الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتق الله إلى متى تشربُ هذه الخمر؟ فيقولُ لها: إنما أنت تنهقينَ كما ينهقُ الحمارُ. قالت فمات بعد العصرِ، قالت: فهو ينشقُّ عنه القبرُ بعد العصرِ كل يومٍ، فينهقُ ثلاثَ نهقاتٍ، ثم ينطبقُ عليه القبرُ" رواه الأصبهاني وغيره، وقال الأصبهاني: حدّث به أبو العباس الأصم إملاءٍ بينسابور بمشهد من الحفاظ فلم ينكروه.
الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر (1)، فَلْيُكْرِمْ ضَيفهُ (2)، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ (3)، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً (4) أو ليصمت (5) " رواه البخاري ومسلم.
= رابعاً: لا يقبل أي عمل للعاق.
خامساً: العاق مخالف ما نهى الله عنه ورسوله.
سادساً: ينال العاق جزاءه في الدنيا قبل مماته من تحقير وفقر مدقع، وأمراض وسخط أهله وإبعاده "من عقاب أسرع".
سابعاً: لعن الله ورسوله والملائكة والناس العاق.
ثامناً: يجلب العقوق سوء الخاتمة للعاق ويطمس الله على بصيرته وينزع منه الإيمان فلا يمكن أن ينطق بالشهادتين "قل لا إله إلا الله فلم يستطع".
تاسعاً: تقبح صورة العاق وتتغير هيئته الآدمية إلى "رأسه رأس حمار" اللهم أكرمنا برضا الوالدين واجزهما عنا خيراً وارحمهما كما ربيانا وأغدق عليهما شآبيب رحمتك إنك غفور رحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم.
(1)
أي الذي يصدق بوجود الله ويتصف بالإيمان الكامل.
(2)
يزيد في إكرامه ويقدم له صنوف الاحترام والنعم زيادة على عياله، لماذا؟ لأنه ينفق ابتغاء ثواب الله معتقداً إخلافه وإعطاءه الجزيل.
(3)
فليود أقاربه وليحسن إليهم.
(4)
أي فليحسن كلامه وليطب لفظه ليغنم.
(5)
يسكت عن الشر ليسلم ويحفظ لسانه من اللغو والغيبة والنميمة. قال الشيخ الشرقاوي: إذ آفات اللسان كثيرة، وفي الحديث:"واحفظ لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك، وهل يكب الناس في النار على مناخيرهم إلا حصائد ألسنتهم". قال ابن مسعود: ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. ولبعضهم: اللسان حية مسكنها الفم. ومعنى الحديث أن المرء إذا أراد أن يتكلم فليتفكر قبل كلامه، فإن علم أنه لا يترتب عليه مفسدة ولا يجر إلى محرم ولا مكروه فليتكلم، وإن كان مباحاً فالسلامة في السكوت لئلا يجر المباح إلى محرم أو مكروه. وقد اشتمل هذا الحديث على أمور ثلاثة تجمع مكارم الأخلاق الفعلية والقولية. =
إن صلة الرحم محبة في الأهل
2 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحبَّ أن يُبْسَطَ (1) له في رزقهِ وَيُنَسَّأ لهُ (2) في أثَرِهِ (3)،
فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه البخاري ومسلم.
= أما الأولان فمن الفعلية وأولهما يرجع عن التخلي عن الرذيلة والثاني يرجع إلى التحلي بالفضيلة. والحاصل أن من كان كامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله تعالى قولاً بالخير وسكوتاً عن الشر أو فعلاً لما ينفع أو تركاً لما يضر. أهـ. ص 304 جـ 3 قال الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة
…
فإذا نطقت فلا تكن مكثاراً
ما إن ندمت على سكوتي مرة
…
ولقد ندمت على الكلام مراراً
(1)
يزاد ويوسعه الله له.
(2)
ويؤخر.
(3)
في أجله. قال في الفتح: وسمي الأجل أثراً، لأنه يتبع العمر. قال زهير:
والمرء ما عاش ممدود له أملي
…
لا ينقضي العمر حتى ينتهي الأثر
قال ابن التين: ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى: "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"(34 من سورة الأعراف). والجمع بينهما من وجهين: أحدهما أن هذه الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر، وحاصله أن صلة الرحم تكون سبباً للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت، ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده والصدقة الجارية عليه والخلف الصالح. ثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، وأما الأول الذي دلت عليه الآية فبالنسبة إلى علم الله تعالى كأن يقال للملك مثلاً إن عمر فلان مثلاً مائة إن وصل رحمه وستون أن قطعها. وقد سبق في علم الله تعالى أنه يصل أو يقطع فالذي في علم الله تعالى "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"(39 من سورة الرعد). فالمحو والإثبات بالنسبة إلى ما في علم الملك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة، ويقال له القضاء المبرم، ويقال للأول القضاء المعلق، والوجه الأول أليق بلفظ حديث الباب "وينسأ له في أثره" فإن الأثر ما يتبع الشيء، فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور. وقال الطيبي: الوجه الأول أظهر، وإليه يشير كلام صاحب الفائق قال: ويجوز أن يكون المعنى الله يبقى أثر واصل الرحم في الدنيا طويلاً فلا يضمحل سريعاً كما يضمحل أثر قاطع الرحم، ولما أنشد أبو تمام قوله في بعض المراثي:
توفيت الآمال بعد محمد
…
وأصبح في شغل عن السفر السفر
قال له أبو دلف: لم يمت من قيل فيه هذا الشعر، ومن هذه المادة قول الخليل عليه السلام "واجعل لي لسان صدق في الآخرين".
وقد تردد في تفسيره وجه ثالث: فأخرج الطبراني في الصغير بسند ضعيف عن أبي الدرداء، قال ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم "من وصل رحمه أنسيء له في أجله" فقال إنه ليس زيادة في عمره، قال الله تعالى:"فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة .. الآية" ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده. =
[ينسأ] بضم الياء وتشديد السين المهملة مهموزاً: أي يؤخر له في أجله.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "من سَرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقِهِ، وأن يُنَسَّأ له في أثره، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه البخاري والترمذي، ولفظه:"قال: تعلموا من أنسابكم ما تَصِلُونَ به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبةٌ في الأهل مَثْرَاةٌ (1) في المال مُنَسَّأةٌ في الأثر" وقال حديث غريب، ومعنى منسأة في الأثر، يعني به الزيادة في العمر انتهى. رواه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة كلفظ الترمذي بإسناد لا بأس به.
4 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سَرَّهُ أن يُمد له في عمره، ويوسع له في رزقهِ، ويُدفعَ عنه مِيتَةُ السوء، فليتقِ الله، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده، والبزار بإسناد جيد والحاكم.
5 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مكتوبٌ في التوراةِ: من أحب أن يُزاد في عمره، ويُزاد في رزقه فَلْيَصِلْ رحمهُ" رواه البزار بإسناد لا بأس به والحاكم وصححه.
6 -
ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سمعه يقول: "إن الصدقة، وصلة الرحم يزيدُ الله بهما في العمر، ويدفعُ بهما ميتة السوء، ويدفعُ بهما المكروهَ والمحذور" رواه أبو يعلى.
7 -
وعن رجلٍ من خَثْعَمٍ قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في نفرٍ من أصحابه، فقلتُ: أنت الذي تزعمُ أنك رسول الله؟ قال: نعم. قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ قال: الإيمان بالله. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ (2)؟
= وجزم ابن فورك بأن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله، وقال غيره في أعم ذلك وفي وجود البركة في رزقه وعلمه ونحو ذلك. أهـ ص 321 جـ 10.
(1)
مكثرة.
(2)
زدني.
قال: ثم صلة الرحم. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ؟ قال: ثم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. قال: قلتُ: يا رسول الله أي الأعمال أبغضُ إلى الله؟ قال: الإشراك بالله. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ؟ قال: ثم قطيعةُ الرحم. قال: قلتُ: يا رسول الله ثم مَهْ؟ قال: ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف" رواه أبو يعلى بإسناد جيد.
8 -
وعن أبي أيوب رضي الله عنه: "أن أعرابياً عَرَضَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في سفرٍ، فأخذ بخطام (1) ناقته أو بزمامها (2) ثم قال: يا رسول الله أو يا محمد: أخبرني بما يقربني من الجنة، ويُباعدني من النار؟ قال: فَكَفَّ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نظر في أصحابه، ثم قال: لقد وُفِّقَ (3) أو لقد هُدِيَ، قال: كيف قلتَ؟ قال: فأعادها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبدُ الله ولا تُشركُ به شيئاً وتُقيمُ الصلاةَ، وتؤتي الزكاة، وتصلُ الرحم، دَعِ الناقةَ".
9 -
وفي رواية: "وتَصِلُ ذا رَحِمِكَ، فلما أدبرَ (4) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن تَمَسَّكَ (5) بما أمرتهُ به دخل الجنة" رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
10 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لَيُعَمِّرُ بالقومِ الديارَ، ويُثَمِّرُ (6) لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بُغضاً لهم، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: بصلتهم أرحامهم" رواه الطبراني بإسناد حسن والحاكم، وقال: تفرد به عمران بن موسى الرملي الزاهد عن أبي خالد، فإن كان حفظه فهو صحيح.
11 -
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إنه من أُعْطِيَ حظهُ من الرفقِ فقد أُعطِيَ حظهُ من خير الدنيا والآخرة، وصلةُ الرحم، وحُسنُ
(1) الحبل الذي يوضع على مقدم الأنف والفم، وخطم الطائر منقاره.
(2)
الحبل الذي تساق منه: أي المقود، وأصله الخيط الذي يشد في البرة أو في الخشاش، والمعنى مد يده إلى حبل الناقة.
(3)
ألهمه الله الرشد.
(4)
ولى.
(5)
عقد الخناصر على الطاعة ووطد العزيمة على القيام بهذه الأوامر.
(6)
وينمي.
الجوار، أو حُسْنُ الخُلق يُعَمِّرَانِ (1) الديار، ويزيدان في الأعمار" رواه أحمد، ورواته ثقات، إلا أن عبد الرحمن بن القاسم لم يسمع من عائشة.
12 -
ورويَ عن دُرَّةَ بنت أبي لهبٍ رضي الله عنها قالت: "قلتُ: يا رسول الله من خَيْرُ الناس؟ قال: أتقاهم للرب، وأوصلهم للرحم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر" رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، والبيهقي في كتاب الزهد وغيره.
13 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير: أوصاني أن لا أنظر إلى من هو فوقي (2)، وأن أنظرُ إلى من هو دوني (3) وأوصاني بحب المساكين، والدنو منهم (4)، وأوصاني أن أصِلَ رحمي، وإن أدْبَرَتْ (5) وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائمٍ (6)، وأوصاني أن أقول الحق، وإن كان مُرّاً، وأوصاني أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنزٌ من كنوز الجنة" رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه واللفظ له.
خير الناس أتقاهم للرب وأوصلهم للرحم
14 -
وعن ميمونة رضي الله عنها: "أنها أعتقت وليدةً لها، ولم تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشَعَرْتَ يا رسول الله أني أعتقتُ وليدتي؟ قال: أوَ فَعلتِ؟ قالت: نعم. قال: أما أنك لو أعطيتها أخوالكِ كان أعظمَ لأجركِ (7) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
وتقدم في البر حديث ابن عمر قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: إني أذنبتُ ذنباً عظيماً فهل لي من توبةٍ؟ فقال: هل لك من أمٍ؟ قال: لا. قال: فهل لك من خالةٍ؟ قال: نعم. قال: فَبِرَّهَا (8) " رواه ابن حبان والحاكم.
15 -
ورويَ عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) يسببان لها العمران ويجعلان فيها الخير.
(2)
أكثر مني غنى وصحة.
(3)
أقل مني مالاً وصحة.
(4)
القرب منهم.
(5)
قطعت مودتها وجفت.
(6)
عتاب عاتب.
(7)
أي لو منحت هذه الجارية خادمة لأخوالك زادك الله ثواباً جليلاً بسبب صلة رحمك.
(8)
أحسن إليها ليزداد ثوابك.
ثلاثٌ مُتعلقاتٌ بالعرش: الرحم (1) تقول: اللهم إني بك فلا أُقْطَعُ، والأمانةُ تقول: اللهم إني بك فلا أُخَانُ، والنعمةُ تقولُ: اللهم إني بك فلا أُكْفَرُ (2) " رواه البزار.
الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله .. الحديث
16 -
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرحمُ مُتعلقةٌ (3) بالعرش تقول: من وصلني وَصَلَهُ الله، ومن قطعني قطعهُ الله" رواه البخاري ومسلم.
17 -
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل: أنا الله وأنا الرحمن خلقتُ الرحم، وشققتُ لها اسماً من اسمي، فمن وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، ومن قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ، أو قال بَتَتُّهُ (4) " رواه أبو داود والترمذي من رواية أبي سلمة عنه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[قال الحافظ] عبد العظيم: وفي تصحيح الترمذي له نظر، فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئاً، قاله يحيى بن معين وغيره، ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه من حديث معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن روّاد الليثي عن عبد الرحمن بن عوف، وقد أشار الترمذي إلى هذا، ثم حكى عن البخاري أنه قال: وحديث معمر خطأ، والله أعلم.
18 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خَلَقَ (5) الخلقَ حتى إذا فرغ منهم قامتِ الرحمُ،
(1) القرابة.
(2)
فلا أجحد، ثلاثة يحافظ الإنسان على القيام بأدائها بإخلاص لله تعالى رجاء النجاح وزيادة الرزق وحسن السمعة:
(أ) صلة الرحم.
(ب) أداء الأمانة.
(جـ) شكر المنعم سبحانه وتعالى على نعمه الكثيرة وأداء الواجبات عليها. قال تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنكم" من سورة إبراهيم.
(3)
تمثيل إلى أنها كثيرة الرجاء مستعينة بالله تعالى طالبة زيادة رحمته سبحانه وتعالى بالواصل وانتقامه من القاطع.
(4)
بتته كذا (د وع ص 163 - 2)، وفي (ن د): أبنته بمعنى قطعته وفصلته.
(5)
في باب "من وصل وصله الله" أي وصل رحمه قال في الفتح. قال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون المراد بالخلق جميع المخلوقات، ويحتمل أن يكون المراد به المكلفين، وهذا القول يحتمل أن يكون بعد خلق السموات والأرض وإبرازهما في الوجود، ويحتمل أن يكون بعد خلقهما كتباً في اللوح المحفوظ، =
فقالت (1): هذا مقام العائذِ بك من القطيعة. قال: نعم أما تَرْضَيْنَ أن أصِلَ من وَصَلَكِ (2)،
وأقطع من قطعكِ؟ قالت: بلى. قال: فذاك لكِ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ أنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُمْ، أولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأصَمَّهُمْ وَأعْمَى أبْصَارَهُمْ) " رواه البخاري ومسلم.
19 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرحم شُجْنَةٌ (3) من الرحمنِ تقولُ: يا ربِّ إني قُطِعْتُ، يا رب إني أُسِيءَ إليَّ، يا رب إني ظُلِمتُ، يا رب، فَيُجِيبُهَا: ألا تَرْضَيْنَ أن أصِلَ من وَصَلَكِ، وأقْطَعَ من قَطَعَكِ" رواه أحمد بإسناد جيد قوي، وابن حبان في صحيحه.
= ولم يبرز بعد إلا اللوح والقلم، ويحتمل أن يكون بعد انتهاء خلق أرواح بني آدم عند قوله تعالى:"ألست بربكم" لما أخرجهم من صلب آدم عليه السلام مثل الذر. أهـ ص 321 جـ 10.
(1)
قال ابن أبي جمرة يحتمل أن يكون بلسان الحال، ويحتمل أن يكون بلسان المقال قولان مشهوران والثاني أرجح، وعلى الثاني، فهل تتكلم كما هي، أو يخلق الله لها عند كلامها حياة وعقلاً؟ قولان أيضاً مشهوران والأول أرجح لصلاحية القدرة العامة لذلك. قال في الفتح قال عياض: يجوز أن يكون الذي نسب إليه القول ملكاً يتكلم على لسان الرحم.
(2)
قال ابن أبي جمرة: الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه، وإنما خاطب الناس بما يفهمون، ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال؛ وهو القرب منه وإسعافه بما يريد ومساعدته على ما يرضيه، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده، قال وكذا القول في القطع وهو كناية عن حرمان الإحسان. وقال القرطبي: أي لو كانت الرحم ممن يعقل ويتكلم لقالت كذا، ومثله "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً" الآية، وفي آخرها "تلك الأمثال نضربها للناس" من سورة الحشر، فمقصود هذا الكلام الإخبار بتأكد أمر صلة الرحم، وأنه تعالى أنزلها منزلة من استجار به فأجاره فأدخله في حمايته، وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول، وقد قال صلى الله عليه وسلم "من صلى الصبح فهو في ذمة الله وإن من يطلبه الله بشيء من ذمته يدركه ثم يكبه على وجهه في النار" أخرجه مسلم. أهـ.
(3)
المعنى أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها فالقاطع لها منقطع من رحمة الله. وقال الإسماعيلي: معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة، وليس معناه أنها من ذات الله، تعالى عن ذلك، قال القرطبي: الرحم التي توصل عامة وخاصة فالعامة رحم الدين، وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وأما الرحم الخاصة فتزيد النفقة على القريب وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك كما في الحديث الأول من كتاب الأدب الأقرب فالأقرب. وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفاراً أو فجاراً فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. أهـ ص 322 جـ 10.
20 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرحمُ حَجَنَةٌ مُتَمَسِّكَةٌ بالعَرْشِ تَكَلَّمُ بلسان ذُلَقٍ (1): اللهم صِلْ من وَصَلَنِي، واقطعْ من قَطَعَنِي، فيقولُ اللهُ تبارك وتعالى: أنا الرحمن الرحيم، وإني شَقَقْتُ للرحم من اسمي، فمن وصلها وصَلْتُهُ، ومن بَتَكَهَا بَتَكْتُهُ" رواه البزار بإسناد حسن.
[الحجنة] بفتح الحاء المهملة والجيم وتخفيف النون: هي صنارة المغزل، وهي الحديدة العقفاء التي يعلق بها الخيط ثم يفتل الغزل، وقوله: من بتكها بتكته: أي من قطعها قطعته.
21 -
وعن سعيد بن زيدٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من أرْبَى الربا (2) الاسْتِطالةَ في عِرْضِ المسلمِ بغيرِ حقٍ، وإن هذه الرحم شُجْنَة من الرحمن عز وجل، فمن قطعها حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجنة" رواه أحمد والبزار، ورواة أحمد ثقات.
[قوله: شجنة من الرحمن] قال أبو عبيد: يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، وفيها لغتان شجنة بكسر الشين وبضمها وإسكان الجيم.
22 -
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الوَاصِلُ بالمكافئ (3)، ولكن الواصل الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا (4) " رواه البخاري واللفظ له وأبو داود والترمذي.
(1) ذلق: طلق، بضم الذال: أي فصيح بليغ، هكذا جاء في الحديث على وزن فعل بوزن صرد، يقال طلق ذلق وطلق ذلق، وطليق ذليق، ويراد بالجميع المضاء والنفاذ، وذلق كل شيء حده. أهـ نهاية.
(2)
من أكثر المحرمات ذنوباً.
(3)
الذي يعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير كما في رواية "ليس الواصل أن تصل من وصلك، ذلك القصاص ولكن الوصال أن تصل من قطعك".
(4)
قال في الفتح: أي الذي إذا منع أعطى، وقطعت. قال الطيبي: المعنى ليست حقيقة الواصل، ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله، ولكن من يتفضل على صاحبه. وقال ابن حجر في الفتح: وقال شيخنا في شرح الترمذي المراد بالواصل في هذا الحديث الكامل، فإن في المكافأة نوع صلة بخلاف من إذا وصله قريبه لم يكافئه، فإن فيه قطعاً بإعراضه عن ذلك، وهو من قبيل ليس الشديد بالصرعة، وليس الغنى عن كثرة العرض. أهـ. وأقول لا يلزم من نفى الوصل ثبوت القطع فهم ثلاث درجات: مواصل، ومكافئ، وقاطع، فالواصل من يتفضل ولا يتفضل عليه، والمكافئ الذي يزيد في الإعطاء على ما يأخذ، والقاطع الذي =
23 -
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمَّعَةً، تقولون. إن أحسنَ الناسُ أحْسَنَّا، وإن ظلموا ظَلَمْنَا، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم، إن أحْسَنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساءوا أن لا تَظْلِمُوا (1) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
[قوله: إمعة] هو بكسر الهمزة وتشديد الميم وفتحها وبالعين المهملة، قال أبو عبيد: الإمعة هو الذي لا رأي معه، فهو يتابع كل أحد على رأيه.
24 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً قال يا رسول الله: إني لي قرابةً أصِلُهُمْ ويقطعوني، وأُحسنُ إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحْلُمُ عليهم، ويجهلون عليَّ، فقال إن كنت كما قلتَ، فكأنما تُسِفُّهُمُ المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم مادمت على ذلك" رواه مسلم.
[المل] بفتح الميم وتشديد اللام: هو الرماد الحار.
25 -
وعن أم كلثومٍ بنت عقبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصدقة الصدقةُ على ذي الرحم الكاشح" رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
ومعنى [الكاشح]: أنه الذي يضمر عداوته في كشحه، وهو خصره، يعني أن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه، وهو في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: وَتَصِلُ من قَطَعَكَ.
26 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه حاسَبَهُ الله حساباً يسيراً، وأدخلهُ الجنة برحمته. قالوا: وما هي
= يتفضل عليه ولا يتفضل وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك تقع بالمقاطعة من الجانبين فمن بدأ حينئذ فهو الواصل، فإن جوزي سمى من جازاه مكافئاً، والله أعلم. أهـ. ص 327 جـ 10.
(1)
أي كن ذا عزيمة قوية في الخير وذا رأي سديد وقوة فكرٍ ماضية في الصالحات، ولا تتبع الناس في الإفساد والجور كما قال الشاعر: ولست بإمعة في الرجال يسائل هذا وذا ما الخبر.
يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ قال: تُعْطي من حَرَمَكَ، وتَصِلُ من قَطَعَكَ، وتعفُو عمن ظلمكَ، فإذا فعلت ذلك يدخلك الله الجنة" رواه البزار والطبراني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
[قال الحافظ]: وفي أسانيدهم سليمان بن داود اليماني واهٍ.
صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك
27 -
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثم لَقِيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ن فأخذتُ بيده، فقلتُ يا رسول الله: أخبرني بفواضلِ الأعمال، فقال: يا عقبة صِلْ من قطعكَ، وأعطِ من حرمكَ، وأعرضْ عمن ظلمكَ" وفي رواية: "واعف عمن ظلمك" رواه أحمد، والحاكم. وزاد:"ألا ومن أراد أن يُمَدَّ في عُمُرِهِ، وَيُبْسَطَ في رزقه فليصل رحمهُ" ورواة أحد إسنادي أحمد ثقات.
28 -
وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلك على أكرم أخلاق الدنيا والآخرة: أن تصل من قطعك، وتُعطي من حرمك، وأن تعفو عمن ظلمك" رواه الطبراني في الأوسط من رواية الحارث الأعور عنه.
29 -
وعن معاذ بن أنسٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك" رواه الطبراني من طريق زبان بن فائد.
30 -
ورويَ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يرفعُ الله به الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: تَحْلُمُ (1) على من جهل عليك، وتعفو (2) عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك، وتَصِلُ من قطعك" رواه البزار والطبراني إلا أنه قال في أوله: ألا أُنبئكم بما يُشَرِّفُ الله به البُنيانَ، ويرفعُ به الدرجات؟ فذكره.
(1) لا تغضب وتتأنى ولا تشتم.
(2)
تسامح وتغفر.
أسرع الخير ثواباً البر وصلة الرحم
31 -
ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرعُ الخير ثواباً البر، وصلة الرحم، وأسرع الشر عقوبة البغي (1)، وقطيعةُ الرحم" رواه ابن ماجة.
32 -
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنبٍ أجدر أن يُعَجِّلَ الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخرُ (2) له في الآخرةِ من البغي، وقطيعة الرحم" رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
33 -
ورواه الطبراني فقال فيه: "من قطيعة الرحم والخيانة والكذب، وإن أعَجَلَ البر ثواباً لَصِلَةُ الرحمِ حتى إن أهل البيتِ ليكونونَ فَجَرَةً فتنمو أموالهم، ويَكْثُرُ عددهم إذا تواصلوا" ورواه ابن حبان في صحيحه، ففرّقه في موضعين، ولم يذكر الخيانة والكذب، وزاد في آخره: وما من أهل بيتٍ يتواصلون فيحتاجون.
34 -
ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه قال: "الطابعُ مُعَلَّقٌ بقائمةِ العرشِ، فإذا اشتكت الرحمُ، وعُمِلَ بالمعاصي، واجْتُرِئ على الله بعث الله الطابعَ فيطبعُ على قلبه، فلا يعقلُ بعد ذلك شيئاً" رواه البزار واللفظ له والبيهقي، وتقدم لفظه في الحدود، وقال البزار: لا نعلم رواه عن التيمي، يعني سليمان، لا سليمان بن مسلم، وهو بصري مشهور.
35 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعمال بني آدم تُعرضُ كُلَّ خميسٍ ليلةَ الجمعةِ، فلا يُقْبَلُ عملُ قاطعِ رحمٍ" رواه أحمد، ورواته ثقات.
36 -
ورويَ عن عائشةَ رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاني جبريل عليه السلام فقال: هذه ليلةُ النصف من شعبانَ، ولله فيها عُتقاء من النار
(1) الظلم.
(2)
يكنز.
بعددِ شُعُورِ غنمِ (1)
كلبٍ لا ينظرُ الله فيها إلى مُشركٍ، ولا إلى مُشاحنٍ، ولا إلى قاطعِ رحمٍ، ولا إلى مُسْبلٍ (2)، ولا إلى عاقٍ لوالديه، ولا إلى مُدمنِ خمرٍ" رواه البيهقي في حديث يأتي بتمامه في الهاجر إن شاء الله.
37 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطعُ الرحمِ، ومُصَدِّقٌ بالسِّحْرِ" رواه ابن حبان وغيره، وتقدم بتمامه في شرب الخمر.
وتقدم فيه أيضاً حديث أبي أمامة: "يبيتُ قومٌ من هذه الأمة على طُعْمٍ وَشُرْبٍ وَلَهْوٍ وَلَعِبٍ، فيصبحوا قد مُسخوا قردةً وخنازيرَ بِشُربهم الخمرَ، ولُبسهمُ الحريرَ، واتخاذهمُ القينات، وقطعيتهم الرحم".
يا معشر المسلمين اتقوا الله وصلوا أرحامكم
38 -
وعن جبير بن مُطعمٍ رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخلُ الجنة قاطعٌ. قال سفيان: يعني قاطع رحمٍ (3) " رواه البخاري ومسلم والترمذي.
وتقدم في اللباس حديث جابر رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونحن مجتمعون، فقال: يا معشر (4) المسلمين اتقوا الله وَصِلُوا أرحامكم، فإنه ليس من ثوابٍ أسرعُ من صلة الرحم (5)، وإياكم والبغيَ (6)،
فإنه ليس من عقوبةٍ أسرعُ من عقوبةِ بَغْيٍ، وإياكم وعقوق الوالدين، فإن ريحَ الجنة تُوجدُ من مسيرة ألف عامٍ، والله لا يجدها عاقٌ، ولا قاطعُ رحمٍ، ولا جارٌّ إزاره خُيلاء، إنما الكبرياء لله رب العالمين".
39 -
وعن الأعمش قال: "كان ابن مسعودٍ رضي الله عنه جالساً بعد الصبحِ
(1) المعنى أنها كثيرة العدد.
(2)
أرخى إزاره كبراً.
(3)
قاطع رحم كذا (ط وع ص 166 - 2) وفي (ن د): قاطع الرحم.
(4)
جماعة.
(5)
يكافئ الله تعالى واصل رحمه بزيادة الخير بسرعة.
(6)
الظلم وعقابه يلمسه الظالم في حياته قبل موته بخراب داره أو يتم أطفاله أو نزع النعمة منه، وهكذا.
قال المغيرة بن حنين:
سأترك منزلي لبني تميم
…
وألحق بالحجاز فأستريحا
الفعل منصوب بعد فاء السببية ولم تسبق بأمور قول الشاعر:
مر وانه سل واعرض لحضهم
…
تمن وارج كذاك النفي قد كملا
في حلقةٍ، فقال: أُنْشِدُ اللهَ قاطعَ رحمٍ (1) لما قام عنا، فإنا نُريدُ أن تدعو ربنا، وإن أبواب السماء مرْتَجةٌ دون قاطعِ رحمٍ" رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في الصحيح إلا أن الأعمش لم يدرك ابن مسعود.
[مرتجة] بضم الميم وفتح التاء المثناة فوق وتخفيف الجيم: أي مغلقة.
40 -
ورويَ عن عبد الله بن أوْفَى رضي الله عنهما قال: "كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا يجالسنا اليوم قاطعُ رحمٍ، فقام فتى من الحلقةِ، فأتى خالةً له قد كان بينهما بعضُ الشيء، فاستغفرَ لها، واستغفرت له، ثم عاد إلى المجلسِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرحمة لا تنزلُ على قومٍ فيهم قاطعُ رحمٍ" رواه الأصبهاني.
41 -
ورواه الطبراني مختصراً: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تنزلُ (2)
على قومٍ فيهم قاطعُ رحمٍ".
(1) أحلف بالله يا قاطع رحمه أن تذهب بعيداً منا، لأن رحمة الله مقفلة أبوابها أمامك أيها المسيء إلى أقاربك.
(2)
نزول رحمة، ولا تدعو لقاطع رحم.
الآيات الواردة في الحث على صلة الرحم:
(أ) قال تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً"(1: من سورة النساء).
(ب) وقال تعالى: "وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا"(26 - 27 من سورة الإسراء).
(جـ) وقال تعالى: "والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار"(25 من سورة الرعد).
(د) وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون"(6 من سورة التحريم).
(هـ) وقال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله"(36 من سورة النساء).
(و) وقال تعالى: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً"(58 من سورة الأحزاب). =