الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
316
المثقال
عبد الوهاب بن محمد الأزدي المعروف بالمثقال؛ قال ابن رشيق في الأنموذج: شاعر مطبوع قليل التكلف سهل القافية، خبيث اللسان ماجن، لا يمدح أحداً، كان يألف غلاماً نصرانياً خماراً واشتهر بحبه، أقام ببابه في الحانة ثلاث سنين، ويدخل معه الكنيسة في الآحاد والأعياد طول هذه المدة، حتى حفظ كثيراً من الإنجيل وشرائع أهله؛ وهجره مرة فاستعان عليه وتحيل فلم يجد له عليه سبيلاً (2) ، وزعم أن عليه قسماً شديداً (3) أن لا يكلمه إلى شهر، فدعا بالفاصد وفصد إحدى يديه، ثم دعا بفاصد آخر وفصد الأخرى، ودخل داره وأغلق بابه وحل الفصادين، فما شعر أهله إلا بالدم يدفع من سدة الباب، وبلغ الغلام أنه يدعي أنه قتله فصالحه خوفاً على نفسه.
ومن شعره:
خيالك زائري من غير وعدٍ
…
واكثر منك بي براً وحبا
فلما أن رآك أطلت بعدي
…
ولم تمنح محبك منك قربا
سرى وهناً فقبلني وآلى
…
يمين الله لا عذبت صبا
فأحيا مهجةً بلغت غراماً
…
وقلباً لم يفق دنفاً وكربا
وكان الطيف أرأف منك نفساً
…
والين منك أعطافاً وقلبا وقال:
(1) الزركشي 2: 203.
(2)
ص: سبيل.
(3)
ص: شديد.
هم بالوجوه من البدو
…
ر وبالقدود من الغصون
ودروعهم صبغ الحيا
…
وسيوفهم لحظ العيون وقال:
لما تناهى وكمل
…
وتم لي فيه الأمل
أعرض واستبدل بي
…
كذلك الدنيا دول وقال:
قد زارني طيف من أهوى يعللني
…
عند الصباح وخيط الفجر قد طلعا
فطرت شوقاً لعلمي (1) أن قبلته
…
في النوم تحدث لي في وصله طمعا وقال ابن رشيق: أنشدته من قصيدة لي:
والثريا قبالة البدر تحكي
…
باسطاً كفه ليأخذ جاما فاستطرفه، وأنشدته أيضاً لي:
رأيت بهرام والثريا
…
والمشتري في القران كره
كراحةٍ خيرت فحارت
…
ما بين ياقوتةٍ ودره فأنشدني:
يا ساقي الراح سق صحبي
…
وواسني إنني أواسي
وانظر إلى حيرة الثريا
…
والليل قد شد باندماس
ما بين بهرامها الملاحي
…
وبين برجيسها المواسي
كأنها راحة أشارت
…
لأخذ تفاحةٍ وكاس وقال:
أهدي إلي مدامة
…
صفراء صافيةً حميا
(1) ص والزركشي: لعلي.
فكأنها وحبابها
…
بدر تكلل بالثريا
فشربتها من كفه
…
وسكبت فاضلها عليا وقال:
طاف بالراح حبيبي
…
قائلاً بين صحابي
هاك خذها يا فتى الفت
…
يان واسمع من خطابي
فهي من خدي ولحظي
…
ونسيمي ورضابي وقال وقد مات محبوبه النصراني بالإسكندرية:
أخي بودادٍ لا أخي بديانةٍ
…
ورب أخٍ في الود مثل نسيب
وقالوا أتبكي اليوم من لست صاحباً
…
غداً؟ إن هذا فعل غير لبيب
فقلت لهم هذا أوان تلهفي
…
وشدة إعوالي وفرط كروبي
ومالي لا أبكي حبيباً فقدته
…
إذا خاب منه في المعاد نصيبي؟
فيا ناصحي مهلاً فلست بمرشدٍ
…
ويا لائمي أقصر فغير مصيب
وسلمان أودى حيث لا أنا حاضر
…
أعلله يوما بوصف طبيب
وأجعل كفي تحت جبيبٍ مكرم
…
علي وخدٍ بالنحول خضيب وكانت وفاة (1) المثقال بعد الخمسمائة.
(1) ص: وفاته.