الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[العائل]: هو الفقير.
[المزهو]: هو المعجب بنفسه المتكبر.
ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَجِدُونَ الناس معادن (1) خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فَقَهُوا (2)، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهةً، وتجدون شر الناس
= عن الإيمان فقرأ هذه الآية. أهـ باختصار ص 334 جـ 4، فمعرفة الله تعالى وتعظيمه والخوف منه لا نهاية لها بمقدار حبه لربه.
خلاصة فوائد حديث سيدنا كعب رضي الله عنه أحد الثلاثة:
جواز طلب أموال الكفار دون الحرب، جواز الغزو في الشهر الحرام إذا لم تقتض المصلحة ستره، وأن الإمام إذا استنفر الجيش عموماً لزمهم النفير، إباحة الغنيمة لهذه الأمة إذ قال: يريدون عير قريش فضيلة أهل بدر، والعقبة والمتابعة مع الإمام، جواز الحلف من غير استحلاف، والتأسف على ما فاته من الخير وهجران أهل البدعة، وأن للإمام أن يؤدب بعض أصحابه بإمساك الكلام عنه وترك قربان الزوجة واستحباب صلاة القادم، ودخوله المسجد أولاً، وتوجه الناس إليه عند قدومه، والحكم بالظاهر، وقبول المعاذير، واستحباب البكاء على نفسه، ومسارقة النظر في الصلاة لا تبطلها، وفضيلة الصدق، وأن السلام ورده كلام، وجواز دخوله في بستان صديقه بلا إذنه، وأن الكناية لا يقع بها الطلاق ما لم ينوه، وإيثار طاعة الله ورسوله على مودة القريب، وخدمة المرأة لزوجها والاحتياط بمجانبة ما يخاف منه الوقوع في منهي عنه إذا لم يستأذن في خدمة امرأته لذلك وجواز إحراق ورقة فيها ذكر الله إذا كان لمصلحة، واستحباب التبشير عند تجدد نعمة واندفاع الكربة، واجتماع الناس عند الإمام في الأمور المهمة وسروره بما يسر أصحابه، والتصدق بشيء عند ارتفاع الحزن، والنهي عن التصدق بكل ماله عند عدم الصبر، وإجازة البشير بخلعة، وتخصيص اليمين بالغيبة، وجواز العارية، ومصافحة القادم والقيام له والتزام مداومة الخير الذي ينتفع به، واستحباب سجدة الشكر.
وفيه عظيم أمر المعصية، وعن الحسن البصري أنه قال: يا سبحان الله ما أكل هؤلاء الثلاثة مالاً حراماً، ولا سفكوا دماً حراماً ولا أفسدوا في الأرض، وأصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكيف بمن يواقع الفواحش والكبائر؟ رواه ابن أبي حاتم.
وفيه أن القوي يؤاخذ أشد مما يؤاخذ به الضعيف في الدين، وفي جواز إخبار المرء عن تقصيره وتفريطه، وفيه جواز مدح الرجل بما فيه من الخير إذا أمن الفتنة وتسلية نفسه بما لم يحصل له بما وقع لنظيره، وفيه جواز ترك السلام على من أذنب وجواز هجره ثلاثه أيام، وفيه تبريد حر المعصية بالتأسي بالنظير، وفيه جواز ترك رد السلام على المهجور عمن سلم عليه إذ لو كان واجباً لم يقل كعب: هل حرك شفتيه برد السلام؟ وفيه أن قول المرء: الله ورسوله أعلم ليس بخطاب ولا كلام فلا يحنث به من حلف أن لا يكلم فلاناً إذا لم ينو مكالمته، وفيه مشروعية العارية. أهـ شرح العيني ص 56 جـ 18.
(1)
أصنافاً مختلفة.
(2)
فهموا أسرار الدين وعملوا بآدابه ونفذوا أوامره واجتنبوا مناهيه.
ذا الوجهين (1) الذي يأتي هؤلاء بوجهٍ، وهؤلاء بوجهٍ (2) " رواه مالك والبخاري ومسلم.
2 -
وعن محمد بن زيدٍ أن ناساً قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: "إننا ندخلُ على سُلطاننا فنقولُ بخلافِ ما نتكلمُ (3) إذا خرجنا من عنده، فقال: كنا نَعُدُّ هذا نفاقاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري.
3 -
وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذُو الوجهين في الدنيا يأتي يوم القيامة، وله وجهان من نارٍ (4) " رواه الطبراني في الأوسط.
(1) الطائفتين المتضادتين فيطلع المنافق على أسرار كل طائفة بخداعه، أو المراد بالناس عامتهم. قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس، لأن حاله حال المنافق إذ هو متعلق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس. قال النووي: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع، وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة، قال فأما من يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود، وقال غيره: الفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها ويقبحه عند الأخرى ويذم كل طائفة عند الأخرى، والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى وينقل إليها ما أمكنه من الجميل، ويستر القبيح، وتأوله قوم على أن المراد به المرائي بعمله، فيرى الناس خشوعاً واستكانة، ويوهمهم أنه يخشى الله حتى يكرموه، وهو في الباطن بخلاف ذلك. أهـ فتح ص 364 جـ 10
والمعنى المداهن المتملق باعث الفتن وناشر الدسائس بين المتصافيين أو الخصمين أكثر عداوة لله تعالى ويحسب من شرور الناس، وقال القسطلاني: ويظهر عند كل منهم أنه منهم يتملق بالباطل ويخل الفساد بينهم، نعم لو أتى كل قوم بكلام فيه صلاح واعتذار ونقل ما أمكنه من الجميل وستر القبيح كان محموداً. أهـ.
(2)
أي يتزلف إلى الفريقين ليوهم كلاً منهما أنه من أنصاره وأوليائه ويخبرهما أخباراً كاذبة تزيد الجفاء والنفور وتغرس الضغائن والأحقاد في قلوبهما فتشتعل نار العداوة. أنه وضيع مهين ماكر لئيم خبثت طباعه وانحطت أخلاقه لا وازع يردعه ولا ضمير يزجره ولا خوف من الله تعالى يؤنبه، قال صلى الله عليه وسلم:"شر عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة" فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه ذو وجهين لعدم الركون إليه في أقواله وطلب نبذه واحتقاره، جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فألقى إليه خبراً بشأن رجل آخر فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك فإن لم تكن كاذباً فأنت ممن يدخلون في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"(من سورة الحجرات). وإن كنت كاذباً فأنت ممن يصدق عليه قوله تعالى: "هماز مشاءٍ بنميم"(11 من سورة القلم). وإن شئت عفونا عنك، قال العفو يا أمير المؤمنين ولا أعود.
فاحذر أخي أن تتردد بين متعاديين لتحسن طرق المعاداة خشية أن تكون مبغضاً عند الله تعالى مطروداً من رحمته، فهذا عمل المنافق.
(3)
أي نظهر خلاف ما نبطن ونتحدث بالثناء والإطراء، وفي غيبته نذمه ونعدد مساويه.
(4)
يخلقه الله تعالى على أبشع صورة وأقبح هيئة وأردأ حالة، لأنه يتلون في حياته ويتذبذب ويداهن =
من كان ذا لسانين جعل الله له يوم القيامة لسانين من نار
4 -
وعن عمار بن ياسرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نارٍ" رواه أبو داود، وابن حبان في صحيحه.
5 -
ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان ذا لسانين (1) جعل الله له يوم القيامة لسانين من نارٍ (2) " رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت والطبراني والأصبهاني وغيرهم.
= ويمالق فيحشره الله بوجهين احتقاراً له وبلسانين ازدراء به فيراه الناس فيذمونه ويفضحونه. لماذا؟ لأنه كان يقول بلسانه ما ليس في قلبه ويتقرب إلى الناس بالباطل ليفرح بالخصام ويسر بالتفريق، ويخالف اعتقاده ويميت ضميره بمتابعة هدى غيره ومسايرته، والغرض من هذا الحديث الحث على الثبات والرزانة واجتناب السوء، والتبغيض في الإفساد بين الناس وحفظ الكرامة والترغيب في الصراحة وحب الإصلاح ليسود الصفاء ويعم الهناء فترفرف شارات السعادة في أحياء المدينة العامرة بأهلها.
(1)
أي يقابل هذا فيذم عدوه ويقدح في عرض خصمه، وإذا قابل هذا الخصم أثنى عليه وذم من كان يمدحه، وهكذا فيكيل بلسانين:
(أ) المدح.
(ب) الذم.
(2)
يقلب الله هئيته في الآخرة فيظهر بلسانين في جهنم زيادة عقاب ليذوق أشد الآلام ويصطلي لسانه النار مضاعفة "نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممدة"(6 - 9 من سورة الهمزة). نسأل الله السلامة والرعاية والهداية.
الآيات الذامة ذا الوجهين وذا اللسانين:
(أ) قال الله تعالى: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد"(204 - 206 من سورة البقرة). (الألد): الخصم الشديد العنيد، والحرث: الزرع، والعزة: الأنفة التي حملته على ارتكاب .. ، والمهاد: الفراش.
(ب) وقال تعالى: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً"(145 - 146 من سورة النساء)"درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفوراً رحيما"(96 من سورة النساء).
(جـ) وقال تعالى: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"(8 - 12 من سورة البقرة).
(د) وقال تعالى: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين"(14 - 16 من سورة البقرة). =