الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجلُ لأخيه: يا كافرُ فقد باء (1)
بها أحدهما، فإن كان كما قال، وإلا رجعت عليه" رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
2 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال: يا عدو (2) الله،
(1) رجع بالإلحاد والزندقة، والمروق من الدين لأن نداء: يا كافر: أي خارج عن حدود الإسلام فكأنه وصمه بالتعدي على الدين وآدابه، وفي غريب القرآن: الكافر على الإطلاق متعارف فيمن يجحد الوحدانية أو النبوة أو الشريعة أو ثلاثتها، وقد يقال كفر لمن أخل بالشريعة وترك ما لزمه من شكر الله عليه، قال تعالى:"من كفر فعليه كفره" يدل على ذلك مقابلته بقوله تعالى: "ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون"(44 من سورة الروم). وقال: "وأكثرهم الكافرون"(83 من سورة النحل). وقوله: "ولا تكونوا أول كافر به"(من سورة البقرة). أي لا تكونوا أئمة في الكفر فيقتدى بكم، وقوله تعالى:"ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون"(55 من سورة النور).
عنى بالكافر الساتر للحق، فلذلك جعله فاسقاً، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعم من الفسق، ومعناه من جحد حق الله فقد فسق عن أمر ربه بظلمه، ولما جعل كل فعل محمود من الإيمان، جعل كل فعل مذموم من الكفر وقال في السحر:"وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر"(من سورة البقرة). وقوله: "الذين يأكلون الربا" إلى قوله: "كل كفار أثيم"(276 من سورة البقرة).
وقال: "ولله على الناس حج البيت" إلى قوله: "ومن كفر إن الله غني عن العالمين"(97 من سورة آل عمران). وقوله تعالى: "إن الإنسان لكفور"(66 من سورة الحج)، والكفور: المبالغ في كفران النعمة. وقوله تعالى: "أولئك هم الكفرة الفجرة"(42 من سورة عبس).
ألا ترى أنه وصف الكفرة بالفجرة، والفجرة قد يقال للفساق من المسلمين. أهـ.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الذي يصف أخاه المسلم بالكفر ينال ذنباً إن لم يكن كذلك، لماذا؟ لأن القائل يا كافر أعتقد أن عقائده زائغة وأعماله رديئة، وأفعاله سيئة وباطنه غاش منطو على الأذى، فإن صدق في قوله نجا، وأثم ذلك المتخلق بأخلاق الكفرة الفسقة العصاة، وإن كذب في قوله لأخيه يا كافر عصى الله، ووصفه بما ليس فيه، لأنه رجل صالح متمسك بالدين وبسنن خير المرسلين، صلى الله عليه وسلم فكأنه افترى عليه وتعدى عليه بما لا يليق به وهجم على ذم ذاته المصونة المكملة بالصالحات.
(2)
أي المحارب لآداب الله التارك لأوامره.
وليس كذلك (1) إلا حَارَ عليه" رواه البخاري ومسلم في حديثٍ.
[حار] بالحاء المهملة والراء: أي رجع.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لأخيه: يا كافرُ فقد باء بها أحدُهُمَا (2) " رواه البخاري.
4 -
وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أكْفَرَ رجُلٌ (3) رَجُلاً إلا باء أحدهما بها إن كان كافراً، وإلا كَفَرَ بتكفيره (4) " رواه ابن حبان في صحيحه.
5 -
وعن أبي قلابة رضي الله عنه: "أن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أخبرهُ أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرةِ (5)، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حَلَفَ على يمينٍ بملةٍ (6) غير الإسلام كاذباً متعمداً،
(1) أي ليس هو تاركاً أوامره مخالفاً لدينه تعالى، بل كان صالحاً عاملاً مؤمناً حقاً فيرجع العقاب للقائل الآثم الخاطئ، لأنه اعتدى عليه بوصفه بالخروج عن الدين.
(2)
لأنه إما أن يصدق عليه أو يكذب، فإن صدق فهو كافر، وإن كذب عاد الكفر إليه بتكفيره أخاه المسلم. والكفر صنفان: أحدهما الكفر بأصل الإيمان، وهو ضده، والآخر الكفر بفرع من فروع الإسلام، فلا يخرج به عن أصل الإيمان، وقيل الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلاً، ولا يعترف به، وكفر جحود ككفر إبليس يعرف الله بقلبه، ولا يقر بلسانه. وكفر عناد، وهو أن يعترف بقلبه ويعترف بلسانه، ولا يدين به حسداً وبغياً ككفر أبي جهل، وأضرابه، وكفر نفاق، وهو أن يقر بلسانه، ولا يعتقد بقلبه. قال الهروي: سئل الأزهري عمن يقول بخلق القرآن أتسميه كافراً؟ فقال الذي يقوله كفر، فأعيد عليه السؤال ثلاثاً، ويقول مثل ما قال. ثم قال في الآخر: قد يقول المسلم كفراً. أهـ نهاية ص 26
وقال الشيخ الشرقاوي: (يا كافر) أي يقصد حقيقة ذلك إلا ارتدت عليه الرمية فيصير هو فاسقاً أو كافراً إن لم يكن صاحبه المرمي كذلك، وإن كان موصوفاً بذلك، فلا يرتد إليه شيء لكونه صدق فيما قاله، فإن قصد بذلك تعبيره بذلك وشهرته، وأذاه حرم عليه، لأنه مأمور بستره وتعليمه وموعظته بالحسنى فمهما أمكنه ذلك بالرفق حرم عليه فعله بالعنف، لأنه قد يكون سبباً لإغوائه وإصراره على ذلك الفعل كما في طبع كثير من الناس من الأنفة، لاسيما إن كان الآمر دون المأمور في الدرجة، فإن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز له ذلك. أهـ ص 306 جـ 3
(3)
أي رماه بالكفر ونسبه إلى المروق والإلحاد والزندقة.
(4)
أثم بإسناد التهمة الباطلة إليه.
(5)
شجرة الرضوان بالحديبية.
(6)
بتنوين ملة فغير صفة، وعلى بمعنى الباء، ويحتمل أن يكون التقدير: من حلف على شيء بيمين فحذف المجرور وعدى الفعل بعلى بعد حذف الباء، والأول أقل في التخيير كأن يقول: إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني كاذباً. أهـ شرقاوي.
فهو كمال قال (1)، ومن قتل نفسهُ بشيء عُذِّبَ به (2)
يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ (3) فيما لا يملك (4)، وَلَعْنُ المؤمن كقتلهِ (5)، ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله، ومن ذبح نفسهُ بشيء عُذِّبَ به يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم، ورواه أبو داود والنسائي باختصار والترمذي وصححه، ولفظه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المرء نذرٌ فيما لا يملكُ، وَلَاعِنُ المؤمن كقاتلهِ، ومن قذف (6) مؤمناً بكفرٍ فهو كقاتله، ومن قتل نفسهُ بشيء (7) عُذِّبَ بما قتل به نفسهُ يوم القيامة".
6 -
وعن عمران بن حُصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجلُ لأخيهِ يا كافرُ (8)،
فهو كقتله" رواه البزار، ورواته ثقات.
(1) فهو مثل قوله أو كالذي قاله، والمعنى فمثله مثل قوله، لأن هذا الكلام محمول على التعليق مثل أن يقول هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا كما مر. والحاصل أنه يحكم عليه بالذي نسبه لنفسه، وظاهره أنه يكفر، وهو محمول على من أراد أن يكون متصفاً بذلك إذا وقع المحلوف عليه، لأن إرادة الكفر كفر، فيكفر في الحال أو المراد التهديد والمبالغة في الوعيد، لأن الحكم، وإن قصد تبعيد نفسه عن الفعل فليس بيمين، ولا يكفر به. قال في الروضة وليقل: لا إله إلا الله محمد رسول الله للحديث الصحيح عن أبي هريرة مرفوعاً "من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله" ففيه دليل على أنه لا كفارة على من حلف بغير الإسلام بل يأثم وتلزمه التوبة، لأنه صلى الله عليه وسلم جعل عقوبته في دينه، ولم يوجب في ماله شيئاً. أهـ شرقاوي.
(2)
ليكون الجزاء من جنس العمل، وإن كان عذاب الآخرة أعظم.
(3)
أي وفاء نذر.
(4)
كأن يقول إن شفى الله مريضي فعبد فلان حر أو أتصدق بدار زيد، أما لو قال إن شفى الله مريضي فعليَّ عتق رقبة، ولا يملك شيئاً في تلك الحالة فليس من النذر فيما لا يملك، لأنه يقدر عليه في الجملة حالاً أو مآلاً فهو يملكه بالقوة.
(5)
في التحريم أو في العقاب أوفي الإبعاد، لأن اللعن تبعيد من رحمة الله تعالى، والقتل تبعيد من الحياة، والتقييد بالمؤمن للتشنيع أو للاحتراز عن الكافر فيجوز لعنه إذا كان غير معين كقوله: لعن الله الكفار أو اليهود أو النصارى. أما المعين فلا يجوز لعنه، ومثله العاصي المعين على المشهور، ونقل ابن العربي الاتفاق عليه.
(6)
رماه، لأن النسبة إلى الكفر الموجب للقتل كالقتل في أن المتسبب في الشيء كفاعله. أهـ شرقاوي ص 307 جـ 3
(7)
قتله كحديدة أو مدية أو رمى نفسه من شاهق أو تجرع سماً، فالله تعالى يعذبه في جهنم من نوع الآلة التي استعملها في الانتحار كما في الحديث الصحيح "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً" الحديث.
(8)
أي نسب إليه الخروج عن الإسلام وآدابه فذنبه على ذلك مثل إعدام روحه وإزهاقها، وفي الجامع =