الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته
1 -
عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما يَرْوِي عن ربه عز وجل أنه قال: يا عبادي إني حرمت (1) الظلم على نفسي، وجعلتهُ بينكم مُحَرَّماً فلا تَظَّالَمُوا (2) " الحديث رواه مسلم والترمذي وابن ماجة، وتقدم بتمامه في الدعاء وغيره.
2 -
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا (3) الظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ (4) فإن الشُّحَّ أهلكَ من كان قبلكم، حَمَلَهُمْ على أن سَفَكُوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم" رواه مسلم وغيره.
= الفزع الأكبر، واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه رقادك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك في قعره فريداً وحيداً، فتزود له ما يصحبك "يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه" واذكر يا أمير المؤمنين "إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور" فالأسرار ظاهرة والكتاب "لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهلٍ قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم "لا يرقبون في مؤمن إلاً [عهداً] ولا ذمة" فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين "وقد عنت [خضعت وذلت] الوجوه للحي القيوم" إني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهى [أصحاب العقول] من قبلي فلم آلك [لم أقصر] شفقة ونصحاً فأنزل كتابي عليك مداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. أ. هـ من العقد الفريد.
(1)
تقدست عنه وتعاليت، والظلم: الجور أيضاً ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي وهو مستحيل في حق الله سبحانه وتعالى، وكيف يجاوز سبحانه حداً وليس فوقه من يطيعه أو يرسم له عملاً إن تجاوزه ظلم، وكيف يتصرف في غير ملك والعالم كله ملكه وسلطانه قاله النووي في مختار الإمام مسلم ص 441 جـ 2.
(2)
لا تظالموا: أي لا يظلم بعضكم بعضاً.
(3)
اجتنبوه، قال ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً. أ. هـ فتح ص 63 جـ 5
(4)
التقصير في حقوق الله تعالى ومنع للزكاة والبخل بأداء الواجب ومنع الصدقات.
3 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم والترمذي.
4 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يَبْلُغُ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظلمَ فإن الظلم هو ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والفحش (1) فإن الله لا يحب الفاحش والمتفحش، وإياكم والشح فإن الشح دَعَا من قبلكم فسفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم.
5 -
وروي عن الهرماس بن زياد رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته، فقال: إياكم والخيانة (2) فإنها بئستِ البطانة (3) وإياكم والظلم، فإنه ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والشح، فإنما أهلك من كان قبلكم الشح، حتى سفكوا دماءهم، وقطعوا أرحامهم" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وله شواهد كثيرة.
6 -
ورويَ عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تظلموا فتدعوا فلا يستجاب لكم، وتستقوا (4) فلا تُسْقَوْا، وتستنصروا، فلا تُنصروا" رواه الطبراني.
(1) القبح والمعاصي، وقال في العيني قال المهلب: الذي يدل عليه القرآن أنها ظلمات على البصر حتى لا يهتدي سبيلاً، وقال الله تعالى في المؤمنين "يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم" وقال في المنافقين "انظرونا نقتبس من نوركم" فأثاب الله المؤمن بلزوم نور الإيمان لهم ولذذهم بالنظر إليه وقوى به أبصارهم، وعاقب الكفار والمنافقين بأن أظلم عليهم ومنعهم لذة النظر إليه. وقال القزاز: الظلم هنا الشرك، أي هو عليهم ظلام وعمى. أ. هـ ص 293 جـ 2
وفي غريب القرآن الفحش والفحشاء والفاحشة: ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال وقال: "إن الله لا يأمر بالفحشاء""إنما حرم ربي الفواحش" وفحش فلان صار فاحشاً،، ومنه قول الشاعر:"عقيلة مال الفاحش المتشدد" يعني به العظيم القبح في البخل، والمتفحش الذي يأتي بالفحس. أ. هـ ص 380 جـ 12
(2)
تضييع شيء مما أمر الله به أو ركوب شيء مما نهى الله عنه، فالمعنى احذروا كل شيء فيه عذاب مثل المناهي الواردة كلها في الشرع.
(3)
وبطانة الرجل: صاحب سره وداخلة أمره الذي يشاوره في أحواله، ينهى صلى الله عليه وسلم عن الخيانة وعدم الذمة والالتجاء إلى أدنياء الأمور وسفسافها وحقيرها.
(4)
تطلبوا المطر وإنزال رحمة الله تعالى.
إن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته
7 -
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي لن تنالهما (1) شفاعتي: إمامٌ ظلومٌ غَشُومٌ، وكُلُّ غالٍ مارقٍ" رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات.
8 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "المسلم أخو المسلم لا يظلمهُ، ولا يخْذُلُهُ (2) ويقول: والذي نفسي بيده ما توادَّ اثنانِ فيفرقُ بينها إلا بذنبٍ يُحْدِثُهُ أحدهما" رواه أحمد بإسناد حسن.
9 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يملي (3) للظالم فإذا أخذه لم يُفلتهُ (4)، ثم قرأ: (وَكَذلِكَ أخْذُ رَبِّكَ إذا أخَذَ الْقُرَى (5) وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ (6) شَدِيدٌ) " رواه البخاري ومسلم والترمذي.
10 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان قد يئس أن تُعبدَ الأصنام في أرض العرب، ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمُحَقَّرَاتِ، وهي الموبقات يوم القيامة؛ اتقوا الظلم ما استطعتم، فإن العبد يجئ بالحسنات يوم القيامة يرى أنها سَتُنْجِيهِ، فمازال عَبْدٌ يقول: يا رب ظلمني عبدك مظلمةً، فيقول: امحوا من حسناته، ومايزالُ كذلك حتى ما يبقى له حسنةٌ من الذنوب، وإن مثل ذلك كَسَفْرٍ نزلوا بفلاةٍ من الأرض ليس معهم حطبٌ فتفرق القومُ ليحتطبوا فلم يلبثوا أن حطبوا، فأعظموا النار، وطبخوا ما أرادوا، وكذلك الذنوب" رواه أبو يعلى من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، ورواه أحمد والطبراني بإسناد حسن نحوه باختصار.
11 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ
(1) لن تدركهما.
(2)
يتركه في مواطن النصر ولم يساعده.
(3)
يمهل ويؤخر عقابه.
(4)
لم يفر من العذاب.
(5)
أهلها.
(6)
وجيع غير مرجو الخلاص منه "إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود"(103 - 104 من سورة هود).
كانت عنده مَظْلَمَةٌ (1) لأخيه مِنْ عِرْضٍ أو من شيء (2)، فليتحلله منه اليوم من قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهمٌ (3) إن كان له عملٌ صالحٌ أُخِذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسناتٌ أُخِذَ من سيئات صاحبهِ (4) فَحُمِلَ عليه" رواه البخاري والترمذي، وقال في أوله: رحم الله عبداً كانت له عند أخيه مظلمةٌ في عِرْضٍ أو مالٍ. الحديث.
اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب
12 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي وقد شتم هذا، وقَذَفَ هذا، وأكل مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضرب هذا، فَيُعْطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقْضى ما عليه أُخذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليه، ثم طُرحَ في النار (5) " رواه مسلم والترمذي.
13 -
وعن ابن عتمان عن سلمان الفارسي، وسعد بن مالكٍ، وحذيفةَ بن اليمان، وعبد الله بن مسعودٍ حتى عَدَّ ستةً أو سبعةً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا:"إن الرجل لَتُرْفَعُ له يوم القيامة صحيفتهُ حتى يرى أنه ناجٍ، فما تزال مَظَالِمُ بني آدمَ تتبعُهُ حتى ما يبقى له حسنةٌ، ويُحْمَلُ عليه من سيئاتهم" رواه البيهقي في البعث بإسناد جيد.
14 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث مُعاذاً إلى اليمن فقال: اتقِ (6) دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ (7) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في حديث، والترمذي مختصراً هكذا، واللفظ له ومطولاً كالجماعة.
(1) أنواع المعاصي.
(2)
فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات التي اللطمة وغيرها. أ. هـ فتح ص 63 جـ 5
(3)
يوم القيامة لا معاملة ولا نقد.
(4)
أي صاحب المظلمة فحمل على الظالم.
(5)
قال في الفتح: ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه، ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده. أ. هـ.
(6)
احذر.
(7)
مانع: أي تذهب إلى الله لا يصدها صاد فيجيبها.
ثلاثة تستجاب دعوتهم الوالد والمسافر والمظلوم
15 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتهم: الصائم حتى يُفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام (1)
ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الربُ: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حينٍ" رواه أحمد في حديث، والترمذي وحسنه، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما، والبزار مختصراً: "ثلاثٌ حقٌ على الله أن لا يَرُدَّ لهم دعوةً: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع.
وفي رواية للترمذي حَسَنةٍ: ثلاثُ دعواتٍ لاشك في إجابتهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على الولد" وروى أبو داود هذه بتقديم وتأخير.
16 -
وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ تُستجابُ دعوتهم: الوالدُ، والمسافرُ، والمظلومُ" رواه الطبراني في حديث بإسناد صحيح.
17 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعدُ إلى السماء كأنها شرارةٌ" رواه الحاكم وقال: رواته متفق على الاحتجاج بهم، إلا عاصم بن كليب فاحتج به مسلم وحده.
18 -
وعن أبي هريرةً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوةُ المظلومِ مُستجابةٌ، وإن كان فاجراً (2)، ففجورهُ على نفسه" روه أحمد بإسناد حسن.
19 -
ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوتان ليس بينهما وبين الله حجابٌ: دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب (3) " رواه الطبراني وله شواهد كثيرة.
20 -
وعن خزيمة بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) السحاب.
(2)
فاسقاً.
(3)
وهو غائب.
"اتقوا دعوة المظلومِ فإنها تُحْمَلُ على الغمام يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حينٍ" رواه الطبراني، ولا بأس بإسناده في المتابعات.
21 -
وعن أبي عبد الله الأسدي قال: "سمعت أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة المظلوم، وإن كان كافراً ليس دونها حجابٌ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْ ما يُرِيبُكَ (1)
إلى ما لا يُريبكَ" رواه أحمد، ورواته إلى عبد الله محتج بهم في الصحيح، وأبو عبد الله لم أقف فيه على جرح ولا تعديل.
22 -
ورويَ عن عليٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله: اشتد غضبي على من ظَلمَ مَنْ لا يَجِدُ له ناصراً غيري" رواه الطبراني في الصغير والأوسط.
23 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يَحْقِرُهُ، التقوى هاهنا. التقوى هاهنا. التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره، بِحَسْبِ امرئٍ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم. كُلُّ المسلم على المسلم حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ" رواه مسلم.
24 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: "قلتُ يا رسول الله ما كانت في صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالاً كُلُّها، أيها الملك المُسَلَّطُ (2) المُبتلى (3) المغرور (4): إني لم أبعثك (5) لتجمع الدنيا بعضها على بعضٍ، ولكني بعثتكَ لِتَرُدَّ عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها، وإن كانت من كافرٍ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ساعاتٌ: فساعةٌ يُنَاجي (6) فيها ربهُ، وساعةٌ يُحاسبُ (7) فيها نفسهُ، وساعةٌ يتفكرُ فيها
(1) ما يدخلك في شك: أي ترك الشبهات وتحرى الحق البعيد عن الضلال الخالي من الأخطاء، قال العزيزي اترك ما تشك في كونه حسناً أو قبيحاً أو حلالاً أو حراماً إلى ما لا تشك فيه، يعني ما تتيقن حسنه وحله. أ. هـ جامع صغير ص 265، من أراب الرجل: صار ذا ريبة، ورابني: رأيت ما أكره.
(2)
صاحب السلطان النافذ والكلمة التامة.
(3)
الذي حكم خبرة لأعماله.
(4)
الناسي حقوق الله، الذي أصابته الغفلة والغرور بنفسه وقائده الشيطان الغرور.
(5)
أرسلك.
(6)
يدعوه سبحانه وتعالى.
(7)
على تقصيره في حقوق الله وإهماله وغفلته.
في صنع الله عز وجل، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً (1) إلا لثلاثٍ: تزودٍ لمعادٍ (2) أو مَرَمَّةٍ لمعاشٍ (3)،
أو لذَّةٍ في غير مُحَرَّمٍ (4) وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه مُقبلاً على شأنهِ حافظاً للسانه، ومن حَسَبَ كلامهُ من عمله قَلَّ كَلامُهُ إلا فيما يعنيه (5) قلتُ: يا رسول الله فما كانت صحفُ موسى عليه السلام؟ قال: كانت عِبَراً (6) كلها: عجبتُ لمن أيقن بالموتَ ثم هو يفرحُ، عجبتُ لمن أيقنَ بالنار، ثم هو يضحكُ. عجبتُ لمن أيقنَ بالقدرِ ثم هو ينصبُ، عجبتُ لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، عجبتُ لمن أيقنَ بالحساب غداً ثم لا يعمل. قلت: يا رسول الله أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله، فإنها رأسُ الأمر كله. قلتُ يا رسول الله زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله عز وجل، فإنه نور لك في الأرض، وذُخرٌ لك في السماء. قلت يا رسول الله: زدني؛ قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يُميتُ القلب (7)، ويذهبُ بنورِ الوجه، قُلتُ: يا رسول الله زدني، قال: عليك بالجهاد فإنه رهبانيةُ (8) أمتي. قلت يا رسول الله زدني، قال: أحبَّ المساكين وجالسهم. قلتُ يا رسول الله زدني، قال: انظر إلى من هو تحتك، ولا تنظر إلى ما هو فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري (9) نعمة الله عندك. قلت: يا رسول الله زدني، قال: قل الحق وإن كان مُرّاً. قلت: يا رسول الله زدني، قال: لِيَرُدَّكَ عن الناس ما تعملهُ من نفسك ولا تجدُ عليهم فيما تأتي، وكفى بك عيباً أن تعرف من الناس ما تجهله من نفسك؛ وتجدَ عليهم فيما تأتي، ثم ضرب بيده على صدري، فقال: يا أبا ذرٍ: لا عَقْلَ كالتدبيرِ، ولا وَرَع كالكَفِّ (10)، ولا حَسَبَ (11)
كَحُسْنِ الْخُلُقِ" رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
(1) مرتجلاً مجداً.
(2)
عمل صالح للآخرة. "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى".
(3)
سعى لعيشه.
(4)
فائدة في حلال.
(5)
يفيده.
(6)
عظات وفوائد.
(7)
لا يتأثر بالمواعظ.
(8)
انقطاع إلى طاعة وتبتل وإخلاص إلى الله.
(9)
لا تحتقر.
(10)
كالترك للمحارم.
(11)
لا شرف.
[قال الحافظ]: انفرد به إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني عن أبيه، وهو حديث طويل في أوله ذكر الأنبياء عليهم السلام، ذكرت منه هذه القطعة لما فيها من الحكم العظيمة والمواعظ الجسيمة، ورواه الحاكم أيضاً، ومن طريق البيهقي كلاهما عن يحيى بن سعيد السعدي البصري حدثنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر بنحوه، ويحيى بن سعيد فيه كلام، والحديث منكر من هذه الطريق، وحديث إبراهيم ابن هشام هو المشهور، والله أعلم.
ما من امرئ ينصر مسلماً إلخ إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته
25 -
وعن جابر وأبي طلحة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما مسلمٍ يخذل (1) امرأ مسلماً في موضعٍ تُنتهكُ فيه حُرمتهُ، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موضع يُنتقص فيه من عِرْضِهِ ويُنتهكُ فيه من حُرْمَتِهِ إلا نصرهُ الله في موطنٍ يُحبُّ فيه نُصرَتَهُ" رواه أبو داود.
26 -
ورويَ عن عبد الله، يعني ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُمر بعبدٍ من عباد الله يُضَربُ في قبره مائةَ جلدةٍ فلم يزل يسألُ ويدعو حتى صارت جَلدةً واحدةً، فامتلأ قبرهُ عليه ناراً، فلما ارتفع عنه وأفاقَ قال: علامَ جلدتموني (2)؟ قال: إنك صليت صلاة بغير طُهُورٍ (3)، ومررتَ على مظلومٍ فلم تنصرهُ (4) " رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب التوبيخ.
27 -
وعن محمد بن يحيى بن حمزة قال: كتب إليَّ المهديُّ أمير المؤمنين، وأمرني أن أصْلُبَ (5)
في الحكم، وقال في كتابه: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله (6) وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم يفعل" رواه أبو الشيخ أيضاً فيه من رواية أحمد بن محمد بن يحيى، وفيه نظر
(1) لا يساعده، المعنى من نصر الضعيف وأزال عنه ظلامته وأخذ بحقه وقواه نجاه الله من أهوال يوم القيامة.
(2)
على أي شيء فعل بي هذا.
(3)
طهارة.
(4)
لم تمنع عنه ظلمه.
(5)
أصلب من باب ظرف، أي أكون شديداً قوياً، وفي حديث العباس: إن المغالب صلب الله مغلوب أي قوة الله 271 - 2 نهاية.
(6)
دنياه وآخرته.
عن أبيه، وجدّ المهدي هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وروايته عن ابن عباس مرسلة والله أعلم.
28 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً (1)
أو مظلوماً، فقال رجلٌ: يا رسول الله أنصرهُ إذا كان مظلوماً، أفرأيتَ إن كان ظالماً كيف أنْصُرُهُ؟ قال: تَحْجُزُهُ أو تمنعهُ عن الظلم، فإن ذلك نصرهُ" رواه البخاري ورواه مسلم في حديث عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وَلْيَنْصُرِ الرجلُ أخاهُ ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فَلْيَنْهَهُ فإنه له نُصْرَةٌ، وإن كان مظلوماً فليَنْصُرْهُ".
(1) أي تمنعه عن الظلم كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري: "قالوا: يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ فقال تأخذ فوق يديه" قال في الفتح كنى به عن كفه عن الظلم بالفعل إن يكف بالقول وعبر بالفوقية إشارة إلى الأخذ بالاستعلاء والقوة.
قال ابن بطال: النصر عند العرب الإعانة وتفسير لنصر الظالم بمنعه من الظلم من تسمية الشيء بما يئول إليه، وهو من وجيز البلاغة. قال البيهقي: معناه أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسا ومعنى فلو رأى إنسان يريد أن يحب نفسه لظنه أن ذلك يزيل مفسدة طلبه الزنا مثلاً منعه من ذلك وكان ذلك نصراً له واتحد في هذه الصورة الظالم والمظلوم. وقال ابن المنير: فيه إشارة إلى أن الترك كالفعل في باب الضمان. أ. هـ ص 61 جـ 5
وفي باب نصر المظلوم قال في الفتح هو فرض كفاية وهو عام في المظلومين وكذلك في الناصرين بناء على أن فرض الكفاية مخاطب به الجميع، وشرط الناصر أن يكون عالماً بكون الفعل ظلماً ويقع النصر مع وقوع الظلم وهو حينئذ حقيقة وقد يقع قبل وقوعه كمن أنقذ إنساناً من يد إنسان طالبه بمال ظلماً وهدده إن لم يبذله وقد يقع بعد. أ. هـ. ثم أورد البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع" منها نصر المظلوم" ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" وشبك بين أصابه، عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنهما.
أدلة تحريم المظالم وتحريم الغصب وعقاب الله للظالمين من كتاب الله تعالى:
(أ) قال تعالى: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء"(43 من سورة إبراهيم)، أي أبصارهم لا تقر في أماكنهم من هول ما ترى (مهطعين): مسرعين إلى الداعي رافعي رءوسهم لا يطرفون ولكن عيونهم مفتوحة ممدوة من غير تحريك الأجفان (هواء): خلاء وهو الذي لم تشغله الأجرام، أي لا قوة في قلوبهم ولا جراءة، ويقال للأحمق أيضاً قلبه هواء، وعن ابن جريج هواء. أي صفر من الخير خالية عنه. أ. هـ عيني. وقال مجاهد: مهطعين، أي مديمي النظر، ويقال مسرعين لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، يعني جوفاً لا عقول لهم، جوفاً جمع أجوف: وقيل نزعت أفئدتهم من أجوافهم. أ. هـ عيني ص 284 جـ 12. =
29 -
وعن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهني عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حمى مؤمناً من منافقٍ، أُرَاهُ قال: بعث الله ملكاً يحمي لحمهُ يوم القيامة من نار جهنم" الحديث. رواه أبو داود ويأتي بتمامه في الغيبة إن شاء الله تعالى.
= (ب) وقال تعالى: "وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام"(48 من سورة إبراهيم). قال العيني: الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بإنذار الناس وتخويفهم. (أجل قريب): أي ردنا إلى الدنيا وأمهلنا نتدارك ما فرطنا فيه من إجابة دعوتك واتباع رسلك.
(جـ) وقال تعالى: "ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين"(18 من سورة هود). (الأشهاد): الرسل أو الملائكة أو أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
(د) وأورد البخاري في باب الانتصار من الظالم قوله تبارك وتعالى: "لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً"(149 - 150 من سورة النساء). أي لا جهر من ظلم بالدعاء على الظالم والتظلم منه، روي أن رجلاً أضاف قوماً فلم يطعموه فاشتكاهم فعوتب عليه فنزلت (سميعاً): لكلام المظلوم (عليماً): بالظالم (خيراً) طاعة وبراً. سبحانه يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام، فأنتم أولى بذلك، وهو حث للمظلوم على العفو بعد ما رخص له في الانتصار حملاً على مكارم الأخلاق. أ. هـ بيضاوي.
وقال العيني قال عبد الكريم بن مالك الجزري في هذه الآية هو الرجل يشتمك فتشتمه ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه لقوله تعالى: "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل" وروى أبو داود من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم" وأورد البخاري قوله تعالى: "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"(40 من سورة الشورى).
قال العيني: البغي الظلم، أي الذين إذا أصابهم بغي المشركين في الدين انتصروا عليهم بالسيف أو إذا بغى عليهم باغٍ كرهوا أن يستذلوا لئلا يجترئ عليهم الفساق فإذا قدروا عفوا، وروى الطبري من طريق السدى في قوله تعالى:"والذين إذا أصابهم البغي" قال يعني فمن بغى عليهم من غير أن يعتدوا. وروى النسائي وابن ماجة من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخلت على زينب بنت جحش فسبتني فردعها النبي صلى الله عليه وسلم فأبت فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم سبيها فسببتها حتى جف ريقها في فمها فرأيت وجهه يتهلل. أ. هـ.
(هـ) وقال تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور"(41 - 44 من سورة الشورى). (الظالمين): المبتدئين بالسيئة المتجاوزين في الانتقام (يظلمون الناس): يبتدئونهم بالأضرار ويطلبون ما لا يستحقونه تجبراً عليهم. (صبر) على الأذى وغفر ولم ينتصر.
(و) وقال تعالى: "ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير"(45 - 48 من سورة الشورى). =