الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في الرفق والأناة والحلم
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله
= والحق والباطل في الاعتقادات، وبين الجميل والقبيح في الأفعال، وبذا تجنى ثمرة الحكمة التي هي رأس الأخلاق الحسنة كما قال تعالى:"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً" من سورة البقرة.
وقوة الغضب يصير انقباضها وانبساطها على حد ما تقتضيه الحكمة، وكذلك الشهوة حسنها وصلاحها تحت إشارة الحكمة: أي العقل والشرع وقوة العدل فهو ضبط الشهوة والغضب تحت إشارة العقل والشرع، فالعقل مثاله مثال الناصح المشير وقوة العدل هي القدرة ومثالها مثال المنفذ الممضي لإشارة العقل، والغضب هو الذي تنفذ فيه الإشارة ومثاله مثال كلب الصيد، فإنه يحتاج إلى أن يؤدب حتى يكون استرساله وتوقفه بحسب الإشارة لا بحسب هيجان شهوة النفس، والشهوة مثالها مثال الفرس الذي يركب في طلب الصيد، فإنه تارة يكون مروضاً مؤدباً، وتارة يكون جموحاً، فمن استوت فيه هذه الخصال، واعتدلت فهو حسن الخلق مطلقاً. وأمهات محاسن الأخلاق الحكمة والشجاعة والعفة والعدل، ولم يبلغ كمال الاعتدال فيها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس بعده عليه الصلاة والسلام متفاوتون في القرب والبعد منه، فكل من قرب منه في هذه الأخلاق، فهو قريب من الله تعالى بقدر قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن اتصف بأضادها قرب من الشيطان اللعين المبعد، وقد بعث صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، وقد أشار القرآن إلى هذه الأخلاق في أوصاف المؤمنين فقال تعالى:"إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون"(15 من سورة الحجرات).
فالإيمان بالله ورسوله من غير ارتياب هو قوة اليقين وهو ثمرة العقل ومنتهى الحكمة، والمجاهدة بالمال هو السخاء الذي يرجع إلى ضبط قوة الشهوة، والمجاهدة بالنفس هي الشجاعة التي ترجع إلى استعمال قوة الغضب على شرط العقل وحد الاعتدال، فقد وصف الله تعالى الصحابة فقال:"أشداء على الكفار رحماء بينهم" من سورة الفتح. إشارة إلى أن للشدة موضعاً، وللرحمة موضعاً، فليس الكمال في الشدة بكل حال، ولا في الرحمة بكل حال. أهـ ص 48 جـ 3 إحياء بتصرف.
آيات حُسن الخلق:
(أ) قال تعالى: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون"(1 - 10 من سورة المؤمنون).
(ب) وقال تعالى: "التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين"(112 من سورة التوبة).
(جـ) وقال عز وجل: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم"(4 من سورة الأنفال). =
رفيقٌ (1) يُحِبُّ الرفق في الأمر كُلِّهِ" رواه البخاري ومسلم.
2 -
وفي رواية لمسلم: "إن الله رفيقٌ يحب الرفق، ويُعطي على الرفقِ (2) ما لا يُعطى على العنف، وما لا يُعطى على سواهُ".
3 -
وعنها أيضاً رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكونُ في شيء إلا زانهُ، ولا يُنزعُ من شيء إلا شانهُ" رواه مسلم.
= (د) وقال تعالى: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً"(63 من سورة الفرقان إلى آخر السورة). قال الغزالي: فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات، فوجود جميع هذه الصفات علامة على حسن الخلق، وفقد جميعها علامة سوء الخلق، ووجود بعضها دون بعض يدل على البعض دون البعض، فليشتغل بتحصيل ما فقده وحفظ ما وجده. أهـ ص 60 جـ 3 إحياء.
(هـ) وقال تعالى: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين"(159 من سورة آل عمران).
(و) وقال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم"(71 من سورة التوبة).
(ز) وقال تعالى: "ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين"(55 من سورة القصص).
(ح) وقال تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"(199 من سورة الأعراف).
وللإمام الشافعي رضي الله عنه:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
…
كما أن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني
…
ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتي
…
وإن تنأ عني تلفني عنك نائياً
كلانا غنى عن أخيه حياته
…
ونحن إذا متنا أشد تغانيا
لا تيأسن من اللبيب وإن جفا
…
واقطع حبالك من حبال الأحمق
فعداوة من عاقل متجمل
…
أولى وأسلم من صداقة أخرق
(1)
متصف بصفات الرأفة والرحمة. رفيق فعيل بمعنى فاعل. وقال المازري: رفيق صفة فعل، وهي ما يخلقه الله تعالى من الرفق لعباده. وقال النووي: فيه تصريح بتسميته سبحانه وتعالى ووصفه برفيق، وفيه فضل الرفق والحث على على التخلق به، وذم العنف. أهـ ص 145 جـ 10 وفي النهاية: الرفق لين الجانب، وهو خلاف العنف، وهو سبب كل خير.
(2)
قال النووي: أي يثيب عليه ما لا يثيب على غيره، وقال القاضي: معناه يتأتى به من الأغراض، ويسهل من المطالب ما لا يتأتى بغيره. أهـ، وفي الفتح: أي يتأتى معه من الأمور ما يتأتى مع ضده. والرفق لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل. أهـ ص 345 جـ 10.
الرفق يمن والخرق شؤم
4 -
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل لَيُعْطِي على الرفق ما لا يُعطي على الخرْقِ، وإذا أحَبَّ الله عبداً أعطاهُ الرفقَ، ما من أهل بيتٍ يُحْرَمُونَ (1) الرفق إلا حُرِمُوا" رواه الطبراني، ورواته ثقات ورواه مسلم وأبو داود مختصراً:"من يُحرمُ الرفق يُحرمُ الخير" زاد أبو داود: كُلَّهُ.
5 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أُعطيَ حظهُ من الرفق فقد أُعطيَ حظهُ من الخير، ومن حُرمَ حظهُ من الرفقِ فقد حُرمَ حظهُ من الخير" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
6 -
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يُحبُ الرفقَ، ويرضاه، ويُعينُ عليه ما لا يُعينُ على العنف" رواه الطبراني من رواية صدقة بن عبد الله السمين: وبقية إسناده ثقات.
7 -
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "يا عائشة ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيتٍ خيراً أدخل عليهم الرفق" رواه أحمد والبزار من حديث جابر، ورواتهما رواة الصحيح.
8 -
ورويَ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرفقُ يَمْنٌ، والخرقُ (2) شؤمٌ" رواه الطبراني في الأوسط.
9 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أُعطيَ أهلُ بيتٍ الرفق إلا نفعهم" رواه الطبراني بإسناد جيد.
10 -
ورويَ عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ من كنَّ فيه نشر الله عليه (3) كَنَفَهُ، وأدخلهُ جنتهُ: رِفْقٌ بالضعيف، وشفقةٌ على الوالدين، وإحسانٌ إلى المملوك" رواه الترمذي، وقال حديث غريب.
(1) يحرمون الرفق إلا حرموا كذا (ع ص 198 - 2)، وفي (ن ط): إلا حرموا الخير، وفي (ن د): يحرمون الرفق إلا حرموا خيراً.
(2)
الجهل والحمق والقسوة والفظاظة.
(3)
أحاطه بحفظه.
ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه
11 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء قط إلا زانهُ، ولا كان الخرقُ في شيء قط إلا شانهُ، وإن الله رفيقٌ يُحبُّ الرفقَ" رواه البزار بإسناد لين، وابن حبان في صحيحه، وعنده الفُحْشُ مكان الخُرْق، ولم يقل: وإن الله إلى آخره.
12 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بال أعرابيٌ في المسجد فقام الناسُ إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دَعُوهُ (1) وَأرِيقُوا (2)
على بَوْلِهِ سَجْلاً، من ماء، أو ذَنُوباً من ماء، فإنما بعثتم مُيسرين (3)، ولم تُبعثوا مُعَسِّرينَ" رواه البخاري.
[السجل]: بفتح السين المهملة وسكون الجيم: هي الدلو الممتلئة ماء.
[والذنوب] بفتح الذال المعجمة مثل السَّجْل، وقيل: هي الدلو مطلقاً سواء كان فيها ماء أو لم يكن، وقيل: دون الملآى.
13 -
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَسروا (4)، ولا تُعسروا، وبشروا (5) ولا تُنفروا" رواه البخاري ومسلم.
14 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قطُّ إلا أخذ أيسرهما (6) ما لم يكن إثماً (7)، فإن كان ثَمَّ (8) إثمٌ كان أبعدَ الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حُرمةُ الله، فينتقم لله تعالى" رواه البخاري ومسلم.
التأني من الله والعجلة من الشيطان
15 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) اتركوه رأفة به.
(2)
صبوا، أمرهم صلى الله عليه وسلم بنظافة المسجد بلا أذى رفقاً به. ديمقراطية وكرامة وعزة الإسلام.
(3)
آخذين باليسر.
(4)
افعلوا الهين اللين اليسر.
(5)
قدموا البشرى والفأل الحسن.
(6)
أسهلها.
(7)
ذنباً.
(8)
هناك، وفي مختار الإمام مسلم: فيه استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حراماً أو مكروهاً، والحث على الحلم والعفو واحتمال الأذى والانتصار لدين الله تعالى ممن فعل محرماً. أهـ ص 345 جـ 2
"ألا أُخْبِرُكُمْ بمن يُحَرَّمُ (1) على النار، أو بمن تُحَرَّمُ عليه النار؟ تُحَرَّمُ على كل هينٍ لَيِّنٍ سهلٍ (2) " رواه الترمذي، وقال حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، ولفظه في إحدى رواياته:"إنما تَحْرُمُ النارُ على كل هَيِّنٍ لَيِّنٍ قريبٍ سهلٍ".
16 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التأني (3)
من الله، والعجلةُ من الشيطان، وما أحدٌ أكثر معاذيرَ من الله، وما من شيء أحبُّ إلى الله من الحمدِ" رواه أبو يعلى، ورواته رواة الصحيح.
17 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ: "إن فيك لَخَصْلَتَيْنِ يُحبهُمَا ورسولهُ: الحلمَ والأناةَ" رواه مسلم.
18 -
ورويَ عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جَمَعَ الله الخلائق نادى مُنادٍ أين أهلُ الفضلِ؟ قال: فيقومُ ناسٌ وهم يسيرٌ، فينطلقون سراعاً إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكةُ، فيقولون: إنا نراكم سراعاً إلى الجنة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظُلمنا صبرنا، وإذا أُسيء إلينا حَلُمنا (4)، فيقال لهم: ادخلوا الجنة فَنِعْمَ أجرُ العاملين" رواه الأصبهاني.
19 -
ورويَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد لَيُدْرِكُ بالْحِلْمِ درجةَ الصائمِ القائم". زاد بعض الرواة فيه: "وإنه لَيُكْتَبُ جباراً، وما يملكُ إلا أهل بيته" رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب.
20 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) يبعد عنها.
(2)
حسن المعاملة هاش باش.
(3)
التؤدة والرزانة والوقار.
(4)
حلمنا كذا (د وع ص 200 - 2) أي لا يستفزنا غضب بل نتثبت ونتروى نتحلم ونتحالم: وفي (ن ط): حملنا.
وعليه بُرْدٌ (1) نجرانيٌ غليظُ الحاشية (2)، فأدركهُ أعرابيٌ، فجذبهُ (3)
بردائهِ جَذْبَةً شديدةً، فنظرتُ إلى صَفْحَةِ عُنُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثَّرَ بها (4) حاشيةُ الرداء من شدة جَذْبَتِهِ، ثم قال: يا محمدُ مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمَرَ له بِعَطَاء (5) " رواه البخاري ومسلم.
وجبت محبة الله على من أغضب فحلم
21 -
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كأني أنظرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضَرَبَهُ قومهُ، فأدْمَوْهُ (6)، وهو يمسحُ الدم عن وجههِ، ويقولُ: اللهم اغفر (7) لقومي فإنهم لا يعلمون" رواه البخاري ومسلم.
22 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وَجَبَتْ محبةُ الله على من أُغْضِبَ (8) فَحَلُمَ" رواه الأصبهاني، وفي سنده أحمد بن داود بن عبد الغفار المصري شيخ الحاكم، وقد وثقه الحاكم وحده.
23 -
وتقدم حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُنَبِّئُكُمْ بما يُشَرِّفُ الله به البُنيان، ويرفعُ به الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تَحْلُمُ على من جَهِلَ (9) عليك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعْطِي من حرمك، وتَصِلُ من قَطَعَكَ" رواه الطبراني والبزار.
24 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(1) كساء من صنع نجران اليمن.
(2)
البطانة.
(3)
شدة بعنف (يسروا) هو أمر بالتيسير، والمراد به الأخذ بالتسكين تارة وبالتيسير أخرى من جهة أن التنفير يصاحب المشقة غالباً، وهو ضد التسكين، والتبشير يصاحب التسكين غالباً، وهو ضد التنفير. أهـ فتح ص 401 جـ 10 (ولا تنفروا): لا تذكروا شيئاً ينهزمون منه ولا تقصدوا ما فيه الشدة. أهـ قسطلاني.
(4)
أثر بها كذا (ط وع ص 200 - 2)، وفي (ن د): أثر فيها.
(5)
صدقة. لقد قابل صلى الله عليه وسلم جفوة ذلك العربي وقسوته بالحلم والرفق وأحسن إليه. قال القسطلاني: وفيه مزيد حلمه عليه الصلاة والسلام وصبره على الأذى في النفس والمال. أهـ جواهر البخاري.
(6)
أسالوا دمه.
(7)
امح ذنوبهم.
(8)
أصابه غضب فصبر وسامح وعفا، والحلم: الأناة.
(9)
سفه وساء أدبه.
"ليس الشديدُ بالصُّرَعَةِ، إنما الشديدُ الذي يملكُ نفسهُ عند الغضبِ (1) " رواه البخاري ومسلم.
[قال الحافظ]: وسيأتي باب في الغضب ودفعه إن شاء الله تعالى.
(1) أي ليس القوي الذي يصد الناس ويغلبهم. قال القسطلاني: الصرعة من يصرع الناس كثيراً بقوته فنقل إلى الذي يملك نفسه عند الغضب فإنه إذا ملكها قهر أقوى أعدائه وشر خصومه، ولذا قيل "أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك" وهذا من فصيح الكلام، لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ، وقد ثارت عليه شهوة الغضب فقهرها بحلمه وصرعها بثباته كان كالصرعة الذي يصرع الرجال، ولا يصرعونه. أهـ ص 285 جواهر. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الشجاعة والعزة في كبح جماح النفس أن تسترسل في حدتها وتنطلق في غضبها:
(أ) قال تعالى: "والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون"(27 من سورة الشورى).
(ب) وقال تعالى: "الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"(134 من سورة آل عمران). (كبائر الإثم): ما يتعلق بالبدع والشبهات، والفواحش ما يتعلق بالقوة الشهوانية (ينفقون): في حال اليسر والعسر والسرور والحزن، (والكاظمين): الممسكين لا يؤاخذون من جنى عليهم إحساناً إلى المسيء رجاء أن ينزجر.
(جـ) وقال تعالى: في بيان ذم الغضب "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين" من سورة الفتح. قال الغزالي: الآية في ذم الكفار بما تظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب بالباطل، ومدح المؤمنين بما أنزل الله عليهم من السكينة. أهـ. وقوة الغضب محلها القلب؛ ومعناها غليان دم القلب بطلب الانتقام، وقد وصف الله سبحانه وتعالى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالشدة والحمية خشية التفريط فقال عز شأنه:"أشداء على الكفار رحماء بينهم" من سورة الفتح.
وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" من سورة التحريم. ولذا قال الشافعي رحمه الله: من استغضب ولم يغضب فهو حمار. قال الغزالي: فمن فقد قوة الغضب والحمية أصلاً فهو ناقص جداً. أهـ ص 145 جـ 3
والإفراط في الغضب الخروج عن سياسة العقل والدين وطاعته، ولا يبقى للمرء معها بصيرة ونظرة وفكرة ولا اختيار. بل يصير في صورة المضطر. قال الغزالي: والمحمود غضب ينتظر إشارة العقل والدين فينبعث حيث تجب الحمية، وينطفئ حيث يحسن الحلم، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده، وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:"خير الأمور أوساطها" وثمرة الحمية الضعيفة قلة الأنفة مما يؤنف منه من التعرض للحرم والزوجة والأمة، واحتمال الذل من الأخساء وصغر النفس والقماءة، وهو أيضاً مذموم، قال صلى الله عليه وسلم:"إن سعداً لغيور وأنا أغير من سعد وإن الله أغير مني" وإنما خلقت الغيرة لحفظ الأنساب، ولو تسامح الناس بذلك لاختلطت الأنساب، ولذلك قيل كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها، ومن ضعف الغضب الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"خير أمتي أحداؤها" يعني في الدين، وقال تعالى:"ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" من سورة النور. أهـ غزالي. وقيل في قوله تعالى: (ربانيين): أي حلماء علماء، وعن الحسن في قوله تعالى:"وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً"(63 من سورة الفرقان). قال حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا. وقال عطاء بن أبي رباح =