله صفرا (4)
أشواقاً ولم تمض (5) لنا غير ليلةٍ
…
فكيف إذا سار المطي بنا عشرا
أخوكم ومولى ما لكم وربيبكم
…
ومن قدر بي معكم (6) وعاشركم دهرا فلما بلغهم شعره رقوا له واشتروه، فأخذ حينئذ يشبب بنسائهم ويذكر أخت مولاه، فمن قوله فيها وكانت مريضة (7) :
ماذا يريد السقام من قمرٍ
…
كل جمالٍ لوجهه تبع
ما يرتجي خاب من محاسنها
…
أما له في القباح متسع
غير من لونها وصفرتها
…
فارتد فيه الجمال والبدع
لو كان يبغي الفداء قلت له
…
ها أنا دون الحبيب يا وجع وعن المدائني قال: كان سحيم يسمى حية، وكانت لسيده بنت بكر،
(1) ص: إذن.
(2)
ص: رجل.
(3)
ديوانه: 56.
(4)
الديوان: وما خفت سلاماً على أن يبيعني بشيء....
(5)
ص: يمضي تنا.
(6)
الديوان: أخوكم ومولى خيركم وحليفكم، ومن قد ثوى فيكم
…
(7)
ديوانه: 54.
فأعجبه جمالها وأعجبته، فأمرته أن يتمارض ففعل، وعصب رأسه، فقالت للشيخ: اسرح أيها الشيخ بإبلك لا تكلها إلى العبد، فكان فيها أياماً، ويجتمعان، ثم إن سيده قال له: كيف أنت؟ قال: صالح، قال: فاخرج (1) في إبلك العشية، فراح فيها، فقالت الجارية لأبيها: ما أحسبك إلا قد ضيعت إبلك إذ وكلتها إلى حية! فخرج في آثار إبله، فوجده مستلقياً على قفاه في ظل شجرة، وهو يقول (2) :
يا رب شجوٍ لك في الحاضر
…
تذكرها وأنت في الصادر
من كل بيضاء لها كعثب (3)
…
مثل سنام البكرة المائر فقال الشيخ: إن لهذا شأناً، وانصرف فقال لقومه: اعلموا أن هذا قد فضحكم، وأنشدهم شعره فقالوا: اقتله فنحن طوعك، فلما جاء وثبوا عليه فقالوا له: قلت وفعلت، فقال لهم: يا أهل الماء والله ما فيكم امرأة إلا أصبتها إلا فلانة فإني على موعد منها، فلما قدموه ليقتل قال (4) :
شدوا وثاق العبد لا يفلتكم
…
إن الحياة من الممات قريب
فلقد تحدر من جبين فتاتكم
…
عرق على جنب الفراش وطيب فقتلوه. وكان سحيم في لسانه عجمة.
(1) ص: صالحاً.. فخرج.
(2)
الديوان: 34.
(3)
ص: كثعب.
(4)
الديوان: 60.