المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٣

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهم

وما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

1 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم (1) لا يظلمه (2) ولا يُسْلِمُهُ (3)، من كان في حاجة (4) أخيه كان اللهُ في حاجته، ومن فَرَّجَ عن مُسلمٍ كُرْبَةً (5) فَرَّجَ الله عنه بها كربة من كُربِ يوم القيامة، ومن سَتَرَ (6) مُسلماً سَتَرَهُ الله يوم القيامة (7) ". رواه البخاري ومسلم وأبو داود

= الظاهر، ثم الزجر المذكور مخصوص بالصورة المذكورة وما أشبهها إلا ما إذا رده إليه الميراث مثلاً. قال الطبري: يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب، ومن كان والداً والموهوب ولده والهبة التي لم تقبض والتي ردها الميراث إلى الواهب لثبوت الأخبار باستثناء كل ذلك، وأما ماعدا ذلك كالغني يثيب الفقير، ونحو من يصل رحمه فلا رجوع لهؤلاء، قال: ومما لا رجوع فيه مطلقاً الصدقة يراد بها ثواب الآخرة. أهـ فتح.

(1)

كشقيقه، وفيه رابطة الأخوة بينهما توجب الوفاء والمساعدة والمحبة.

(2)

لا يأخذ شيئاً من ماله بلا سبب شرعي، ولا ينقص شيئاً من أجرته لئلا يشكوه إلى حاكم يعاقبه ويلزمه برد الحق أو يتضرع إلى ربه فينتقم الله من ظالمه.

(3)

ولا يسلمه كذا (د وع ص 178 - 2) أي لا يخذله ولا يترك نصرته بأن يدفع عنه الأذى ويمنعه من أن يؤذي غيره، ويصلح بينه وبين أخيه ويغيثه إذا استغاث به ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وهكذا من ضروب الإصلاح، وفي (ن ط): ولا يثلمه، لأن ثلم بمعنى كسر.

(4)

أي يساعد بجاهه وماله حتى يدرك وطره مع البشاشة والسرور.

(5)

كشف غمه، بأن يقرضه إذا أفلس في تجارته، أو يساعد من احترق بيته أو تلف زرعه ليذهب الله عنه الحزن في الآخرة ويزيل ضيقه ويبعد عنه المصائب في حياته وبعد مماته.

(6)

يجتهد أن يخفي عيوبه فلا يخبر أحداً بما يعرفه.

(7)

يعمي عن عيوبه أبصار الناس في الدنيا ويحيطه بسياج الحفظ فلا يطلع على عيوبه أحد، وحسبك أن الله الولي القادر الستار لا يعاقبه عنها في الآخرة، وهنا مسألة أخلاقية تخص الأمن العام، فلا يصح ستر أخبار المجرمين وإخفاء عيوب الأشرار فهذا لا يعد من المنهي عنه لحفظ راحة العالم واتقاء شرور الآثمين، والشارع الحكيم أوجب كشف عيوبهم لمن يردعهم أو يزجرهم عسى أن يصل الحكام إلى الحق ومنع الضرر وإزالة الأذى كما قال تعالى:"ولكم في القصاص حياة" من سورة البقرة، وقال تعالى:"فاعتبروا يا أولي الأبصار"(2 من سورة الحشر)، وقال تعالى:"ألا لعنة الله على الظالمين"(18 من سورة هود).

وفي الفتح "ولا يسلمه" لا يلقيه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه (والأخوة): هذه أخوة الإسلام، فإن كل اتفاق بين شيئين يطلق بينهما اسم الأخوة، ويشترك في ذلك الحر والعبد والبالغ والمميز "لا يظلمه ولا يسلمه" أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم، وقد يكون ذلك =

ص: 389

وزاد فيه رزين العبدري: ومن مشى مع مظلومٍ حتى يُثبتَ له حقهُ ثَبَّتَ الله قَدَمَيْهِ على الصراط يومَ تزولُ الأقدامُ، ولم أرَ هذه الزيادة في شيء من أصوله، إنما رواه ابن الدنيا والأصبهاني كما سيأتي.

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ نَفَّسَ عن مُسلمٍ كُربةً من كُربَ الدنيا نَفَّسَ الله عنه كُربةً من كُربِ يوم القيامة، ومن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ في الدنيا يَسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سَتَرَ على مُسلمٍ في الدنيا سَتَرَ الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون (1) أخيه" رواه مسلم وأبو داود والترمذي واللفظ له، والنسائي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرطهما.

3 -

ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله خَلْقاً خَلَقَهُمْ لحوائج (2) الناس يَفْزَعُ الناسُ إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله" رواه الطبراني، ورواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث الجهم بن عثمان، ولا يعرف عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن الحسن مرسلاً.

4 -

ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عند أقوامٍ نِعَماً أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ما لم يَمَلُّوهُمْ (3) فإذا مَلُّوهُمْ نَقَلَهَا إلى غيرهم" رواه الطبراني.

= واجباً أو مندوباً، والكرب هو الغم الذي يأخذ الناس (ستر مسلماً): رآه على قبيح فلم يظهره: أي للناس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه، ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه فلم ينته عن قبيح فعله، ثم جاهر به كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك، والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد انقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها فيجب الإنكار عليه، وإلا رفعه إلى الحاكم، وليس من الغيبة المحرمة، بل النصيحة الواجبة، وفيه إشارة إلى ترك الغيبة، لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره، وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة، وفيه أن المجازاة تقع من جنس الطاعات، وأن من حلف إن فلاناً أخوه وأراد أخوة الإسلام لم يحنث. أهـ ص 61 جـ 5.

(1)

مدة معاونته لأخيه.

(2)

مصالح.

(3)

مدة عدم النفور من مساعدتهم والشفاعة إلى إتمام أعمالهم، وتلك نعمة كبرى وزيادتها السعي لدى إجابة طلبات القاصدين.

ص: 390

من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين

5 -

ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله أقواماً اختصهم بالنِّعَمِ لمنافع العبادِ يُقرُّهُمْ (1) فيها ما بَذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فَحَوَّلها إلى غيرهم" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير والأوسط ولو قيل بتحسين سنده لكان ممكناً.

6 -

ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما عَظُمَتْ نِعمةُ الله عز وجل على عبدٍ إلا اشتدتْ إليه مُؤنةُ (2) الناس، ومن لم يحمل تلك المؤنة للناس، فقد عَرَّضَ تلك النعمة للزوال" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما.

7 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبدٍ أنعمَ الله عليه نعمةً، فأسبغها (3) عليه، ثم جعل من حوائجِ الناس إليه، فَتَبَرمَ (4)، فقد عَرَّضَ تلك النعمة للزوال" رواه الطبراني بإسناد جيد.

8 -

وعن ابن عباس أيضاً رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين (5)، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله جعل الله بينهُ وبين النار ثلاثَ خنادقَ، كُلُّ خندقٍ أبعدُ مما بين الخافقين" رواه الطبراني في الأوسط والحاكم، وقال صحيح الإسناد إلا أنه قال:"لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته -وأشار بأصبُعِهِ - أفضلُ من أن يَعتكف في مسجدي هذا شهرين (6) ".

9 -

ورويَ عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله

(1) يعينهم ويثبتهم مدة نفعهم.

(2)

المراد أثقال الناس ومصالحهم التي تثقل كاهلهم، فالمؤنة الثقل.

(3)

فأتمها.

(4)

فضجر، يقال برم بالشيء وتبرم.

(5)

إذا نفع الطالب بجاهه وقضى مصلحته أعطاه الله ثواب عابد مقيم بالمسجد لطاعة الله عشر سنين، ثم بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم ثواب مكث يوم للعبادة في المسجد فالسنة 364 يوماً × 10 = 3640 × 3 = 10920 خندقاً بينه وبين النار للشفيع، والخافقان: أفقا المشرق والمغرب لأن الليل والنهار يخفقان فيهما.

(6)

أي والله الذهاب مع أخيك المسلم تساعده على إتمام مصلحة له أكثر ثواباً عند الله عز وجل من المكث في مسجد المدينة مدة شهرين، وفيه الترغيب في معاونة من يقصدك في قضاء حاجة.

ص: 391

صلى الله عليه وسلم: "من مشى في حاجة أخيه حتى يُثَبِّتَهَا (1) له أظَلَّهُ الله عز وجل بخمسةٍ وسبعين ألف ملكٍ يُصَلُّونَ له، ويدعون له إن كان صباحاً حتى يُمسي، وإن كان مساءً حتى يُصبحَ، ولا يرفعُ قدماً إلا حَطَّ (2) الله عنه بها خطيئةً، ورفع له بها درجة" رواه أبو الشيخ وابن حبان وغيره.

لايزال الله في حاجة العبد مادام في حاجة أخيه

10 -

ورويَ أيضاً عن ابن عمر وحدهُ رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أعان عبداً في حاجته ثَبَّتَ الله له مقامهُ يوم تَزُولُ الأقدامُ".

11 -

وعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزالُ الله في حاجةِ العبدِ مادام في حاجة أخيه" رواه الطبراني، ورواته ثقات.

12 -

ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرجُ خَلْقٌ من أهل النار، فَيَمُرُّ الرجلُ بالرجلِ من أهل الجنة، فيقولُ: يا فلانُ أما تَعْرِفُني؟ فيقولُ: وَمَنْ أنت؟ فيقولُ: أنا الذي اسْتَوْهَبْتَني (3) وَضُوءاً، فَوَهَبْتُ لك، فَيشفع (4) فيه، ويَمُرُّ الرجل فيقول: يا فلان أما تعرفني؟ فقول: ومن أنت؟ فيقول أنا الذي بعثتني (5) في حاجة كذا وكذا، فقضيتها لك فيشفع (6) له فَيُشَفَّعُ فيه" رواه ابن أبي الدنيا باختصار وابن ماجة وتقدم لفظه والأصبهاني، واللفظ له.

[الوَضوء]: بفتح الواو، وهو: الماء الذي يتوضأ به.

13 -

ورويَ عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مشى في حاجةِ أخيه المسلمِ كَتبَ الله له بكل خطوةٍ سبعين حسنةَ ومحا عنه سبعين سيئةً إلى أن يرجعَ من حيث فارقهُ، فإن قُضيتْ حاجتهُ على يديه خرج من ذنوبه

(1) ينهيها له ويثق بقضائها.

(2)

محا؛ والمعنى الذي شفع في إتمام مصلحة لأخيه اكتسب شموله برحمة الله وحظى بكنفه وأحاطته الملائكة تستغفر له صباح مساء مع إزالة سيئاته وزيادة حسناته، والله تعالى أعلم.

(3)

طلبت مني ماء وضوء.

(4)

يأذن الله تعالى للذي أخذ منه الماء أن يشفع فيه فيسامحه الله وينقله من النار إلى الجنة.

(5)

أرسلتني.

(6)

يطلب من الله تعالى أن يعفو عنه.

ص: 392

كيوم ولدته أمه، وإن هلك فيما بين ذلك دخل الجنة بغير حساب" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف، والأصبهاني.

ما جاء في فضل السعي في مصالح الناس

14 -

وعن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على كُلِّ مُسلمٍ صدقةٌ. قيل: أرأيتَ إن لم يَجِدْ؟ قال: يَعْتَمِلُ بيديه، فينفعُ نفسهُ ويتصدقُ، قال أرأيتَ إن لم يستطع؟ قال: يُعينُ ذا الحاجة الملهوف. قال: قيل له: أرأيتَ إن لم يستطع؟ قال: يأمرُ بالمعروفِ أو الخير. قال: أرأيتَ إن لم يفعل؟ قال: يُمْسِكُ عن الشر، فإنها صدقةٌ" رواه البخاري ومسلم.

15 -

وعن أبي قِلَابَةَ "أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قَدِمُوا يَثْنُونَ على صاحبٍ لهم خيراً. قالوا: ما رأينا مثل فلانٍ هذا قَطُّ ما كان في مَسِيرٍ إلا كان في قراءةٍ، ولا نزلنا في مَنْزِلٍ إلا كان في صلاةٍ. قال: فمن كان يَكْفِيهِ ضَيْعَتَهُ (1) حتى ذكرَ، ومن كان يَعْلِفُ جَمَلَهُ أو دابتهُ؟ قالوا: نحن. قال: فكلكم خيرٌ منه" رواه أبو داود في مراسيله.

16 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان وُصْلَةً (2) لأخيهِ المسلمِ إلى ذي سُلطانٍ في مَبْلَغِ بِرٍّ، أو تيسير عسير أعانهُ الله على إجازة (3) الصراط يوم القيامة عند دَحْضِ (4)

الأقدام" رواه الطبراني في الصغير والأوسط وابن حبان في صحيحه، كلاهما من رواية إبراهيم بن هشام الغساني.

ورواه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث أبي الدرداء، ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان وُصْلَةً لأخيه إلى ذي سلطانٍ في مَبْلَغِ برٍ، أو إدخال سُرورٍ رفعهُ الله في الدرجات العُلى من الجنة".

(1) يقوم بإصلاح أرضه.

(2)

شفيعاً موصلاً في عمل خير أو تسهيل أمر شاق.

(3)

مروره.

(4)

زلق، والمعنى الذي ينفع في إيصال الشكاية إلى حاكم يرفعها أو في إنشاء الخير ينجو من الوقوع، وهو يمر على الصراط إلى الجنة بسلام. لماذا؟ لأنه كان واسطة خير وعنوان سعادة وسيادة وأفاد الناس في إزالة منكر ونفع بجاهه في وجود أعمال لبني جنسه يرزقون منها، وهكذا من الصالحات.

ص: 393

أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن

17 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَقِيَ أخاهُ المسلمَ بما يُحِبُّ لِيَسُرَّهُ بذلك سَرَّهُ الله عز وجل يوم القيامة" رواه الطبراني في الصغير بإسناد حسن، وأبو الشيخ في كتاب الثواب.

18 -

ورويَ عن الحسنِ بن عليٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من مُوجبات المغفرةِ إدخالك السرور على أخيك المسلم" رواه الطبراني في الكبير والأوسط.

19 -

ورويَ عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: "أفضل الأعمالِ إدخالُ السرور (1) على المؤمن كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، أو أشبعت جَوْعَتَهُ، أو قضيتَ له حاجةً" رواه الطبراني في الأوسط، ورواه أبو الشيخ من حديث ابن عمر، ولفظه:"أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدْخِلُهُ على مُسلمٍ، أو تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً (2) أو تَطْرُدُ (3) عنه جَزَعاً، أو تقضي عنه دَيْناً".

20 -

ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحبَّ الأعمالِ إلى الله تعالى بعد الفرائضِ إدخالُ السرورِ على المسلمِ" رواه الطبراني في الأوسط والكبير.

21 -

ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدخل على أهلِ بيتٍ من المسلمين سروراً لم يرضَ الله له ثواباً دون الجنة (4) " رواه الطبراني.

22 -

ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أيُّ الناس أحَبُّ إلى الله؟ فقال: أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تُدخلهُ على مسلمٍ، تكشفُ

(1) إدخال السرور، كذا (ط وع ص 189 - 2)، وفي (ن د): إدخالك السرور.

(2)

غماً أو شدة.

(3)

تزيل عنه ما أهمه.

(4)

أي لا ثواب له غير الجنة جزاء.

ص: 394

عنه كُربةً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطردُ عنه جوعاً، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ (1) أحَبُّ إلىَّ من أن أعتكف في هذا المسجد. يعني مسجد المدينة شهراً، ومن كظم (2) غيظهُ، ولو شاء أن يُمْضِيَهُ (3) أمْضَاهُ (4) ملأ الله قلبهُ يوم القيامة رضى، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يقضيها له، ثَبَّتَ الله قدميه يوم تزولُ الأقدامُ" رواه الأصبهاني، واللفظ له، ورواه ابن أبي الدنيا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمّه.

23 -

وعن جعفر بن محمدٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أدخل رجلٌ على مؤمن سروراً إلا خَلَقَ الله عز وجل من ذلك السرور ملكاً يَعْبُدُ اللهَ عز وجل ويوحده، فإذا صار العبدُ في قبرهِ أتاه ذلك السرور فيقول: أما تعرفني؟ فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي أدخلتني على فلانٍ أنا اليومَ أُونِسُ (5) وَحْشَتَكَ، وأُلَقِّنُكَ (6) حُجَّتَكَ، وأُثَبِّتُكَ بالقولِ (7)

الثابت، وأُشْهِدُكَ مَشَاهِدَكَ (8) يوم القيامة، وأشفعُ (9) لك إلى ربك، وأريكَ مَنْزِلكَ من الجنة" رواه ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في كتاب الثواب، وفي إسناده من لا يحضرني الآن حاله، وفي مَتنه نكارة، والله أعلم.

24 -

وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شفعَ شفاعةً لأحدٍ، فأهْدَى له هديةً عليها فَقَبِلَهَا (10)،

فقد أتى باباً عظيماً من أبواب

(1) في حاجة، كذا (ط وع)، وفي (ن د): في حاجته.

(2)

ملك نفسه عند الغضب فلم ينتقم، وأمسك على الغيظ حباً في ثواب الله تعالى، فلا جزع، وكف عن تنفيذه مع القدرة على الانتقام "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" من سورة آل عمران.

(3)

يسعى للانتقام وأخذ العقوبة.

(4)

فعل.

(5)

أكون أنيساً سميراً لك مزيلاً عنك هذه الوحشة.

(6)

أفهمك جوابك للملكين: منكر ونكير، فتأخذ القول مشافهة مني لتثبت وتجيب جواباً حسناً محموداً.

(7)

أي الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن من قلوبهم كما قال تعالى: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت" من سورة إبراهيم.

(8)

مشاهدك كذا (ود ع ص 190)، وفي (ن ط): مشاهد أي أريك درجاتك وما أعده الله لك.

(9)

أكون واسطة رحمة لتنعم برضوان الله جل وعلا جزاء إدخال السرور على أخيك.

(10)

يريد صلى الله عليه وسلم أن تكون الشفاعة لله بلا انتظار شيء يعطى، فإذا سعى الإنسان في قضاء حاجة =

ص: 395

الكبائر" رواه أبو داود عن القاسم بن عبد الرحمن عنه.

= لأخيه فقدم له هدية وقبلها كان قبوله لما أعطى كبيرة يحاسبه الله على ذلك حساباً عسيراً ولا ثواب له في شفاعته السابقة وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم "اشفعوا فلتؤجروا" وفيه الترغيب في قضاء مصالح الناس لله.

الثمرات التي ينالها الشفيع في قضاء مصالح الناس كما بَيَّنَها صلى الله عليه وسلم:

أولاً: إذا شفع الإنسان في إزالة كربة نجاه الله من شدائد الآخرة (من فرج).

ثانياً: يبسط الله للشفيع رزقه في حياته ويكسبه النعيم بعد مماته (يسر الله عليه).

ثالثاً: يأمن الشفيع من عذاب الله يوم يشتد الهول.

رابعاً: السعي في مصالح الناس يزيد الشفيع عزاً وجاهاً ويفتح الله له باب الخيرات ويغدق عليه البركات، وإلا سلب نعمه منه لتقصيره في مساعدة الراجين (ما لم يملوهم).

خامساً: مدة السعي لأخيك عبادة وطاعة (كان خيراً له من اعتكاف).

سادساً: يحيط بالشفيع أبرار أطهار يدعون له، هم (ألف ملك).

سابعاً: قد يكون السعي لدى قضاء مصالح الناس سبباً لفك الشفيع من النار (أنا الذي بعثتني في حاجة كذا).

ثامناً: يكتسب الشفيع عند كل خطوة 70 حسنة وإزالة 70 ذنباً.

تاسعاً: في السعي لمصالح الناس صدقات جمة يؤديها الشفيع زكاة له على ما أنعمه عليه مولاه من الصحة والأرزاق (يعين ذا الحاجة) قضاء مصالح الناس سبب النجاة من الوقوع عند المرور على الصراط (إجازته).

عاشراً: تكفير الخطايا لمن فرح أخاه وأدخل عليه السرور، وكان جزاؤه دخول الجنة، وعد حبيب الله ورافقه ملك يؤنسه ويجلب له كل نعيم.

الحادي عشر: أن تقضى مصالح الناس لله بلا رشوة.

الثاني عشر: من قضى حاجة لأخيه وقبل هدية، فعل كبيرة.

الآيات القرآنية التي تحث على السعي في قضاء مصالح المسلمين:

(أ) قال تعالى: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها، وكان الله على كل شيءٍ مقيتاً"(85 من سورة النساء). مقتدراً حافظاً للشيء وشاهداً له. أي راعى بها حق مسلم ودفع عنه ضرراً بها أو جلب إليه نفعاً ابتغاء وجه الله تعالى، ومنه الدعاء لمسلم، قال عليه الصلاة والسلام "من دعا لأخيه بظهر الغيب استجيب له، وقال له الملك ولك مثل ذلك"(نصيب): ثواب الشفاعة والتسبب إلى الخير الواقع بها (سيئة): يريد بها محرماً (كفل): نصيب من وزرها مساوٍ لها في القدر (مقيتاً): مقتدراً أو شهيداً حافظاً، من أقات على الشيء إذا قدر، أو من القوت فإنه يقوي البدن ويحفظه. أهـ بيضاوي.

وفي غريب القرآن (من يشفع): أي من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفيعاً له أو شفعا له في فعل الخير والشر فعاونه وقواه وشاركه في نفعه وضره، وقيل الشفاعة هاهنا أن يشرع الإنسان للآخر طريق خير، أو طريق شر فيقتدى به فصار كأنه شفع له، وذلك كما قال عليه السلام (من سنة سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنةسيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها) أي إثمها وإثم من عمل بها. أهـ ص 264

(ب) وقال تعالى: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"(60 من سورة الرحمن).

(جـ) وقال تعالى: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"(34 من سورة فصلت).

ومن الحسنات السعي في قضاء حاجات المسلمين لله تعالى ولإبقاء المودة والمحبة في نفوس معاشريه. =

ص: 396