الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استعمل رجلاً من عصابةٍ، وفيهم مَنْ هو أرْضَى (1) لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين" روه الحاكم من طريق حسين بن قيس عن عكرمة عنه، قال: صحيح الإسناد.
[قال الحافظ]: حسين هذا هو حنش: واهٍ، وتقدم في الباب قبله.
2 -
وعن يزيد بن أبي سفيان قال: "قال لي أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين بعثني إلى الشام: يا يزيد إن لك قرابةً عَسِيتَ أن تُؤثِرَهُمْ بالإمارة، وذلك أكثرُ ما أخافُ عليك بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَلِيَ من أمْرِ المسلمين شيئاً، فَأمَّرَ عليهم أحداً مُحابَاةً (2)، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صَرْفاً، ولا عدْلاً (3) حتى يُدخِلَهُ جهنم" رواه الحاكم، وقال صحيح الإسناد.
[قال الحافظ]: فيه بكر بن خنيس يأتي الكلام عليه، ورواه أحمد باختصار، وفي إسناده رجل لم يسمّ.
ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما
1 -
عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشيَ (4) والمرتشيَ (5) " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة ولفظه:
(1) أي كفء صالح مؤمن، ففيه الترغيب في اختيار من يتقي الله ويرعى شئونهم بالحق والترهيب من اختيار غيره.
(2)
أي اختار رياء ومفاخرة ورهاناً ونفاقاً.
(3)
فرضاً ولا نفلاً.
(4)
دافع الأشياء: مقدم الشيء.
(5)
قابل الرشوة: اله تعالى يبعدهما من رحمته.
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنة الله على الراشي والمرتشي" وابن حبان في صحيحه والحاكم، وقال صحيح الإسناد.
2 -
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الراشي والمرتشي في النار" رواه الطبراني، ورواته ثقات معروفون، ورواه البزار بلفظه من حديث عبد الرحمن بن عوف.
3 -
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما مِنْ قَوْمٍ يظهرُ فيهم الربا إلا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ (1)، وما من قومٍ يظهرُ فيهم الرِّشَا (2) إلا أُخِذُوا بالرُّعْبِ (3) " رواه أحمد بإسناد فيه نظر.
4 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم" رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وزادوا: والرائش، يعني الذي يسعى بينهما.
5 -
وعن ثوبان رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي، والرائش، يعني الذي يمشي بينهما" رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني، وفيه أبو الخطاب لا يُعرف.
[الرائش] بالشين المعجمة: هو السفير بين الراشي والمرتشي.
6 -
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحُكْمِ" رواه الطبراني بإسناد جيد.
(1) بالسنة كذا (د وع) ص 82: وفي (ن ط) بالسوء، ومعنى السنة: القحط وشدة الغلاء وقلة الحاصلات وكثرة آفات الزراعة.
(2)
جمع رشوة بالكسر: ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، ورشوته رشواً أعطيته رشوة فارتشى: أي أخذ. أ. هـ مصباح. وفي النهاية "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" الرشوة الواصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشا الذي يتوصل به إلى الماء فالراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا، وأما ما يعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه. روى ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلى سبيله، وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم. أ. هـ ص 82
(3)
الفزع. الله تعالى يفقره ويزيده خوفاً ولا يبارك في أمواله وفي يوم ما يفضح أمره ويفصل من عمله.
7 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ وَلِيَ عشرةً فَحَكَمَ بينهم بما أحبوا، أو بما كرهوا جئ به مَغْلُولَةً يدهُ، فإن عَدَلَ، ولم يَرْتَشِ ولم يَحِفْ (1) فك الله عنه؛ وإن حَكَمَ بغير ما أنزل الله وارتشى وَحَابَى (2) فيه شُدَّتْ يسارهُ إلى يمينه، ثم رُميَ به في جهنم، فلم يبلغُ قعرها (3) خمسمائة عامٍ" رواه الحاكم عن سعدان بن الوليد عن عطاء عنه، وقال: سمعه الحسن بن بشر البجلي منه، وسعدان بن الوليد البجلي الكوفي قليل الحديث لم يخرّجا عنه.
8 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "الرشوة في الحُكم كُفْرٌ، وهي بين الناس سُحْتٌ (4) " رواه الطبراني موقوفاً بإسناد صحيح.
الترهيب من الرشوة والتعاون على فعلها من كلام الله تعالى (5):
(1) ولم يظلم. حاف يحيف حيفاً: جار وظلم سواء كان حاكماً أو غير حاكم فهو حائف.
(2)
تساهل في تنفيذه وقصر في حدود الله فيه مداهنة ونفاقاً، من حاباه محاباة: سامحه، مأخوذ من حبوته إذا أعطيته.
(3)
المعنى يهوى في قعر جهنم ويستمر نزوله مسيرة خمسمائة سنة حتى يصل إلى قرارها.
(4)
حرام لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة: أي يهلكها والسحت بالهدية: أي الرشوة في الحكم، ومنه حديث ابن رواحة وخرص النخل أنه قال ليهود خيبر لما أرادوا أن يرشوه: أتطعموني السحت: أي الحرام، سمى الرشوة في الحكم سحتاً. أ. هـ نهاية.
(5)
(أ) قال تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون"(188 من سورة البقرة). أي ولا يأكل بعضكم مال بعض بالوجه الذي لم يبحه الله تعالى، (وتدلوا): تلقوا (بالإثم): بالذنب كشهادة الزور واليمين الكاذبة وما يوجب ذلك من المفاسد، والحال أنكم تعلمون أنكم على باطل، أو تعلمون إضرار ذلك وقبحه.
(ب) قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً"(29 من سورة النساء). (بالباطل): أي بما لم يبحه الشرع كالرشوة والربا والغصب والسرقة والقمار وكل أنواع المناهي.
(جـ) قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
(د) قال تعالى في ذم اليهود والمنافقين ويجرى مجراهم عصاة المسلمين الذين يمدون أيديهم للرشوة: "وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون"(63 - 64 من سورة المائدة). (في الإثم): أي في الحرام، وقيل الكذب (والعدوان): الظلم ومجاوزة الحد في المعاصي (السحت): الحرام خصه بالذكر للمبالغة في إضراره، لبئس شيئاً عملوه (لولا ينهاهم): تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك، (يصنعون): أذم صنعهم وعمل خواصهم، والصنع يأتي بعد تدرب في العمل وتردد وتحري إجادة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ما أعده الله تعالى لمن وليَ مصالح الناس فعدل أو جار كما قال صلى الله عليه وسلم
أولاً: يظله الله في ظله، ويقف العادل على قمة العز والنور في كنف الله ورضوانه "على منابر".
ثانياً: يفوز العادل بالجنة ويحظى بمحبة الله تعالى "ذو سلطان مقسط".
ثالثاً: يعد العادل من أفضل خلق الله جل وعلا "رفيق".
رابعاً: يكره الله الإمام الظالم ولا تقبل شهادته ويسبب الفقر لرعيته.
خامساً: يستحق الإمام الجائر كل لعنة ولا تقبل صلاته.
سادساً: الإمام الجائر قائده الشيطان المتسلطن عليه.
سابعاً: يمر الجائر على الصراط فيسقط في النار وينجو العادل.
ثامناً: يقيد بالأغلال لظلمه ويطلق العادل.
تاسعاً: العادل يرأف الله به، والظالم يضيق عليه "فأشفق عليه".
عاشراً: ينجي الله العادل من أهوال الآخرة ويترك الجائر يتلظى في شدائدها "احتجب الله دون حاجته".
حادي عشر: يحوز العادل رضا الله والناس.
الخلال التي يتحلى بها من يتولى أمور الناس ليفوز بنعيم الله تعالى في وصف الحسن البصري للإمام العادل
سيدنا الحسن البصري أجاد وأفاد في وصف الإمام العادل لسيدنا عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة فقال رحمه الله: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل وقصد. (1) كل جائر وصلاح كل فاسد وقوة كل ضعيف، ونصفة (2) كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن موانع الهلكة، ويحميها من السباع ويكنفها من أذى الحر والقر (3) والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحفي على ولده يسعى لهم ويعلمهم كباراً يكتسب لهم في حياته، ويدخر لهم بعد مماته، والإمام العادل، يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها حملته كرهاً ووضعته كرهاً، وربته طفلاً، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة، وتفطمه أخرى، وتفرح بعاقبته، وتغتم بشكايته، والإمام العادل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى: وخازن المساكين يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح، تصلح الجوانح بصلاحه، وتفسد بفساده، والإمام العادل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم، فلا تسكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده، واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال، وشرد العيال، فأفقر أهله، وفرق ماله، واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش فكيف إذا أتاها من يليها؟ وأن الله جعل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم؟ واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده، وأنصارك عليه، فتزود له، ولما بعده من =
_________
(1)
هداية وإرشاد.
(2)
إغاثة وإنصاف.
(3)
البرد.