الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من ادعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة
5 -
وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه لم يَرَحْ (1) رائحة الجنة، وإن ريحها لَيُوجَدُ من قدر سبعين عاماً، أو مسيرة سبعين عاماً" رواه أحمد وابن ماجة إلا أنه قال: وإن ريحها ليوجدُ من مسيرة خمسمائة عامٍ، ورجالهما رجال الصحيح، وعبد الكريم هو الجزري ثقة احتج به الشيخان وغيرهما، ولا يلتفت إلى ما قيل فيه.
6 -
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين" رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان في صحيحه.
7 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تولى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعدهُ من النار" رواه ابن حبان في صحيحه.
8 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعةُ إلى يوم القيامة" رواه أبو داود.
9 -
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى نسباً لا يُعْرَفُ كَفَرَ بالله، أو انتفى من نَسَبٍ وإن دَقَّ كَفَرَ بالله" رواه الطبراني في الأوسط من رواية الحجاج بن أرطاة، وحديث عمرو بن شعيب يعضده.
ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحد
فيما يذكر من جزيل الثواب
1 -
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ مسلم يموت له ثلاثة (2) لم يبلغوا الحِنْثَ إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمتهِ إياهم" رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
(1) لم يشم، قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم"(24 من سورة الأنفال).
(2)
المعنى كل مسلم توفيت له ثلاثة صغار فصبر وطلب العوض من الله تعالى وانتظر الأجر منه تفضل الله عليه إزاء صبره بدخول الجنة.
وفي رواية للنسائي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من احتسب ثلاثةً من صُلْبِهِ دخل الجنة، فقامت امرأةٌ فقالت: أو اثنان؟ فقال: أو اثنان. قالت المرأة: يا ليتني قلتُ: واحدةٌ، ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً: "من احتسب ثلاثةً من صلبه دخل الجنة".
[الحنث]: بكسر الحاء، وسكون النون: هو الإثم والذنب، والمعنى أنهم لم يبلغوا السن الذي تكتب عليهم فيه الذنوب.
2 -
وعن عتبة بن عبدٍ السُّلمي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يموت له ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تَلَقَّوْهُ (1) مِنْ أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل" رواه ابن ماجة بإسناد حسن.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الولد فتمَسَّهُ النارُ إلا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ (2) " رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
ولمسلم: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لنسوةٍ من الأنصار: لا يموت لإحداكن ثلاثةٌ من الولد فتحتسبهُ إلا دخلت الجنة. فقالت امرأةٌ (3) منهن: أو اثنانِ يا رسول الله؟ قال: أو اثنان".
وفي أخرى له أيضاً قال: "أتت امرأةٌ بصبيٍ لها، فقالت: يا نبي اللهِ: ادعُ الله لي فلقد دفنتُ ثلاثةً، فقال: أدفنتِ ثلاثةً؟ قالت: نعم. قال: لقد احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شديدٍ من النار".
[الحظار]: بكسر الحاء المهملة، وبالظاء المعجمة: هو الحائط يجعل حول الشيء كالسور المانع، ومعناه لقد احتميتِ وتحصنت من النار بحمى عظيم، وحصن حصين.
(1) الأطفال يقابلون آباءهم من أي باب يدخلونهم الجنة.
(2)
أي يذهبون جهتها فقط كما قال تعالى: "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً" قال البيضاوي (إلا واردها) إلا واصلها وحاضر دونها يمر بها المؤمنون، وهي خامدة، وتنهار بغيرهم (حتماً مقضياً) كان ورودهم واجباً، أوجبه الله على نفسه، وقضى به بأن وعد به وعداً لا يمكن خلفه، وقيل أقسم عليه. أ. هـ "ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً".
(3)
هي أم سليم والدة أنس بن مالك كما رواه الطبراني بإسناد جيد عنها.
ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة
4 -
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما مِنَ مسلمين يموتُ بينهما ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحِنْثَ إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم" رواه ابن حبان في صحيحه، وهو في المسند من حديث أم أنس بن مالك، وفي النسائي بنحوه من حديث أبي هريرة، وزاد فيه قال "يُقالُ لهمُ ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى تدخلَ آباؤنا، فيقالُ لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم".
5 -
وعن أبي حسان رضي الله عنه، قال:"قلتُ لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنانِ، فما أنت مُحدِّثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يُطَيِّبُ أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم، صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الجنة يتلقى أحدهم أباهُ، أو قال أبويه، فيأخذُ بثوبهِ، أو قال: بيده كما آخُذُ أنا بِصَنَفَةِ ثَوْبِك هذا، فلا يتناهى، أو قال: ينتهي حتى يُدخله الله وأباه الجنة" رواه مسلم.
[الدعاميص]: بفتح الدال جمع دُعموص بضمها، وهي: دويبة صغيرة يضرب لونها إلى السواد تكون في الغدران إذا نشفت، شبه الطفل بها في الجنة لصغره، وسرعة حركته، وقيل: هو اسم للرجل الزوَّار للملوك، الكثير الدخول عليهم والخروج، لا يتوقف على إذن منهم، ولا يخاف أين ذهب من ديارهم، شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء لا يمنع من بيت فيها ولا موضع، وهذا قول ظاهر، والله أعلم.
[وَصَنَفَةِ الثوب]: بفتح الصاد المهملة والنون، بعدهما فاء وتاء تأنيث: هي حاشيته وطرفه الذي لا هدب له، وقيل: بل هي الناحية ذات الهدب.
6 -
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ذهب الرجالُ بحديثكَ فاجعلْ لنا من نفسك يوماً نأتِكَ فيه تُعلمنا مما علمك الله. قال: اجتمعن يوم كذا وكذا في موضعِ كذا وكذا فاجتمعن، فأتاهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُنَّ مما علمه الله، ثم قال: ما منكنَّ
من امرأةٍ تُقَدِّمُ ثلاثةً من الولد إلا كانوا لها حجاباً (1) من النار، فقالت امرأةٌ: واثنين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: واثنين" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
مَنْ أثْكَلَ ثلاثةً من صُلْبِهِ فاحتسبهم على الله في سبيل الله وجبت له الجنة
7 -
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ أثْكَلَ (2) ثلاثةً من صُلْبِهِ فاحتسبهم (3) على الله في سبيل الله عز وجل: وجبت له الجنة" رواه أحمد والطبراني ورواته ثقات.
8 -
وعن عبد الرحمن بن بشيرٍ الأنصاري رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات له ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحِنْثَ لم يَرِدِ النار إلا عابر (4)
سبيل، يعني الجواز على الصراط" رواه الطبراني بإسناد لا بأس به، وله شواهد كثيرة.
9 -
وعن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: "قلتُ له حدثنا حديثاً سمعتهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه انتقاصٌ، ولا وَهَمٌ. قال: سمعته يقول: مَنْ ولد له ثلاثةُ أولادٍ في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحِنْثَ أدخله الله الجنة برحمته إياهم، ومن أنفق زوجين في سبيل الله، فإن للجنة ثمانية أبواب يُدْخِلُهُ اللهُ من أي بابٍ شاء من الجنة" رواه أحمد بإسناد حسن.
10 -
وعن حبيبة أنها كانت عند عائشة رضي الله عنها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها فقال:"ما من مُسلمين يموتُ لهما ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحنث إلا جيء بهم يوم القيامة حتى يُوقفوا على باب الجنة فيقال لهم: ادخلوا الجنة فيقولون: حتى تدخلَ آباؤنا، فيقالُ لهمُ: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم (5) " رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن جيد.
11 -
وعن زُهير بن علقمة رضي الله عنه قال: جاءت امرأةٌ من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنٍ لها مات فكأن القوم عَنَّفُوهَا (6)، فقالت: يا رسول الله: قد مات لي ابنانِ منذ دخلتُ في الإسلام سوى هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) واقياً مانعاً.
(2)
فقد.
(3)
فوض أمره لربه، وطلب ثوابه، ولم يفعل ما يغضبه جل وعلا.
(4)
ماراً.
(5)
يقبل الله تفضلاً شفاعتهم بآبائهم.
(6)
أنبوها.
والله لقد احْتَظَرْتِ من النار بِحِظَارٍ شديدٍ" رواه الطبراني في الكبير بإسناد صحيح، وتقدم معنى الحظار.
ما من مسلمين يُقدمان ثلاثةً لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة
12 -
وعن الحارث بن أقيش رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يموتُ لهما أربعةُ أولادٍ: إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته، قال رجلٌ: يا رسول الله وثلاثةٌ؟ قال: وثلاثةٌ. قال: واثنان" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده، وأبو يعلى بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يُقدمان ثلاثةً لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمتهِ إياهم. قالوا: يا رسول الله وذَوَا الاثنين؟ قال: وذوا الاثنين، إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثرُ من مُضَرَ، وإن من أمتي من يُستعظمُ للنار حتى يكونَ إحدى زواياها".
13 -
وعن أبي بُرْدَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلمين يموتُ لهما أربعةٌ أفرَاطٌ (1) إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته، قالوا: يا رسول الله وثلاثةٌ؟ قال: وثلاثةٌ. قالوا: واثنان؟ قال: واثنان. قال: وإن من أمتي لمن يُعظَّمُ للنار حتى يكون أحد زواياها (2)، وإن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته مثل مُضَرَ" رواه عبد الله ابن الإمام أحمد، ورواته ثقات، وأراه حديث الحارث بن أقيش الذي قبله، ويأتي بيان ذلك إن شاء الله.
14 -
وعن أبي ثعلبة الأشجعي رضي الله عنه قال: قُلتُ يا رسول الله مات لي ولدان في الإسلام، فقال: من مات له ولدان في الإسلام أدخلهُ الله الجنة بفضلِ رحمته إياهما، قال: فلما كان بعد ذلك لَقيَني أبو هريرة، فقال لي: أنت الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الزائدين ما قال؟ قلتُ: نعم. قال: لأن يكون قاله لي أحبُّ إليَّ مما غُلِّقَتْ عليه حِمْصُ وَفِلِسْطِينُ" رواه أحمد والطبراني ورواة أحمد ثقات.
(1) أطفال متقدمون صغار، ومنه: اللهم اجعله فرطاً: للطفل الميت: أي أجراً متقدماً.
(2)
يكبر: أي يدخل فيهما فيسد فراغاً كبيراً في جهنم لشدة جرمه.
[فلسطين] بكسر الفاء، وفتح اللام، وسكون السين المهملة: كورة بالشام، وقد تفتح الفاء.
15 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مات له ثلاثةٌ من الولد فاحتسبهم دخل الجنة، قال قلنا: يا رسول الله: واثنان؟ قال: واثنانِ. قال محمودٌ، يعني ابن لبيدٍ، فقلتُ لجابرٍ: أراكم لو قلتم: واحداً لقال واحداً. قال: وأنا أظن ذلك" رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه.
16 -
وعن قُرَّةَ بن إياسٍ رضي الله عنه: أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه ابنٌ لهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تُحِبُّهُ؟ قال: نعم يا رسول الله أحبك الله (1) كما أُحِبُّهُ فَفَقَدَهُ (2) النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل فلانُ بن فلانٍ؟ قالوا يا رسول الله: مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه: ألا تُحِبُّ أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟ فقال رجلٌ يا رسول الله: ألَهُ خاصةً أم لِكُلِّنَا؟ قال: بل لِكُلِّكُمْ" رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والنسائي وابن حبان في صحيحه باختصار قول الرجل: ألَهُ خاصةً. إلى آخره.
وفي رواية النسائي قال: "كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جَلَسَ إليه نفرٌ من أصحابه: فيهم رجلٌ له ابنٌ صغيرٌ يأتيه من خلف ظهرهِ فيقعدهُ بين يديه فهَلَكَ فامتنعَ الرجلُ أن يَحْضُرَ الحلقةَ لذكرِ ابنهِ، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي لا أرى فلاناً؟ قالوا يا رسول الله: بُنَيُّهُ الذي رأيته هَلكَ، فَلَقِيَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فسألهُ عن بُنيِّهِ فأخبره أنه هلك فَعَزَّاهُ عليه (3)،
ثم قال: يا فلان! أيما كان أحبُّ إليك؟ أن تتمتع به عُمْرَكَ (4)، أو لا تأتي إلى بابٍ من أبواب الجنة إلا وجدتهُ قد سبقك إليه
(1) زادك الله محبة.
(2)
مكث مدة لم يره صلى الله عليه وسلم، وغاب ذلك الرجل عن الرسول مدة فسأل عنه فقيل توفي ابنه.
(3)
قال له اصبر، وتعز وفوض أمرك لله، وعظم الله أجرك، وفيه أن التعزية سُّنة، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:
إني معزيك لا أني على ثقة
…
من الخلود ولكن سُّنة الدين
فما المعزي بباقٍ بعد ميته
…
ولا المعزى ولو عاشا إلى حين
(4)
مدة حياتك.
يَفْتَحُهُ لك. قال يا نبي الله: بل يَسْبِقُني إلى باب الجنة فيفتحها، لَهُوَ (1) أحبُّ إليَّ قال: فذاك لك (2) ".
17 -
وعن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسملين يتوفى لهما ثلاثةٌ من الولد إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمتهِ إياهم، قالوا: يا رسول الله! أو اثنان؟ قال: أو اثنانِ. قالوا: أو واحدٌ، ثم قال: والذي نفسي بيده إن السِّقْطَ لَيَجُرُّ أمَّهُ بِسَرَرِهِ إلى الجنة إذا احتسبتهُ" رواه أحمد والطبراني، وإسناد أحمد حسن أو قريب من الحسن.
[السرر]: بسين مهملة وراء مكررة محركاً: هو ما تقطعه القابلة، ومابقي بعد القطع فهو السرة.
18 -
وعن أبي سلمى رضي الله عنه راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بَخٍ بخٍ، وأشار بيد لخمسٌ ما أثقلهنَّ في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولد الصالح يُتوفى للمرء المسلم فيَحْتَسِبُهُ" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه؛ واللفظ له والحاكم، ورواه البزار من حديث ثوبان، وحسن إسناده، والطبراني من حديث سفينة؛ ورجاله رجال الصحيح وتقدم.
من كان له فَرَطَان من أمتي أدخله الله بهما الجنة
19 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان له فَرَطَان من أمتي أدخله الله بهما الجنة؛ فقالت له عائشة: فمن كان لهُ فَرَطٌ؟ فقال: ومن كان له فرطٌ يا مُوَفَّقةُ. قالت: فمن لم يكن له فَرَطٌ من أمتك؟ قال: فأنا فَرَطُ أمتي لن يُصابوا بمثلي" رواه الترمذي، وقال حديث حسن غريب.
[الفرط] بفتح الفاء والراء: هو الذي يدرك من الأولاد الذكور والإناث، وجمعه أفراط.
20 -
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَدَّمَ ثلاثةً من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حصناً (3) حصيناً من
(1) انتظاره لي أحب إليَّ.
(2)
أي مات، وثواب الصبر عليه أن يفتح لك باب الجنة.
(3)
وقاية منيعة.
النار، فقال أبو ذرٍ: قَدَّمت اثنين؟ قال: واثنين. قال أُبَيُّ بن كعب سيد القراء: قَدَّمْتُ واحداً؟ قال وواحداً" رواه ابن ماجة.
ما جاء في جزاء من مات له ولد فحمد الله واسترجع
21 -
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولدٌ لِعَبْدٍ قال الله عز وجل لملائكته (1): قبضتم (2) وَلَدَ عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرةَ فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حَمِدَكَ (3) واسترجعَ، فيقول: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيتَ الحمد" رواه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، وقال: حديث حسن غريب.
جزاء فقد الأولاد من فقه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الفتح (4):
(1) ملائكة الرحمة.
(2)
يقول الله تعالى: إعجاباً بصبره، وتحدثاً بكثرة ثوابه، وزيادة أجره.
(3)
قال: الحمد لله رب العالمين، إنا لله وإنا إليه راجعون، وحفظ لسانه مما يغضبه سبحانه، ولم يفعل معصية قال تعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"(155 - 157 من سورة البقرة).
(4)
أولاً: يتكرم الله جل وعلا على أبوي الأطفال فيدخلان الجنة "ما من مسلم" خرج الكافر، ومعنى الحنث كما قيل بلغ إلى زمان يؤاخذ بيمينه إذا حنث، وقال الراغب: عبر بالحنث عن البلوغ لما كان الإنسان يؤاخذ بما يرتكبه فيه بخلاف ما قبله، وخص الإثم بالذكر لأنه الذي يحصل بالبلوغ لأن الصبي قد يثاب وخص الصغير بذلك لأن الشفقة عليه أعظم، والحب له أشد، والرحمة له أوفر "بفضل رحمته إياهم" أي بفضل رحمة الله للأولاد، وقال القرطبي: وإنما خصت الثلاثة بالذكر لأنها أول مراتب الكثرة فبعظم المصيبة يكثر الأجر، فأما إذا زاد عليها فقد يخف أمر المصيبة لأنها تصير كالعادة كما قيل "روعت بالبين حتى ما أراع له" أ. هـ. قال في الفتح: والحق أن تناول الخبر الأربعة فما فوقها من باب أولى وأحرى. أ. هـ.
ثانياً: موت الأولاد ينشئ حصوناً متينة من دخول النار "الحظار: حجاب" المعنى تخفيف عذابه بسبب موت أولاده.
ثالثاً: استقبال الأبوين بالبشر والسرور، وفتح أبواب الجنة له احتراماً وإكراماً.
رابعاً: موت الأولاد يمنعه من الورود على النار "إلا تحلة القسم" قال في الفتح: أي ما ينحل به القسم، وهو اليمين، وهو مصدر حلل اليمين: أي كفرها، يقال حلل تحليلاً وتحلة وتحلا بغير هاء، والثالث شاذ، وقال أهل اللغة: يقال فعلته تحلة القسم: أي قدر ما حللت به يميني ولم أبالغ، وقال الخطابي: حللت القسم تحلة: أي أبررتها، وقيل معناه التقليل لأمر ورودها، وقيل الاستثناء بمعنى الواو: أي لا تمسه النار قليلاً ولا كثيراً ولا تحلة القسم، وقد جوز الفراء والأخفش مجيء إلا بمعنى الواو، وجعلا منه قوله تعالى:"لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم" أ. هـ. "وإن منكم إلا واردها" قال الخطابي: معناه لا يدخل النار ليعاقب بها، ولكنه يدخلها مجتازاً، ولا يكون ذلك الجواز إلا قدر ما يحلل به الرجل يمينه.
خامساً: أولاد المسلمين في الجنة لأنه يبعد أن الله يغفر للآباء بفضل رحمته للأبناء، ولا يرحم الأبناء، قاله المهلب. =