الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمانُ بضعٌ (1) وستون أو سبعون شعبةً (2) أدناها (3) إماطةُ (4) الأذى عن الطريق، وأرْفَعُهَا (5) قول: لا إله إلا الله (6) " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
= الله اكبر. يبين صلى الله عليه وسلم منازل المفتخرين بآبائهم وأجدادهم: منازل الحشرات الدنيئة الوضيعة في الدنيا والآخرة، إذ لا عمل صالح في صحيفتهم، ولا محامد ولا مكارم ترفعهم يوم ينظر المرء ما قدمت يداه.
نتائج احتقار المسلم كما قال صلى الله عليه وسلم:
أولاً: يبعد عنه أخوة الإسلام.
ثانياً: يجعله في صفوف الأشرار ويقصيه عن الأخيار (بحسب امرئٍ) لا يدخله الجنة.
ثالثاً: يجر له الدمار، ويجلب عليه الخيبة فهو أهلكهم.
رابعاً: يثيب الله من سخر منه، ويعذب الساخر (المتألي).
خامساً: عند الشدائد تفتح أمامه أبواب الجنة وتستهزئ به ملائكة الرحمة (أغلق دونه).
سادساً: يدل على سفاهة الرأي وضلال العقل وحماقة وجهالة (لأن التفاخر بالدين والعمل الصالح).
سابعاً: عنوان الطرد من رحمته لأن المقرب عنده سبحانه التقي "إن أكرمكم".
ثامناً: يلبسه في الآخرة لباس الذل والخيبة والخسران (أضع نسبكم) المحتقر مركبه وطئ (بطرني).
تاسعاً: يجر احتقار المسلم إلى الشقاء.
عاشراً: درجة الساخر مثل الحشرات (الجعلان) ولسالم بن وابصة الأسدي في الأخلاق، وهو شاعر إسلامي تابعي:
أحب الفتى ينفي الفواحش (1) سمعه
…
كأن به عن كل فاحشة وقرا (2)
سليم دواعي الصدر لا باسطا أذى
…
ولا مانعا خيرا ولا قائلا هجرا (3)
إذا شئت أن تدعى كريما مكرما
…
أديبا ظريفا عاقلا ماجدا حرا
إذا ما أتت من صاحب لك زلة
…
فكن أنت محتالا لزلته عذرا
غنى النفس ما يكفيك من مدخلة (4)
…
فإن زاد شيئا عاد (5) ذاك الغنى فقرا
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
…
يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول هأنذا
…
ليس الفتى من يقول كان أبي
(1)
من الثلاثة إلى التسعة.
(2)
الشعبة: الطائفة من كل شيء والقطعة منه.
(3)
أقربها إلى نيل الثواب.
(4)
إبعاد الضرر عن المارين.
(5)
أجلها النطق بالشهادتين، لأنه يدخل في زمرة المسلمين.
(6)
مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
_________
(1)
القبائح.
(2)
ثقل في السمع.
(3)
القبيح من الكلام.
(4)
حاجة.
(5)
صار.
[أماط] الشيء عن الطريق: نحاه وأزاله، والمراد بالأذى كل ما يؤذي المار كالحجر والشوكة والعظم والنجاسة ونحو ذلك.
2 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عُرضتْ عليَّ أعمالُ امتي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا (1)، فوجدتُ في محاسنِ أعمالها الأذى يُماطُ عن الطريق ووجدتُ في مساوي أعمالها النُّخَامةَ (2) تكون في المسجد لا تُدفنُ" رواه مسلم وابن ماجة.
3 -
وعن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه قال: "قلتُ يا نبي الله: إني لا أدري نفسي تمضي أو أبقى بعدك فزودني شيئاً ينفعني الله به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعل كذا، افعل كذا، وأمِرَّ (3) الأذى عن الطريق".
4 -
وفي رواية قال أبو برزة: "قلتُ يا نبي الله: علمني شيئاً أنتفع به، قال: اعزل الأذى عن طريق المسلمين (4) " رواه مسلم وابن ماجة.
5 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلَامَى (5) من الناس عليه صدقةٌ كل يومٍ تطلعُ فيه الشمسُ: تَعْدِلُ بين الاثنين (6) صدقةٌ، وَيُعينُ الرجل في دابته (7)، فَيَحْمِلُهُ عليها أم يرفعُ له عليها متاعهُ (8) صدقةٌ، والكلمةُ الطيبةُ (9) صدقةٌ، وبكل خطوةٍ يمشيها إلى
(1) جيدها ورديئها.
(2)
البصقة، وفي النهاية البزقة التي تخرج من أقصى الحلق. أهـ. فلاكتساب الثواب يواريها المسلم ويراعي نظافة المسجد.
(3)
أذهب، أمر من أمررت الشيء أمره إمراراً: إذا جعلته يمر.
(4)
نح وأبعد الأضرار، وكل ما يعطل سير المارين.
(5)
مفصل من مفاصل أعضاء الإنسان وعددها ثلثمائة وستون: والمعنى أيها الإنسان انظر إلى جسمك، وتركيبه بإبداع وإتقان فتصدق على هذه العدد المتينة المركبة من لحم ودم المتحركة بإرادة الله وقدرته.
(6)
تقول الحق وتفصل بين المتنازعين وتعين على الهداية وتتبع الصراط المستقيم في أقوالك وأعمالك يحسب لك حسنات وإنفاق في سبيل طاعة الله تعالى.
(7)
تساعد أخاك المسلم في أعماله وتقدم له الخير فينجح ويسعد.
(8)
ما يريد حمله.
(9)
الأقوال الحميدة العذبة الخالية من غضب الله وسخطه
الصلاة (1) صدقةٌ، ويميط الأذى عن الطريق صدقةٌ" رواه البخاري ومسلم.
إن أبواب الخير لكثيرة
6 -
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كُلِّ مِيْسَمٍ (2)
من الإنسان صلاةٌ كل يومٍ، فقال رجلٌ من القومِ: هذا من أشدِّ ما أنبأتنا به. قال: أمْرُكَ بالمعروفِ (3)، ونهيك عن المنكر (4) صلاةٌ، وَحَمْلُكَ على الضعيف صلاةٌ، وإنحاؤك القَذَرَ عن الطريق صلاةٌ، وكل خطوةٍ تخطوها إلى الصلاة صلاةٌ (5) " رواه ابن خزيمة في صحيحه.
7 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقةٌ في كل يومٍ طلعت فيه الشمسُ، قيل: يا رسول الله من أين لنا صدقةٌ نتصدقُ بها؟ فقال: إن أبواب الخير لكثيرةٌ: التسبيحُ، والتحميدُ، والتكبيرُ، والتهليلُ، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميطُ الأذى عن الطريق، وتُسْمِعُ الأصمَّ، وتُهْدِي الأعمى، وَتَدُلُّ المُستدلَّ على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحملُ بشدة ذراعيك مع الضعيف، فهذا كلهُ صدقةٌ منك على نفسك" رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي مختصراً، وزاد في رواية:"وتبسمك في وجه أخيك صدقةٌ، وإماطتك الحجرَ والشوكة والعظمَ عن طريق الناس صدقةٌ، وَهَدْيُكَ الرجلَ في أرض الضالة لك صدقةٌ".
(1) يذهب لتأدية الفريضة في المسجد. موقع نقل الرجل إلى موضع آخر ينال عشر حسنات.
خمس خصال جالبة الحسنات مزيلة السيئات:
(أ) العدل.
(ب) معاونة المسلم ومساعدته في أعماله.
(جـ) طيب القول.
(د) الذهاب إلى المسجد للصلاة.
(هـ) إبعاد الأضرار عن المارين. كل هؤلاء زكاة على نعمة الصحة النضرة.
(2)
على كل عضو موسوم بصنع الله تعالى صدقة. أهـ نهاية. وسمت الشيء وسماً، والاسم: السمة، وهي العلامة ومنه الموسم، لأنه معلم يجتمع إليه، واسم الآلة التي يكون بها ويعلم ميسم بكسر الميم، وهو موسوم بالخير: ووسم وسامة: حسن وجهه.
(3)
إرشادك إلى الخير.
(4)
النصيحة عن اجتناب ما يغضب الله تعالى.
(5)
صدقة. يريد صلى الله عليه وسلم أن يتحلى الإنسان بخلال الخير ليملأ صحيفته حسنات، ويكسب أجر الله تعالى.
8 -
وعن بُريدةَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في الإنسانُ ستون وثلاثمائة مفصلٍ، فعليه أن يتصدق عن كُلِّ مفصلٍ منها صدقةً، قالوا: فمن يُطيقُ (1) ذلك يا رسول الله؟ قال: النُّخامةُ في المسجدِ تدفنُها، والشيء تُنَحِّيهِ (2) عن الطريق، فإن لم تقدر، فركعتا الضحى تجزي عنك (3) " رواه أحمد، واللفظ له، وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما.
9 -
وعن المستنير بن أخضرَ بن معاوية عن أبيه قال: "كنتُ مع مَعْقِلٍ بن يسارٍ رضي الله عنه في بعض الطرقات، فمررنا بأذىً فأمَاطَهُ، أو نَحَّاهُ عن الطريق، فرأيتُ مثلهُ، فأخذتهُ فَنَحَّيْتُهُ، فأخذ بيدي وقال: يا ابن أخي ما حَمَلَكَ على ما صنعت؟ قلتُ: يا عمُّ رأيتك صنعت شيئاً، فصنعتُ مثلهُ، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أماطَ أذىً من طريقِ المسلمين كُتبتْ له حسنةٌ، ومن تُقُبِّلَتْ (4) منهُ حسنةٌ دخل الجنة" رواه الطبراني في الكبير هكذا، ورواه البخاري في كتاب الأدب المفرد، فقال: عن المستنير ابن أخضر بن معاوية بن قرة عن جده.
[قال الحافظ]: وهو الصواب.
10 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "حَدَّثَ نبي الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ فما فَرِحْنَا بشيء مُنذُ عرفنا الإسلام أشدَّ من فَرحنا به. قال: إن المؤمن لَيُؤجَرُ (5) في إماطةِ الأذى عن الطريق، وفي هدايةِ السبيل (6)، وفي تعبيرهِ عن الأرْتمِ (7)،
(1) يقدر على أدائه.
(2)
تبعده، يقال تنحيت الشيء: عزلته فتنحى.
(3)
تؤدي عنك هذه الصدقات. يدلك صلى الله عليه وسلم إلى زيادة الأجر بالمحافظة على صلاة ركعتي الضحى.
(4)
قبلها الله جل وعلا. كافأه بالنعيم الدائم: فيه أن العمل القليل قد يكون سبب السعادة والغفران واكتساب الرضوان.
(5)
ينال أجراً في إزالة الضرر.
(6)
إرشاد الضال إلى الطريق.
(7)
الأرتم كذا (ع ص 250 - 2) قال في النهاية كذا وقع في الرواية، فإن كان محفوظاً فلعله من قولهم: رتمت الشيء إذا كسرته، ويكون معناه الأرت، وهو الذي لا يفصح الكلام، ولا يصححه ولا يبينه، وإن كان بالثاء المثلثة (بيانك عن الأرتم صدقة) هو الذي لا يصحح كلامه، ولا يبينه لآفة لسانه أو أسنانه، وأصله من رتيم الحصى، وهو ما دق منه بالأخفاف، أو من رثمت أنفه: إذا كسرته حتى أرميته فكأن فمه قد كسر فلا يفصح في كلام. أهـ. وفي (ن ط) الأرثم بالثاء.
وفي منحة اللبن (1)
حتى إنه ليؤجرُ في السلعة (2) تكونُ مصرورةً (3) فيلمسها فتخطؤها يده" رواه أبو يعلى والبزار، وزاد: "إنه ليؤجرُ في إتيانه أهله (4) حتى إنه ليؤجر في السلعةِ (5) تكون في طَرَفِ ثوبه، فيلمسها، فيفقدُ مكانها، أو كلمةً نحوها: فيخفقُ (6) بذلك فؤادهُ، فيردها الله عليه، ويكتبُ له أجرها" وفي إسناده المنهال بن خليفة، وقد وثقه غير واحد، وتقدم ما يشهد لهذا الحديث.
11 -
وعن أبي شيبةَ الهروي قال: "كان معاذٌ يمشي، ورجلٌ معه فرفعَ حجراً من الطريق فقال: ما هذا؟ فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رفع حجراً (7)
من الطريق كُتبتْ له حسنةٌ، ومن كانت له حسنةٌ دخل الجنة" رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات، ورواه في الأوسط من حديث أبي الدرداء إلا أنه قال: "من أخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب الله له به حسنةً، ومن كتب له عندهُ حسنةً أدخله بها الجنة".
12 -
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خُلِقَ كل إنسانٍ من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كَبَّرَ الله، وحمد الله، وهلل
(1) أي يعطيه ناقة أو شاءة ينتفع بلبنها ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زماناً ثم يردها.
(2)
غدة تظهر بين الجلد واللحم إذا أغمزت باليد تحركت. أهـ نهاية. يقال شاة دار، وشياه درار، مثل كافر وكفار، وأدره صاحبه: استخرجه، واستدر الشاة: حلبها، والدر: اللبن.
(3)
محبوس لبنها مدة من الزمن. قال في النهاية: والحديث "لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحل صرار ناقة بغير إذن صاحبها: فإنه خاتم أهلها. من عادة العرب أن تصر ضروع الحلوبات إذا أرسلوها إلى المرعى سارحة، ويسمون ذلك الرباط صرارا فإذا راحت عشياً حلت تلك الأصرة، وحلبت فهي مصرورة ومصررة. أهـ. والمعنى يخشى الإنسان ربه فيرى لبن الحيوان محفوظاً فيمد يده فينزل اللبن خطأ فيستغفر ربه فينال أجر من الله جل وعلا.
(4)
ملامسته لزوجه كما قال تعالى: "أو لامستم النساء" أي جامعتم.
(5)
البضاعة أو الشيء الذي معه يضيع فيبحث عنه، فالله تعالى يتكرم عليه بالأجر الجزيل جزاء تلمسه ما فقده.
(6)
يضطرب قلبه من جراء ضياعها، وبذا يكسبه الله حسنات.
(7)
أزاله.
الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعَزَلَ حجراً عن طريق المسلمين، أو شوْكَةً، أو عَظْماً عن طريق المسلمين، وأمر بمعروفٍ، أو نهى عن منكرٍ عَدَدَ تلك الستين والثلاثمائةٍ، فإنه يُمسي يومئذٍ، وقد زحزح نفسهُ (1) عن النار. قال أبو توبة: وربما قال: يمشي، يعني بالمعجمة" رواه مسلم والنسائي.
13 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ وجد غُصنَ شوكٍ فأخَّرَهُ، فشكر الله لهُ (2)، فغفرَ الله له" رواه البخاري ومسلم.
14 -
وفي رواية لمسلم قال: "لقد رأيت رجلاً يتَقَلَّبُ في الجنة في شجرةٍ قطعها من ظهر الطريق (3) كانت تؤذي المسلمين".
15 -
وفي أخرى له: "مَرَّ رجلٌ بغُصنِ شجرةٍ على ظهر الطريق، فقال: والله لأنَحِيَنَّ هذا (4) عن المسلمين لا يُؤذيهم (5)، فَأُدْخِلَ الجنةَ (6) ".
ورواه أبو داود، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نزع رجلٌ (7) لم يعمل خيراً قَطُّ غُصنَ شوكٍ عن الطريقِ: إما قال: كان في شجرةٍ فقطعهُ، وإما كان موضوعاً، فأماطهُ عن الطريق، فشكر الله (8) ذلك لهُ، فأدخله الجنة".
(1) أبعدها.
(2)
قبل عمله هذا فمحا ذنوبه.
(3)
وسطه.
(4)
لأبعدن.
(5)
لا يضرهم.
(6)
يتمتع بنعيم الجنة.
(7)
أزال، من عزلت الشيء: نحيته عنه.
(8)
أثنى عليه، أو قبل عمله ورحمه.
فوائد أخذ ما يؤذي في الطريق وإزالته كما بينها صلى الله عليه وسلم:
أولاً: يدل على الإيمان الخالص لله تعالى (شعبة).
ثانياً: يكسب حسنة ويثبت صدقة.
ثالثاً: يسبب دخول الجنة.
رابعاً: ينجي من عذاب النار.
خامساً: يجلب رضا الله تعالى (فشكر له).
قال محمد اليمني الملقب بنجم الدين:
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما
…
تموت الأفاعي من سموم العقارب
وقد هد قدما عرش بلقيس هدهد
…
وخرب حفر الفأر سد مأرب =
16 -
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: "كانت شجرةٌ تُؤذي الناس، فأتاها رجلٌ فعزلها عن طريق الناس قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأيتهُ يتقلبُ في ظلها في الجنة" رواه أحمد وأبو يعلى، ولا بأس بإسناده في المتابعات.
= إذا كان رأس المال عمرك فاحترز
…
عليه من الإنفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك
…
يكر علينا جيشه بالعجائب
وما راعني عذر الشباب لأنني
…
أنست بهذا الخلق من كل صاحب
وغدر الفتى في عهده ووفائه
…
وغدر المواضي في نبو المضارب
وقال أبو العتاهية:
خير أيام الفتى يوم نفع
…
واصطناع الخير أبقى ما صنع
ما ينال الخير بالشر ولا
…
يحصد الزارع إلا ما زرع
خذ من الدنيا الذي درت به
…
واسل عما بان منها وانقطع
إنما الدنيا متاع زائل
…
فاقتصد فيه وخذ منه ودع
وارض للناس بما ترضى به
…
واتبع الحق فنعم المتبع
الآيات الدالة على احترام المسلم لأخيه وعدم السخرية من الخلق:
(أ) قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير"(12 - 14 من سورة الحجرات).
قال الغزالي: معنى السخرية الاستهانة والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه: وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء، وقال ابن عباس في قوله تعالى:"يا ويلتنا مال لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها"(من سورة الكهف).
إن الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمن، والكبيرة القهقهة بذلك، وهذا إشارة إلى أن الضحك على الناس من جملة الذنوب والكبائر، وعن عبد الله بن زمعة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب فوعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال علام يضحك أحدكم بما يفعل؟ متفق عليه.
وكل هذا يرجع إلى استحقار الغير والضحك عليه استهانة به واستصغاراً له، وعليه نبه قوله تعالى:"عسى أن يكونوا خيراً منهم" من سورة الحجرات. أي لا تستحقره استصغاراً فلعله خير منك، وهذا إنما يحرم في حق من يتأذى به فأما من جعل نفسه مسخرة، وربما فرح من أن يسخر به كانت السخرية في حقه من جملة المزاح؛ وأصله مذموم ومنهي عنه إلا ما فيه انبساط وطيب قلب، والمنهي عنه الإفراط فيه أو المداومة عليه. أما المداومة فلأنه اشتغال باللعب، والهزل فيه واللعب مباح، ولكن المواظبة عليه مذمومة، والإفراط فيه يورث كثرة الضحك وكثرة الضحك تميت القلب، وتورث الضغينة في بعض الأحوال وتسقط المهابة والوقار قال صلى الله عليه وسلم:"إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً" أهـ ص 114 جـ 3. =