الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعل رسولاً من سعاد يزور
…
فيشفي ولو أن الرسائل زور
يخبرنا عن غادة الحي هل ثوت
…
وهل ضربت بالرقمتين خدور
وهل سنحت في الروض غزلان عالجٍ
…
وهل أثله بالساريات مطير
ديار لسلمى حاكها واكف الحيا
…
إذا ذكرت خلت الفؤاد يطير
كأن غنا الورقاء من فوق دوحها
…
قيان وأوراق الغصون (1) ستور
تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا
…
كأن عليه للسلاف مدير
متى أطلعت فيه الغمائم أنجماً
…
تلوح ولكن بالأكف تغور
إذا اقتطعتها الغانيات رأيتها
…
نجوماً جنتها في الصباح بدور
وفي الكلة الوردية اللون غادة
…
أسير (2) لديها القلب حيث تسير
بعيدة مهوى القرط أما أثيثها
…
فضافٍ وأما خطوها فقصير
من العطرات العرب (3) ما زان فرقها
…
ذرور ولا شاب الثياب بخور
حمتها كماة من فوارس عامرٍ
…
ضراغمة يوم الهياج ذكور
فما الحب إلا حيث تشتجر القنا
…
وللأسد في أرجائهن زئير 241 (4)
ابن وهبون المرسي
عبد الجليل بن وهبون، أبو محمد، الملقب بالدمعة المرسي.
قال ابن بسام في ترجمته: شمس الزمان وبدره، وسر الإحسان وجهره،
(1) ص: الفنان؛ وأثبت ما في ر.
(2)
ص ر: اسيراً.
(3)
العرب: سقطت من ر.
(4)
القلائد: 242 والذخيرة (القسم الثاني) والمطرب: 118 والزركشي: 162 وصفحات متفرقة من نفح الطيب وبدائع البدائه، وبغية الملتمس (رقم: 1101) .
ومستودع البيان ومستقره، أحد من فراغ في وقتنا فنون المقال، في قالب السحر الحلال، وقيد شوارد الألباب، بأرق من ملح العتاب، وأروق من غفلات الشباب، اجتاز بالمرية، في بعض رحله الشرقية، وملكها يومئذ أبو يحيى بن صمادح فاهتز لعبد الجليل واستدعاه، وعرض له بجملة وافرة، فلم يعرج على ذلك، وارتحل عن بلده وقال:
دنا العبد لو تدنو به كعبة المنى
…
وركن المعالي من ذؤابة يعرب
فيا أسفا للشعر ترمى جماره
…
ويا بعد ما بين النقا والمحصب ومن عجيب ما اتفق أن عبد الجليل وأبا اسحاق بن خفاجة تصاحبا في طريق مخوف، فمرا بعلمين وعليهما رأسان، كأنهما بسر متناجيان، فقال ابن خفاجة:
ألا رب رأسٍ لا تحاور (1) بينه
…
وبين أخيه والمزار قريب
أناف به صلد الصفا فهو منبر
…
وقام على أعلاه فهو خطيب فقال عبد الجليل:
يقول حذار الإغترار فطالما
…
أناخ قتيل بي ومر سليب قال: فما تم كلامهما حتى لاح قتام ساطع، كأن السيوف فيه برق لامع، فما تجلى إلا وعبد الجليل قتيل وابن خفاجة سليب، فكأنما كشف له فيما قال ستر الغيب.
ومن شعره يمتدح المعتمد بن عباد (2) :
بيني وبين الليالي همة جلل
…
لو نالها البدر لاستخذى (3) له زحل
من أين أبخس لا في ساعدي قصر
…
عن المساعي ولا في همتي خطل
(1) ر ص: تجاوز.
(2)
لم ترد في المطبوعة.
(3)
ص ر: لاستجدى.
ذنبي إلى الدهر إن أبدى تعنته
…
ذنب الحسام إذا ما أحجم البطل وهي طويلة جداً.
ومن شعره في النيلوفر:
وبركة تزهو بلينوفرٍ (1)
…
نسيمه يشبه ريح الحبيب
حتى إذا الليل دنا وقته
…
ومالت الشمس لحين المغيب
أطبق جفنيه على إلفه
…
وغاص (2) في الماء حذار الرقيب وقال:
زعموا الغزال حكاه قلت لهم نعم
…
في صده عن عاشقيه وهجره
قالوا الهلال شبيهه فأجبتهم
…
إن كان قيس إلى قلامة ظفره
وكذا يقولون المدام كريقه
…
يا رب لا علموا مذاقة ثغره وقال أيضاً:
يعز على العلياء أني خامل
…
وأن أبصرت مني خمود شهاب
وحيث ترى زند النجابة وارياً
…
فثم ترى زند السعادة كابي وقال في مغنية لابسة حلياً:
إني لأسمع شدواً لا أحققه
…
وربما كذبت في سمعها الأذن
متى رأى أحد قبلي مطوقةً
…
إذا تغنت بلحنٍ جاوب الفنن وقال:
بنفسي وإن كنت لا نفس لي
…
فقد سلبتها لحاظ المقل
عذار وخد كما يحتوي
…
سواد القلوب بياض الأمل
(1) كذا في الأصلين، وهو صواب أيضاً.
(2)
ص: وغاض.
وأنشد (1) المعتمد بن عباد يوماً قول المتنبي:
إذا ظفرت منك العيون بنظرةٍ
…
أثاب لها معيي المطي ورازمه فجعل المعتمد يردده استحساناً له فقال عبد الجليل:
لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما
…
تجيد العطايا واللهي تفتح اللها
تنبأ عجباً بالقريض ولو درى
…
بأنك تروي شعره لتألها وجلس يوماً المعتمد وبين يديه جارية تسقيه، فلمع البرق فارتاعت، فقال:
روعها البرق وفي كفها
…
برق من القهوة لماع
عجبت منها وهي شمس الضحى
…
كيف من الأنوار ترتاع وأنشد الأول لعبد الجليل فاستجازه، فقال:
ولن ترى أعجب من آنسٍ
…
من مثل ما يمسك يرتاع ومن شعر عبد الجليل:
غزال يستطاب الموت فيه
…
ويعذب في محاسنه العذاب
يقبله اللثام هوىً وشوقاً
…
ويجني ورد خديه النقاب وقال:
سقى فسقى الله الزمان من اجله
…
بكأسين من لميائه (2) وعقاره
وحيا فحيا الله دهراً أتى به
…
بأطيب من ريحانه وعراره وكان للمعتمد خادم (3) يسمى خليفة، فأمره أن يأتي بنبيذ، فأخذ وعاء يسمى
(1) ص: وأنشدني.
(2)
ص: لمياه.
(3)
ص: خادماً.