الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيما يأكلُ السَّبُعُ والطيرُ أجرٌ. قال: فرجعَ القومُ فما منهم أحدٌ إلا هَدَمَ من حديقتهِ ثلاثين باباً" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. قال: وفيه النهي الواضح عن تحصين الحيطان والنخيل والكرْم وغيرها من المحتاجين والجائعين أن يأكلوا منها شيئاً. انتهى.
الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء
1 -
عن أنسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذُ بك من البخلِ، والكسل، وأرذَلِ العمرِ (1)، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات (2) " رواه مسلم وغيره.
2 -
وعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الظلمَ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهْلَكَ من كان قبلكم حَمَلَهُمْ على أن سَفَكُوا دماءهم، واستحلوا محارمهم" رواه مسلم.
[الشح] مثلث الشين: هو البخل والحرص، وقيل: الشح الحرص على ما ليس عندك، والبخل بما عندك.
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
= (أ) قوله تعالى: "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون"(64 - 66 من سورة الواقعة). (تحرثون): تبذرون حبه (تزرعون): تنبتونه (حطاماً): هشيماً، والتفكه: التنقل بصنوف الفاكهة، وفي العيني: الآيات تدل على إباحة الزرع منجهة الامتنان به، وفيها رد وتبكيت على المشركين الذين قالوا نحن موجودون من نطفة حدثت بحرارة كائنة وأنكروا البعث والنشور (فظلتم تفكهون): أي تفجعون، وقيل تحزنون، وقيل التفكه التكلم فيما لا يعنيك، ومنه قيل للمزاح فكاهة. أهـ ص 145 جـ 12
(ب) وقال تعالى: في حق الأبرار الصالحين "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً"(9 من سورة الدهر).
(1)
هرمه مشوب بضعف وأمراض تنفر الناس منه مع خرف.
(2)
الضلال في حياته وعصيانه ربه، وبعد مماته يضل في جواب منكر ونكير وعدم تريثه كما قال تعالى:"يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"(27 من سورة إبراهيم). أي يمكن قلوبهم بقوة الحجة ولا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ولا تدهشهم أهوال يوم القيامة.
"إياكم والفُحْشَ والتَّفَحُّشَ، فإن الله لا يُحبُّ الفاحش (1) المُتَفَحِّشَ، وإياكم والظلمَ (2)،
فإنه هو الظلماتُ يوم القيامة، وإياكم والشُّحَّ، فإنه دعا من كان قبلكم فَسَفَكُوا دماءهم، ودعا من كان قبلكم، فقطعوا أرحامهم، ودعا من كان قبلكم، فاستحَلُّوا حُرُمَاتهم" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.
4 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"إياكم والظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والفُحْشَ والتفحش، وإياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمَرَهُمْ بالقطيعة، فقطعوا، وأمَرَهُمْ بالبُخل فبخلوا، وأمرهُمْ بالفجور (3) ففجروا، فقام رجلٌ، فقال: يا رسول الله أيُّ الإسلامِ أفضلُ؟ قال: أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، فقال ذلك الرجلُ أو غيره: يا رسول الله أي الهجرةِ أفضلُ؟ قال: أن تهجر ما كره ربك، والهجرةُ هجرتان: هِجْرَةُ الحاضرِ، وهجرةُ البادي (4). فهجرةُ البادي أن يُجيبَ إذا دُعيَ، ويطيع إذا أُمِرَ؛ وهجرةُ الحاضر (5) أعظمها بَلِيَّةً، وأفضلها أجراً" رواه أبو داود مختصراً والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرط مسلم.
5 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ ما في الرجل شُحٌّ هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالِعٌ" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
[قوله: شح هالع]: أي محزن، والهلع: أشد الفزع.
[وقوله: جبن خالع]: هو شدة الخوف، وعدم الإقدام، ومعناه أنه يخلع قلبه من شدة تمكنه منه.
(1) الفاحش ذو الفحش في كلامه وأفعاله، والمتفحش: الذي يتكلف ذلك ويتعمده. أهـ نهاية. وكل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي، أي امتنعوا من السير في القبائح، والتبجح وقلة الأدب.
(2)
أكل حقوق الناس، والتعدي عليهم وأذاهم.
(3)
الفسوق والمعاصي.
(4)
سكان البادية: الصحراء أي البعيد عن الترف.
(5)
المقيم في المدن والعواصم والقرى. والمعنى المعاشر في المجتمع يتقي الله أكثر، ويرعى حقوقه، ويخشى الفتن والشواغل المحيطة به وبذا يكسب ثواباً أكثر، وإلا يخسر. وأمام المتحضر ملاه وملاعب ومتاجر ومصانع. فالعاقل يترك كل شيء سوى حقوق الله يؤديها ويقوم بها لينجو من رذائلها، ويسلم من أدرانها:
فبقدر الكد تكتسب المعالي
…
ومن طلب العلا سهر الليالي
لا يدخل الجنة خب ولا منان ولا بخيل
6 -
وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعُ غُبَار (1) في سبيل الله، ودُخانُ جهنم في جوف عبدٍ أبداً، ولا يجتمع شُحٌّ وإيمانٌ في قلب عبدٍ أبداً" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، والحاكم واللفظ له، ورواه أطول منه بإسناد على شرط مسلم، وتقدم في الجهاد.
7 -
ورويَ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما محق (2) الإسلام محقَ الشُّحِّ شيء" رواه أبو يعلى والطبراني.
8 -
ورويَ عن نافعٍ رضي الله عنه قال: "سمع ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يقول: الشحيحُ أغْدَرُ (3)
من الظالمِ، فقال ابن عمر: كذبت، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: الشحيحُ لا يدخلُ الجنة" رواه الطبراني في الأوسط.
9 -
ورويَ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخلُ الجنة خَبٌّ، ولا مَنَّانٌ، ولا بخَيلٌ" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
[الخب] بفتح الخاء المعجمة وتكسر: هو الخدَّاع الخبيث.
10 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلق الله جنة عدنٍ بيدهِ، ودَلَّى فيها ثمارها، وشَقَّ فيها أنهارها، ثم نظر إليها، فقال
(1) رجل حضر المعارك في سبيل الله تعالى مجاهداً فشم دقيق ترابها من شدة المزاحمة، فهذا يبعده من اصطلاء نار جهنم، وكذا الإيمان بالله يدعو إلى الجود والسخا، ويطرد البخل والشح من القلب. لماذا؟ لأنه ينفق ثقة بالله المعطي المنعم المتفضل، ولكن الشحيح يتمثل الفقر بين عينيه؛ وينطفئ نور الإيمان من قلبه فيزداد منعاً للحقوق وبخلاً. فلا ينفق خشية العيلة، ونسي قول الله تعالى:"وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"(39 من سورة سبأ).
(2)
لم يبطل شيء من مبادئ الإسلام مثل إبطال الشح في قلب المرء، وفي النهاية: المحق النقص والمحو والإبطال، وقد محقه يمحقه. أهـ. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبئ أن الشح يهدم أركان الإسلام وينقص من بهائه في قلوب البخلاء فيتجارءون على كل معصية. لماذا؟ لأن الشح سلب منهم كل محامد الإسلام، ومحا عنهم كل فضيلة فنشئوا في حمأة الرذائل، ولا يعون، لأن قلوبهم غافلة عن فضل الله، وأنه المخلف الرزاق.
(3)
أكثر غدراً وخيانة، فرد سيدنا عبد الله بن عمر دليل على أن عقابه أخف من عقاب الشحيح.
لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون (1)، فقال: وعزتي وجلالي لا يُجاورُني فيكِ بخيلٌ" رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسنادين أحدهما جيد، ورواه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة من حديث أنس بن مالك ويأتي إن شاء الله تعالى.
خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق
11 -
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مُهلكاتٌ، وثلاثٌ مُنجياتٌ، وثلاثٌ كَفَّاراتٌ، وثلاثٌ درجاتٌ، فأما المهلكاتُ، فَشُحٌّ مُطاعٌ (2)، وهوىً مُتَّبَعٌ (3)، وإعجاب المرء بنفسه (4) " الحديث. رواه الطبراني في الأوسط، وتقدم في باب انتظار الصلاة حديث أنس بنحوه.
12 -
وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثةٌ يحبهم الله، وثلاثةٌ يُبغضهمُ الله. فذكر الحديث إلى أن قال: وَيُبْغِضُ الشيخُ الزاني، والبخيلَ، والمتكبر" رواه ابن حبان في صحيحه، وهو بتمامه في صدقة السر.
13 -
ورويَ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خصلتان لا يجتمعان في مؤمنٍ: البخلُ وسوء الخلق" رواه الترمذي وغيره وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى.
14 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السخيُّ قريبٌ من اللهِ، قريبٌ من الجنة، قريبٌ من الناس، بعيدٌ من النار، والبخيلُ بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الجنة، بعيدٌ من الناس، قريبٌ من النار، وَلَجَاهِلٌ سخيٌّ أحَبُّ إلى الله من عابدٍ بخيلٍ" رواه الترمذي من حديث سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة، وقال: إنما يروى عن يحيى بن سعيد عن عائشة مرسلاً.
15 -
ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1) فاز الموحدون المعتقدون بوجودك سبحانك. قال البيضاوي: أي فازوا بأمانيهم.
(2)
بخل فاش قاهر. النفس تقصر في الواجبات فيطاوعها صاحبها ويحجم عن أفعال البر.
(3)
رذائل شائعة. تميل النفس إلى غوايتها، وتحب شهواتها فتقبل عليها.
(4)
غرور النفس وزهوها بمدائحها فاغترت بمحامدها.
"ألا إن كُلَّ جَوَادٍ في الجنة حَتْمٌ على الله، وأنا به كفيلٌ. ألا وإن كُلَّ بخيلٍ في النار حَتْمٌ على اللهِ، وأنا به كفيلٌ. قالوا: يا رسول الله مَنِ الجوادُ وَمَنِ البخيلُ؟ قال: الجوادُ مَنْ جَأدَ بِحقوقِ الله عز وجل في ماله، والبخيلُ من منعَ حقوق الله، وبخلَ على ربه، وليس الجوادُ من أخذَ حراماً وأنفقَ إسرافاً" رواه الأصبهاني وهو غريب.
16 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن غِرٌّ كَريمٌ، والفاجرُ خَبٌّ لئيمٌ" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث غريب.
[قال الحافظ]: لم يضعفه أبو داود ورواتهما ثقات سوى بشر بن رافع وقد وُثق.
[قوله: غرٌّ كريم]: أي ليس بذي مكر ولا فطنة للشر، فهو ينخدع لانقياده ولينه.
[والخب] بفتح الخاء المعجمة وتكسر: هو الخدّاع الساعي بين الناس بالشر والفساد.
17 -
ورويَ عن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سُمحاءكم، وأموركم شُورى بينكم، فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها، وإذا كانت أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بُخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطنُ الأرض خيرٌ لكم من ظهرها (1) " رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
18 -
وعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بقومٍ خيراً وَلَّى أمرهمُ الحكماء (2) وجعل المال عند السُّمَحَاء (3)، وإذا أراد
(1) ثلاث علامات تحبب إلى العاقل حب الحياة، والسعي في تحصيل الصالحات:
(أ) الحكام فضلاء عاملون صالحون.
(ب) أصحاب الثروة كرماء فضلاء.
(جـ) اتحاد القلوب واجتماعها على فعل ما فيه المصلحة العامة كما قال تعالى: في وصف المفلحين "وأمرهم شورى بينهم" والثلاثة الأخرى أضدادها تحبب الميل إلى الموت، والتباعد عن فتن الحياة، وفي الثالثة طاعة النساء اللاتي بيدهن زمام الأمور في عصيان الله تعالى.
(2)
أصحاب العقول الراجحة الفاضلة.
(3)
الكرماء الأجواد لينفقوا في تشييد الصالحات، وأداء الواجبات.
الله بقومٍ شراً وَلَّى أمرهمُ السفهاء (1)، وجعل المال عند البخلاء" رواه أبو داود في مراسيله.
السخاء خُلُقُ اللهِ الأعظَمُ
19 -
ورويَ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "السخاء خُلُقُ اللهِ الأعظَمُ" رواه أبوالشيخ ابن حبان في كتاب الثواب.
20 -
ورويَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جُبِلَ وَلِيٌّ لله (2)
عز وجل إلا على السخاء وحُسنِ الخلقِ" رواه أبو الشيخ أيضاً.
21 -
ورويَ عن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله استخلص هذا الدين لنفسه، فلا يصلحُ لدينكم إلا السخاء وحُسْنُ الخلقِ، ألا فزينوا دينكم (3) بهما" رواه الطبراني في الأوسط والأصبهاني إلا أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاءني جبريلُ عليه السلام، فقال يا محمد: إن الله استخلص هذا الدين" فذكره بلفظه.
22 -
ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل: يا رسول الله مَنِ السَّيِّدُ (4)؟ قال: يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم. قالوا: فما في أمتكَ سَيِّدٌ؟ قال: بلى رجلٌ أُعْطِيَ مالاً، وَرُزِقَ سَمَاحَةً، وأدنى الفقير، وَقَلَّتْ شِكَايَتُهُ في الناس" رواه الطبراني في الأوسط.
23 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بيتاً يُقالُ له: بيتُ السخاء (5) " رواه الطبراني وأبو الشيخ في كتاب الثواب إلا
(1) الجهلاء الحمقى، الظلمة العتاة.
(2)
المتقي المتعبد: المخلص لربه جلا وعلا: أي ثنتان فطر عليهما الصالح:
(أ) الجود.
(ب) مكارم الأخلاق كما قال تعالى: "إن أولياؤه إلا المتقون".
(3)
تحلوا بالجود والأدب لتتجلى محامد الإسلام فيكم.
(4)
العظيم في قومه الشريف النبيل، ثم بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم صفاته:
(أ) غني شاكر.
(ب) جواد محسن.
(جـ) محب المساكين.
(د) صبور حليم لا يضجر ولا يشكو إلا لربه.
(5)
منزل الجود أعده الله للكرماء.
أنه قال: الجنة دارُ الأسخياء. قال الطبراني: تفرّد به جَحْدَرُ بن عبد الله.
24 -
ورويَ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى بعث حبيبي جبريلَ عليه الصلاة والسلام إلى إبراهيم عليهما السلام فقال له يا إبراهيم: إني لم أتَّخِذْكَ خليلاً على أنك أعْبَدُ عبادي لي ولكن اطلعت (1) على قلوب المؤمنين، فلم أجد قلباً أسْخَى (2) من قلبك" رواه أبو الشيخ في كتاب الثواب والطبراني.
25 -
ورويَ عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرزقُ إلى أهل بيتٍ فيه السَّخَاءُ أسرعُ من الشَّفَرَةِ (3) إلى سنام البعير" رواه أبو الشيخ أيضاً، ولابن ماجة من حديث ابن عباس نحوه وتقدم لفظه في الضيافة.
26 -
ورويَ عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَجَافَوْا (4)
عن ذَنْبِ السَّخِيِّ فإن الله آخذٌ بيده كُلما عَثَرَ" رواه ابن أبي الدنيا والأصبهاني، ورواه أبو الشيخ من حديث ابن عباس.
(1) اطلعت على كذا (د وع ص 186 - 2)، وفي (ن ط): اطلعت في.
(2)
أجود وأكثر كرماً.
(3)
المدية، والمعنى يؤثر الجود في الأهل أكثر من تأثير السكين في السنام، أي يجلب سعة الرزق، وحسن الثواب عاجلاً.
(4)
اصفحوا وغضوا عن هفوات الكريم لأن الله تعالى عونه ومنقذه إذا هفا. قال تعالى: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور"(38 من سورة الحج). وقال تعالى: "نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر"(35 من سورة القمر). وقال الشاعر:
فتىً كملت خيراته غير أنه
…
جواد فما يبقي من المال باقياً
محامد إكرام الضيف كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم:
أولاً: يدل إكرام الضيف على شدة الإيمان بالله تعالى والثقة بإعطائه وانتظار فضله "من كان يؤمن".
ثانياً: يدل على فهم الواجب والشجاعة في أداء الحق والبشاشة "وإن لزورك".
ثالثاً: يجلب ثناء الله جل وعلا على المخلص في إكرامه "ويؤثرون".
رابعاً: يد المحسن طويلة في البر.
خامساً: يضمن الجود لصاحبه الجنة "وقرى الضيف".
سادساً: يسبب إطعام الطعام دعاء الملائكة بالرحمة والمغفرة "الملائكة تصلي".
سابعاً: الكرم يبسط الرزق ويغدق على الكريم صنوف النعم "الخير أسرع". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثامناً: يجعل الكرم سيرة الكريم ذكية طاهرة نقية ذائعة الصيت والذكر الحسن "خير إخوان".
تاسعاً: الكريم متصف بكمال أفعاله، وفيه يرجى الخير.
أضرار البخل والشح:
أولاً: البخل صفة الأدنياء، استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: يبيد الشح العمران ويلهب العداوة والشقاق في قلوب المتحابين "الشح أهلك".
ثالثاً: الشح أم النقائص، يدعو إلى القطيعة والفسوق والعصيان "أمرهم بالقطيعة".
رابعاً: أقبح صفة. الشح "شر ما في الرجل".
خامساً: الشح نقيض الإيمان وضده.
سادساً: الشح مهدم لمظاهر الإسلام "ما محق" والبخيل مقضي عليه بالنار لا محالة.
سابعاً: من علامة الدمار فشو الشح وانتشاره بين الناس "ثلاث مهلكات".
ثامناً: يكره الله البخيل.
تاسعاً: البخل من علامة النفاق، وحاشا أن يوجد في قلب مؤمن.
عاشراً: يدرك الله الجواد برحمته ويحيطه برعايته "قريب من الله".
الحادي عشر: السماحة عنوان الحياة السعيدة، ودليل الأخلاق الحميدة ورجاحة العقل "أغنياؤكم سمحاءكم".
الثاني عشر: السخاء من مظاهر الإسلام "فلا يصلح لدينكم إلا السخاء".
الثالث عشر: السخي يشرف قومه، ويكون سيدهم أهلاً للمعالي "من السيد؟ ".
الرابع عشر: السخاء من صفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيجب أن نقتدي بهم كما قال الغزالي: في بيان فضيلة السخاء: اعلم أن المال إن كان مفقوداً فينبغي أن يكون حال العبد القناعة وقلة الحرص، وإن كان موجوداً فينبغي أن يكون حاله الإيثار والسخاء واصطناع المعروف والتباعد عن الشح والبخل، فإن السخاء من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو أصل من أصول النجاة. أهـ ص 210 جـ 3.
قال علي كرم الله وجهه: إذا أقبلت عليك الدنيا فأنفق منها فإنها لا تفنى، وإذا أدبرت عنك فأنفق منها فإنها لا تبقى، وأنشد:
لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة
…
فليس ينقصها التبذير والسرف
وإن تولت فأحرى أن تجود بها
…
فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف
وأجاب الحسن بن علي رضي الله عنهما عن معنى الكرم، فقال: المعروف قبل السؤال والإطعام في المحل والرأفة بالسائل مع بذل النائل، وتمثل متمثل عند عبد الله بن جعفر فقال:
إن الصنيعة لا تكون صنيعة
…
حتى يصاب بها طريق المصنع
فإذا اصطنعت صنيعة فاعمد بها
…
لله أو لذوي القرابة أودع
فقال عبد الله بن جعفر إن هذين البيتين ليبخلان الناس، ولكن أمطر المعروف مطراً، فإن أصاب الكرام كانوا له أهلاً، وإن أَصاب اللئام كنت له أهلاً، ورفع رجل إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما رقعة فقال حاجتك مقضية، فقيل له يا ابن رسول الله لو نظرت في رقعته، ثم رددت الجواب على قدر ذلك، فقال يسألني =