المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٣

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتها

والمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

1 -

[قال الحافظ]: قد تقدم في باب الترهيب من الدين ميمون عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما (1) رجلٍ تزوج (2) امرأةً على ما قلَّ من المهرِ، أو كَثُرَ ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها (3)، فمات ولم يؤدِّ إليها حقها لقي الله يوم القيامة وهو زان (4) الحديث" وتقدم في معناه أيضاً حديث أبي هريرة، وحديث صهيب الخير.

كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته

2 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راعٍ (5) ومسئول عن رعيته، الإمامُ راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجلُ

= الأهل، والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله تعالى، ولذلك قال بشر: فضل على أحمد بن حنبل بثلاث: بطلب الحلال لنفسه ولغيره، وقال صلى الله عليه وسلم:"ما أنفقه الرجل على أهله فهو صدقة، وإن الرجل ليؤجر في اللقمة يرفعها إلى في امرأته".

وآفات النكاح:

أولاً: العجز عن طلب الحلال خشية التوسع للطلب والإطعام من الحرام، وربما يتبع المتزوج هوى زوجته، ويبيع آخرته بدنياه.

ثانياً: القصور عن القيام بحقهن، والصبر على أخلاقهن، واحتمال الأذى منهن، وفي هذا خطر لأنه راع ومسئول عن رعيته، قال عليه الصلاة والسلام:"كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول".، وقال تعالى:"قوا أنفسكم وأهليكم ناراً" أمرنا أن نقيهم النار كما نقي أنفسنا.

ثالثاً: أن يكون الأهل والولد شاغلاً له عن الله تعالى، وجاذباً إلى طلب الدنيا، وحسن تدبير المعيشة للأولاد بكثرة جمع المال، وادخاره لهم، وطلب التفاخر والتكاثر بهم، وكل ما شغل عن الله من أهل ومال وولد فهو مشئوم على صاحبه فينقل من التنعم المباح إلى الإغراق في ملاعبة النساء، ومؤانستهن والإمعان في التمتع بهن، قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله:(من تعود أفخاذ النساء لم يجئ منه شيء) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلو درجته لا يمنعه أمر هذا العالم عن حضور القلب مع الله تعالى فكان ينزل عليه الوحي، وهو في فراش امرأته، من حديث أنس: يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة. أ. هـ (ص 33 جـ 2 إحياء).

(1)

أي رجل.

(2)

عقد عليها عقد نكاح شرعي، واتفق على مهر، وفي نيته عدم دفعه.

(3)

خانها.

(4)

فاسق.

(5)

قائم بحقوق من ولى أمره، قال في العيني: المعاني مختلفة، فرعاية الإمام إقامة الحدود والأحكام فيهم على سنن الشرع، ورعاية الرجل أهله سياسته لأمرهم، وتوفية حقهم في النفقة والكسوة والعشرةن ورعاية المرأة حسن التدبير في بيت زوجها، والنصح له، والأمانة في ماله، وفي نفسها، ورعاية الخادم لسيده حفظ =

ص: 48

راعٍ في أهله ومسئولٌ عن رعيته، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادمُ راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم.

3 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وخياركم خياركم (1)

لنسائهم" رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

4 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله (2) " رواه الترمذي، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما كذا قال: وقال الترمذي: حديث حسن، ولا نعرف لأبي قلابة سماعاً من عائشة.

5 -

وعن عائشة أيضاً رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي (3) " رواه ابن حبان في صحيحه.

6 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" رواه ابن ماجة، والحاكم إلا أنه قال: خيركم خيركم للنساء (4)، وقال صحيح الإسناد.

7 -

وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خُلقت من ضلعٍ، فإن أقمتها كسرتها فدارها تعش بها" رواه ابن حبان في صحيحه.

8 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

= ما في يده من ماله، والقيام بما يستحق من خدمته، والرجل الذي ليس بإمام ولا له أهل ولا خادم يراعي أصحابه، وأصدقاءه بحسن المعاشرة على منهج الصواب. أ. هـ. (ص 190 جـ 6).

(1)

أفضل المسلمين: المحسنون إلى أزواجهم.

(2)

أكثر لطفاً، وحسن معاشرة، وطيب أخلاق بمن يقرب إليك، ويتصل بك.

(3)

براً ونفعاً، فأنا أفضلكم.

(4)

السهل الخلق السياسي الماهر الذي يفرح النساء ويرأف بهن.

ص: 49

"استوصوا (1) بالنساء، فإن المرأة خُلقت من ضلعٍ (2)، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه (3)

فإن ذهبت تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ (4)، وإن تركتهُ لم يزل أعوجَ فاستوصوا بالنساء" رواه البخاري ومسلم وغيره.

وفي رواية لمسلمٍ: "إن المرأة خُلِقتْ من ضلعٍ لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وفيه عِوَجٌ (5)، وإن ذهبت تُقِيمُها كسرتها، وكَسْرُهَا طلاقها".

[الضلع]: بكسر الضاد، وفتح اللام، وبسكونها أيضاً، والفتح أفصح.

[والعوج]: بكسر العين، وفتح الواو، وقيل: إذا كان فيما هو منتصب كالحائط والعصا، قيل فيه: عوج بفتح العين والواو، وفي غير المنتصب كالدين والخلق والأرض ونحو ذلك، يقال فيه عوج بكسر العين وفتح الواو، قال ابن السكّيت.

9 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَفْرَكْ مُؤمنٌ مؤمنةً إن كَرِهَ منها خُلقاً رضي منها آخر (6) "، وقال غيره: رواه مسلم.

[يفرك]: بسكون الفاء، وفتح الياء، والراء أيضاً وضمها شاذ: أي يبغض.

(1) أورد هذا البخاري في باب المداراة مع النساء بمعنى المجاملة والملاينة.

(2)

عن ابن عباس: أن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم، فكأن المعنى أن النساء خلقن من أصل خلق من شيء معوج، مثل تشبه المرأة بالضلع، ونكتة التشبيه أنها عوجاء مثله لكون أصلها منه.

(3)

إشارة على أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن، ويحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلاً لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها، وهو الذي يحصل منه الأذى، واستعمال أعوج، وإن كان من العيوب لأنه أفعل للصفة، أو أنه شاذ، وإنما يمتنع عند الالتباس بالصفة، فإذا تميز عنه بالقرينة جاز البناء. أ. هـ (فتح ص 201 جـ 9).

(4)

الضمير للضلع، ويحتمل أن يكون للمرأة، وكسره طلاقها.

(5)

كأن فيه رمزاً إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر، ولا يتركه فيستمر على عوجه، فلا يتركها على اعوجاجها، ويقوم طباعها الناقصة، ويرشدها إلى الواجب لتتحلى به، ويبعدها من المعاصي قسراً كرهاً، قال تعالى:"قوا أنفسكم وأهليكم ناراً" فيا أيها الأزواج: لم هذا التراخي! تركتم الحبل على غاربه، وغرتكم المدنية الكاذبة فغفلتم عن رعاية الزوجة، وتشذيب أغصانها كالبستاني اليقظ النشيط، قال في الفتح: وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس، وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن، والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن، فإنه الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن المرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها. أ. هـ (ص 202 جـ 9).

(6)

المعنى لا يكره الزوج زوجته الصالحة الطائعة، فإن لها محامد ومساوئ ولتضيع أخلاقها الحسنة شذوذها أحياناً، فلكل جواد كبوة، ولكل عالم هفوة، ولبشار بن برد في المعاشرة: =

ص: 50

ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم

10 -

وعن معاوية بن حَيْدَةَ رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: إن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حق المرأة على الزوج، فذكره.

[لا تقبح] بتشديد الباء: أي لا تسمعها المكروه، ولا تشتمها، ولا تقل قبحك الله، ونحو ذلك.

11 -

وعن عمرو بن الأحْوَصِ الجُشَمِيِّ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال: ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوانٌ عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشةٍ (1) مُبينةٍ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرحٍ (2)، فإن أطعنكم فلا تبغوا (3) عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فُرشكم (4) من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن (5) " رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث

= إذا كنت في كل الأمور معاتباً (1)

صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش واحداً أو صل أخاك فإنه

مقارف (2) ذنب مرة ومجانبه

إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى (3)

ظمئت (4) وأي الناس تصفو مشاربه

ومن ذا الذي ترضى سجاياه (5) كلها

كفى المرء نبلاً (6) أن تعد معايبه

(1)

معصية ثابتة بيقين بعيدة عن التهم الكاذبة.

(2)

غير مهلك لم يؤذ بكسر.

(3)

فلا تطلبوا غير الطاعة طريقاً.

(4)

لا يكون الفراش لأجنبي وطاء سهلاً يتمتع بلذته.

(5)

القيام بالكسوة والإطعام: أي الغداء، قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً"(19 من سورة النساء). (بفاحشة مبينة) كالنشوز وسوء العشرة، وعدم التعفف (بالمعروف) بالإنصاف في الفعل، والإجمال في القول، فلا تفارقوهن لكراهة النفس، فإنها قد تكره ما هو أصلح ديناً، وأكثر خيراً، وقد تحب ما هو بخلافه، وليكن نظركم إلى ما هو اصلح للدين، وأدنى إلى الخير، وعسى في الأصل علة الجزاء فأقيم مقامه؛ والمعنى فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" أ. هـ (بيضاوي). =

_________

(1)

معاتباً: لائماً.

(2)

قارف الشيء: خالطه، يعنى المرء لا يخلو من الهفوات، فإن أبيت أن تصادق إلا المعصوم منها فعش منفرداً، وإلا فسامح إخوانك وصلهم ولا تجفهم.

(3)

القذى: الوسخ.

(4)

ظمئت: عطشت.

(5)

سجاياه: طبائعه.

(6)

نبلاً: شرفاً، يكفي الإنسان شرفاً أن تكون سيئاته معدودة لأن أكثر الناس كثرت ذنوبهم.

ص: 51

حسن صحيح.

[عوان] بفتح العين المهملة، وتخفيف الواو: أي أسيرات.

12 -

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأةٍ ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة (1) " رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه، والحاكم كلهم عن مساور الحميري عن أمه عنها، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

13 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وحصَّنَتْ (2) فرجها، وأطاعت بعلها (3) دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" رواه ابن حبان في صحيحه.

14 -

وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد والطبراني، ورواه أحمد ورواته رواة الصحيح خلا ابن لهيعة، وحديثه حسن في المتابعات.

أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة

15 -

وعن حُصين بن محصن رضي الله عنه أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: "أذاتُ (4) زوجٍ أنت؟ قالت: نعم. قال: فأين أنت منه؟ قالت: ما آلوهُ إلا ما عجزتُ عنه. قال: فكيف (5) أنتِ له؟ فإنه جنَّتُكِ وناركِ" رواه

= وقال تعالى: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، إن الله كان علياً كبيراً"(34 من سورة النساء)، (قانتات) مطيعات لله قائمات بحقوق الأزواج (حافظات) لمواجب الغيب: أي يحفظن في غيبة الأزواج ما يجب حفظه في النفس والمال (نشوزهن) عصيانهن وترفعهن عن مطاوعة الأزواج من النشز (واهجروهن) في المراقد، فلا تدخلوهن تحت اللحف، أو لا تباشروهن فيكون كناية عن الجماع، وقيل المضاجع المبايت: أي لا تبايتوهن فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولا شائن، ويبغي أن يتدرج في هذه الأمور الثلاثة (فلا تبغوا) بالتوبيخ والإيذاء، والمعنى فأزيلوا عنهن التعرض، واجعلوا ما كان منهن كأنه لم يكن، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (عليا) سبحانه له العلو فاحذروه، فإنه أقدر عليكم منكم على من تحت أيديكم، ويتجاوز عن سيئاتكم ويتوب عليكم، فأنتم أحق بالعفو عن أزواجكم، أو أنه يتعالى ويتكبر أن يظلم أحداً أو ينقص حقاً. أ. هـ (بيضاوي).

(1)

فيه الحث على إرضاء الزوج وطاعته والإخلاص له رجاء كسب نعيم الله ورضوانه.

(2)

امتنعت عن الفاحشة.

(3)

زوجها.

(4)

هل أنت متزوجة؟ فأجابت نعم، فسأل عن حالها معه، فقالت: لا أقصر عن شيء أقدر عليه، يقال ما آلوه: ما أستطيعه: أي أطيعه، وأقدم كل شيء إلا إذا عجزت عنه.

(5)

فكيف؛ كذا (ط وع ص 9) وفي (ن د) كيف: أي على أي حال تمشين معه؟ فإنه سبب دخولك الجنة أو النار، فعليك بطاعته عسى أن تحظي رضا الله تعالى.

ص: 52

أحمد والنسائي بإسنادين جيدين، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

16 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أعظمُ حقاً على المرأة؟ قال: زوجها. قلت: فأيُّ الناس أعظم حقاً على الرجل (1)؟ قال أمُّهُ" رواه البزار والحاكم، وإسناد البزار حسن.

17 -

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قالك: "جاءت امرأةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! أنا وافدةُ النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أُجِرُوا، وإن قُتِلُوا كانوا أحياءً عند ربهم يُرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج، واعترافاً بحقه يَعْدِلُ (2) ذلك، وقليلٌ منكنَّ من يفعله (3) " رواه البزار هكذا مختصراً، والطبراني في حديث قال في آخره:"ثم جاءته يعني النبي صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت: إني رسول النساء إليك، وما منهن امرأةٌ علمت، أو لم تعلم إلا وهي تهوى مَخْرَجي إليك، الله رب الرجال والنساء وإلهُهُنَّ، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء، كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أُجِرُوا وإن استشهدوا كانوا أحياءً عند ربهم يرزقون، فما يَعْدِلُ ذلك من أعمالهم من الطاعة؟ قال: طاعة أزواجهن، والمعرفةُ بحقوقهن، وقليلٌ منكنَّ من يفعله".

18 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أتى رجلٌ بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي هذه أبَتْ (4) أن تتزوج، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطيعي أباكِ، فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تُخبرني ما حق الزوج على زوجته؟ قال: حق الزوج على زوجته لو كانت به قَرْحَةٌ (5)

فلحستها، أو انتثر مِنْخَرَاهُ صَديداً أو دماً ثم ابتلعته ما أدت حقهُ. قالت:

(1) في (ن د) الوالد: فتجد حق الزوج واجباً على زوجه كذا حق الأم على ابنها.

(2)

يساوي الجهاد في سبيل الله تعالى.

(3)

من يقوم بحق الزوج.

(4)

امتنعت.

(5)

جرح دمي، المعنى أنها تخلص له في محبته حتى إذا مرض أو قذر لا تتقزز ولا تتأفف ولا تتألم رجاء أن تفي بواجبه وتقوم به خير قيام.

ص: 53

والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنكحوهن إلا بإذنهن" رواه البزار بإسناد جيد، رواته ثقات مشهورون، وابن حبان في صحيحه.

19 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "أنا فلانة بنت فلان، قال: قد عرفتك فما حاجتك؟ قالت: حاجتي إلى ابن عمي فلانٌ العابد. قال: قد عرفتهُ، قالت: يخطُبني فأخبرني ما حق الزوج على الزوجة؟ فإن كان شيئاً أطيقه تزوجته؛ قال: من حقهِ أن لو سال منخراه دماً وقيحاً فلحسته بلسانها ما أدت حقه، لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشرٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله (1)

الله عليها. قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج ما بقيت الدنيا" رواه البزار والحاكم كلاهما عن سليمان بن داود اليمامي عن القاسم بن الحكم، وقال صحيح الإسناد.

[قال الحافظ]: سليمان واهٍ، والقاسم تأتي ترجمته.

20 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان أهل بيتٍ من الأنصار لهم جملٌ يَسْنُونَ عليه: وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره، وإن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنه كان لنا جملٌ نَسْنِي عليه، وإنه استصعب علينا، ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرعُ والنخل؟ فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا، فقاموا فدخل الحائط والجملُ في ناحيته فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار:

(1) زاده الله إكراماً وقوامة، قال تعالى:"الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات"(الآية 34 من سورة النساء) يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية، وعلل ذلك بأمرين: وهي، وكسى:

(أ) بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل، وحسن التدبير، ومزيد القوة في الطاعات والأعمال، ولذلك خصوا بالنبوة، والأمانة، والولاية، وإقامة الشعائر والشهادة في مجامع القضايا، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها، والتعصيب في زيادة السهم في الميراث، والاستبداد بالفراق.

(ب)(وبما أنفقوا من أموالهم) في نكاحهن كالمهر والنفقة، روى أن سعد بن الربيع: أحد نقباء الأنصار نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير فلطمها فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتقتص منه فنزلت، فقال عليه الصلاة والسلام: أردنا أمراً وأراد الله أمراً، والذي أراد الله خير. أ. هـ (بيضاوي).

ص: 54

يا رسول الله قد صار مثل الكلْبِ الْكَلِبِ نخافُ عليك صولتهُ؟ قال: ليس علىَّ منهُ بأسٌ، فلما نظر الجملُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيتهِ أذلَّ ما كانت قطُّ حتى أدخلهُ في العملِ، فقال له أصحابه: يا رسول الله هذا بهيمةٌ لا يَعْقِلُ يسجد لك، ونحن نعقلُ فنحن أحقُّ أن نسجدُ لك، قال: لا يصلحُ لبشرٍ أن يسجدَ لبشرٍ، ولو صلح لبشرٍ أن يسجد لبشرٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدُ لزوجها لِعِظَمِ حقهِ عليها، لو كان من قدمهِ إلى مَفْرَقِ رأسه قَرْحَةٌ تنبجسُ بالقيح والصديد ثم استقبلتهُ فلحستهُ ما أدت حقه (1) " رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون، والبزار بنحوه، ورواه مختصراً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة بنحوه باختصار، ولم يذكر قوله، لو كان إلى آخره، وروى معنى ذلك في حديث أبي سعيد المتقدم.

[قوله يسنون عليه]: بفتح الياء، وسكون السين المهملة، أي يستقون عليه الماء من البئر.

[والحائط]: هو البستان.

[تنبجس]: أي تتفجر وتنبع.

لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها

21 -

عن قيس بن سعد رضي الله عنه قال: "أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لِمَرْزُبَانٍ لهم، فقلتُ: رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن يُسجدَ له فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إني أتيتُ الحيرة فرأيتهم يسجدون لِمَرْزُبَانٍ لهم، فأنت أحقُ أن يُسجد لك، فقال لي: أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ فقلت: لا. فقال: لا تفعلوا لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ النساء أن يسجدوا لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق" رواه أبو داود في إسناده شريك، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، ووثق.

22 -

وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: لما قدم مُعاذ بن جبل من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: يا رسول الله، قَدِمْتُ الشام، فوجدتهم يسجدون لبطارقَتِهِم وأسَاقِفهم، فأردتُ أن أفعل ذلك

(1) أخبر صلى الله عليه وسلم أن المرأة تتفانى في خدمة زوجها حتى لو بلى جسمه وقذر فلحسته لم تفِ بواجبه، وفيه الترغيب في طاعة الزوج ونهاية الإخلاص له.

ص: 55

بك؟ قال: فلا تفعل، فإني لو أمرتُ شيئاً أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تُؤدي المرأة حق ربها (1) حتى تُؤدي حق زوجها" رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه واللفظ له.

ولفظ ابن ماجة "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا، فإني لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجدَ لغير الله لأمرتُ المرأة أن تسجدَ لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على ظهر قَتَبٍ (2) لَمْ تَمْنَعْهُ (3) ".

وروى الحاكم المرفوع منه من حديث معاذ، ولفظه قال:"لو أمرت أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها من عِظَمِ حقهِ عليها، ولا تجد امرأةٌ حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها، وهي على ظهر قتبٍ".

23 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدَ لزوجها" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

24 -

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أمرتُ أحداً أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلاً أمرَ امرأته أن تنتقل من جبلٍ أحمرَ إلى جبلٍ أسودَ، أو من جبل أسود إلى جبل أحمر لكان نَوْلُهَا أن تفعل (4) " رواه ابن ماجة من رواية علي بن زيد بن جدعان، وبقية رواته محتج بهم في الصحيح.

من هم رجال الجنة؟

25 -

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: النبي في الجنة، والصِّدِّيق في الجنة، والرجل يزورُ أخاه في ناحيةِ الْمِصْرِ (5) لا يزُورُه إلا لله في الجنة، ألا

(1) من صلاة وصوم وهكذا: الله تعالى يقبل حقوقه المؤداة من المرأة إذا أدت حقوق زوجها.

(2)

ظهر بعير.

(3)

تمكنه من نفسها، وترضخ لقضاء نهمته.

(4)

إجابتها الفعل.

(5)

العامرة أي في جهة محدودة، والمضر البلد، أو الحاجز.

ص: 56

أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: ودُودٌ وَلُودٌ (1) إذا غضبت أو أُسيء إليها أو غضبَ زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحلُ بِغَمْضٍ (2) حتى ترضى .. " رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح إلا إبراهيم بن زياد القرشي فإنني لم أقف فيه على جرح ولا تعديل، وقد روى هذا المتن من حديث ابن عباس، وكعب بن عجرة وغيرهما.

26 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة أن تصوم، وزوجها شاهدٌ (3) إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته (4)

إلا بإذنه" رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم وغيرهما.

حق الزوج على الزوجة وبالعكس

27 -

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كارهٌ، ولا تخرج وهو كارهٌ، ولا تطيعَ فيه أحداً، ولا تَعْزِلَ فِرَاشَهُ، ولا تَضْرِبَهُ، فإن كان هو أظلمَ فَلْتَأتِهِ حتى تُرضيهُ، فإن قبل منها فبها ونعمتْ، وَقَبِلَ الله عُذْرَها وأفلجَ حُجتها، ولا إثمَ عليها، وإن هو لم يَرْضَ، فقد أبلغتْ عند الله عُذرها" رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد كذا قال.

[أفلج]: بالجيم حجيتها: أي أظهر حجتها وقوّاها.

28 -

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأةً من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأةٌ أيِّمٌ (5) فإن استطعتُ، وإلا جلستُ أيماً. قال: فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر قَتَبٍ أن لا تمنعهُ نفسها، ومن حقِّ الزوج عل الزوجة أن لا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشتْ ولا يُقبلُ منها (6)، ولا تخرج

(1) متصفة بالإنتاج، وكثرة الولادة في الحياة، ومودة زوجها وطاعته.

(2)

المعنى أنها ترضيه ولا تصبر على كظم غيظه لحظة.

(3)

حاضر موجود معها في البيت، وهذا في صوم النفل، والأفضل أن تفطر حتى إذا أراد منها شيئاً فعل.

(4)

بدخول أحد أو بتصدق، أو ببيع شيء وهكذا.

(5)

بلا زوج.

(6)

لا ثواب لصيامها النفل.

ص: 57

من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها (1) ملائكة السماء، وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب حتى ترجع. قالت: لا جرمَ، ولا أتزوجُ أبداً" رواه الطبراني.

المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها كله

29 -

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها كله، ولو سألها وهي على ظهر قَتَبٍ لم تمنعهُ نفسها" رواه الطبراني بإسناد جيد.

30 -

وعن عَبْدِ بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظرُ الله تبارك وتعالى إلى امرأةٌ لا تشكرُ (2)

لزوجها وهي لا تستغني عنه" رواه النسائي والبزار بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.

31 -

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذي امرأةٌ زوجها في الدنيا إلا قالت زوجتهُ من الحورِ العين: لا تُؤذيه قاتلكِ اللهُ، فإنما هو عندكَ دخيلٌ، يوشكْ أن يفارقك إلينا .. " رواه ابن ماجة، والترمذي وقال: حديث حسن.

[يوشك]: أي يقرب، ويسرع، ويكاد.

32 -

وعن طَلَقِ بن عليٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأتهِ، وإن كانت على التنور (3) " رواه الترمذي وقال: حديث حسن، والنسائي، وابن حبان في صحيحه.

إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح

33 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجلُ امرأتهُ إلى فراشهِ (4) فلم تأتهِ، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تُصبحَ" رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي.

وفي رواية للبخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما مِنْ

(1) طلبت طردها من رحمة الله تعالى لمخالفتها.

(2)

لا تعترف بإحسانه، ولا تحمده، ولا تثني عليه لإنفاقه وبره، والحال أنها معه في حاجة إليه.

(3)

المكان المحمي الذي يخبز فيه: أي تلبي طلب زوجها مهما كانت في عمل صعب شاق يحتاج إلى مباشرة فتلبية زوجها أولى.

(4)

كناية عن طلبها بجواره ليتمتع بها فظل طول ليله ساخطاً عليها لعدم إجابتها اكتسبت دعوات الملائكة عليها بالطرد، والإقصاء، والعذاب، ودعاء الملائكة مستجاب.

ص: 58

رجلٍ يدعو امرأتهُ إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء (1) ساخطاً عليها حتى يرضى عنها".

وفي رواية لهما والنسائي: "إذا باتت المراة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تُصبح"

وتقدم في الصلاة حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبراً: رجلٌ أمَّ قوماً وهم له كارهون، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخطٌ (2)،

وأخوانِ مُتصارمان (3) " رواه ابن ماجة، وابن حبان في صحيحه واللفظ لابن ماجة، وروى الترمذي نحوه من حديث أبي أمامة وحسنه وتقدم في إباق العبد.

34 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا تقبل لهم صلاةٌ، ولا تصعدُ لهم إلى السماء حسنةٌ: العبدُ الآبق (4) حتى يرجعَ إلى مواليه (5) فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخطُ عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحو (6) " رواه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما من رواية زهير بن محمد، واللفظ لابن حبان.

35 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنان لا تُجَاوِزُ صلاتهما رءوسهما: عبدٌ أبَقَ (7) من مواليه حتى يرجع، وامرأةٌ عصت (8) زوجها حتى ترجع" رواه الطبراني بإسناد جيد والحاكم.

36 -

وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المرأة إذا خرجت من بيتها، وزوجها كارهٌ لعنها كُلُّ ملكٍ في السماء، وكل شيء (9) مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع" رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات إلا سويد بن عبد العزيز.

(1) الملائكة.

(2)

غضبان.

(3)

متقاطعان متنافران متعاكسان.

(4)

الذي فر من أسياده.

(5)

أصحاب عمله: أي يسلم نفسه لخدمتهم.

(6)

يفيق، ففيه إخلاص الخادم لمخدومه، والمرأة لزوجها، وعدم السكر.

(7)

فر من مخدوميه.

(8)

نشزت.

(9)

وكل شيء هكذا (ط وع ص 15) وفي (ن د) وكل من: أي من الدواب، والأشجار، والأحجار.

ص: 59