الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأشرق ضوء الصبح وهو جبينها
…
وفاحت أزاهير الربى وهي رياها
إذا ما اجتنت من وجهها العين روضة
…
أسالت (1) خلال الروض بالدمع أمواها
وإني لأستسقي السحاب لربعها
…
وإن لم تكن إلا ضلوعي مأواها
إذا استعرت نار الأسى بين أضلعي
…
نضحت على حر الحشا برد ذكراها
وما بي أن يصلى الفؤاد بحرها
…
ويضرم لولا أن في القلب سكناها 286 (2)
الصفي الحلي
عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم بن أحمد بن نصر بن أبي العز بن سرايا، هو الإمام العلامة البليغ المفوه، الناظم الناثر، شاعر عصرنا على الإطلاق، صفي الدين الطائي السنبسي الحلي، شاعر أصبح به راحج الحلي ناقصاً، وكان سابقاً فعاد على كعبه ناكصا، أجاد القصائد المطولة والمقاطيع، وأتى بما أخجل زهر النجوم في السماء فما قدر زهر الأرض في الربيع، تطربك ألفاظه المصقولة، ومعانيه المعسولة، ومقاصده التي كأنها سهام راشقة وسيوف مسلولة. مولده يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وستمائة، دخل إلى مصر في سنة ست وعشرين وسبعمائة، واجتمع بالقاضي علاء الدين ابن الأثير كاتب السر ومدحه، ومدح السلطان الملك الناصر بقصيدة وازى بها قصيدة المتنبي التي أولها:
بأبي الشموس الجانحات غواربا
…
(1) الخريدة: سفحت.
(2)
الدرر الكامنة 2: 379 والنجوم الزاهرة 10: 138 والزركشي: 178 وبدائع الزهور 1: 173، 210.
وهي (1) :
أسبلن من فوق النهود ذوائبا
…
فجعلن حبات القلوب ذوائبا
وجلون من صبح الوجوه أشعةً
…
غادرن فود الليل منها شائبا
بيض دعاهن الغبي كواعباً
…
ولو استبان الرشد قال كواكبا
سفهن رأي المانوية عند ما
…
أسبلن من ظلم الشعور غياهبا
وسفرن لي فرأين شخصاً حاضراً
…
شدهت بصيرته وقلباً غائبا
أشرقن في حلل كأن أديمها
…
شفق تدرعه الشموس جلاببا
وغربن في كللٍ فقلت لصاحبي
…
بأبي الشموس الجانحات غواربا
ومعربد اللحظات يثني عطفه
…
فيخال من مرح الشبيبة شاربا
حلو التعتب والدلال يروعه
…
عتبي ولست تراه (2) إلا عاتبا
عاتبته فتضرجت وجناته
…
وازور ألحاظاً وقطب حاجبا
فأراني الخد الكليم وطرفه
…
ذو النون إذ ذهب الغداة مغاضبا
ذو منظر تغدو القلوب بحسنه
…
نهباً وإن منح العيون مواهبا
لا غرو (3) أن وهب اللواحظ حظوةً
…
من نوره ودعاه قلبي ناهبا
فمواهب السلطان قد كست الورى
…
نعماً وتدعوه القساور سالبا
الناصر الملك الذي خضعت له
…
صيد الملوك مشارقاً ومغاربا
ملك يرى تعب المكارم راحةً
…
ويعد راحات الفراغ متاعبا
لم تخل أرض من ثناه وإن خلت
…
من ذكره ملئت قناً وقواضبا
بمكارم تذر السباسب أبحراً
…
وعزائمٍ تذر البحار سباسبا
ترجى مواهبه ويرهب بطشه
…
مثل الزمان مسالماً ومحاربا
(1) ديوانه: 95.
(2)
الديوان: أراه.
(3)
الديوان: لا بدع.
فإذا سطا ملأ القلوب مهابة
…
وإذا سخا ملأ العيون مواهبا
كالغيث يبعث من عطاه نائلاً
…
سبطاً ويرسل من سطاه حاصبا
كالليث يحمي غابه بزئيره
…
طوراً وينشب في القنيص (1) مخالبا
كالسيف يبدي للنواظر منظراً
…
طلقاً ويمضي في الهياج مضاربا
كالسيل تحمد منه عذباً واصلاً
…
ويعده قوم (2) عذاباً واصبا
كالبحر يهدي للنفوس نفائساً
…
منه ويبدي للعيون عجائبا
فإذا نظرت ندى يديه ورأيه
…
لم تلق إلا صيباً أو صائبا
أبقى قلاوون الفخار لولده
…
إرثاً ففازوا بالثناء مكاسبا
قوم إذا سئموا الصوافن صيروا
…
للمجد أخطار الأمور مراكبا
عشقوا الحروب تيمناً بلقا العدا
…
فكأنهم حسبوا العداة حبائبا
وكأنما ظنوا السيوف سوالفاً
…
واللدن قداً والقسي حواجبا
يا أيها الملك العزيز ومن له
…
شرف يجر على النجوم ذوائبا
أصلحت بين المسلمين بهمة
…
تذر الأجانب بالوفود (3) أقاربا
ووهبتهم زمن الأمان فمن رأى
…
ملكاً يكون له الزمان مواهبا ومنها:
فأقمت تقسم للوحوش وظائفاً
…
فيها وتصنع للنسور مآدبا
وجعلت هامات الكماة منابراً
…
وأقمت حد السيف فيها خاطبا
وبذلت للمداح صفو خلائقٍ
…
لو أنها للبحر طاب مشاربا
فرأوك في جنب النضار (4) مفرطاً
…
وعلى صلاتك والصلاة مواظبا
أوليتني فيك (5) المديح عنايةً
…
وملأت عيني هيبةً ومواهبا
(1) ص: القميص.
(2)
ص ر: قوماً.
(3)
الديوان: بالوداد.
(4)
ص: النضائر.
(5)
الديوان: قبل؛ وهي قراءة أجود من المثبتة.
ورفعت قدري في الأنام وقد رأوا
…
مثلي لمثلك خاطباً ومخاطباً
في مجلسٍ ساوى الخلائق في الندى
…
وترتبت فيه الملوك مراتبا
وافيته في الفلك أسعى جالساً
…
رغماً (1) على من قال أمشي راكبا
وسقتني الدنيا غداة وردته
…
رياً وما مطرت علي مصائبا
فطفقت أملاً من ثناك وشكره (2)
…
حقباً وأملأ من نداك حقائبا
أثني فتثنيني صفاتك مظهراً
…
عياً وكم أعيت صفاتك خاطبا
لو أن أعضانا جميعاً ألسن
…
تثني عليك لما قضينا (3) الواجبا وأنشده الصاحب شمس الدين ابن السنيدي أبيات سليم الهوى النيلي المصغرة ألفاظها التي أولها:
بريق بالأبيرق في الفجير
…
وذكر أن ناظمها نظمها غزلاً لصاحب الديوان علاء الدين الجويني ولم يمكنه نظم بيت واحد (4) مديحاً؛ إذ شأن المدح التعظيم، فنظم صفي الدين الحلي (5) :
نقيط من مسيكٍ في رويدٍ
…
خويلك أم وشيم في خديد
وذياك اللويمع في الضحيا
…
وجيهك أم قمير في سعيد
وجيه شويدنٍ فيه شكيل
…
أدق معينياتٍ من خويد
ظبي بل صبي في قبي
…
مريهيب السطيوة كالأسيد
معيشيق الحريكة والمحيا
…
مميشيق السويلف والقديد
(1) الديوان: فخراً.
(2)
الديوان: ونشره.
(3)
الديوان: قضين.
(4)
ص: بيتاً واحداً.
(5)
صفي الدين الحلي.
معيسيل اللمي له ثغير
…
رويقته خمير في شهيد
ظبي في مقيلته نبيل
…
مويقعه أفيلاذ الكبيد
شويمي اللفيظ فما أحيلى
…
عذيب قويله لي يا سويدي
تريكي اللحيظ له جسيم
…
تريف لمسه لين الزبيد
مجيديل القديد له خصير
…
يجاذبه كفيل كالطويد
فويق صليته لوفيرتيه
…
لييل من فويحمه الجعيد
رويدك يا بني فلي قليب
…
مسيليب النجيدة والجليد
جفيني من هجيرك في سهير
…
أطيول من مطيلك للوعيد
ولست حويذراً (1) لصريف دهري
…
رويب حويدث يضني جسيدي
صريف الدهر يعجز عن عبيد
…
سنيد ظهيره نجل السنيدي
نزلت جويره فقضى حقيقي
…
وصار جوينبي ورعى عهيدي
وراش جنيحي وحمى ظهيري
…
وزاد حريمتي وبنى مجيدي
وحن على كسير من قليبي
…
كما حن الأبي على الوليد
رويقده مقيلة وافديه
…
كأنهم طفيل في مهيد
نظرت حويسديه وهم نويس
…
منيظرهم سميعك (2) بالمعيدي
دوينك يا أهيل الجود مني
…
نظيماً في وصيفك كالعقيد
أحيسن من قصيد من قبيلي
…
وأسبق من نظيمٍ من بعيدي
أريشق من غزيلهم مديحي
…
وأحلى من هزيلهم جديدي
حسيب مكينتي وعلى قديري
…
ووسع طويقتي وقوى جهيدي وقال (3) :
(1) ص: حويذر.
(2)
ر ص: كسمعك.
(3)
الديوان: 394.
ترى سكرت عطفاه من خمر ريقه
…
فمالت به أم من كؤوس رحيقه
مليح يغير الغصن عند اهتزازه
…
ويخجل بدر التم عند شروقه
فما فيه شيء ناقص غير خصره
…
ولا فيه شيء بارد غير ريقه
ولا ما يسوء النفس غير نفاره
…
ولا ما يروغ القلب غير عقوقه
عجبت له يبدي القساوة عندما
…
يقابلني من خده بريقه
ويلطف بي من بعد إعمال لحظه
…
وكيف يرد السهم بعد مروقه
يقولون لي والبدر في الأفق مشرق
…
بذا أنت صب؟ قلت بل بشقيقه
فلا تنكروا قتلي بدقة خصره
…
فإن جليل الخطب دون دقيقه
وليلة عاطاني المدام ووجهه
…
يرينا صبوح الشرب حال غبوقه
بكأسٍ حكاها ثغره في ابتسامه
…
بما ضمه من دره وعقيقه
لقد نلت إذ نادمته من حديثه
…
من السكر ما لا نلته من عتيقه
فلم أدر من أي الثلاثة سكرتي
…
أمن لحظه أم لفظه أم رحيقه
لقد بعته قلبي بخلوة ساعةٍ
…
فأصبح حقاً ثابتاً من حقوقه
وأصبحت ندماناً على خسر صفقتي
…
كذا من يبيع الشيء في غير سوقه وقال أيضاً (1) :
غيري بحبل سواكم يتمسك
…
وأنا الذي بترابكم أتمسك
أضع الخدود على ممر نعالكم
…
فكأنني بترابها أتبرك
ولقد بذلت النفس إلا أنني
…
خادعتكم وبذلت ما لا أملك
شرطي بأن حشاشتي رق لكم
…
والشرط في كل المذاهب أملك
قد ذقت حبكم فأصبح مهلكي
…
ومن المطاعم ما يذاق فيهلك
لا تعجلوا قبل اللقاء بقتلتي
…
وصلوا فذلك فائت يستدرك
ولقد بكيت لدهشتي بقدومكم
…
وضحكت قبل وهجركم لي مهلك
(1) الديوان: 396.
ولربما أبكى السرور إذا أتى
…
فرطاً وفي بعض الشدائد يضحك
زعم الوشاة بأن هويت سواكم
…
يا قوتل الواشي فأنى يؤفك
عار علي بأن أكون مشرعاً
…
دين الهوى ويقال إني مشرك وقال (1) :
جل الذي أطلع شمس الضحى
…
مشرقةً في جنح ليلٍ بهيم
وقدر الخال على خده
…
ذلك تقدير العزيز العليم
بدر ظننا وجهه جنةً
…
فمسنا منها عذاب أليم
ينفر كالريم ألا فانظروا
…
إلى بخيل وهو عندي كريم
لما انحنى حاجبه وانثنى
…
يهز للعشاق قداً قويم
عجبت من فرط ضلالي وقد
…
بدا لي المعوج والمستقيم
داو حبيبي يا طبيب الهوى
…
وخلني إني بحالي عليم
فخصره واهٍ وأجفانه
…
مريضة واللحظ منه سقيم وقال (2) :
رعى الله من لم يرع لي حق صحبةٍ
…
وسلم من لم يسخ لي بسلامه
وفي ذمة الرحمن من ذم صحبتي
…
ولم أك يوماً ناقضاً لذمامه
وإني على صبري على فرط هجره
…
وقرب مغانيه وبعد مرامه
يحاول طرفي لحظة من خياله
…
ويشتاق سمعي لفظةً من كلامه
ويوم وقفنا للوداع وقد بدا
…
بوجه يحاكي البدر عند تمامه
شكوت الذي ألقى فظل مقابلاً
…
بكاي وشكوى حالتي بابتسامه
بدمع يحاكي لفظه في انتثاره
…
وعتبٍ يحاكي ثغره في انتظامه
فما رق من شكواي غير خدوده
…
ولا لان من نجواي غير قوامه
(1) الديوان: 396.
(2)
الديوان: 397.
وقال في غلام كفله صغيراً ورباه فحسد عليه (1) :
هويته تحت أطمار مشعثةً
…
وطالب الدر لا يغتر بالصدف
وخبرتني معانٍ في مراسمه
…
به كما خبر العنوان بالصحف
ولاح لي من أمارات الجمال به
…
ما كان عن لحظ غيري بالخمول خفي
فظلت أرحض (2) ما يبديه من درن
…
به وأدحض ما يخفيه من جنف
حتى إذا تم معنى حسنه وبدا
…
كالبدر في التم أو كالشمس في الشرف
ولاح كالصارم المصقول أخلصه
…
تتبع القين من شين ومن كلف
وجال في وجهه ماء الحياء كما
…
يجول ماء الحيا في الروضة الأنف
وولد الحسن في أحداقه حوراً
…
وضاعف الدل ما بالجسم من ترف
أضحت به حدق الحساد محدقةً
…
ترنو إليه بطرف غير منطرف
وظل كل صديق يرتضي سخطي
…
فيه وكل شقيق يرتجي تلفي
يا للرجال أما للحب منتصر
…
لضعف كل محب غير منتصف
ما أطيب العشق لولا أن سالكه
…
يمسي لأسهم كيد الناس كالهدف وقال (3) :
يا رب أعطي (4) العاشقين بصبرهم
…
في الخلد غايات النعيم المطلق
وأذقهم برد السرور فطالما
…
صبروا على حر الغرام المقلق
حتى يرى الجبناء عن حمل الهوى
…
غايات عزمهم التي لم تلحق وقال (5) :
(1) الديوان: 398.
(2)
ص ر: أرخص.
(3)
الديوان: 399.
(4)
ص: أعطى.
(5)
الديوان: 401.
حرضوني على السلو وعابوا
…
لك وجهاً (1) به يعاب البدر
حاش لله ما لعذري وجه
…
في التسلي وما لوجهك عذر وقال (2) :
قلوبنا مودعة عندكم
…
أمانة نعجز (3) عن حملها
إن لم تصونوها بإحسانكم
…
ردوا الأمانات إلى أهلها وقال (4) :
أقول للدار إذ مررت بها
…
وعبرتي في عراصها تكف
وما بال وعد السحاب أخلف مغ
…
ناك فقالت في دمعك الخلف وقال (5) :
يا من حكت شمس النهار بحسنها
…
وبعاد منزلها وبهجة نورها
هلا عدلت كعدها إذ صيرت
…
للناس غيبتها بقدر حضورها وقال (6) :
قيل إن العقيق قد يبطل السح
…
ر بتختيمه لسر حقيقي
فأرى مقلتيك تنفث سحراً
…
وعلى فيك خاتماً من عقيق وقال (7) :
الوجه منك عن الصواب يضلني
…
وإذا ضللت فإنه يهديني
(1) ص: وجه.
(2)
الديوان: 407.
(3)
النون غير معجمة في ص.
(4)
الديوان: 413.
(5)
الديوان: 420.
(6)
الديوان: 425.
(7)
الديوان: 427.
وتميتني الألحاظ منك بنظرة
…
وإذا أردت بنظرة تحييني
وكذاك من مرض الجفون بليتي
…
وإذا مرضت فإنها تشفيني
فلذاك أشري الوصل منك بمهجتي
…
وأبيع دنيائي بذاك وديني وقال (1) :
ما يقول الفقيه في عبد رق
…
لحبيب لم يرض منه بعتق
زاره في الصيام يوماً وأولا
…
هـ جميلاً من بعد بعد وسحق
فإذا ضم قده وعصى الشه
…
وة فيه من غير نية فسق (2)
هل عليه في لثم فيه جناح
…
إن غدا مضمراً محبة صدق وقال (3) :
شكوت إلى الحبيب أنين قلبي
…
إذا جن الظلام فقال إنا " من الأنين "
فقلت له أظنك غير راضٍ
…
بما كابدت فيك فقال إنا " بمعنى نعم "
فقلت أترضى أن ناء قلبي
…
باثقال الغرام فقال إنا " بمعنى حمل "
فقلت فإنكم لولاة أمرٍ
…
على أهل الغرام فقال إنا " إن واسمها "
وقال (4) :
قلبي لكم بشروعه وشروطه
…
وسروبه ملك لكم وحقوقه
حر تحيط به حدود أربع
…
فيها تعين رحبه ومضيقه
(1) الديوان: 428.
(2)
سقط هذا البيت من الديوان.
(3)
الديوان: 427.
(4)
الديوان: 428.
الود ألها وثانيها الوفا
…
والثالث العهد السليم وثيقه
والرابع المسلوك صدق محبي
…
لكم فيه بابه وطريقه قال:
حسدت الشعر منه وقد تدلى
…
على كفل له كالطود عبل
وقلت له أيا من طاب عيشاً
…
بما استوجبت ذلك منه قبلي
وأنت شبيه حظي منه لوناً
…
ولست على الحقيقة رب فضل
فقال يكون ذا منه نصيبي
…
وتزعم أن حظك منه مثلي وقال (1) :
للترك ما لي ترك
…
ما دين حبي شرك
أخلصت دين هواهم
…
فحبهم لي نسك
خاطرت بالنفس فيهم
…
ومسلك العيش ضنك
قنعت بالود منهم
…
إن القناعة ملك
وبي أغن غرير
…
ملا متي فيه إفك
بحاجبيه وعنيي
…
هـ للمحبين هتك (2)
حواجب وعيون
…
لها بقلبي فتك (3)
كالقوس تصمي وهذي
…
تشكي المحب وتشكو وقال:
وذي مرح عارضته في طريقه
…
فلما رآني قال غمض لشانكا
فقلت له فأل سعيد مبشر
…
بتصحيفه أني أمص لسانكا
(1) الديوان: 430.
(2)
في الأصل: فتك.
(3)
لعل هذا البيت كان تعديلاً لسابقه.
وقال (1) :
إن غبت عن عياني
…
يا غاية الأماني
فالفكر في ضميري
…
والذكر في لساني
ما حال عنك عهدي
…
ولا انثنى عناني
شوقي إليك باقٍ
…
والصبر عنك فاني وقال:
خلياني من فترة النسوان
…
وانعشاني بنشطة الغلمان
أبدلاني من نفحة المسك والند
…
بريح الكيمخت والزعفران
ذاك عطري ما زال يعبق في بر
…
دي من موزةٍ ومن قفطان
ليس يصبو لربة القلب قلبي
…
بل لرب الأقراط حن جناني
فاخليا من فلانة خرت سمعي
…
واملأا مسمعي بذكر فلان
واتركا الفتنة التي قيل عنها
…
إنها من حبائل الشيطان
أين مني ذات الخمار بحما
…
م وفي موكبٍ وفي بستان
فلهذا لا أرتضي العيش إلا
…
مع حبيبٍ تراه حيث تراني
إن رآه ذوو البصائر قالوا:
…
غير مستحسن وصال الغواني (2)
فلو اني فوضت في جنة الخل
…
د وصرفت في نعيم الجنان
لم أكن مائلاً إلى طيب وصل ال
…
حور إلا مع عزة الولدان وقال:
بأبي قدار منك وابن زرارة
…
أدنيت حتف المستهام العاني
(1) الديوان: 433.
(2)
صدر بيت، وعجزه ((بعد ستين حجة وثمان)) ، وهو مطلع قصيدة للشريف أبي إبراهيم، بعث بها إلى أبي العلاء المعري فأجابه عنها بقصيدته: عللاني فإن بيض الأماني
…
فنيت والظلام ليس بفان
فلو ان إسم أبي معاذٍ قلبه
…
ما كان في البلوى أبا حسان (1) وقال (2) :
بعثت بآيات الجمال فآمنت
…
بحسنك أبصار لنا وبصائر
وأبديت حسناً باللحاظ ممنعاً (3)
…
فلا خاطر إلا وفيك يخاطر
ولما بدت زهر الثغور وتاهت ال
…
خواطر وامتدت إليك النواظر
ختمت على در الثنايا بخاتمٍ
…
عقيق وتحت الختم تخبا الجواهر وقال أيضاً (4) :
إلى محياك ضوء البدر يعتذر
…
وفي محبتك العشاق قد عذروا
وجنة الخلد في خديك مونقة
…
ونار حبك لا تبقي ولا تذر
يا من يهز دلالاً غصن قامته
…
الغصن هذا فأين الظل والثمر
ما كنت أحسب أن الوصل ممتنع
…
وأن وعدك برق ما به مطر
خاطرت فيك بغالي النفس أبذلها
…
إن الخطير عليه يسهل الخطر
لما رأيت ظلام الشعر منك بدا
…
خضت الظلام ولكن غرني القمر وقال من الموشح المضمن، وهو من مخترعاته التي لم يسبق إليها، والأبيات المضمنة منحولة إلى أبي نواس (5) :
وحق الهوى ما حلت يوماً عن الهوى
…
ولكن نجمي في المحبة قد هوى
ومن كنت أرجو وصله قتلتي نوى
…
وأضنى فؤادي بالقطيعة والنوى
(1) قد شرحت الكنايات في هذين البيتين (ووضعت في درج الكلام في ص وفوق الأسطر في ر) ، فقدار تعني (سالف) وابن زرارة (حاجب) وأبو معاذ (جبل) وأبو حسان (ثابت) ..
(2)
الديوان 438.
(3)
ص ر: ممتعاً.
(4)
الديوان: 439.
(5)
الديوان: 453.
ليس في الهوى عجب
…
إن أصابني النصب
حامل الهوى تعب
…
يستفزه الطرب
أخو الحب لا ينفك صباً متيما
…
غريق دموع قلبه يشتكي الظما
لفرط البكا قد صار جلداً وأعظما
…
فلا عجب أن يمزج الدمع بالدما
الغرام أنحله
…
إذ أصاب مقتله
إن بكى يحق له
…
ليس ما به لعب
ألا قل لذات الخال يا ربة الذكا
…
ومن بيضاء الوجه فاقت على ذكا
شكوت غرامي لو رثيت لمن شكا
…
وأطلقت دمعي لو شفى الدمع من بكى
فانثنيت ساهيةً
…
والقلوب واهيةً
تضحكين لاهيةً
…
والمحب ينتحب
أسرت فؤادي حين أطلقت عبرتي
…
وبدلتني من منيتي بمنيتي
ولما رأيت السقم أنحل مهجتي
…
تعجبت من سقمي وأنكرت قتلي
صرت إذ بدا ألمي
…
عندما أرقت دمي
تعجبين من سقمي
…
صحتي هي العجب
تحجبت عن عيني فأيقنت بالشقا
…
وآيسني فرط الحجاب من البقا
فلما أميط الستر وارتحت للقا
…
غضبت بلا ذنب وغادرتني لقى
حين ترفع الحجب
…
منك يصدر الغضب
كلما انقضى سبب
…
منك عاد لي سبب وقال في الزنبق والورد (1) :
قد نشر الزنبق أعلامه
…
وقال كل الزهر في خدمتي
(1) الديوان: 554.
لو لم أكن في الحسن سلطانه
…
ما رفعت من دونه رايتي
فقهقه الورد به هازياً
…
وقال ما تحذر من سطوتي؟
وقال للسوسن ماذا الذي
…
يقوله الأشيب في حضرتي؟
فامتعض الزنبق من قوله
…
وقال للأزهار يا رفقتي
يكون هذا الجيش بي محدقا
…
ويضحك الورد على شيبتي؟ وقال أيضاً، وفيها ستة (1) تشبيهات طي ونشر (2) :
خلياني أجر فضل برودي
…
راتعاً في رياض عين البرود (3)
كم بها من بديع زهرٍ أنيقٍ
…
كفصولٍ منظومةٍ وعقود
زنبق بين قضب آسٍ وبانٍ
…
وأقاحٍ وعبهرٍ وورود
كجبينٍ وعارضٍ وقوام
…
وثغورٍ وأعينٍ وخدود وقال (4) :
ولم أنس إذ زار الحبيب بروضةٍ
…
وقد غفلت عنا وشاة ولوام
وقد فرش الورد الخدود ونشرت
…
لقدمه للسوسن الغض أعلام
أقول وطرف النرجس الغض شاخص
…
إلينا وللنمام حولي إلمام
أيا رب حتى في الحدائق أعين
…
علينا؟ وحتى في الرياحين نمام؟ وقال في مليح راقص (5) :
جاء وفي قده اعتدال
…
مهفهف ما له عديل
قد خففت عطفه شمال
…
وثقلت جفنه شمول
(1) ص: ست.
(2)
الديوان: 556.
(3)
عين البرود: إحدى ضياع ما ردين.
(4)
الديوان: 559.
(5)
الديوان: 480.