المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٣

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

37 -

وعن نافع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة المرء الجارُ الصالح، والمركبُ الهنيء (1)، والمسكن الواسعُ" رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح.

38 -

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعٌ من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكنُ الواسعُ، والجارُ الصالحُ، والمركبُ الهنيء، وأربعٌ من الشقاء: الجارُ السوء، والمرأةُ السوء (2)، والمركبُ السوء (3)، والمسكن الضيق" رواه ابن حبان في صحيحه.

39 -

ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل لَيَدْفَعُ بالمسلمِ الصالح عن مائة أهل بيتٍ من جيرانه البلاء، ثم قرأ: "وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ (4) " رواه الطبراني في الكبير والأوسط.

‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

1 -

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً زار أخاً له في قريةٍ، فأرْصَدَ (5) الله تعالى على مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تُريدُ؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمةٍ تَرُبُّهَا؟ قال:

(1) الذي يجلب الهناءة والسرور ويكون ذلولاً سهلاً مطواعاً، هنأه الطعام فهو هنيء تهنأ به، أي بلا تعب.

(2)

الشتامة السليطة قلية الأدب.

(3)

غير ذلول، بل شموس تجمح وتنفر وتشذ وتعض.

(4)

ولكن الله ذو فضل على العالمين. قال البيضاوي: ولولا أنه سبحانه وتعالى يدفع بعض الناس ببعض وينصر المسلمين على الكفار ويكف بهم فسادهم لغلبوا وأفسدوا في الأرض أو لفسدت الأرض بشؤمهم. يخبر صلى الله عليه وسلم عن فائدة جوار الصالح يكرم الله جيرانه ويمدهم بصنوف النعم ويغدق عليهم خيراته ويكف عنهم الأضرار تفضلاً ويمنع عنهم الصواعق ويزيل عنهم المصائب ويفرج عنهم الكروب قال تعالى: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا"(28 من سورة الكهف).

(5)

أقعده يرقبه.

ص: 363

لا، غير أني أحببتهُ في الله. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك (1) كما أحببتهُ فيه" رواه مسلم.

[المدرجة] بفتح الميم والراء: الطريق.

[وقوله: تَرُبُّهَا]: أي تقوم بها، وتسعى في صلاحها.

2 -

وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عادَ (2) مريضاً، أو زار أخاً له في الله ناداهُ مُنادٍ بأن طِبْتَ (3)، وطَابَ مَمْشاكَ (4)، وَتَبَوَّأتَ (5) من الجنة منزلاً" رواه ابن ماجة والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، كلهم من طريق أبي سنان عن عثمان بن أبي سودة عنه.

3 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"ما من عبدٍ أتى أخاهُ يزورهُ في الله (6) إلا ناداهُ ملكٌ من السماء أن طِبْتَ وطابتْ لك الجنةُ، وإلا قال الله في ملكوتِ عرشه: عبدي زار فِيَّ، وَعَليَّ قِرَاهُ (7) فلم يرضَ له بثوابٍ دون الجنة" الحديث رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد.

4 -

وعن أنسٍ أيضاً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: النبي في الجنة، والصِّدِّيقُ في الجنة، والرجلُ يزورُ أخاهُ في ناحية المِصْرِ (8) لا يزوروه إلا لله في الجنة" الحديث رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وتقدم بتمامه في حق الزوجين.

5 -

ورويَ عن أبي رُزَيْنٍ العُقَيْلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا رزين إن المسلم إذا زار أخاهُ المسلم شَيَّعَهُ (9) سبعون ألف ملكٍ

(1) رحمك ورضى عنك وأراد لك الخير، وفيه فضيلة: زيارة الصالحين والأصحاب وأن الآدميين يرون الملائكة. أهـ نووي، مختار الإمام مسلم ص 436 جـ 2.

(2)

زاره.

(3)

فعلت طيباً حسناً.

(4)

خطواتك كثيرة الحسنات، من طاب الشيء إذا كان لذيذاً أو حلالاً، فهو طيب، وطابت نفسه تطيب: انشرحت وانبسطت، والطيبات من الكلام أفضله، وطوبى حسنى.

(5)

استقررت ونزلت.

(6)

ابتغاء ثواب الله مودة ومحبة.

(7)

إكرامه والإحسان إليه.

(8)

المدينة: أي في جهة نائية قاصية.

(9)

مشى معه واحتفل به.

ص: 364

يُصَلُّونَ (1) عليه يقولون: اللهم كما وَصَلَهُ فيكَ فَصِلْهُ (2) " روه الطبراني في الأوسط.

6 -

وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى: وجبت (3) محبتي للمتحابين فِيَّ، وللمُتَجالسينَ فِيَّ، وللمُتزاورينَ فِيَّ، وللمُتباذلينَ فِيَّ" رواه مالك بإسناد صحيح، وفيه قصة أبي إدريس، وسيأتي بتمامه في الحب لله مع حديث عمرو بن عبسة.

7 -

ورويَ عن بُريدةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غُرَفاً تُرَى ظواهرها من بواطنها، وبواطنها من ظواهرها أعدها الله للمتحابين فيه والمتزاورين فيه والمتباذلين فيه" رواه الطبراني في الأوسط.

8 -

وعن عونٍ قال: "قال عبد الله، يعني ابن مسعودٍ رضي عنه لأصحابه حين قدموا عليه: هل تجالسون؟ قالوا: لا نترُكَ ذاك. قال: فهلْ تزاورون؟ قالوا: نعم يا أبا عبد الرحمن إن الرجلَ منا ليفقدُ أخاهُ، فيمشي على رجليهِ إلى آخر الكوفةِ حتى يلقاهُ. قال: إنكم لن تزالوا بخيرٍ ما فعلتم ذلك" رواه الطبراني وهو منقطع.

9 -

ورويَ عن زُرِّ بن حُبَيْشٍ قال: "أتينا صفوان بن عَسَّالٍ المُراديَّ فقال: أزائرين؟ قلنا: نعم، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زار أخاه المؤمن خَاضَ (4) في الرحمةِ حتى يرجعَ، ومن عاد أخاهُ المؤمن خَاضَ في رياضِ الجنةِ حتى يَرْجِعَ" رواه الطبراني في الكبير.

10 -

وعن جُبيرِ بن مُطعمٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقوا بنا إلى بني واقفٍ نَزُورُ البصير، رجلٌ كان مكفوفَ البصر" رواه البزار بإسناد جيد.

11 -

وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) يدعون له بالرحمة.

(2)

ارض عنه. وقدم له صنوف البر.

(3)

حقت أي أدركها المتوادون الذين يتعاونون في الله.

(4)

غمر، والمعنى شمله رضوان الله وإحسانه.

ص: 365

زُرْ غِباًّ (1) تَزْدَدْ حُباً" رواه الطبراني، ورواه البزار من حديث أبي هريرة، ثم قال: لا يعلم فيه حديث صحيح.

(1) قليلاً مرة بعد مرة، يقال غبت عليه تغب غباً إذا أتت يوماً بعد يوم؛ والمعنى أقلل من زيارتك ما استطعت ليكمل سرورك وتدوم محبتك.

صحبة الأخيار سعادة دائمة في الدنيا والآخرة:

(أ) قال تعالى: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين"(67 من سورة الزخرف). قال البيضاوي: فإن خلتهم لما كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد. أهـ.

(ب) وقال تعالى: "ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور"(22 - 23 من سورة الشورى). (مشفقين): خائفين من السيئات (روضات): أطيب بقاعها وأنزهها لهم ما يشتهونه (في القربى): أن تودوني لقرابتي منكم أو تودوا قرابتي، وقيل الاستثناء منقطع، والمعنى لا أسألكم أجراً قط ولكني أسألكم المودة في القربى أو في حق القرابة كما جاء في الحديث "الحب في الله والبغض في الله" روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم علينا. قال: علي وفاطمة وأبناءهما. وقيل القربى التقرب إلى الله أي إلا أن تودوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح. أهـ بيضاوي. اللهم إني أحب الحسن والحسين رضي الله عنهما فاقبل حبي لهما وشرحي لحديث جدهما صلى الله عليه وسلم. وفي تفسير الصاوي العبرة بعموم اللفظ، لأن رحم النبي رحم لكل مؤمن، لقوله تعالى:"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم"(من سورة الأحزاب). فمحبة أهل البيت فيها السعادة والسيادة دنيا وأخرى، والمرء يحشر مع من أحب. أهـ.

(جـ) وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق"(من سورة الممتحنة). ففيه النهي عن مصاحبة الكفار ومخادنة الفساق ومصاحبة الفجار، وإن كانت نزلت في حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب إلىهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم وأرسل كتابه مع سارة مولاة بني المطلب فنزل جبريل فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وعماراً وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد، وقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب حاطب إلى أهل مكة فخذوه منها وخلوها، فإن أبت فاضربوا عنقها فأدركوها ثمة فجحدت فهموا بالرجوع فسل علي رضي الله عنه السيف فأخرجته من عقاصها فاستحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطباً وقال ما حملك عليه؟ فقال: يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك، ولكني كنت أمرأ ملصقاً في قريش، وليس لي فيهم من يحمي أهلي فأردت أن آخذ عندهم يداً، وقد علمت أن كتابي لا يغني عنهم شيئاً فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذره. أهـ. بيضاوي.

(د) وقال تعالى: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير"(28 من سورة آل عمران). نهوا عن موالاتهم لقرابة وصداقة جاهلية ونحوهما حتى لا يكون حبهم وبغضهم إلا في الله. أهـ بيضاوي. =

ص: 366

[قال الحافظ]: وهذا الحديث قد روي عن جماعة من الصحابة، وقد اعتنى غير واحد من الحفاظ بجميع طرقه، والكلام عليها، ولم أقف له على طريق صحيح كما قال البزار بل له أسانيد حسان عند الطبراني وغيره، وقد ذكرت كثيراً منها في غير هذا الكتاب، والله أعلم.

12 -

وروى ابن حبان في صحيحه عن عطاء قال: "دخلت أنا، وعُبيدُ بن عُميرٍ على عائشة رضي الله عنها، فقالت لِعُبيد بن عُميرٍ: قد آن لك أن تزورنا، فقال: أقولُ يا أُمّهْ كما قال الأوَّلُ: زُرْ غِباًّ تَزْدَدْ حُباً. قال: فقالت دعونا من بطالتكم هذه. قال ابن عُمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيتهِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث في نزول (إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرْضِ) ".

13 -

وعن أم سلمةرضي الله عنها قالت: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصلحي لنا لمجلس، فإنه ينزلُ ملكٌ إلى الأرضِ لم ينزلْ إليها قطُّ" رواه أحمد، ورواته ثقات إلا أن التابعي لم يسمّ.

14 -

وعن أم بُجَيْدٍ رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا في بني عمرو بن عوفٍ، فأتخذُ له سَويقاً في قَعْبَةٍ، فإذا جاء سَقَيْتُهَا إياهُ" رواه أحمد ورواته ثقات سوى ابن إسحاق.

[أم بجيد]: بضم الباء الموحدة وفتح الجيم، واسمها حواء بنت يزيد الأنصارية.

15 -

وعن إبراهيم بن نَشِيطٍ "أنه دخل على عبد الله بن الحارث بن جَزْءٍ الزبيدي رضي الله عنه، فَرَمىَ إليه بوسادةٍ كانت تحتهُ، وقال: مَنْ لم يُكرم جليسهُ فليس مِنْ أحمد، ولا من إبراهيم عليهما الصلاة والسلام" رواه الطبراني موقوفاً، ورواته ثقات.

= ويؤخذ من الآية محبة الصالحين وزيارتهم والتعاون معهم على إنجاز الأعمال ونبذ صحبة الأشرار والعصاة كما قال تعالى: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" الآية من سورة المائدة.

ص: 367