الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
= الماضي والمستقبل، فإن حلف على ماض وهو صادق فلا شيء عليه، وإن كان كاذباً أثم وعليه الكفارة، وهذه اليمين هي اليمين الغموس تغمس صاحبها في النار، ومن حنث في يمينه فعليه الكفارة:
(أ) عتق رقبة مؤمنة.
(ب) أو إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد مما يجزئ في زكاة الفطر، ولا يتعين صرفه لفقراء بلده، وهو نصف قدح بالكيل المصري.
(جـ) كسوتهم بما يسمى كسوة مما يعتاد لبسه كقميص أو عمامة أو منديل، فإن لم يجد شيئاً من الثلاثة لعجزه عنها فصيام ثلاثة أيام، ولا يجب تتابعها. أهـ ص 258
قد كان العرب يتفاخرون بالأنساب والأحساب فيدعوهم ذلك إلى تعظيم من يبجلون فيقسمون به، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله إشعاراً بربوبيته، واعترافاً بجبروته وقدوسه وتحدثاً بسلطانه، وبطشه ورأفته ورحمته قال تعالى:"وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه مؤئلا"(58 من سورة الكهف). أي والله تعالى البليغ بالرحمة الرءوف الغفار (موعدا): منجا، فالله جدير بتعظيمه، والقسم به سبحانه.
الاستشهاد بالآيات ترهيباً من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى:
(أ) قال تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً"(21 من سورة الزخرف). (أسوة): قدوة، ولم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه حلف بغير الله تعالى بل علمه الله تعالى الحلف به كما قال جل جلاله:"ويستنبئونك أحق هو إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين"(53 من سورة يس). أي ويستخبرونك أحق ما تقول من الوعد أو ادعاء النبوة تقول بجد أم باطل تهزل به؟ قاله حيي بن أخطب لما قدم مكة إن العذاب لكائن أو ما ادعيته لثابت: إي والله.
(ب) وقال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله"(64 من سورة النساء). ومن طاعته اتباع أوامره بالحلف به تعالى وحده.
(جـ) وقال تعالى: "ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون"(41 - 42 من سورة البقرة). أي ولا تستبدلوا بالأيمان بها والاتباع لها حظوظ الدنيا فإنها وإن جلت قليلة مسترذلة، وقيل كان لهم رياسة في قومهم ورسوم وهدايا منهم فخافوا عليها لو اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختاروها عليه، قيل كانوا يأخذون الرشى فيحرفون الحق ويكتمونه.
(د) وقال تعالى: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم"(224 - 225 من سورة البقرة). أي لا تجعلوا الله حاجزاً لما حلفتم عليه من أنواع الخير. نزلت في الصديق رضي الله عنه لما حلف أن لا ينفق =
المسلم أخو المسلم لا يظلمهُ (1)، ولا يخذله (2)، ولا يَحْقِرُهُ (3) التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا (4)، ويشير إلى صدره، بحسب امرئٍ (5) من الشر أن يحقر أخاه (6) المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ (7) " رواه مسلم وغيره.
= على مسطح لافترائه على السيدة عائشة رضي الله عنها. أو في عبد الله بن رواحة حلف أن لا يتكلم ختنه بشير بن النعامن. ولا يصلح بينه وبين أخته، ولا تجعلوه معرضاً لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به، ولذلك ذم الحلاف في قوله تعالى:"ولا تطع كل حلاف مهين"(10 من سورة القلم). (وأن تبروا): علة للنهي: أي أنهاكم عنه إرادة بركم وتقواكم، وإصلاحكم بين الناس فإن الحلاف مجترئ على الله تعالى والمجترئ عليه لا يكون براً متقياً ولا موثوقاً به في إصلاح ذات البين. اللغو: الساقط الذي لا تعتد به من كلام وغيره، ولغو اليمين ما لا عقد معه كما سبق به اللسان أو تكلم به جاهلاً لمعناه كقول العرب لا والله، وبلى والله لمجرد التأكيد (بما كسبت قلوبكم): أي لا يؤاخذكم الله بعقوبة ولا كفارة مما لا قصد معه، ولكن بقصد الأيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم. وقال أبو حنيفة: اللغو أن يحلف الرجل بناء على ظنه الكاذب والمعنى لا يعاقبكم بما أخطأتم فيه من الأيمان، ولكن يؤاخذكم بما تعمدتم الكذب فيه.
(هـ) وقال تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون"(89 من سورة المائدة). (من أوسط): من أقصده في النوع أو القدر (فكفارته): الفعلة التي تذهب إثمه وتستره (واحفظوا أيمانكم): أي لا تضنوا بها ولا تبذلوها لكل أمر، أو بأن تبروا فيها ما استطعتم، ولم يفت بها خير، أو بأن تكفروها إذا حنثتم (آياته): أعلام شرائعه.
إن دليلنا تعظيم الحلف بالله تعالى: ونهى جل جلاله عن كثرة الحلف به رجاء أن يكون من يتجنب ذلك باراً أي طائعاً لله تعالى له بصيانة اسمه عن الابتذال، وتقياً وازناً ألفاظه ليثق به الناس ويوسطوه في الإصلاح بينهم وجلب الألفة ليقبلوا حكمه. قال الإمام الشافعي: ما حلف بالله صادقاً، ولا كاذباً، وقد حاسب الله على اليمين التي ينطق بها اللسان ويقصدها القلب، وعفا عن يمين اللغو التي تصدر على سبيل العادة، لا والله: أي والله قصد تأكيد الكلام، ولا يريد الإنسان بها حلفاً فلا يعتد بها، ولا يلزم صاحبها كفارة، ولا يستحق عليها عقوبة، قال الشاعر:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
…
وليس وراء الله للمرء مطلب
(1)
لا يأخذ شيئاً من ماله بلا سبب شرعي ولا ينقص شيئاً من أجرته لئلا يشكوه إلى حاكم يعاقبه، ويلزمه برد الحقوق إلى أربابها أو يتضرع إلى ربه فينتقم له من ظالمه:
أد الأمانة والخيانة فاجتنب
…
واعدل ولا تظلم يطيب المكسب
من المظلوم سهماً صائباً
…
واعلم بأن دعاءه لا يحجب
(2)
لا يترك نصرته ويدفع عنه الأذى، ويمنعه من أن يؤذي غيره، ويصلح بينه وبين أخيه ويغيثه إذا استغاث به.
(3)
لا يستهين به ولا يزدريه ولا يسخر منه.
(4)
خوف الله تعالى في القلب، وثمرة خشيته في قلبه يفكر فينتج الأعمال الصالحة.
(5)
كافيه.
(6)
فبين المسلم وأخيه أخوة متينة وصلة قوية توجب لكل منهما على الآخر حقوقاً يجب الوفاء بها: يحترمه، يعدل معه، ويساعده، وينصره، وينصحه.
(7)
لا يصح التعدي عليه بإراقة دمه وغيبته، وذمه، وهتك عرضه، وسرقة ماله وغصبه ونهبه.
إن الله جميل يحب الجمال
2 -
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ (1)
من كِبْرٍ، فقال رجلٌ: إن الرجلَ يُحبُّ أن يكون ثوبهُ حسناً، ونعلهُ حسناً؟ فقال: إن الله تعالى جميلٌ (2) يحب الجمال (3) الكبر بَطَرُ الحق، وَغَمْطُ الناس" رواه مسلم والترمذي، والحاكم إلا أنه قال: "ولكن الكبر من بَطَرَ الحق وازدرى الناس" وقال الحاكم: احتجا برواته.
[بطر الحق]: دفعه ورده.
[وغمط الناس]: بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة: هو احتقارهم وازدراؤهم كما جاء مفسراً عند الحاكم.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الرجل يقولُ: هَلَكَ الناسُ (4) فهو أهلكهم" رواه مالك ومسلم وأبو داود وقال: قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع، ولا أدري أيهما قال، يعني بنصب الكاف من أهلكهم أو رفعها: وفسره مالك إذا قال ذلك معجباً بنفسه مزدرياً بغيره، فهو أشد هلاكاً منهم لأنه لا يدري سرائر الله في خلقه. انتهى.
4 -
وعن جُندبُ بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال رجلٌ: والله لا يغفرُ الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتَألَّى (5) عليَّ أن لا أغفر له؟ إني قد غفرتُ له وأحبطتُ عملك (6) " رواه مسلم.
5 -
وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المستهزئين بالناس يُفْتَحُ لأحدهم في الآخرة بابٌ من الجنة، فيقال له: هَلُمَّ (7)
(1) مقدار رأس أنملة.
(2)
متصف بكل كمال منزه عن كل نقص.
(3)
النظافة وحسن الهندام وطيب الحديث ويحب أن يرى عبده متمتعاً بنعمه، قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون"(87 - 88 من سورة المائدة).
(4)
يزدري بهم ويحتقر أعمالهم فهو أشد هلاكاً وأردأ عاقبة لاستهزائه بغيره.
(5)
من يحكم عليَّ ويحلف ويتعدى عليَّ بالتهجم، وإني غفور رحيم قهار كريم عفو رحمن قد سترت ذنوبه وسامحته.
(6)
نقصتها ولم أقبلها.
(7)
أقبلوا.
فيجيء بِكَرْبِهِ (1) وَغَمِّهِ، فإذا جاء أُغلق دونه (2) ثم يُفتحُ له بابٌ آخر، فيقال له: هَلُمَّ هَلُمَّ، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاءه أغلق دونه، فما يزال كذلك حتى إن أحدهم لَيُفْتَحُ له البابُ من أبواب الجنة فيقالُ له: هَلُمَّ، فما يأتيه من الإياس (3) " رواه البيهقي مرسلاً.
6 -
وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أنسابكم هذه ليست بِسِبَابٍ على أحدٍ (4)، وإنما أنتم ولد آدم طَفُّ الصَّاعِ لم تملؤوه ليس لأحدٍ فضلٌ على أحدٍ إلا بالدِّينِ، أو عملٍ صالحٍ (5) " رواه أحمد والبيهقي كلاهما من رواية ابن لهيعة، ولفظ البيهقي قال:"ليس لأحدٍ على أحدٍ فضلٌ إلا بالدين، أو عملٍ صالحٍ. حَسْبُ الرجلِ أن يكون فاحشاً بذياً بخيلاً".
7 -
وفي رواية له: "ليس لأحد على أحدٍ فضلٌ إلا بدينٍ أو تقوى، وكفى بالرجلِ أن يكون بذياً فاحشاً بخيلاً". قوله [طف الصاع] بالإضافة: أي قريب بعضكم من بعض.
8 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "انظرْ فإنك لست بخيرٍ من أحْمَرَ، ولا أسودَ إلا أن تَفْضُلَهُ بتقوى (6) " رواه أحمد، ورواته ثقات مشهورون إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر.
9 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ. ألا لا فضل لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على
(1) بشدته.
(2)
سد في وجهه فلا يدخل.
(3)
عدم رجاء دخوله.
(4)
شتم، والسبة العار.
(5)
أي التفاضل بصالح الأعمال، قال تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" من سورة الحجرات.
(6)
زيادة درجاته بحسب خوفه من الله تعالى وخشيته وأعماله الصالحة، قال تعالى:"واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم"(7 - 8 من سورة الحجرات).
أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ، إلا بالتقوى (1) إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ألا هل بلغتُ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: فليبلغِ الشاهدُ الغائب" ثم ذكر الحديث في تحريم الدماء والأموال والأعراض. رواه البيهقي، وقال في إسناده بعض من يجهل.
10 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي: ألا إني جعلتُ نسباً، وجعلتم نسباً، فجعلتُ أكرمكم أتقاكم، فأبيتم (2) إلا أن تقولوا: فلانُ ابن فلانٍ خيرٌ من فلان ابن فلانٍ، فاليوم أرفعُ نسبي (3)، وأضعُ نسبكم (4). أين المتقون؟ " رواه الطبراني في الأوسط والصغير والبيهقي مرفوعاً وموقوفاً، وقال: المحفوظ الموقوف، وتقدم في أول كتاب العلم حديث أبي هريرة الصحيح فيه:"من بَطّأ به عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ (5) ".
(1) فسرها الإمام على رضي الله عنه بقوله: هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد للرحيل. أهـ. فأنت تجد منازل الناس عند ربهم بامتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه لا ينظر إلى وفرة المال ولا شرف الأنساب، قال تعالى:"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين".
قال الشاعر:
لم يجدك الحسب العالي بغير تقى
…
مولاك شيئاً فحاذر واتق الله
وابغ الكرامة في نيل الفخار به
…
فأكرم الناس عند الله أتقاها
واشدد يديك بحبل الله معتصما
…
فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد في عواقبه
…
ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب
…
فإن ناصره عجز وخذلان
عليك بتقوى الله فالزمها تفز
…
إن التقى هو البهي
واعمل بطاعته تنل منه الرضا
…
إن المطيع لربه لمقرب
(2)
امتنعتم عن التفاخر بالأعمال الصالحة والتباهي بها والاستعداد لها وأطلقتم العنان للسان بالتفاخر بالأحساب والأنساب.
(3)
درجات الأعمال الطيبة الصالحة.
(4)
أضرب به عرض الحائط، وأذل من كان يشمخ بحسبه وجاهه في حياته وأعذبه لتقصيره في تشييد الصالحات.
(5)
في (ع): من أبطأ أي من أخره عمله السيء وتفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب يقال بطأ به وأبطأ به بمعنى أهـ نهاية. فالأعمال الصالحة مطية سابقة إلى درجات النعيم وسيارة أو طيارة يوم للقيامة توصل صاحبها إلى المنازل السامية في الجنة. أما الشريف المقصر عن الأعمال الطيبة الصالحة فمطيته عرجاء بطيئة في ميدان السباق إلى الفوز والتبرز ونيل المناصب الرفيعة في الآخرة كما قال تعالى: "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب"(197 من سورة البقرة). =
11 -
وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل أذهب عنكم عُبِّيّةَ الجاهلية (1)، وفخرها (2) بالآباء، الناسُ بنو آدم، وآدمُ من تُرابٍ: مؤمنٌ تقيٌّ، وفاجرٌ شقيٌّ (3) لَيَنْتَهِيَنَّ (4) أقوامٌ يفتخرون برجالٍ (5) إنما هُم فحمٌ من فحمِ جهنم، أو ليكونن (6) أهون على الله من الجُعْلَانِ التي تدفعُ النتن بأنفها" رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وتقدم لفظه، والبيهقي بإسناد حسن أيضاً، واللفظ له، وتقدم معنى غريبه في الكبر.
= فأصحاب العقول الكاملة هم المبرزون في أداء المأمورات المحصلون المدخرون الثواب من الله عز شأنه، كما قال تعالى:"إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا"(30 من سورة الكهف).
قال الشاعر:
العلم زين فكن للعلم مكتسبا
…
وكن له طالبا ما عشت مقتبسا
اركن إليه وثق بالله واغن به
…
وكن حليماً رزين العقل محترسا
وكن فتى سالكاً محض التقى ورعا
…
للدين مغتنما في العلم منغمسا
فمن تخلق بالآداب ظل بها
…
رئيس قوم إذا ما فارق الرؤسا
ولمحمود باشا سامي البارودي:
فانهض إلى صهوات (1) المجد معتليا
…
فالباز (2) لم يأو إلا عالي (3) القلل
ودع من الأمر أدناه لأبعده
…
في لجة البحر ما يغني عن الوشل (4)
قد يظفر الفاتك (5) الألوى (6) بحاجته
…
ويقعد العجز بالهيابة (7) الوكل (8)
وكن على حذر تسلم فرب فتى
…
ألقى به الأمن بين اليأس والوجل
ولا يغرنك بشر (9) من أخى ملق
…
فرونق الأل (10) لا يشفي من الغلل (11)
لو يعلم المرء ما في الناس من دخن (12)
…
لبات ود ذوي القربى على وخل (13)
(1)
الكبر بضم العين من التعبية: أي المتكبر ذو تكلف وتعبية خلاف من يسترسل على سجيته، وبكسر العين من عباب الماء، وهو أوله وارتفاعه. أهـ نهاية. في القاموس كسر الباء وتشديدها الكبر والفخر والنخوة.
(2)
تفاخرها.
(3)
في العالم صنفان:
(أ) صالح عامل بآداب الله ورسوله موحد به يخشاه ويرجو رحمته ويدعوه رغباً ورهباً.
(ب) مجرم فاسق عاصٍ، وإن ربك لبالمرصاد يثيب المحسن، ويجازي المسيء.
(4)
ليبتعدن.
(5)
الأجداد الذين ماتوا على الكفر والعناء ومعاكسة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد عذبهم بالنار فصاروا لهباً لها وحطباً موقدا.
(6)
أو ليجعل الله رائحتهم قذرة ولا احترام لهم ودرجتهم مثل الحشرات الحقيرة التي تسكن في الأماكن الخربة والمراحيض، وفي المصباح الجعل بوزن عمر: الحرباء، وهي ذكر أم حيين وجمعه جعلان مثل صرد وصردان. أهـ. =
_________
(1)
مقعد الفرس: أي ذرى المجد.
(2)
الصقر.
(3)
قمم الجبال.
(4)
الماء القليل.
(5)
الجريء.
(6)
الشديد.
(7)
الذي يخاف الناس.
(8)
العاجز.
(9)
طلاقة.
(10)
السراب.
(11)
الحقد وسوء الخلق.
(12)
ريبة.
(13)
العطش.