المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٣

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

في التابعين، وكثير بن مرة نص الأئمة على أنه تابعي، وذكره عبدان في الصحابة، وعمرو بن الأسود عنسي حمصي أدرك الجاهلية، وروى عن عمر بن الخطاب، ومعاذ، وابن مسعود وغيرهم.

‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

1 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا آخذٌ بِحُجَزِكُمْ (1) أقول: إياكم وَجَهَنَّمَ، إياكم والحدود، إياكم وجهنم، إياكم والحدود، إياكم وجهنم إياكم والحدود، ثلاث مراتٍ، فإذا أنا متُّ تركتكم وأنا فَرَطُكُمْ (2) على الحوْضِ فمن وردَ أفلحَ" الحديث. رواه البزار من رواية ليث بن أبي سليم.

2 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يغارُ (3) وَغَيْرَةُ الله أن يأتي المؤمنُ ما حَرَّمَ الله عليه" رواه البخاري ومسلم.

3 -

وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لأعْلَمَنَّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال (4) جبال تِهَامَةَ بيضاء، فيجعلها الله هباءً منثوراً (5) قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، حَلِّهِمْ (6) لنا، لا نكون منهم ونحن لا نعلمُ، قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون

(1) أي أمد يدي أنقذكم وأجليكم بعيدين عن النار، والحجز جمع حجزة، وحجزة الإزار: معقده، وحجزة السراويل: مجمع شده.

(2)

وأنا قائدكم ومرشدكم لتشربوا من هذا الكوثر، ومعنى فرط: المتقدم في طلب الماء يهيئ الدلاء والأرشاء. فمن شرب من حوضي فاز ونجا من العذاب.

(3)

يغار: يراقب أعمال عباده ويطلب تنفيذ أوامره، وسن قوانين وأحب العمل، قال تعالى:"ويحذركم الله نفسه". ومن هذا المعنى ما رواه البخاري من قول سيدنا سعد: "لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فقال صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير منا، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن". فالإنسان يستحق عقاب الله بغشيان المعاصي وارتكاب الموبقات وفعل الآثام. وأصل معنى الغيرة: الحمية والأنفة. يقال رجل غيور وامرأة غيور.

(4)

أعمالهم جمة تزن الجبال.

(5)

فيخف وزنها كلا شيء.

(6)

اذكر ما تحلوه من الخصال، وتكلموا به من الفعال.

ص: 242

ولكنهم قومٌ إذا خَلَوْا (1) بمحارمِ الله انتهكوها (2) " رواه ابن ماجة ورواته ثقات.

4 -

ورويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الطابعُ (3)

مُعَلَّقةٌ بقائمةِ عرشِ الله عز وجل، فإذا انتُهِكَتِ الحُرْمَةُ، وَعُمِلَ بالمعاصي واجتُرئ على الله بعث الله الطابع، فيطبعُ على قلبه، فلا يعقلُ بعد ذلك شيئاً" رواه البزار والبيهقي واللفظ له.

5 -

وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ضرب مثلاً صراطاً (4)

مستقيماً، علىكَنَفِيَ الصراط داران لهما أبوابٌ مُفتحةٌ على

(1) فعلوا أعمالاً صالحة، ولكن ضعاف العزيمة إذا أمكن عصيان الله تعالى عصوا، وإذا انتهزت فرصة المحارم ارتكبوا فجازاهم الله تعالى بضياع ثواب ما عملوه من الخير إذ لم يرتدعوا وينزجروا ويتباعدوا عن محارم الله في الخلوة فإيمانهم ضعيف.

(2)

فعلوها.

(3)

الخاتم: محفوظة لكل إنسان. فإذا عصى الله ختم على قلبه الرين، وغشاه ومنعه ألطاف الله وطاعته.

(أ) قال تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون"(14 - 15 من سورة المطففين).

(ب) وقوله تعالى: "وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون"(93 من سورة التوبة). وفي غريب القرآن: والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم.

(جـ) قال تعالى: "كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون"(95 من سورة الروم).

(د) قال تعالى: "كذلك نطبع على قلوب المعتدين" (74 من سورة يونس عليه السلام. ومعناه دنسه. لماذا؟ لأنه مشى في طريق الفجور وابتعد عن طاعات الله عز وجل فأنزل الله عيه علامة الأشرار، ورسمه.

(هـ) كما قال تعالى: أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" (41 من سورة المائدة).

(4)

طريقاً معبدة مذللة بجانب جسر ممدود على يمين المار إلى الجنة، وعلى يساره النار أبوابهما مفتحة يدخل في الجنة من أطاع الله، ويقع في النار من عصى الله كما قال تعالى:"والله يدعوا إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"(25 - 27 من سورة يونس).

دار السلامة من النقص والآفة، أو دار الله يسلم الله فيها وملائكته على داخلها (ويهدي): يوفق (صراط): طريق الجنة، وذلك الإسلام والتدرع بلباس التقوى (ولا يرهق وجوههم): ولا يغشاها (قتر): غبرة فيها سواد ولا هوان (خالدون): دائمون لا زوال فيها، ولا انقراض لنعيمها، بخلاف الدنيا وزخارفها (ما لهم من الله من عاصم): ما من أحد يعصمهم من سخط الله أو من جهة الله؟ والآية في الكفار لاشتمال السيئات على الكفر والشرك ولأن الذين أحسنوا يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة. أهـ. بيضاوي.

ص: 243

الأبواب سُتُورٌ، وداعٍ يدعو فوقهُ:"وَاللهُ يَدْعُوا إلى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" والأبواب التي على كَنَفَيَ الصراط حدود الله فلا يقع أحدٌ في حدود الله حتى يكشف الستر، والذي يدعو من فوقهِ واعظُ ربه عز وجل" رواه الترمذي من رواية بقية عن بجير بن سعد وقال: حديث حسن غريب.

[كنفا الصراط] بالنون: جانباه.

اتق المحارم تكن أعبد الناس

6 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعن جَنَبَتَي الصراط سُورانِ فيهما أبوابٌ مُفتحةٌ، وعلى الأبواب سُتُورٌ (1) مُرْخَاةٌ، وعند رأس الصراط يقول: استقيموا على الصراط ولا تَعْوَجُّوا، وفوق ذلك داعٍ يدعوا كلما هَمَّ عَبْدٌ أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك (2) لا تفتحهُ، فإنك إن فتحته تَلِجْهُ (3)، ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام، وأن الأبواب المفتحة محارم الله، وأن الستور المرخاة حدود الله (4)، والداعي على رأس الصراط هو القرآن، والداعي من فوقه هو واعظُ الله في قلب كل مؤمنٍ" ذكره رزين ولم أره في أصوله، إنما رواه أحمد والبزار مختصراً بغير هذا اللفظ بإسناد حسن.

7 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يأخذ مني هذه الكلمات فيعمل بهنَّ أو يُعَلِّمَ من يعملُ بهنَّ؟ فقال أبو هريرة: قلتُ أنا يا رسول الله فأخذ بيدي، وعَدَّ خمساً قال: اتق (5) المحارم تكن أعبد الناس (6) وارضَ بما قَسَمَ (7) الله لك تكن أغنى الناس (8)، وأحسن إلى جاركَ تكن مؤمناً، وأحب للناس (9) ما تُحبُّ لنفسك تكن مسلماً، ولا تُكثر الضحك، فإن كثرة

(1) أثواب ممتدة ساترة.

(2)

ويحك: كلمة رحمة. كذا (د وع ص 119 - 2) وفي (ن ط) ويلك: عذاب لك.

(3)

تدخله.

(4)

يمثل صلى الله عليه وسلم أوامر الله ونواهيه بالستور المغطاة الساترة. فمن ارتكب شيئاً منها زال عنه الستر وفضحه الله، وأوقعه من على الصراط في النار، والمستضيء بتعاليم كتاب الله ناج لوجود خشية الله في قلبه، وانتفاعه في حياته بالقرآن والسنة.

(5)

اجتنب المعاصي.

(6)

أكثر الناس عبادة.

(7)

أعطاك.

(8)

أكثر الناس غنى.

(9)

من الخير وترك الشر.

ص: 244

الضحك تُميتُ القلب (1) " رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، والحسن لم يسمع من أبي هريرة، ورواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما من حديث واثلة عن أبي هريرة، وتقدم في هذا الكتاب أحاديث كثيرة جداً في فضل التقوى، ويأتي أحاديث أخر، والله أعلم.

(1) فلا يتأثر بالمواعظ، بل يقسو ويلهو ولا يعمل بالكتاب والسنة، ذلك الذي أرخى لنفسه عنان الهزل والمجون، وفي الجامع الصغير (اتق): احذر الوقوع فيما حرم الله عليك تكن من أعبد الناس. إذ يلزم من ترك المحارم فعل الفرائض، ومن فعل ذلك وأتى ببعض النوافل كان أكثر عبادة (أغنى):"ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس"(وأحسن): بالقول والفعل تكن كامل الإيمان (ما تحب): من الخير الأخروي والدنيوي تكن كامل الإسلام (تميت القلب): أي تصيره مغموراً في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه وذا من جوامع الكلم. أهـ ص 26 جـ 1.

خمسة أوامر حوت مناهج السعادة:

(أ) طاعة الله واجتناب المعاصي رجاء أن تدخل برحمة الله مع العباد.

(ب) القناعة ليطمئن قلبك ويشعر بالغنى، وتبعد عن سؤال الناس.

(جـ) الإحسان ليتجلى برهان الإيمان في قلبك، وتثمر دوحته بحسن الخلال وجليل الصفات.

(د) محبة الخير للناس كما يحب لنفسه لتظهر آداب الإسلام، فكما أن المرء يحب أن يكون مطيعاً لربه كريم الخلق، صحيح الجسم، ناجحاً في أعماله غنياً عن غيره، آمناً على نفسه وعرضه وماله، ويكره لنفسه ضد هذه الصفات فلا يتمنى لغيره ضرراً أو يسعى له في أذى، وقد شرح ذلك الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ينصح ابنه الحسن: يا بني: اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبينه، فأحب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكرهه لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وارض من الناس ما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً.

(هـ) اجتناب اللهو والمزاح، والمرح خشية الاسترسال في الشهوات الفانية فيغفل القلب عن الله وينسى حقوقه فيسمع كلامه تعالى، وسنة رسوله فلا يعمل بها لاستغراقه في ملذاته.

قال تعالى:

(أ)"فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون"(11 - 19 من سورة الطور).

(ب) وقال تعالى: "كل امرئ بما كسب رهين"(21 من سورة الطور).

ص: 245