المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٣

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

[الحمأة] بفتح الحاء المهملة، وسكون الميم بعدها همزة، وتاء تأنيث: هو الطين الأسود المنتن.

‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

1 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب (1) من استطاع منكم الباءة (2) فليتزوج فإنه أغض للبصر (3) وأحصن للفرج (4)، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاءٌ (5) " رواه البخاري ومسلم واللفظ لهما، وأبو داود والترمذي والنسائي.

2 -

وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد أن يَلْقَى الله طاهراً مطهراً فليتزوج الحرائر" رواه ابن ماجة.

3 -

وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ من سُنن المرسلين: الحناء، والتعطرُ، والسواك، والنكاح (6) " وقال بعض الرواة: الحياء بالياء، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

(1) يا طائفة الشبان أصحاب القوة والفتوة، وأصله الحركة والنشاط، قال النووي: والشاب عند أصحابنا هو من بلغ، ولم يجاوز ثلاثين سنة. أ. هـ. وإنما خص الشباب لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النكاح بخلاف الشيوخ.

(2)

الجماع لغة، واستعمل لعقد النكاح، وقال الجوهري: الباءة مثل الباعة، ومنه سمي النكاح باء وباهاً لأن الرجل يتبوأ من أهله: أي يستمكن منها كما يتبوأ من داره.

(3)

أحفظ للنظر أن يرى محارم.

(4)

وأمنع من الزنا.

(5)

قاطع للشهوة، وأصله رض الخصيتين، وفي العيني أغض: أي أشد غضاً، وأحصن: أي أشد إحصاناً له، ومنعاً من الوقوع في الفاحشة. قال النووي: معناه من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤونته، وهي مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليقطع شهوته، ويقطع شر منيه كما يقطع الوجاء، وعلى هذا القول، وقع الخطاب مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء، ولا ينفكون عنها غالباً، والقول الثاني أن المراد هنا بالباءة: مؤن النكاح، سميت باسم ما يلازمها، وتقديره من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج، ومن لم يستطع فلعيه بالصوم، قالوا: والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة فوجب تأويل الباءة بالمؤن. أ. هـ (ص 67 جـ 2 عيني). وفي باب الترغيب في النكاح في البخاري، أورد قوله تعالى:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء" أمر يقتضي الطلب، وأقل درجاته الندب.

(6)

استعمال أربعة: النبت للصبغة المسمى الحناء، والطيب بالرائحة الزكية، وعود الأراك، والزواج، يحافظ على هؤلاء الأنبياء، والمرسلون، والأولياء، والصالحون، ومن ينهج منهجهم هذا إلى فوائدهم الجليلة في الحياة.

ص: 40

الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة

4 -

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاعٌ، وخير متاعها المرأة الصالحة" رواه مسلم والنسائي وابن ماجة، ولفظه قال: إنما الدنيا متاعٌ، وليس من متاع الدنيا شيئ أفضل من المرأة الصالحة.

5 -

وعنه رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاعٌ، ومن خير متاعها امرأةٌ تُعينُ زوجها على الآخرة، مسكينٌ مسكينٌ رجلٌ لا امرأةٌ له، مسكينةٌ مسكينةٌ امرأةٌ لا زوج لها" ذكره رُزين، ولم أره في شيء من أصوله، وشطره الأخير منكر.

6 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجةٍ صالحةٍ إن أمرها أطاعتهُ، وإن نظر إليها سرَّتْهُ، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله" رواه ابن ماجة عن علي بن يزيد عن القاسم عنه.

7 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربعٌ من أعْطِيَهُنَّ، فقد أُعْطِيَ خير الدنيا والآخرة: قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وبدناً على البلاء صابراً وزوجةً لا تبغيه حَوْباً في نفسها وماله" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناد أحدهما جيد.

[الحوب] بفتح الحاء المهملة، وتضم: هو الإثم.

8 -

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: "لما نَزَلَتْ: والذين يكنزون الذهب والفضة. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه: أُنْزِلَتْ في الذهب والفضة لو علمنا أيُّ المال خيرٌ فنتخذه؟ فقال: أفضلهُ لسانٌ ذاكرٌ، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ مؤمنةٌ تُعينهُ على إيمانه" رواه ابن ماجة، والترمذي وقال: حديث حسن، سألت محمد بن إسماعيل، يعني البخاري، فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال: لا.

9 -

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده رضي الله عنهما

ص: 41

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ سعادة (1) ابن آدم ثلاثةٌ: وَمِنْ شقاوةِ ابن آدم ثلاثةٌ: مِنْ سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة (2)، والمسكن الصالح (3)، والمركب الصالحُ (4). ومن شقاوة ابن آدم: المرأة السوء (5)، والمسكن السوء، والمركب السوء" رواه أحمد بإسناد صحيح، والطبراني والبزار، والحاكم وصححه إلا أنه قال: والمسكن الضيق، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: أربعٌ من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجارُ الصالح، والمركب الهنئ، وأربعٌ من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق.

من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة

10 -

وعن محمد بن سعيد، يعني ابن أبي وقاصٍ عن أبيه أيضاً رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثةٌ من السعادة: المرأة الصالحة تراها تُعجبكَ (6) وتغيبُ فتأمنها على نفسها (7) وَمَالِكَ، والدابةُ تكون وطيئةً (8) فَتُلْحِقُكَ بأصحابك، والدار تكون واسعةً كثيرة المرافق، وثلاثٌ من الشقاء: المرأة تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومَالِكَ، والدابة تكون قَطُوفاً، وفإن ضربتها أتعبتكَ، وإن تركتها لم تُلْحِقْكَ بأصحابك، والدار تكون ضيقةً قليلة المرافق" رواه الحاكم، وقال: تفرد به محمد، يعني ابن بكير الحضرمي، فإن كان حفظه بإسناده على شرطهما.

[قال الحافظ] محمد: هذا صدوق، وثقة غير واحد.

11 -

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رزقهُ الله امرأة صالحةً، فقد أعانهُ على شطرِ (9) دينه، فليتق الله في الشطر الباقي" رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، ومن طريقه البيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وفي رواية البيهقي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتقِ الله في النصف الباقي".

(1) رغد عيشه، وانشراح صدره وراحة باله.

(2)

التقية الطاهرة العفيفة.

(3)

الواسع النظيف.

(4)

الذلول.

(5)

الصَّخّابة الشتامة قليلة الأدب والحياء.

(6)

تفرح بها.

(7)

تحفظ عرضها ومال زوجها.

(8)

ذلول سريعة السير.

(9)

نصفه للعفاف، والإعانة على التقوى، والاستقامة والمقيم لدين المرء فرجه وبطنه.

ص: 42

12 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ حقٌ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب (1) الذي يريد الأداء، والناكحُ الذي يريد العفافُ (2) ". رواه الترمذي واللفظ له، وقال حديث حسن صحيح، وابن حبان له في صحيحه، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.

من كان موسراً لأن ينكح، ثم لم ينكح فليس مني

13 -

وعن أبي نُجَيْحٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان موسراً لأن ينكح، ثم لم ينكح فليس مني (3) " رواه الطبراني بإسناد حسن، والبيهقي، وهو مرسل، واسم أبي نجيح يسار بالياء المثناة تحت، وهو والد عبد الله بن أبي نجيح المكي.

14 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء رهطٌ (4) إلى ببوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم: فلما أُخْبِرُوا كأنهم تقالوها (5)، فقالوا: وأين نحنُ من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أُصلي الليل (6) أبداً، وقال آخرُ: أنا أصوم الدهر (7) ولا أفطر أبداً، وقال آخرُ: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: أنتم القوم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما (8) والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له (9)

لكني: أصوم، وأفطر، وأُصلي، وأرقدُ

(1) الذي يتفق مع سيده على دفع مبلغ كذا فيعتق.

(2)

الذي يريد الزواج.

(3)

أي من قدر على الزواج، ووجدت عنده المؤن وما يكفيها، ولم يتزوج فليس على طريقتي، وليس هو متبعاً سنتي، ففيه الترغيب في الزواج رجاء البر، وزيادة الرزق، والإعانة على طاعة الله، ووجود النسل.

(4)

الرهط من ثلاثة إلى عشرة، ومن رواية عبد الرزاق أن الثلاثة هم علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون.

(5)

عدوها قليلة.

(6)

أتهجد.

(7)

أي بالنهار سوى أيام العيد، وأيام التشريق، ظن أولئك رضي الله عنهم أن العبادة اجتهاد، وتفان وكثرة عمل مع مشقة، فأفهمهم الحكيم المربي، والقائد الماهر أن العبادة إخلاص لله وحده مع أخذ راحة الجسم وملذته في الحلال، والتمتع بالطيبات في حدود الشرع.

(8)

أما بتخفيف الميم حرف تنبيه.

(9)

يعني أكثر خشية، وأشد تقوى، وفي العيني: وفيه رد لما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره، فأعلمهم أنه مع كونه يشدد في العبادة غاية الشدة أخشى لله، وأتقى من الذين يشددون. أ. هـ (ص 65 جـ 2 عيني).

ص: 43

وأتزوج النساء، فمن رغب (1) عن سُنتي، فليس (2)

مني" رواه البخاري، واللفظ له ومسلم وغيرهما.

15 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُنْكَحُ المرأة (3) على إحد خِصَالٍ لجمالها، وَمَالِهَا، وَخُلُقِهَا، وَدِينِهَا، فعليك بذات الدين (4)، والخلق تربت يمينك" رواه أحمد بإسناد صحيح والبزار وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه.

(1) أعرض عنها.

(2)

أي ليس متصلاً بي قريباً مني، وفيه أن النكاح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وزعم المهلب أنه من سنن الإسلام، وأنه لا رهبانية فيه، وأنه من تركه راغباً عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مذموم مبتدع، ومن تركه من أجل أنه أرفق له، وأعون على العبادة فلا ملامة عليه، وعند أكثر العلماء أنه مندوب. أ. هـ (عيني)، وقال الشافعي: النكاح معاملة، فلا فضل لها على العبادة. أ. هـ، وقال أبو حنيفة: يجوز النكاح مع الإعسار، ولا ينتظر به حالة الثروة. أ. هـ، قال الله تعالى:"إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"، وفي العيني: النكاح لم يفضل على التخلي للعبادة بصورته، وإنما تميز عنه بمعناه في تحصين النفس، وبقاء الولد الصالح وتحقيق المنة في النسب، والصهر، فقضاء الشهوة في النكاح ليس مقصوداً في ذاته، وإنما أكد النكاح بالأمر قولاً وأكده بخلق الشهوة خلقة حتى يكون ذلك أدعى للوفاء بمصالحه، والتيسير بمقاصده. أ .. هـ، وقال ابن حجر في الفتح: والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني، ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية، فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى، وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التزموه، وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة، وإعفاف النفس، وتكثير النسل، وقوله: فليس مني إن كانت الرغبة بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه، فمعنى فليس مني: أي على طريقتي، ولا يلزم أن يخرج عن الملة، وإن كان إعراضاً وتنطعاً يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله، فمعنى فليس مني: ليس على ملتي لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر، وفي الحديث دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه، وفيه تتبع أحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم، وأنه إذا تعذرت معرفته من الرجال جاز استكشافه من النساء، وأن من عزم على عمل بر واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعاً، وفيه تقديم الحمد والثناء على الله عند إلقاء مسائل العلم، وبيان الأحكام للمكلفين، وإزالة الشبهة عن المجتهدين، وأن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة والاستحباب، وقال الطبري: فيه الرد على من منع استعمال الحلال من الأطعمة والملابس، وآثر غليظ الثياب وخشن المأكل. أ. هـ، قال تعالى:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" والحق أن ملازمة استعمال الطيبات تفضي إلى الترفه والبطر، ولا يأمن من الوقوع في الشبهات كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها، وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلاً، وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة، وعدم النشاط إلى العبادة، وخير الأمور الوسط (إني لأخشاكم لله) إشارة إلى أن العلم بالله، ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدراً من مجرد العبادة البدنية، والله أعلم. أ. هـ. (ص 84 جـ 9).

(3)

تتزوج.

(4)

المتصفة بالاستقامة ومكارم الأخلاق.

ص: 44

تنكح المرأة لأربع

إلخ

16 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُنْكَحُ المرأة لأربعٍ (1) لِمَالِها (2) وَلِحَسَبِها (3)، ولجمالها (4)، ولدينها (5)،

فاظفر بذات الدين تربت يداك (6) " رواه البخاري ومسلم، وأبو دواد والنسائي وابن ماجة.

[تربت يداك]: كلمة معناها الحث والتحريض، وقيل: هي هنا دعاء عليه بالفقر، وقيل: بكثرة المال، واللفظ مشترك بينهما قابل لكل منهما، والآخر هنا أظهر، ومعناه اظفر بذات الدين، ولا تلتفت إلى المال، أكثر الله مالك، وروى الأول عن الزهري، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال له ذلك لأنه رأى الفقر خيراً له من الغنى، والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم.

(1) لأربع خصال.

(2)

لوجود مال عندها فيستفيد الزوج منه، قال في العيني: لأنها إذا كانت صاحبة مال لا تلزم زوجها بما لا يطيق، ولا تكلفه في الإنفاق وغيره، وقال المهلب: هذا دال على أن للزوج الاستمتاع بمالها، فإنه يقصد لذلك فإن طابت به نفساً فهو له حلال، وإن منعته، فإنما له من ذلك بقدر ما بذل من الصداق. أ. هـ.

(3)

هو إخبار عن عادة الناس في ذلك، والحسب ما يعده الناس من مفاخر الآباء، ويقال الحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب، ويقال الفعال الحسنة.

(4)

لأن الجمال مطلوب في كل شيء، ولاسيما في المرأة التي تكون قرينته وضجيعته.

(5)

لاستقامتها وتعلقها بعمل الشرع، ولأن بالدين يحصل خير الدنيا والآخرة، واللائق بأرباب الديانات، وذوي المروءات أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء، ولاسيما فيما يدوم أمره، ولذلك اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم بآكد وجه وأبلغه فأمره بالظفر الذي هو غاية البغية. وقال الكرماني: فاظفر جزاء شرط محذوف: أي إذا تحققت تفضيلها فاظفر أيها المسترشد بها. وقال القرطبي: هذه الخصال ترغب في النكاح، وظاهره إباحة النكاح لقصدكن من ذلك لكن قصد الدين أولى، ولا يظن أن هذه الأربع تؤخذ منها الكفاءة. أ. هـ، وقال المهلب: الأكفاء في الدين هم المتشاكلون، وإن كان في النسب تفاضل بين الناس، وقد نسخ الله ما كانت تحكم به العرب في الجاهلية من شرف الأنساب بشرف الصلاح في الدين، فقال تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وقال مالك:"الأكفاء في الدين دون غيره، والمسلمون أكفاء بعضهم لبعض، فيجوز أن يتزوج العربي والمولى القرشية، وعزم عمر رضي الله عنه أن يزوج ابنته من سلمان رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند. فقالوا يا رسول الله أنزوج بناتنا من موالينا؟ فنزلت "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" الآية، رواه أبو داود، وقال أبو حنيفة: قريش كلهم أكفاء بعضهم لبعض، ولا يكون أحد من العرب كفؤاً لقرشي، ولا أحد من الموالي كفؤاً للعرب، ولا يكون كفؤاً من لا يجد المهر والنفقة، وفي التلويح احتج له بما رواه نافع من مولاه مرفوعاً (قريش بعضها لبعض أكفاء إلا حائك أو حجام) وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً، رواه الترمذي. أ. هـ (ص 87 جـ 3، وكذا فتح ص 106، جـ 9 ملخصاً).

(6)

في رواية: يمينك.

ص: 45

17 -

وروي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من تزوج امرأةً لِعِزِّهَا لم يزده الله إلا ذُلاً، ومن تزوجها لِمَالِهَا لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يُرِدْ بها إلا أن يَغُضَّ بصره ويُحصِّنَ فرْجَهُ أو يصل رحمهُ بارك الله له فيها وبارك لها فيه (1) " رواه الطبراني في الأوسط.

18 -

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزوجوا النساء لِحُسْنِهِنَّ فعسى حُسْنُهُنَّ أن يُرْدِيَهُنَّ (2)، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تُطغيهنَّ (3)، ولكن تزوجوهن على الدِّينِ، ولأمَةٌ خَرْمَاءُ (4)

سوداء ذات دِينٍ أفضل" رواه ابن ماجة من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم.

تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم

19 -

وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إني أصبتُ امرأةً ذات حَسَبٍ (5) ومَنْصَبٍ (6) ومَالٍ (7) إلا أنها لا تلدُ أفأتزوجها؟ فنهاهُ، ثم أتاه الثانية فقال له: مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة فقال له: تزوجود الودود (8) الولود (9)، فإني مكاثرٌ بكم الأمم" رواه أبو داود

(1) يبين صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن يتحروا الزوجة التقية النقية الطاهرة ذات الدين فطالب الزوجة لعزها أذله الله وأحوجه إليها، وكذا طالب المال افتقر لمالها، واحتاج إليه وذهب بهاؤه، وقلت هيبته، وكذا طالب الحسب، أهين، وضعف واحتقر، إنما الأفضل لطالب العيش الرغد، والحياة الزوجية السعيدة أن يطلب زوجة تزيده حصانة وورعاً، وتبعده عن المحارم والميل إلى الدنايا والتبرج، وتعينه على بر أقاربه، وصلة أهله ومودة رحمه ليضع الله البركة، ويزيد في النعم، ويكثر نسلها، ويمد بإحسانه وإنعامه.

(2)

يوقعهن موقع الهلكة.

(3)

تزيدهن تجبراً، وتكبراً، وطغياناً، وفسوقاً.

(4)

مقتطعة الأطراف، من خرمت الشيء خرماً: ثقبته، وخرمته قطعته فانخرم، وفي النهاية رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على ناقة خرماء، أصل الخرم الثقب والشق، والأخرم المثقوب الأذن، والذي قطعت وترة أنفه، أو طرفه شيئاً لا يبلغ الجدع، وقد انخرم ثقبه: أي انشق، فإذا لم ينشق، فهو أخزم والأنثى خزماء. أ. هـ.

(5)

شرف.

(6)

درجة.

(7)

ثروة.

(8)

كثيرة المحبة، فعول من الود: المحبة يقال: وددت الرجل أوده وداً: أحببته، والودود اسم من أسماء الله تعالى، فهو سبحانه مودود: أي محبوب في قلوب أوليائه، أو فعول بمعنى فاعل: أي سبحانه يحب عباده الصالحين بمعنى أنه يرضى عنهم، كذلك الزوجة ودود: خالصة الحب، والعطف، والرأفة.

(9)

كثيرة الولادة منتجة مثمرة تلد له بنين وبنات ليحيا ذكره، ويبقى أثره. قال الغزالي: اختلف العلماء في فضل النكاح فبالغ بعضهم فيه حتى زعم أنه أفضل من التخلي لعبادة الله تعالى واعترف آخرون بفضله، ولكن قدموا عليه التخلي لعبادة الله مهما لم تتق النفس إلى النكاح توقاناً يشوش الحال، ويدعو إلى الوقاع، وقال آخرون: الأفضل تركه في زماننا هذا، وقد كان فضيلة من قبل إذا لم تكن إلا كساب محظورة، وأخلاق النساء مذمومة. أ. هـ ص 20 جـ 2. =

ص: 46

والنسائي، والحاكم واللفظ له وقال: صحيح الإسناد.

= الآيات القرآنية في الترغيب في النكاح

(أ) قال الله تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"(32 من سورة النور) وهذا أمر.

(ب) وقال تعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن"(232 من سورة البقرة)، وهذا منع من العضل، ونهي عنه.

(جـ) وقال تعالى في وصف الرسل ومدحهم "ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلناهم أزواجاً وذرية" (38 من سورة الرعد، فذكر ذلك في معرض الامتنان، وإظهار الفضل.

(د) وقال اتعالى: "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما"(74 من سورة الفرقان)، سبحانه مدح أولياءه بسؤال ذلك في الدعاء، ويقال إن الله تعالى لم يذكر في كتابه من الأنبياء إلا المتأهلين، فقالوا إن يحيى صلى الله عليه وسلم قد تزوج ولم يجامع، قيل إنما فعل ذلك لنيل الفضل، وإقامة السنة، وقيل لغض البصر، وأما عيسى عليه السلام، فإنه سينكح إذا نزل الأرض ويولد له. أ. هـ. (غزالي).

فوائد النكاح وآفاته الناجمة من الانحراف عن جادة الصواب:

أولاً: الولد لأنه المقصود بهذا العقد الشرعي والتمتع البهيمي، وفي التوسل إلى الولد قربة، فلا يحب الصالح أن يلقى الله عزباً وتلبية الأمر بالزواج كما قال الغزالي:

(أ) موافقة محبة الله بالسعي في تحصيل الولد لإبقاء جنس الإنسان.

(ب) محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكثير من به مباهاته.

(جـ) طلب التبرك بدعاء الولد الصالح بعده.

(د) طلب الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله.

ثانياً: التحصن عن الشيطان، وكسر التوقان، ودفع غوائل الشهوة، وغض البصر، وحفظ الفرج.

ثالثاً: ترويح النفس، وإيناسها بالمجالسة، والنظر، والملاعبة إراحة للقلب، وتقوية له على العبادة، فإن النفس ملول، وهي عن الحق نفور، قال تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"(21 من سورة الروم)، (لتسكنوا) لتميلوا إليها وتألفوا بها، فإن الجنسية علة للضم، والاختلاف سبب التنافر (بينكم) بين الرجال والنساء بسبب الزواج حال الشبق والتعارف والتواد والتراحم، وقيل مودة كناية عن الجماع، ورحمة الولد. أ. هـ.

رابعاً: تفريغ القلب عن تدبير المنزل، والتكفل بشغل الطبخ، والكنس، والفرش، وتنظيف الأواني وتهيئة أسباب المعيشة، ولولا شهوة الوقاع لتعذر على الإنسان العيش في منزله وحده. وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: الزوجة الصالحة ليست من الدنيا، فإنها تفرغك للآخرة، وإنما تفريغها بتدبير المنزل، وبقضاء الشهوة جميعاً، وقال محمد بن كعب القرظي: في معنى قوله تعالى: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" قال المرأة الصالحة.

خامساً: مجاهدة النفس، ورياضتها بالرعاية والولاية، والقيام بحقوق الأهل، والصبر على أخلاقهن، واحتمال الأذى منهن، والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين، والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن والقيام بتربيته لأولاده، قال عليه الصلاة والسلام:"يوم من وال عادل أفضل عند الله من سبعين سنة" فمقاساة =

ص: 47