المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌الترهيب من الربا

بسم الله الرحمن الرحيم

اجتنبوا السبع الموبقات

‌الترهيب من الربا

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله (1)، والسحر (2)،

وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (3)، وقذف المحصنات (4) الغافلات المؤمنات. رواه البخاري ومسلم، وأبو داود، والنسائي.

[الموبقات: المهلكات].

2 -

وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت الليلة رجلين (5) أتياني، فأخرجاني إلى أرضٍ مقدسةٍ (6)، فانطلقنا حتى أتينا على نهرٍ من دمٍ فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجلٌ بين يديه حجارةٌ، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجرٍ في فيه (7) فَرَدَّهُ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيهِ بحجرٍ فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا الذي رأيته في النهر؟ قال: آكلُ الربا". رواه البخاري هكذا في البيوع مختصراً، وتقدم في ترك الصلاة مطولاً.

لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه .. إلخ

3 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) أن تجعل لله مثيلاً وتأثيراً في شفائك أو في إعطاء رزقك أو قضاء حاجتك وهكذا، بل الأفعال كلها لله "وما تشاءون إلا أن يشاء الله".

(2)

صرف الشيء عن وجهه واستعمال طلاسم وتسخير الشياطين لأعمال دنيئة قال تعالى: "ومن شر النفاثات في العقد".

(3)

الهجوم على الأعداء.

(4)

سب العفيفات الطاهرات الملازمة خدرهن الصالحات، قال تعالى:"إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم"(23 من سورة النور).

(5)

ملكين.

(6)

طاهرة.

(7)

ضربه في فمه ورماه بالحجارة ليعذبه، وأورد البخاري هذا الحديث في باب آكل الربا وكاتبه وشاهده، وقول الله تعالى:"الذين يأكلون الربا"(ص 217 جـ 4). قال ابن عباس: (ذاك حين يبعث من قبره، ومن طريق سعيد "تلك علامة أهل الربا يوم القيامة يبعثون وبهم خبل" وقيل معناه أن الناس يخرجون من الأجداث سراعاً لكن آكل الربا يربو الربا في بطنه فيريد الإسراع فيسقط فيصير بمنزلة المتخبط من الجنون، والوعيد حاصل لكل من عمل به سواء أكل منه أم لا). أ. هـ.

ص: 3

آكل الربا ومؤكله" رواه مسلم والنسائي، وأبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، كلهم من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه وزادوا فيه: وشاهديه وكاتبه.

4 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء" رواه مسلم وغيره.

5 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكبائر سبعٌ: أولهن الإشراك بالله، وقتل النفس بغير حقها، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم (1)، وفرار يوم الزحف (2)، وقذف المحصنات (3)، والانتقال إلى الأعراب (4) بعد هجرته" رواه البزار من رواية عمرو بن أبي شيبة، ولا بأس به في المتابعات.

6 -

وعن عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة (5) والمستوشمة (6)، وآكل الربا، ومؤكله، ونهى عن ثمن الكلب (7)

وكسب (8) البَغِيِّ، ولعنَ المصَوِّرِين (9) " رواه البخاري، وأبو داود.

(1) الذي مات أبوه قال تعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا"(10 من سورة النساء).

(2)

الجهاد في سبيل الله.

(3)

العفائف.

(4)

سكان البوادي الكفار بعد إسلامهم، والفرار منهم واختيار سكن غير سكن الكفرة العصاة، قوم يفارقون الكفرة الجهلة ويتبعون دين الإسلام ويصاحبون الأخيار الأبرار، فمن الكبائر الرجوع إلى وطن الكفرة.

(5)

فاعلة الوشم والموشومة مفعولة، والوشم أن يغرز يده أو عضواً من أعضائه بأبرة، ثم يذر عليها النيل ونحوه.

(6)

الذي وقع عليها الوشم.

(7)

قال الحسن وربيعة، وحماد بن أبي سليمان، والأوزاعي والشافعي وأحمد وداود ومالك في رواية "ثمن الكلب حرام" وقال ابن قدامة: لا يختلف المذهب في أن بيع الكلب باطل على كل حال، وكره أبو هريرة ثمن الكلب ورخص في كلب الصيد خاصة، وبه قال عطاء والنخعي، وقال بعض أصحاب مالك: الكلب المأذون في إمساكه يكره بيعه ويصح، ولا تجوز إجارته نص عليه أحمد، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم يجوز، وقال مالك في الموطأ: أكره ثمن الكلب الضاري وغير الضاري لنهيه صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب. أ. هـ (عيني).

(8)

أجرة الزانية حرام إجماعاً وكذا مهرها.

(9)

أي طلب من الله تعالى إبعاد المصورين من رحمة الله تعالى لأن عملهم حرام بالإجماع وفاعله يستحق اللعنة والطرد من رأفته، وجاء أنه يقال للمصورين يوم القيامة أحيوا ما خلقتم، وظاهر الحديث العموم ولكن خفف منه تصوير ما لا روح فيه كالشجر ونحوه. أ. هـ. (عيني).

قال النووي قال العلماء: تصوير الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر وسواء صنعه لما يمتهن =

ص: 4

قال الحافظ: واسم أبي جحيفة: وهب بن عبد الله السوائي.

أربع حقٌ على الله أن لا يدخلهم الجنة .. إلخ

7 -

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "آكل الربا ومؤكله (1)، وشاهداه، وكاتباه إذا علموا به، والواشمة والمستوشمة لِلْحُسْنِ (2)، ولَاوِي (3)

الصدقة، والمرتد (4) أعرابياً بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما، وزاد في آخره: يوم القيامة (5).

قال الحافظ: رووه كلهم عن الحارث، وهو الأعور عن ابن مسعود إلا ابن خزيمة فإنه رواه عن مسروق عن عبد الله بن مسعود.

8 -

وعن أبي هريرة رضي اله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعٌ حقٌ على الله أن لا يدخلهم الجنة، ولا يُذيقهم نعيمها: مُدمن الخمر (6)، وآكل (7) الربا، وآكل مال اليتيم (8) بغير حقٍ، والعاقُ لوالديه (9) " رواه الحاكم عن إبراهيم بن خيثم بن عراك، وهو واهٍ عن أبيه عن جده عن أبي هريرة، وقال: صحيح الإسناد.

= أم لغيره سواء أكان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، وأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام. أ. هـ. ص 488 جواهر البخاري.

(1)

إطعامه غيره، ويقال المراد من الآكل آخذه كالمستقرض، ومن الموكل معطيه كالمقرض، والنهي في هذا كله عن الفعل والتقدير عن فعل الوشمة وفعل الموشومة وفعل الآكل وفعل الموكل وخص الأكل من بين سائر الانتفاعات لأنه أعظم المقاصد. أ. هـ. (عيني ص 203 جـ 11)

(2)

المغيرات خلق الله تعالى، وكذا كل من أدخل على جسمه تحسيناً أو تحلية في اعتقاده الكاذب "فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم".

(3)

مؤخر الصدقة، والمعرض عنها، من لوى رأسه وبرأسه: أماله، وقد يجعل بمعنى الإعراض. أ. هـ (مصباح)، وفي النهاية أن ابن الزبير لوى ذنبه يقال لوى رأسه وذنبه، وعطفه عنك إذا ثناه وصرفه، ويروى بالتشديد للمبالغة، وهو مثل لترك المكارم، والروغان عن المعروف وإيلاء الجميل، ويجوز أن يكون كناية عن التأخر، والتخلف لأنه قال في مقابله، وإن ابن أبي العاص مشي اليقدمية. أ. هـ.

(4)

الذي كان مسلماً ورجع إلى دين الكفر من سكان البادية.

(5)

مبعدون من رحمة الله تعالى، من لعنه لعنا طرده، وأبعده أوسبه.

(6)

الذي يشرب كثيراً، من أدمن إدماناً: لازمه وواظبه.

(7)

المتعامل بالفائدة الزائدة بلا عوض.

(8)

الذي مات أبوه.

(9)

عصيانهما ومخالفة أوامرهما، وعدم برهما، وترك الإحسان إليهما لأنه خالف أمر الله تعالى، "وبالوالدين إحسانا" وفي الجامع الصغير (مدمن) المداوم على شربها، قال المناوي قيد مال اليتيم (بغير حق) لأن أكل الربا لا يكون إلا بغير حق بخلاف مال اليتيم (العاق) قال العلقمي: وهو محمول على المستحل لذلك، أو مع الداخلين الأولين، زاد المناوي حتى يطهرهم بالنار. أ. هـ (ص 180). =

ص: 5

الربا سبعون باباً أدناها كالذي يقع على أمه

9 -

وعن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الربا ثلاثٌ وسبعون باباً أيسرها مِثْلُ أن ينكح الرجل أمه (1) " رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، ورواه البيهقي من طريق الحاكم، ثم قال: هذا إسناد صحيح، والمتن منكر بهذا الإسناد، ولا أعلمه إلا وهما، وكأنه دخل لبعض رواته إسناد في إسناد.

10 -

وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الربا بضعٌ (2) وسبعون باباً، والشركُ مثل ذلك" رواه البزار، ورواته رواة الصحيح، وهو عند ابن ماجة بإسناد صحيح باختصار: والشركُ مثل ذلك.

11 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا سبعون باباً أدناها كالذي يقعُ على أمه" رواه البيهقي بإسناد لا بأس به، ثم قال: غريب بهذا الإسناد، وإنما يعرف بعبد الله بن زياد عن عكرمة، يعني ابن عمار. قال: وعبد الله بن زياد هذا منكر الحديث.

12 -

وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدرهمُ يصيبهُ الرجلُ من الربا أعظمُ عند الله من ثلاثةٍ وثلاثين زنيةً يزنيها في الإسلام (3) " رواه الطبراني في الكبير من طريق عطاء الخراساني عن عبد الله، ولم يسمع منه، ورواه ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفاً على عبد الله، وهو الصحيح.

= وقال الحفني (أربع حق) أي من الخصال حق على الله تعالى أن يفعل بهم ذلك بطريق العدل: متناول الربا بأكل أو غيره، ومثله موكله وكاتبه وشاهده، ومتناول مال اليتيم ومستولٍ عليه سواء كان وليه أم لا، أما لو كان اليتيم غنياً ووليه مثلاً فقير، فإنه يأكل منه بالمعروف.

(1)

المعنى أن التعامل بالربا يكسب صاحبه ذنوب ثلاث وسبعين موبقة كبيرة أقلها عقاباً عند الله جل وعلا مثل عقاب الزاني في والدته، والمرتكب الفاحشة معها، وتلك نهاية الإجرام والفسوق، يصور لك النبي صلى الله عليه وسلم أخطاء من مد يديه للربا، وما يجنيه هذا من حلول غضب الله واكتساب الخطايا الفواحش وأسهلها ذنب المجرم الذي يطأ والدته والعياذ بالله تعالى، تصور رجلاً تجرد من الإنسانية، وغمس نفسه في حمأة الوحشة والهمجية، وأباح عرض من أرضعته وغذته بلبنها، وربته فعقابه بدني ومعنوي وحسي وأخروي، كذلك آكل الربا عمله سلسلة إجرام في إجرام، نسأل الله السلامة.

(2)

يستعمل البضع من الثلاثة إلى التسعة، وهو يساوي في العقاب أن تجعل لله شريكاً مماثلاً.

(3)

كأن أخذ درهم من الربا يسبب ذنوباً كثيرة وعقاباً صارماً أكثر من فعل ثلاث وثلاثين زنية فاحشة.

ص: 6

في أحد طرقه، قال عبد الله: الربا اثنان وسبعون حُوباً (1) أصغرها حُوباً كمن أتى أمهُ في الإسلام، ودرهمٌ من الربا أشد من بضعٍ وثلاثين زنيةً، قال: ويأذن الله بالقيامِ للبَرِّ (2) والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا، فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس (3).

13 -

وروى أحمد بإسناد جيد عن كعب الأحبار قال: "لأن أزني ثلاثاً وثلاثين زنيةً أحبُّ إليَّ من أن آكل درهم رباً، يعلمُ الله أني أكلتهُ حين آكلتهُ رباً".

14 -

وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "درهم رباً يأكله الرجل وهو يعلم أشدُ من ستةٍ وثلاثين زنيةً (4) " رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح.

قال الحافظ: حنظلة والد عبد الله، لُقب بغسيل الملائكة لأنه كان يوم أحدٍ جنباً، وقد غسل أحد شقي رأسه، فلما سمع الهيْعَةَ خرج فاستشهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت الملائكة تُغَسِّلُهُ.

15 -

ورويَ عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أمر الربا، وعظَّمَ شأنه، وقال: إن الدرهم يصيبهُ الرجلُ من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ستٍ وثلاثين زينةً يزنيها الرجلُ، وإن أربى الربا (5) عِرْضُ الرجل المسلم" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة والبيهقي.

16 -

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) ذنباً.

(2)

الصالح.

(3)

الجنون: قال الإمام أبو بكر بن محمد بن إبراهيم بن المنذر بإسناده إلى سعيد بن جبير في الآية "يبعث يوم القيامة مجنوناً يخنق نفسه" وبإسناده إلى أبي حيان: "آكل الربا يعرف يوم القيامة كما يعرف المجنون في الدنيا"، وفي كتاب أبي الفضل الجوزي من حديث أبان عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يأتي آكل الربا يوم القيامة مخبلاً، يجر شقه ثم قرأ: لا يقومون الآية. أ. هـ. (عيني ص 200 جـ 11).

(4)

لشدة هول الربا لعظيم عقابه: مثل صلى الله عليه وسلم عقاب فاعله بستة وثلاثين جزءاً منها ذلك الجزء فعل الفاحشة، وعمل معصية الزنا، وهو شديد العذاب كثير الألم عليه الدمار، ويجر إلى الخراب.

(5)

زيادة المعاصي، إباحة سيرة المسلم، وغيبته وذكر عيوبه، ونميمته والتحدث بما يكرهه.

ص: 7

"مَنْ أعان ظالماً بباطلٍ لِيُدْحِضَ (1) به حقاً فقد بَرِئ (2) من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أكل درهماً من رباً فهو مثل ثلاثةٍ وثلاثين زنية، ومن نبت لحمهُ مِنْ سُحْتٍ (3) فالنار أولى به (4) " رواه الطبراني في الصغير والأوسط والبيهقي لم يذكر: مَنْ أعان ظالماً، وقال: إن الربا نَيْفٌ وسبعون باباً: أهْوَنُهُنَّ باباً مِثْلُ مَنْ أتى أمهُ في الإسلام، ودرهمٌ من رباً أشد من خمسٍ وثلاثين زنيةً، الحديث.

17 -

وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل (5) أمهُ، وإن أربى الربا (6)

استطالة الرجل في عرض أخيه" رواه الطبراني في الأوسط من رواية عمر بن راشد، وقد وثق.

18 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الربا سبعون حُوباً، أيسرها أن ينكح الرجل أمهُ" رواه ابن ماجة والبيهقي كلاهما عن أبي معشر، وقد وُثق عن سعيد المقبري عنه، ورواه ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن سعيد وهو واهٍ عن أبيه عن أبي هريرة، وتقدم بنحوه.

[الحوب] بضم الحاء المهملة، وفتحها: هو الإثم.

إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله

19 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُشترى الثمرةُ حتى تُطْعَمَ (7)، وقال: إذا ظهر الزنا والربا في قريةٍ فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله (8) " رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

20 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه: "ما ظهرَ في قومٍ الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله" رواه أبو يعلى بإسناد جيد.

21 -

وعن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قومٍ يظهرُ فيهم الربا إلا أُخذوا بالسَّنَةِ، وما من قومٍ يظهرُ فيهمُ الرِّشا (9)

(1) ليبطل، من دحضت الحجة: بطلت وأدحضها.

(2)

برئ: بعد وخرج من دين الله ودين رسوله.

(3)

كل مال حرام لا يحل كسبه ولا أكله.

(4)

جهنم أحق به.

(5)

أقلها في العقاب الفاحشة في والدته، والزنا قبيح وعاقبته وخيمة، فما بالك في محرمه؟

(6)

أكثر الفواحش وأكبرها غيبة أخيك المسلم، والسعي بالفساد، وإباحة التحدث بما يكرهه.

(7)

يتم نضجها ويبدو صلاحها.

(8)

سخطه وانتقامه، ونزع البركة.

(9)

جمع رشوة: ما يعطيه الشخص لحاكم، وغيره ليحكم له، أو يحمله على ما يريده، ورشوته رشواً: أعطيته رشوة فارتشى: أي أخذ.

ص: 8

إلا أُخِذوا بالرعب (1) " رواه أحمد بإسناد فيه نظر.

[السنة]: العام المقحط سواء نزل فيه غيث، أو لم ينزل.

22 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أُسريَ بي لما انتهينا إلى السماء السابعة فنظرتُ فوقي، فإذا أنا برعدٍ وبرُوقٍ وصواعقَ، قال: فأتيت على قومٍ بطونهم كالبيوت فيها الحيات تُرى (2) من خارج بطونهم. قلتُ: يا جبريل مَنْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء أكلةُ الربا" رواه أحمد في حديث طويل، وابن ماجة مختصراً والأصبهاني كلهم من رواية علي بن زيد عن أبي الصلت عن أبي هريرة.

23 -

وروى الأصبهاني أيضاً من طريق أبي هارون العبدي، واسمه عمارة بن جوين وهو واهٍ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عُرجَ به إلى السماء نظر في سماء الدنيا، فإذا رجال بُطونهم كأمثال البُيوت العظام قد مالت بُطونهم وهم مُنَضَّدُونَ على سابلةِ آل فرعون يُوقَفُونَ على النار كُلَّ غداةٍ وعَشيٍ يقولون: ربنا لا تُقم الساعة أبداً، قلت: يا جبريل مَنْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء أكلةُ الربا من أُمتك لا يقومون إلا كما يقومُ الذي يتخبطه الشيطان من المس".

قال الأصبهاني قوله [منضدون]: أي طرح بعضهم على بعض، والسابلة: المارّة، أي يتوطؤهم آل فرعون الذين يُعرضون على النار كل غداة وعشي. انتهى.

بين يدي الساعة يظهر الربا والزنا والخمر

24 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين يَدَيِ الساعةِ يظهرُ الربا، والزنا، والخمر (3) " رواه الطبراني، ورواته رواة الصحيح.

(1) الفزع، صدقت يا رسول الله لقد ظهرت الآن فئة كانت تمد يدها إلى الناس ففضحها الله، وأظهر عيوبها، وكشف مخبأها، وترتب على ذلك فصلها من عملها.

(2)

الأفاعي تظهر.

(3)

أي علامة قرب يوم القيامة تفشى ثلاثة:

(أ) تعامل المسلمين بالربا.

(ب) ذهاب الحياء من الذكور والإناث، وارتكاب الفاحشة.

(جـ) تشرب الخمر، لقد كثر الآن انتشار تلك الموبقات، وعم وقعها، وزاد ضررها، ووقع فيها آلاف المسلمين فلا حول ولا قوة إلا بالله، كل يوم تسمع حوادث مؤلمة من تبرج السيدات، وإزالة سترهن بحجة المدنية الكاذبة، والحرية الملوثة بأدران الملذات القبيحة، وضعف إيمان المسلمين بالله، فوقعوا في شرك الربا والاستدانة من الأجانب، وزالت الثقة بالله وخشيته سبحانه، وهو تعالى الرقيب المطلع، وأغوى الأجانب المسلمين ويسروا لهم شرب الخمور جهاراً نهاراً بلا رادع ولا زاجر، نسأل الله السلامة.

ص: 9

25 -

وعن القاسم بن عبد الواحد الوَرَّاقِ قال: "رأيت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما في السوق في الصيارفة (1)، فقال يا معشر الصيارفة: أبشروا، قالوا: بَشَّرَكَ الله بالجنة، بِمَ تُبشرنا يا أبا محمد؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا بالنار (2) " رواه الطبراني بإسناد لا بأس به.

26 -

ورويَ عن عوف بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك والذنوب التي لا تُغفرُ: الغلول (3) فمن غَلَّ شيئاً أُتيَ بهِ يوم القيامة، وآكلُ الربا، فمن أكل الربا بُعِثَ يومَ القيامة مجنوناً يتخبطُ، ثم قرأ: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" رواه الطبراني والأصبهاني من حديث أنس، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي آكلُ الربا يوم القيامة مُخبلاً يَجُرُّ شِقَّيْهِ (4)، ثم قرأ: لا يقومون إلا كما يقومُ الذي يتخبطه الشيطان من المس. قال الأصبهاني [المخبل]: المجنون.

27 -

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحدٌ أكثر من الربا إلا كان عاقبةُ أمرهِ إلى قلةٍ (5) " رواه ابن ماجة، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وفي لفظ له قال: الربا وإن كَثُرَ، فإن عاقبتهُ إلى قُلٍ، وقال فيه أيضاً: صحيح الإسناد.

ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا .. إلخ

28 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يبقى منهم أحدٌ إلا أكَلَ الربا (6)، فمن لم يأكله أصابهُ مِنْ غُبَارِهِ" رواه أبو داود، وابن ماجة كلاهما من رواية الحسن عن أبي هريرة، واختلف في سماعه، والجمهور على أنه لم يسمع منه.

(1) في مكان تبادل العملة، وأخذ النقود، من صرفت الذهب بالدراهم: بعته، واسم الفاعل من هذا صيرفي وصيرف، وصراف للمبالغة.

(2)

لفعل الربا.

(3)

السرقة في المغنم.

(4)

وسطه، ويزحف كالمقعد.

(5)

إلى فقر، لأن الله تعالى ينزل البركة، ويزيل الرحمة، ويمنع الرأفة فيقل الخير.

(6)

أي يعم التعامل به، ويفشو وتزول الثقة بالله فيطمع الإنسان ويربو، ويجلس الناس في مجالس آكل الربا، ولا ينصحه أحد ولا ينهاه فيناله من ذنوبه، وتصيبه آثامه لأنه لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، ولا يقطع صحبة آكل الربا، ومعاملته ولو بغير قصد الربا.

ص: 10

ليبيتن ناس من أمتي على أشرٍ وبطرٍ ولعبٍ ولهوٍ .. إلخ

29 -

وَرويَ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لَيَبيتَنَّ أُناسٌ من أمتي على أشرٍ (1)، وبطرٍ (2)، ولعبٍ، ولهوٍ، فيصبحوا قِرَدَةً (3) وخنازير: باستحلالهم المحارمَ، واتخاذهمُ القيْناتِ (4) وشُربهمُ الخمر، وبأكلهم الربا، ولُبسهمُ الحرير (5) " رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده.

(1) جحود وكفران النعمة وعدم شكرها.

(2)

شدة زهو وغطرسة وكفران النعمة ولهو وترف.

(3)

مثل القردة، والخنازير: أي الحيوانات القذرة الجاهلة التي همها شهواتها.

(4)

القينة: الأمة البيضاء الجارية بلا وجه شرعي، والمراد المشي مع السيدات الفاجرات، وإباحة المكث معهن والتمتع بهن بلا نكاح شرعي، وأكتب الآن هذا وبجواري صحف يومية تبين صدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في زماننا هذا، فقد ضرب رجل نفسه برصاص لأن عشيقته أعرضت عنه، وهجرته بعد مصاحبته سنة، وهكذا من الحوادث المؤلمة التي تنبئ عن قلة الحياء، وذهاب معينه، وقد نضب، فيتخذ الإنسان حليلة صاحبه ويعاشرها رغبة في التمتع بها بلا عقد شرعي، وفشا هذا فلا حول ولا قوة إلا بالله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبه أولئك بالقردة والخنازير، وصاروا مجردين عن كل عقل يمنعهم عن الفاحشة، ويبعدهم من المعصية، ويرشدهم إلى الآداب السامية آداب الدين الإسلامي، يا عجباً، يسترسلون في الشهوات، ويرخون العنان لملذاتهم فيبيحون ما حرم الله تبجحاً، وقلة أدب، وسفاهة رأي، ودناءة، وحقارة، والنتيجة تكون عاقبتهم وخيمة: ينتحرون، ويفتقرون، ويجنون، ويطردون من أعمالهم، ويفصلون من وظائفهم، لماذا؟ لأنهم اتبعوا أهواءهم وضلوا عن سواء السبيل، ولم يعملوا بكتاب الله وسنة نبيه، فحذار أيها الآباء؛ وعلموا أبنائكم تعاليم الدين الإسلامي، واجعلوا نصب أعينكم مصائب الخروج عن الدين، واجتنبوا محارم الله، وغذوا أبناءكم بلبان القرآن والسنة، واهجروا المتبرجات العاصيات المائلات المميلات، واتركوا الخمر والربا.

(5)

من علامة غضب الله أن يلبس الرجل الحرير، قال تعالى:"ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى، فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا"(45 من سورة فاطر)، (بما كسبوا) من المعاصي (على ظهرها) على ظهر الأرض (من دابة) من نسمة تدب عليها بشؤم معاصيهم (بصيراً) مطلعاً مراقباً يجازيهم على أعمالهم. فأنت ترى حلم الله جل وعلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم مهما أسرفوا في المعاصي يسامحهم في الدنيا ويؤجل عقابهم للآخرة (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) وقوله صلى الله عليه وسلم "فيصبحوا قردة وخنازير" أي أن أعمالهم المنكرة تستوجب مسخ صورهم، ولكن سبق وعد الله بالتأجيل فلا يؤاخذهم بذنوبهم في حياتهم كما آخذ الأمم السابقة، كما قال تعالى "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً"(47 - 48 من سورة النساء)(نطمس) نمحو تخطيط صورها، ونجعلها على هيئة أدبارها يعني الأقفاء، أو ننكسها إلى ورائها في الدنيا أو في الآخرة، وقيل من قبل أن نغير وجوهاً فنسلب وجاهتها وإقبالها ونكسوها الصغار والإدبار. أ. هـ (بيضاوي)، وهذا شاهدي في معنى "فيصبحوا قردة وخنازير" أي أن العصاة المجرمين المرتكبي الآثام يصبحون في ذل، وحقارة، ودناءة تعلوهم المسكنة، ويسلب الله منهم كل عز ورفعة وجاه، أو كما قال البيضاوي (من قبل أن نطمس وجوهاً) بأن نعمي الأبصار عن الاعتبار، ونصم الأسماع عن الإصغاء إلى الحق بالطبع ونردها عن الهداية إلى الضلالة. أ .. هـ (أو نلعنهم) أو نخزيهم بالمسخ كما أخزينا به أصحاب السبت، أو نمسخهم مسخاً مثل مسخهم، أو نلعنهم على لسانك كما لعناهم على لسان داود عليه السلام.

ص: 11

يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب .. إلخ

30 -

ورويَ عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يبيتُ (1) قومٌ من هذه الأمة على طُعْمٍ، وشُرْبٍ، ولهوٍ، ولعبٍ، فيصبحوا قدْ مُسِخُوا قردةً وخنازير، ولَيُصِيبنهم خَسْفٌ (2)، وقَذْفٌ (3) حتى يُصبح الناسُ، فيقولون: خُسِفَ الليلةَ ببني فُلانٍ (4)،

وخُسفَ الليلة بدار فُلانٍ، ولَتُرسَلَنَّ عليهم حجارةٌ من السماء كما أُرسلت على قوم لوطٍ على قبائل فيها، وعلى دُورٍ، ولَتُرْسَلَنَّ (5)

عليهم الريحُ العقيمُ التي

(1) يستمرون طول الليلة في ملذاتهم ناسين الله جل وعلا مرتكبين الموبقات فيتنفس الصبح، وهم في حقارة ودناءة، قد زال عنهم الحياء والأدب، وانتزعت منهم السكينة والوقار، وباءوا بالخيبة، وشابهوا القردة، والخنازير في الخسة.

(2)

اهتزت أرضهم، وصار أعاليها أسافلها، وهدمت قصورهم، وضاعت أموالهم، وذهبت أرواحهم من جراء كثرة معاصيهم، يقال خسفه الله وخسف به، قال تعالى:"فخسفنا به وبداره الأرض، لولا أن من الله علينا لخسفنا بنا"(81 - 82 من سورة القصص).

(3)

رمى الحجارة من بعد قذف بالحجارة، من باب ضرب: رمى بها، وقذفته قذفاً من باب ضرب: اغترفته باليد، والاسم القذاف، وهو ما يملأ الكف ويرمى به.

(4)

لأنه عصى الله تعالى، قال تعالى في قوم لوط "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد"(82 - 83 من سورة هود)، (من سجيل) من طين متحجر (منضود) نضد معد لعذابهم (مسومة) معلمة العذاب، وقيل معلمة ببياض وحمرة، فإنهم بظلمهم حقيقون بأن تمطر عليهم، وفيه وعيد لكل ظالم، وعنه عليه الصلاة والسلام "أنه سأل جبريل عليه السلام، فقال يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو يعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة" أ. هـ (بيضاوي).

(5)

والله إن ذنوبهم كثرت، وزادت فسوقها فاستحقوا إرسال الريح المهلكة الشديدة التي تضر زرعهم، وتهلك ماشيتهم، وتهدم دورهم كما قال الله تعالى "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم"(41 - 42 من سورة الذاريات)، (العقيم) سماها عقيماً لأنها أهلكتهم، وقطعت دابرهم، أو لأنهم لم تتضمن منفعة، وهي الدبور أو الجنوب أو النكباء. أ .. هـ (بيضاوي)، (أتت) مرت (كالرميم) كالرماد من الرم، وهو البلى والتفتت، "وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوماً فاسقين"(43 - 46 من سورة الذاريات)، (فعتوا) فاستكبروا عن امتثاله (فاسقين) خارجين عن الاستقامة بالكفر والعصيان، ولقد استحق المسلمون عقاب الله بهذا العذاب بسبب شرب الخمر وتمتعهم بالرفاهية والترف والإسراف بلبس الحرير، واستحلال الأقارب وهجرهم، وعدم الإحسان إليهم، فاتقوا الله عباد الله، واعملوا صالحاً، واهجروا المعاصي، وأكثروا من تشييد الصالحات، واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون، فإن الله تعالى أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بالتعاليم الصحيحة الجالبة كل سعادة والمانعة كل عذاب، ولكن هذه المعاصي تسبب انتقام الله جل وعلا عاجلاً كما قال عز وجل "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون"(65 من سوة الأنعام)، (من فوقكم) كما فعل بقوم نوح ولوط وأصحاب الفيل (أو من تحت أرجلكم) كما أغرق فرعون، وخسف بقارون، وقيل أكابركم =

ص: 12

[خلاصة الأضرار التي تلحق آكل الربا والمصائب التي تحل به](1)

أهلكت عاداً على قبائل فيها، وعلى دورٍ بِشُرْبهم الخمر، وَلبسهم الحرير، واتخاذهمُ

= وحكامكم وسفلتكم وعبيدكم (أو يلبسكم) أو يخلطكم (شيعاً) متحزبين على بعض متفرقين على أهواء شتى فينشب القتال (ويذيق) يقاتل بعضكم بعضاً، انظر إلى حال المسلمين الآن ملأوا أصقاع المعمورة وكثر عددهم، ولكن تفرقت قلوبهم، لماذا؟ لأن العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قليل، والمعاصي فاشية، والمنكرات قائمة، والبدع منتشرة، والفواحش مرتكبة، والله تعالى يقول:"قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به؟ انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون"(46 - 49 من سورة الأنعام)، أي أصمكم وأعماكم وغطى على قلوبكم ما يزول به عقلكم أو فهمكم فلا أحد يزيل هذا إلا الله تعالى المعبود بحق الذي يطاع ويخاف (يصدفون) يعرضون عنها (يفسقون) بسبب خروجهم عن التصديق والطاعة.

(1)

خلاصة الأضرار التي تلحق آكل الربا والمصائب التي تحل به كما قال صلى الله عليه وسلم:

أولاً: يصيبه الهلاك والأمراض لأن الربا من الموبقات.

ثانياً: يستمر عذابه برمي الحجارة في فمه.

ثالثاً: دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم باللعن والبعد عن رحمة الله تعالى ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب، فلابد أن يطرد من حظيرة عناية الله ورأفته.

رابعاً: ارتكب بعمله هذا كبيرة فعذاب عذاباً أليماً.

خامساً: أوجب الله على نفسه أن لا يدخل آكل الربا الجنة.

سادساً: آكل الربا يقع في جهنم فيرى درجات العذاب مجسمة ملموسة عددها ثلاث وسبعون أقل درجة في العذاب عقاب من وطئ أمه "23 بابا".

سابعاً: الله أكبر، فعله في القبح والإجرام أعظم عند الله من عقاب ثلاث وثلاثين زنية، وناهيك بقبح الزنا وعاقبته الوخيمة كما قال تعالى: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا).

ثامناً: فعل الربا نذير الخراب وباعث الدمار وجالب الخيبة ومسبب الفقر وتفشي الأمراض ونازع البركة والرحمة "أخذوا بالسنة".

تاسعاً: فاعل الربا يرسل الله له الأفاعي تأوي إلى بطنه تغدو وتروح لتعذبه وتهلكه وتؤلمه "فيها الحيات".

عاشراً: فعلة الربا يرمون في الطرق ليمر عليهم الكفار الذين يعذبون صباح مساء.

حادي عشر: انتشار الربا من علامات قرب يوم القيامة "الساعة".

ثاني عشر: يخرج آكل الربا من قبره للبعث مخبولاً مجنوناً "يتخبط".

ثالث عشر: يصيب آكل الربا العرج والكساح وكسر الجسم "يجر شقيه".

رابع عشر: مهما كثرت أموال آكل الربا تزول بسرعة ومآلها إلى قلة.

خامس عشر: السعيد من بعد عن الربا، والشقي من أصابه رشاشه وحفته مكارهه ونال من إثمه فعل الربا من علامة استحقاق المسخ وزوال النعمة ونزول العذاب "فيصبحوا قردة وخنازير".

قال تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"(82 من سورة الأنعام)، الظلم: الإشراك أو المعصية. =

ص: 13

الْقَيْنَاتِ، وأكلهمُ الربا، وَقطيعة الرحم، وَخَصْلَةٍ نَسِيَها جعفر" رواه أحمد مختصراً واللفظ له.

[القينات]: جمع قينة وهي المغنية.

= فقهاء الشريعة الإسلامية يفسرون معنى الربا:

الربا: عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما، وهو من أكبر الكبائر ولم يحل في شريعة قط، ولم يؤذن الله في كتابه عاصياً بالحرب سوى آكله، وإن أكله علامة على سوء الخاتمة كإيذاء أولياء الله تعالى فإنه صح فيه الإيذان بذلك، وهو على ثلاثة أنواع:

(ربا الفضل): وهو البيع مع زيادة أحد العوضين على الآخر، ومنه ربا القرض، وهو كل قرض اشترط فيه جر نفع للمقرض كأن شرط عليه أن يرد في قرض دينار دينارين، ومنه الغروقة المعروفة، فهي حرام باطلة.

(وربا اليد): وهو البيع مع تأخير قبضها أو قبض أحدها.

(وربا النساء): وهو البيع لأجل، والقصد من هذا بيان ما يصح من بيع الربوي مع الحل وما يفسد منه مع الحرمة، فإذا وجدت الشروط الآتي بيانها زيادة على ما مر في البيع كان العقد صحيحاً حلالاً، وإلا كان فاسداً حراماً وإنما يحرم الربا في ذهب وفضة ولو غير مضروبين كحلي وتبر وفيما قصد لطعم غالباً تقوتاً كبر وشعير وإن لم يؤكل إلا نادراً كثمر البلوط، أو تأدماً كسمن وجبن أو تفكهاً كعنب وتفاح أو تداوياً كزنجبيل ومصطكى فإن بيع ربوي بجنسه كذهب بذهب وبر ببر اشترط لصحته ثلاثة شروط: أن يكون العوضان حالين: أي يداً بيد في الجانبين وقبضهما في مجلس العقد قبل التفرق والمساواة بينهما يقيناً كيلاً في المكيل ووزناً في الموزون، فإن اختلفا في الجنس واتفقا في علة الربا كذهب بفضة وبر بشعير اشترط لصحته شرطان فقط أن يكون العوضان حالين، وقبضهما في المجلس قبل التفرق ولا تضر المفاضلة والزيادة في أحدهما وإن اختلفا جنساً وعلة كثمر بنقد أو ثوب أو حيوان جاز البيع بدون هذه الشروط. انتهى. (تنوير القلوب ص 271).

الآيات الواردة في فعل الربا واجتناب معاملة هؤلاء العصاة:

قال تعالى: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم"(275 - 276 من سورة البقرة)، (موعظة) أي من بلغه النهي عن الربا، (ما سلف) من المعاملة ولم يأمر الشارع برد الزيادات، وقال تعالى:"يا أيها الين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"(278 - 281 من سورة البقرة)، وقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"(130 - 132 من سورة آل عمران).

قال ابن عباس: أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله، وعن سعيد بن جبير قال: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب ثم قرأ "فإن لم تفعلوا" الآية، وعن ابن عباس فمن كان مقيماً على الربا لا ينزع منه فحق على إمام =

ص: 14