المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك - الترغيب والترهيب للمنذري - ت عمارة - جـ ٣

[عبد العظيم المنذري]

فهرس الكتاب

- ‌الترهيب من الربا

- ‌ الترهيب من غصب الأرض وغيرها

- ‌الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً

- ‌الترهيب من منع الأجير أجره والأمر بتعجيل إعطائه

- ‌ترغيب المملوك في أداء حق الله تعالى وحق مواليه

- ‌ترهيب العبد من الإباق من سيده

- ‌الترغيب في العتق والترهيب من اعتباد الحر أو بيعه

- ‌كتاب النكاح وما يتعلق به

- ‌الترغيب في غض البصروالترهيب من إطلاقه ومن الخلوة بالأجنبية ولمسها

- ‌الترغيب في النكاح سيما بذات الدين الولود

- ‌ترغيب الزوج في الوفاء بحق زوجته، وحسن عشرتهاوالمرأة بحق زوجها وطاعته، وترهيبها من إسقاطه ومخالفته

- ‌الترهيب من ترجيح إحدى الزوجات، وترك العدل بينهم

- ‌الترغيب في النفقة على الزوجة والعيالوالترهيب من إضاعتهم وما جاء في النفقة على البنات وتأديبهن

- ‌الترغيب في الأسماء الحسنةوما جاء في النهي عن الأسماء القبيحة وتغييرها

- ‌الترغيب في تأديب الأولاد

- ‌الترهيب أن ينتسب الإنسان إلى غير أبيه أو يتولى غير مواليه

- ‌ترغيب من مات له ثلاثة من الأولاد أو اثنان أو واحدفيما يذكر من جزيل الثواب

- ‌الترهيب من إفساد المرأة على زوجها والعبد على سيده

- ‌ترهيب المرأة أن تسأل زوجها الطلاق من غير بأس

- ‌ترهيب المرأة أن تخرج من بيتها متعطرة متزينة

- ‌الترهيب من إفشاء السر سيما ما كان بين الزوجين

- ‌كتاب اللباس والزينة

- ‌الترغيب في لبس الأبيض من الثياب

- ‌الترغيب في القميص

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من لبس ثوباً جديداً

- ‌الترهيب من لبس النساء الرقيق من الثياب التي تصف البشرة

- ‌ترهيب الرجال من لبسهم الحرير وجلوسهم عليه والتحلي بالذهبوترغيب النساء في تركهما

- ‌الترهيب من تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل في لباس أو كلام أو حركة أو نحو ذلك

- ‌الترغيب في ترك الترفع في اللباس تواضعاً واقتداءً بأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهوالترهيب من لباس الشهرة والفخر والمباهاة

- ‌الترغيب في الصدقة على الفقير بما يلبسه كالثوب ونحوه

- ‌الترغيب في إبقاء الشيب وكراهة نتفه

- ‌الترهيب من خضب اللحية بالسواد

- ‌ترهيب الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجة

- ‌الترغيب في الكحل بالإثمد للرجال والنساء

- ‌كتاب الطعام وغيره

- ‌الترغيب في التسمية على الطعام، والترهيب من تركها

- ‌الترهيب من استعمال أواني الذهب والفضةوتحريمه على الرجال والنساء

- ‌الترهيب من الأكل والشرب بالشمال وما جاء في النهي عن النفخ في الإناءوالشرب من في السقاء ومن ثلمة القدح

- ‌الترغيب في الأكل من جوانب القصعة دون وسطها

- ‌الترغيب في أكل الخل والزيت، ونهس اللحم دون تقطيعه بالسكين إن صح الخبر

- ‌الترغيب في الاجتماع على الطعام

- ‌الترهيب من الإمعان في الشبع، والتوسع في المأكل والمشارب شَرَهاً وبطراً

- ‌الترهيب من أن يدعى الإنسان إلى الطعام فيمتنع من غير عذر والأمر بإجابة الداعي وما جاء في طعام المتباريين

- ‌الترغيب في لعق الأصابع قبل مسحها لإحراز البركة

- ‌الترغيب في حمد الله تعالى بعد الأكل

- ‌الترغيب في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والترهيب أن ينام وفي يده ريح الطعام لا يغسلها

- ‌كتاب القضاء وغيره

- ‌الترهيب من تولي السلطنة والقضاء والإمارة سيما لمن لا يثق بنفسه وترهيب من وثق بنفسه أن يسأل شيئاً من ذلك

- ‌ترغيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين في العدل إماماً كان أو غيره وترهيبه أن يشق على رعيته، أو يجور، أو يغشهم، أو يحتجب عنهم، أو يغلق بابه دون حوائجهم

- ‌ترهيب من ولي شيئاً من أمور المسلمين أن يولي عليهم رجلاً وفي رعيته خير منه

- ‌ترهيب الراشي والمرتشي والساعي بينهما

- ‌الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من خاف ظالماً

- ‌الترغيب في الامتناع عن الدخول على الظلمة والترهيب من الدخول عليهم وتصديقهم وإعانتهم

- ‌الترهيب من إعانة المبطل ومساعدته والشفاعة المانعة من حد من حدود الله وغير ذلك

- ‌ترهيب الحاكم وغيره من إرضاء الناس بما يسخط الله عز وجل

- ‌الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى من الرعية والأولاد والعبيد وغيرهم، ورحمتهم والرفق بهم

- ‌ترغيب الإمام وغيره من ولاة الأمور في اتخاذ وزير صالح وبطانة حسنة

- ‌الترهيب من شهادة الزور

- ‌كتاب الحدود وغيرها

- ‌الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما

- ‌الترهيب من أن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويخالف قوله فعله

- ‌الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته

- ‌الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم

- ‌الترغيب في إقامة الحدود، والترهيب من المداهنة فيها

- ‌الترهيب من شرب الخمر وبيعها وشرائها وعصرها وحملها وأكل ثمنها والتشديد في ذلكوالترغيب في تركه والتوبة منه

- ‌الترهيب من الزنا سيما بحليلة الجار والمغيبة والترغيب في حفظ الفرج

- ‌الترهيب من اللواط، وإتيان البهيمة، والمرأة في دبرها سواء كانت زوجته أو أجنبية

- ‌الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

- ‌الترهيب من قتل الإنسان نفسه

- ‌الترهيب أن يحضر الإنسان قتل إنسان ظلماً أو ضربه وما جاء فيمن جرد ظهر مسلم بغير حق

- ‌الترغيب في العفو عن القاتل والجاني والظالموالترهيب من إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌الترهيب من ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب والإصرار على شيء منها

- ‌كتاب البر والصلة وغيرهما

- ‌الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما

- ‌الترهيب من عقوق الوالدين

- ‌الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت، والترهيب من قطعها

- ‌الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته، والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين

- ‌الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

- ‌الترغيب في زيارة الإخوان والصالحين وما جاء في إكرام الزائرين

- ‌الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف، وتأكيد حقهوترهيب الضيف أن يقيم حتى يؤثم أهل المنزل

- ‌الترهيب أن يحتقر المرء ما قدم إليه أو يحتقر ما عنده أن يقدمه للضيف

- ‌الترغيب في الزرع وغرس الأشجار المثمرة

- ‌الترهيب من البخل والشح، والترغيب في الجود والسخاء

- ‌الترهيب من عود الإنسان في هبته

- ‌الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهموما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

- ‌كتاب الأدب وغيره

- ‌الترغيب في الحياء، وما جاء في فضله، والترهيب من الفحش والبذاء

- ‌الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه

- ‌الترغيب في الرفق والأناة والحلم

- ‌الترغيب في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في إفشاء السلام، وما جاء في فضلهوترهيب المرء من حب القيام له

- ‌الترغيب في المصافحة، والترهيب من الإشارة في السلاموما جاء في السلام على الكفار

- ‌الترهيب أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن

- ‌الترهيب أن يتسمع حديث قوم يكرهون أن يسمعه

- ‌الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط

- ‌الترهيب من الغضب، والترغيب في دفعه وكظمه وما يفعل عند الغضب

- ‌الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر

- ‌الترهيب من قوله لمسلم: يا كافر

- ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

- ‌الترهيب من سب الدهر

- ‌الترهيب من ترويع المسلم ومن الإشارة إليه بسلاح ونحوه جاداً أو مازحاً

- ‌الترغيب في الإصلاح بين الناس

- ‌الترهيب أن يعتذر إلى المرء أخوه فلا يقبل عذره

- ‌الترهيب من النميمة

- ‌الترهيب من الغيبة والبهت وبيانهما، والترغيب في ردهما

- ‌الترغيب في الصمت إلا عن خير، والترهيب من كثرة الكلام

- ‌الترهيب من الحسد وفضل سلامة الصدر

- ‌الترغيب في التواضع، والترهيب من الكبر والعجب والافتخار

- ‌الترهيب من قوله لفاسق أو مبتدع:يا سيدي أو نحوها من الكلمات الدالة على التعظيم

- ‌الترغيب في الصدق، والترهيب من الكذب

- ‌ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين

- ‌الترهيب من الحلف بغير الله سيما بالأمانة، ومن قوله أنا بريء من الإسلام أو كافر ونحو ذلك

- ‌الترهيب من احتقار المسلم وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى

- ‌الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق، وغير ذلك مما يذكر

- ‌الترغيب في قتل الوزغ وما جاء في قتل الحيات وغيرها مما يذكر

الفصل: ‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدميا كان أو دابة وغيرهماوبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

‌الترهيب من السباب واللعن لا سيما لمعين آدمياً كان أو دابة وغيرهما

وبعض ما جاء في النهي عن سب الديك والبرغوث والريح والترهيب من قذف المحصنة والمملوك

1 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المُسْتَبَّانِ (1) ما قالا (2)، فعلى البادئُ منهما حتى يتعدى المظلوم" رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

2 -

وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سباب (3) المسلم فُسوقٌ، وقتالهُ كفرٌ" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.

= الصغير: لأخيه: أي المسلم (فقد باء بهما أحدهما) أي رجع بتلك الكلمة أحدهما، لأن القائل إن صدق فالمقول له كافر وإن كذب بأن اعتقد كفر المسلم بذنب، ولم يكن كفراً إجماعاً كفر. أهـ ص 152 جـ 1، قال تعالى:"والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً"(58 من سورة الأحزاب). نزلت في ناس من المنافقين يؤذون علياً رضي الله عنه ويسمعونه، وقيل في زناة كانوا يتبعون النساء، وهن كارهات. وعن الفضيل: لا يحل لك أن تؤذي كلباً أو خنزيراً بغير حق، فكيف إيذاء المؤمنين والمؤمنات؟ (احتملوا): تحملوا (بهتاناً): كذباً عظيماً (مبيناً): ظاهراً. أهـ نسفى. وقال الصاوي: نزلت في شان المنافقين الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يطلبون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن، فإن سكتت المرأة اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، وفي هذه الآية زجر لمن يسيء الظن بالمؤمنين والمؤمنات ويتكلم فيهم من غير علم، وهي بمعنى قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم"(من سورة الحجرات).

وشاهدنا النهي عن سب المسلم ورميه بالفسوق أو الكفر خشية أن يأثم القائل، وقال تعالى:"فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً"(44 - 45 من سورة الأعراف). الظالمين: الكفرة الفسقة العصاة، وقد وصفهم سبحانه بأنهم يمنعون الخير ويصدون عن دينه، ويطلبون الطرق المعوجة، من سباب وشتم وعصيان وطغيان.

(1)

اللذان يظهران السب والشتم وقلة الأدب بالألفاظ الخشنة الوقحة.

(2)

ما شرطية: أي إن قالا وتلفظا أحصى الذنب على المبتدئ المتعدي الظالم الفاحش حتى يتجاوز المظلوم عن الكظم والأدب فيسب ويجرى في ميدان التطاحن والسباب، يريد صلى الله عليه وسلم أن يبين أن ارتكاب الذنب يقع على الشاتم مدة سكوت المشتوم وحفظ أدبه.

(3)

مصدر سب، وهو أبلغ من السب، فإن السب شتم الإنسان والتكلم في عرضه بما يعيبه، =

ص: 466

3 -

وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما رَفَعَهُ قال: "سبابُ المسلم (1)

كالمُشْرِفَ على الهَلَكَةِ" رواه البزار بإسناد جيد.

4 -

وعن عياض بن جُمان رضي الله عنه قال: "قلتُ يا نبي الله: الرجلُ يشتمني وهو دوني، أعَلَيَّ من بأسٍ أن أنتصرَ منه؟ قال: المُسْتَبَّانِ (2) شيطانانِ (3) يتهاتران (4) ويتكاذبان (5) " رواه ابن حبان في صحيحه.

5 -

وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مُسْلِمَيْنِ إلا وبينهما سِتْرٌ من الله عز وجل، فإذا قال أحدهما لصاحبه كلمة هُجْرٍ خَرَقَ (6) سِتْرَ الله" رواه البيهقي هكذا مرفوعاً، وقال: الصواب موقوف.

[الهجر] بضم الهاء وسكون الجيم: هو ردئ الكلام وفحشه.

6 -

وعن أبي جَرِيٍّ جابر بن سُلَيْمٍ رضي الله عنه قال: "رأيتُ رجلاً يَصْدُرُ الناسُ (7) عن رأيه، لا يقولُ شيئاً إلا صَدَرُوا (8) عنه. قلت: من هذا؟ قالوا:

= والسباب أن يقول فيه بما فيه وما ليس فيه (وفسوق): أي خروج عن طاعة الله ورسوله (وقتاله): قال العلقمي يحتمل أن يكون على بابه من المفاعلة، وأن يكون بمعنى القتل (وكفر) إن قاتل المسلم أو قتله مستحلاً لذلك، أو المراد بالكفر اللغوي، وهو الستر لأنه بقتاله له ستر ماله، وعليه من حق الإعانة وكف الأذى، أو عبر به مبالغة في التحذير عن ذلك. أهـ. جامع صغير. وقال الحفني:(فسوق): فإذا سبك شخص وأردت مكافأته فقل له نحو يا ظالم لأنه لا يخلو شخص من الظلم غالباً، ولا تسبه بمحرم مثل ما فعل. أهـ.

(1)

معناه التعدي على المسلم بالشتم والأذى مثل المعرض نفسه للهلكة المقدم على الضرر الصاعد على العذاب.

(2)

المتشاتمان القائلان فجوراً.

(3)

خبيثان خناسان محركان الشقاق وباعثان النفور، من شطن: أي تباعد. قال أبو عبيدة: الشيطان اسم لكل عارم من الجن والإنس والحيوانات. قال الله تعالى: "شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً" من سورة الأنعام.

(4)

أي يتقاولان ويتقابحان في القول، من الهتر بالكسر، وهو الباطل والسقط من الكلام، ومنه حديث ابن عمر "أعوذ بك من المستهترين": أي المبطلين في القول والمسقطين في الكلام، وقيل الذين لا يبالون ما قيل لهم وما شتموا به، وقيل أراد المستهترين بالدنيا. أهـ نهاية.

(5)

يتعمدان القول غير الحقيقي.

(6)

أبعد الله عنه ظلاله ورحمته وعرضه للإهانة والفضيحة والخزي، وأزال عنه كنف رعايته وإحاطته لأنه فجر وشتم وأساء في أقواله.

(7)

يأخذون رأيه حجة ويستضيئون بهديه ويذهبون على ضوء مشورته ويعدونه رئيساً لهم مطاعاً أميناً.

(8)

مالوا إليه وقبلوه ونفذوه.

ص: 467

رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلتُ: عليك السلامُ يا رسول الله. قال: لا تقل: عليك السلامُ، عليك السلامُ تحيةُ الميتِ (1) قل: السلامُ عليك. قال: قلتُ: أنت رسول الله؟ قال: أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضُرٌّ، فدعوتهُ كَشَفَهُ عنك، وإن أصابك عامُ سَنَةٍ فدعوتهُ أنبتها لك، وإذا كنت بأرضٍ قَفْرٍ، أو فلاةٍ، فَضَلَّتْ راحلتك، فدعوته رَدَّهَا عليك (2). قال قلتُ: اعهد إليَّ. قال: لا تَسُبَّنَّ أحداً (3)، فما سببتُ بعدهُ حُراً ولا عبداً، ولا بعيراً، ولا شاةً. قال: ولا تَحْقِرَنَّ شيئاً من المعروف، وأن تُكَلِّمَ أخاك، وأنت مُنْبَسِطٌ إليه (4) وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك (5) إلى نصف الساق، فإن أبيت (6)، فإلى الكعبين، وإياك وإسبالَ الإزارِ (7)، فإنها من المخيلةِ وإن الله لا يُحبُّ المخيلةَ، وإن امرؤ شتمك وعَيَّرَكَ بما يعلمُ فيك فلا تُعَيِّرْهُ بما تعلمُ فيه فإنما وَبَالُ ذلك (8)

عليه" رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والنسائي مختصراً في رواية لابن حبان نحوه، وقال فيه: "وإنِ امرؤٌ عَيَّرَكَ بشيءٍ يعلمهُ فيك، فلا تُعَيِّرْهُ بشيءٍ تعلمهُ فيه، وَدَعْهُ يكونُ وبالهُ عليه، وأجره لك، ولا تَسُبَّنَّ شيئاً. قال: فما سببتُ بعد ذلك دابةً ولا إنساناً".

[السنة]: هي العام المقحط الذي لم تنبت فيه الأرض، سواء نزل غيث أو لم ينزل.

[المخيلة]: بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة، من الاختيال، وهو الكبر واستحقار الناس.

7 -

وعن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1) الميت كذا (ط وع ص 202)، وفي (ن د): الموتى.

(2)

في (ن د): لك.

(3)

لا تتعد على أحد بالسب والشتم.

(4)

أنت في غاية البشاشة وطلاقة الوجه.

(5)

قصره.

(6)

امتنعت.

(7)

احذر إرخاء الثوب وإمداده حتى يجر على الأرض، ففيه الحث على التواضع وعدم التكبر.

(8)

ضرر سبه يعود عليه بالعقاب. مكارم أخلاق من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتجنب السب ويهجر الشتم رجاء أن يسلم من عقاب الله جل وعلا وينظر لأخيه بمنظار الحسن والكمال والأدب رجاء ثواب الله جل وعلا ولا يذكر له عيوباً ولا يذكر له قبائح خشية عذاب الله، فكل شيء يصدر من العبد محاسب عليه، فالكيس من كظم غيظه وصبر وترك ميدان التطاحن والسباب، وعود لسانه عذب الألفاظ وحميد الكلام وطيب القول، وهكذا أخلاق الصالحين: أدخلنا الله برحمته فيهم.

ص: 468

"إن من أكبر الكبائر (1) أن يعلنَ الرجلُ والديه. قيل يا رسول الله: وكيف يلعنُ الرجلُ والديه (2)؟ قال: يَسُبُّ أبا الرجلِ فَيَسُبُّ أباهُ، ويَسُبُّ أمهُ فيسب أمه" رواه البخاري وغيره.

8 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينبغي لِصِدِّيقٍ (3) أن يكون لعَّاناً (4) " رواه مسلم وغيره، والحاكم وصححه، ولفظه: قال: "لا يجتمعُ أن تكونوا لعَّانين صِدِّيقينَ".

9 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكرٍ، وهو يَلْعَنُ بعض رقيقهِ، فالتفت إليه، وقال: لَعَّانين وصِدِّيقين؟ كلا ورب الكعبة، فعتقَ أبو بكر رضي الله عنه يومئذٍ بعض رقيقه. قال: ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال لا أعُودُ (5) " رواه البيهقي.

10 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكونُ اللعانون شُفعاء (6)، ولا شُهداء (7) يوم القيامة" رواه مسلم، وأبو داود لم يقل: يوم القيامة.

(1) أكبر الذنوب وأشدها عقاباً أن يتسبب الرجل لشتم والديه وإهانتهما وتعريضهما للذم والقدح، وأورد البخاري هذا الحديث في باب: لا يسب الرجل والديه: أي ولا أحدهما ولا يتسبب في ذلك.

(2)

في الفتح: استبعاد من السائل، لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك، فبين في الجواب أنه وإن لم يتعاط السب بنفسه في الأغلب الأكثر، لكن قد يقع التسبب فيه، وهو مما يمكن وقوعه كثيراً. أهـ ص 311 جـ 10، سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على إكرام الوالدين والعناية بهما وعدم تعريضهما للإهانة وشتيمة أحد، ويطلب عدم سب أحد خشية أن يعود السب على أبوي الشاتم، وإن من برهما حفظ سيرتهما طاهرة نقية.

(3)

كثير الصدق والعبادة، وفي النهاية فعيل للمبالغة في الصدق، ويكون الذي يصدق قوله بالعمل.

(4)

يكثر السب والغضب فتزل قدمه ويكثر اللغو، وأصل اللعن الطرد والإبعاد على سبيل السخط، ويكون من الإنسان دعاء على غيره.

(5)

لا أرجع إلى هذا ليجمع رضي الله عنه صفتي التقوى وحسن الخلق ويتجنب السخط والغضب، قال تعالى:"إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون"(29 - 32 من سورة المطففين).

أحب مكارم الأخلاق جهدي

وأكره أن أعيب وأن أعابا

وأصفح عن سباب الناس حلماً

وشر الناس من يهوى السبابا

(6)

يتقدمون إلى الله سبحانه وتعالى ويطلبون المغفرة لمن يشاءون.

(7)

أي لا تسمع شهادتهم، وقيل لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم الخالية. أهـ نهاية. =

ص: 469

11 -

وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون المؤمنُ لعاناً" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

12 -

وعن جَرْمُوذٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: "قلتُ: يا رسول الله أوصني؟ قال: أوصيكَ ألا تكون لعاناً" رواه الطبراني من رواية عبيد بن هودة عن جرموذ، وقد صححها ابن أبي حاتم، وتكلم فيها غيره، ورواته ثقات، ورواه أحمد، فأدخل بينهما رجلاً لم يسمَّ.

13 -

وعن سَمُرَةَ بن جُندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلاعنوا بلعنةِ الله (1)، ولا بغضبه (2)، ولا بالنار (3) " رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، رووه كلهم من رواية الحسن البصري عن سمرة، واختلف في سماعه منه.

14 -

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف (4) على يمينٍ بملةٍ غير الإسلام كاذباً مُتعمداً، فهو كما قال: ومن قتل

= كأن الصخابين كثيري السب يضعف إيمانهم بالله إلى درجة أن يطردهم الله من منازل الأبرار الصالحين فلا يصلحون لشيء في الآخرة لماذا؟ لأن نور الإسلام يشع ويسطع في القلب فيعيه الفكر ويستضيء بهديه فلا يقول صاحبه كلمة تغضب الرب جل وعلا، وبذا أينع ثمر إيمانه وأورقت أغصانه، فصمته تفكير، ونطقه عبادة، وكلامه طاعة.

واحفظ لسانك واحترز من لفظه

فالمرء يسلم باللسان ويعطب

(1)

أي طلب الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى: أي لا يحصل منكم نفور وطلب انتقام الجبار سبحانه وتعالى لأحد تغضبون عليه، واجتنبوا التطاحن والشتم والدعاء على خصومكم بالأذى، فالحلم من شيم الكرام.

(2)

طلب انتقامه.

(3)

دخول النار وطلب عذابه.

(4)

أي أقسم بدين غير دين الإسلام: أي أقسم بصفة ليست من صفات الله جلا وعلا، وفي البخاري في باب ما ينهى من السباب واللعن "من حلف على ملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال" قال في الفتح: إلا ارتدت عليه أي رجع عليه تكفيره فالراجع التكفير لا الكفر، فكأنه كفر نفسه لكونه كفر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام، ويؤيده أن في بعض طرقه "وجب الكفر على أحدهما". وقال القرطبي: حيث جاء الكفر في لسان الشرع، فهو جحد المعلوم من دين الإسلام بالضرورة الشرعية، وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم وترك شكر المنعم والقيام بحقه. أهـ. والحاصل أن المقول له إن كان كافراً كفراً شرعياً فقد صدق القائل، وذهب بها المقول له، وإن لم يكن رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه، وقوله:"لعن المسلم كقتله" أي لأنه إذا لعنه فكأنه دعا عليه بالهلاك. أهـ ص 358 جـ 10

وفي باب: من حلف بملة سوى الإسلام. قال في الفتح: الملة الدين والشريعة، وهي نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية، ومن لحق بهم من المجوسية والصابئة، وأهل الأوثان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة وغيرهم، ولم يجزم المصنف بالحكم هل يكفر الحالف بذلك أم لا؟ =

ص: 470

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لكن تصرفه يقتضي أن لا يكفر بذلك، لأنه علق حديث:"من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله" ولم ينسبه إلى الكفر" أهـ.

قال ابن دقيق العيد: الحلف بالشيء حقيقة هو القسم به وإدخال بعض حروف القسم عليه كقوله: والله والرحمن، وقد يطلق على التعليق بالشيء يمين كقولهم: من حلف بالطلاق، فالمراد تعليق الطلاق وأطلق عليه الحلف لمشابهته في اليمين في اقتضاء الحث والمنع، وإذا تقرر ذلك فيحتمل أن يكون المراد المعنى الثاني لقوله كاذباً متعمداً، والكذب يدخل القضية الإخبارية التي يقع مقتضاها تارة، ولا يقع أخرى، وهذا بخلاف قولنا: وما أشبهه فليس الإخبار بها عن أمر خارجي، بل هي لإنشاء القسم فتكون صورة الحلف هنا على وجهين: أحدهما أن يتعلق بالمستقبل كقوله: إن فعل كذا فهو يهودي، والثاني يتعلق بالماضي كقوله: إن كان فعل كذا فهو يهودي، وقد يتعلق بهذا من لم ير فيه الكفارة لكونه لم يذكر فيه كفارة، بل جعل المرتب على كذبه قوله فهو كما قال. قال ابن دقيق العيد: ولا يكفر في صورة الماضي إلا إن قصد التعظيم، وفيه خلاف عند الحنفية لكونه يتخير معنى فصار كما لو قال: هو يهودي، ومنهم من قال: إن كان لا يعلم أنه يمين لم يكفر، وإن كان يعلم أنه يكفر بالحنث به كفر لكونه رضي بالكفر حين قدم على الفعل.

وقال بعض الشافعية: ظاهر الحديث أنه يحكم عليه بالكفر إذا كان كاذباً، والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التعليق فينظر، فإن كان أراد أن يكون متصفاً بذلك كفر، لأن إرادة الكفر كفر، وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر، لكن هل يحرم عليه ذلك أو يكره تنزيهاً؟ الثاني هو المشهور، وقوله: كاذباً متعمداً؛ قال عياض تفرد بزيادتها سفيان الثوري، وهي زيادة حسنة يستفاد منها أن الحالف المتعمد إن كان مطمئن القلب بالإيمان، وهو كاذب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه لم يكفر، وإن قاله متعمد اليمين بتلك الملة لكونها حقاً كفر، وإن قالها لمجرد التعظيم لها احتمل.

(قلت) وينقدح بأن يقال: إن أراد تعظيمها باعتبار ما كانت قبل النسخ لم يكفر أيضاً. وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رفعه "من قال: إني برئ من الإسلام فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً" ويحتمل أن يكون المراد بالكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم، وكأنه قال فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال، ونظيره "من ترك الصلاة فقد كفر" أي استوجب عقوبة من كفر. وقال ابن المنذر: قوله: فهو كما قال ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر، بل المراد أنه كاذب ككذب المعظم لتلك الجهة. انتهى ص 433 جـ 10

وقال النووي: في رواية (فمن كان حالفاً فليحلف بالله) وفي رواية: (لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم) قال العلماء: الحكمة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يضاهى به غيره، وقد جاء عن ابن عباس:"لأن أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فأبر" فإن قيل الحديث مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم "أفلح وأبيه إن صدق" فجوابه أن هذه كلمة تجرى على اللسان لا يقصد بها اليمين، فإن قيل فقد أقسم الله تعالى بمخلوقاته كقوله تعالى:"والصافات، والذاريات، والطور، والنجم" فالجواب أن الله تعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته تنبيهاً على شرفه. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ذاكراً ولا آثراً. (ذاكراً): قائلاً لها من قبل نفسي (آثراً): حالفاً عن غيري، وفي هذا الحديث إباحة الحلف بالله تعالى وصفاته كلها، وهذا مجمع عليه، وفيه النهي عن الحلف بغير أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، وهو عند أصحابنا مكروه ليس بحرام. أهـ ص 106 جـ 11

والطواغي: الأصنام، واحدها طاغية. وكل ما جاوز الحد في تعظيم أو غيره فقد طغى، فالطغيان المجاوزة للحد، وقيل يجوز أن يكون المراد بالطواغي هنا من طغى من الكفار وجاوز القدر المعتاد في الشر وهم عظماؤهم. قال تعالى:"واجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها"(من سورة الزمر). "يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به"(من سورة النساء). الآية. الطاغوت: الصنم أو الشيطان. أهـ.

ص: 471

نَفْسَهُ بشيء عُذِّبَ (1) به يوم القيامة، وليس على رجُلٍ نذرٌ فيما لا يملك (2)، ولَعْنُ (3) المؤمن كقتله" رواه البخاري ومسلم، وتقدم.

15 -

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "كنا إذا رأينا الرجل يَلْعَنُ (4) أخاهُ رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر (5) " رواه الطبراني بإسناد جيد.

16 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا لعن (6) شيئاً صعدت اللعنةُ إلى السماء، فَتُغْلَقُ أبوابُ السماء (7)

دونها، ثم تهبطُ (8) إلى الأرض، فَتُغْلَقُ أبوابها دونها، ثم تأخذُ يميناً وشمالاً، فإن لم تجد مساغاً (9) رجعت إلى الذي لُعِنَ (10)، فإن كان أهلاً (11)، وإلا رجعتْ إلى قائلها (12) " رواه أبو داود.

(1) يوجد معه في جهنم لينتقم منه ويؤلمه مثل مديةأو سم أو الهبوط في قعرها.

(2)

لا يؤدي شيئاً لا يملكه.

(3)

الدعاء عليه بالطرد من رحمة الله وعدم التوفيق مثل إعدامه حياً، فالأول قتل معنوي.

(4)

يدعو عليه بالثبور ويتمنى له الضلال والإهلاك.

(5)

الذنوب العظيمة، لأنه لا يحب الخير لأخيه المسلم، وهذا ليس من الإيمان. قال صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه أو لجاره ما يحب لنفسه" رواه البخاري. باب الأدب من بلوغ المراد. معاملة حسنة أوجبها الله على عباده المؤمنين في الإسلام أن يذنب الداعي بالإبعاد من رحمة الله، ولا يتم إسلامه ولا يكمل إيمانه إلا إذا أحسن معاملته للمسلمين ظاهراً وباطناً من إرادة الخير للمسلم وموعظته بالحسنى وعدم لعنته، والدعاء له بالهداية والتوفيق وترك الإضرار له وكف الأذى وستر زلته والرفق:

(أ) قال تعالى: "إنما المؤمنون إخوة" من سورة الحجرات.

(ب)"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"(8 من سورة الممتحنة).

(6)

سخط عليه وطلب إبعاده من حظيرة رضون الله تعالى.

(7)

تسد أمامها أبواب الرحمة فلا تنفذ هذه الدعوة الصاخبة.

(8)

تنزل فتجد حصوناً منيعة حتى لا تصل إلى المظلوم.

(9)

خلاصاً ومفراً.

(10)

وقعت له اللعنة.

(11)

مستحقاً غضب الله وسخطه لعصيانه ولفجوره ولشدة صخبه.

(12)

فإذا كان صالحاً راضياً عنه ربه عادت إلى الآثم الداعي المذنب الشتام السباب الصخاب، ففيه التحذير عن كثرة الشتم والدعاء بالأذى، والترغيب في كظم الغيظ. قال عبيد بن الأبرص:

وبالعدل فانطق إن نطقت ولا تجر

وذا الذم فاذممه وذا الحمد فاحمد

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقارن يقتدي =

ص: 472

17 -

وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللعنة إذا وُجِّهَتْ إلى من وُجِّهَتْ إليه، فإن أصابت عليه سبيلاً (1)

أو وجدت فيه مسلكاً (2)، وإلا قالت (3): يا رب وُجِّهْتُ إلى فُلانٍ، فلم أجد فيه مسلكاً، ولم أجد عليه سبيلاً، فَيُقالُ لها: ارجعي من حيثُ جئتِ (4) " رواه أحمد وفيه قصة، وإسناده جيد إن شاء الله تعالى.

18 -

وعن عمران بن حُصينٍ رضي الله عنه قال: "بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارهِ، وامرأةٌ من الأنصار (5) على ناقةٍ، فضجرتْ (6) فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: خُذُوا ما عليها، ودعوها (7)، فإنها ملعونةٌ قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يَعْرِضُ (8) لها أحدٌ" رواه مسلم وغيره.

= ولا أبتغي ود امرئ قل خيره

وما أنا عن وصل الصديق بأحيد

إذا أنت حملت الخئون أمانة

فإنك قد أسندتها شر مسند

ولا تظهرن ود امرئ قل خيره

وبعد بلاء المرء فاذمم أو احمد

إن شاهدنا أن ينطق العاقل المؤمن الكيس بالعدل فيتقي الله من سوء الألفاظ، وردئ القول فرب كلمة سلبت نعمة أو جلبت نقمة:

أعوذ برب الناس من كل طاعن

علينا بسوء أو ملح بباطل

ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة

ومن ملحق في الدين ما لم نحاول

(1)

أي وجدت طريقاً وصلت إلى ذلك المستحق الطرد من رحمة الله لعصيانه.

(2)

نافذة أو ثغرة مفتوحة لتصيبه هذه الدعوة المقصية من رضى الله جل وعلا.

(3)

أي إن كان صاحب هذه الدعوة رجلاً صالحاً تقياً خيراً معواناً باراً طائعاً خائفاً من ربه أصابت القائل في صميمه وأبعدته من حظيرة المكرمين المرحومين فليتق الله اللاعن الساخط الصاخب، وليجتنب الدعوات البذيئة الساقطة.

(4)

إلى من طلبك وفاء بك.

(5)

من سكان المدينة المنورة، على صاحبها أفضل الصلاة وأجل السلام.

(6)

أصابها الكلل والتعب فنفرت وهربت وجرت.

(7)

اتركوها، وفي رواية "لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة". قال النووي: إنما قال هذا زجراً لها ولغيرها، وكان قد سبق نهيها، ونهي غيرها عن اللعن فعوقبت بإرسال الناقة، والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق، وأما بيعها وذبحها وركوبها في غير مصاحبته صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من التصرفات التي كانت جائزة فعل هذا فهي باقية على الجواز، لأن الشرع إنما ورد بالنهي عن المصاحبة فبقي الباقي كما كان. أهـ ص 147 جـ 16 باب النهي عن لعن الدواب وغيرها.

(8)

أي لا يصاحب سيرها مسافر.

ص: 473

19 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "سار رجلٌ مع النبي صلى الله عليه وسلم، فَلَعَنَ بَعِيرَهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عَبْدَ اللهِ لا تَسِرْ معنا (1) على بعيرٍ ملعون" رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا بإسناد جيد.

20 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر يسيرُ، فلعن رجلٌ ناقةً (2)، فقال: أين صاحبُ الناقة؟ فقال الرجلُ: أنا، فقال: أخِّرْهَا (3) فقد أُجيبَ فيها" رواه أحمد بإسناد جيد.

21 -

وعن زيد بن خالدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَسُبُّوا الديك (4) فإنه يوقظ للصلاة" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال: "فإنه يدعو للصلاة" ورواه النسائي مسنداً ومرسلاً.

22 -

وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه: "أن ديكاً صرخ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَسَبَّهُ رجلٌ، فنهى عن سَبِّ الديك" رواه البزار بإسناد لا بأس به والطبراني إلا أنه قال فيه: "قال: لا تلعنهُ ولا تسُبَّهُ، فإنه يدعو إلى الصلاة".

23 -

وعن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما: "أن ديكاً صرخ قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رجلٌ: اللهم العنهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ (5) كلا إنه يدعو (6) إلى الصلاة" رواه البزار، ورواته رواة الصحيح إلا عباد ابن منصور.

(1) لا تسافر معنا مصاحباً هذا البعير الذي دعوت عليه بالطرد من رحمة الله التي وسعت كل شيء.

(2)

ناقة كذا (ط وع ص 223 - 2)، وفي (ن د): ناقته.

(3)

لا تمش معنا هذه الناقة، وفي رواية مسلم:"بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم إذ بصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم وتضايق بهم الجبل فقالت: حل، اللهم العنها قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة" كلمة زجر للإبل واستحثاث. أهـ ص 148 جـ 16

(4)

لا تشتموه فإنه يؤذن ويدعو إلى عبادة الله وحده.

(5)

اكفف: اترك هذا.

(6)

ينبه الناس إلى أوقات الصلاة.

ص: 474

من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه

24 -

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغت رجلاً بُرْغُوثٌ فلعنها (1)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنها (2) فإنها نَبَّهَتْ (3) نبياً من الأنبياء للصلاة" رواه أبو يعلى واللفظ له، والبزار إلا أنه قال:"لا تَسُبَّهُ فإنه أيقظ نبياً من الأنبياء لصلاة الصبح" ورواته رواة الصحيح إلا سويد بن إبراهيم، ورواه الطبراني في الأوسط، ولفظه:"ذُكِرَتِ البراغيثُ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنها تُوقظ للصلاة" ورواة الطبراني ثقات إلا سعيد بن بشير.

25 -

ورويَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "نزلنا منزلاً، فآذتنا البراغيثُ فسببناها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَسُبُّوها فَنِعْمَتِ (4) الدابةُ، فإنها أيقظتكم (5) لذكر الله" رواه الطبراني في الأوسط.

26 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رجلاً لعن الريح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تلعنِ الريحَ، فإنها مأمورةٌ، من لعن شيئاً ليس له بأهلٍ (6) رجعتِ اللعنةُ عليه" رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده غير بشر بن عمر.

[قال الحافظ]: وبشر هذا ثقة احتج به البخاري ومسلم وغيرهما، ولا أعلم فيه جرحاً

27 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبعَ الموبقات (7) قالوا: يا رسول الله وما هُنَّ؟ قال: الشركُ بالله (8) والسِّحْرُ، وقتلُ النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مالِ اليتيم، والتولي يوم الزحف (9)

وقذف المحصنات (10) الغافلات المؤمنات" رواه البخاري ومسلم.

(1) دعا عليها.

(2)

نهى عن سبها.

(3)

أيقظته.

(4)

أمدحها.

(5)

نبهتكم.

(6)

كان يستحق هذا العقاب.

(7)

المهلكات.

(8)

أن تجعل لله مثيلاً في ذاته أو صفاته أو أفعاله.

(9)

الهجوم على أعداء الدين.

(10)

سب وشتم المتزوجات العفيفات الطاهرات.

ص: 475

28 -

وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الذي كتبه إلى أهل اليمن قال: "وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراكُ بالله، وقتلُ النفس المؤمنة بغير الحقِّ، والفرارُ في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق الوالدين (1)، ورمي المحصنة، وتَعَلُّمُ السِّحْرِ (2) " الحديث. رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم عن أبيه عن جده.

29 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ذكر امرأً بشيءٍ ليس (3) فيه ليعيبهُ به (4) حَبَسَهُ الله في نار جهنم حتى يأتيَ بنفاد (5) ما قال فيه" رواه الطبراني بإسناد جيد، ويأتي هو وغيره في الغيبة إن شاء الله تعالى.

30 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قذف مملوكهُ بالزنا (6) يُقامُ عليه الحد (7) يوم القيامة إلا أن يكون كما قال" رواه البخاري ومسلم والترمذي، وتقدم لفظه في الشفقة.

31 -

وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: "أنه زار عَمَّةً له فَدَعَتْ له بطعامٍ، فأبطأتِ الجاريةُ فقالت: ألا تستعجلي يا زانيةُ؟ فقال عمروٌ: سبحان الله! لقد قُلتِ عظيماً هل اطلعتِ منها على زناً؟ قالت: لا والله، فقال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: أيُّما عبدٍ أو امرأةٍ قال أو قالت لوليدتها: يا زانيةُ، ولم تَطَّلِعْ منها على زناً جَلَدَتْهَا وَلِيدَتُهَا (8) يوم القيامة لأنه لا حَدَّ لهنَّ في الدنيا" رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

(1) عدم برهما.

(2)

استعمال التعاويذ المفسدة المفرقة الضارة.

(3)

ليس فيه، كذا (ط وع ص 224)، وفي (ن د): امرأ بشيء فيه.

(4)

ليذكر سوءاته ويعد فضائحه ويشينه ويقدح فيه.

(5)

المعنى يستمر عذابه مدة حتى يزيل هذه العيوب منه، ولن يزيل شيئاً منها.

(6)

رمى خادمه.

(7)

يجلد في الآخرة إذا كان كاذباً: أي يؤخذ منه القصاص يوم القيامة.

(8)

جلدتها وليدتها، كذا (ع ود)، وفي (ن ط): لجلدتها باللام وبغير ذكر وليدتها. =

ص: 476

[قال الحافظ]: كيف وعبد الملك بن هارون متروك متهم؟ وتقدم في الشفقة أحاديث من هذا الباب لم نعدها هنا.

= المكارم والمحامد التي يتحلى بها المسلمون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

أولاً: لا يحصل تساب، أي تشاتم وتقاطع.

ثانياً: بادئ السب مذنب.

ثالثاً: السباب من دلائل المعاصي وعلامات الإجرام.

رابعاً: الذي يسمع بسبه ويسكت مؤمن.

خامساً: المتنافران المتشاتمان فاجران (شيطانان) من دلائل التقوى الإعراض عن الكفر، رجاء إجابة الدعاء والسلامة من الدمار (والوبال).

سادساً: حفظ اللسان أن ينطلق على سب أحد فيجر ذلك إلى سب الوالدين (أن يلعن الرجل والديه) أي من المعاصي الفاحشة أن يتسبب الإنسان في شتم أبيه أو أمه وأن يجرئ غيره على التعدي عليهما بالسب والقذف.

سابعاً: أن التسبب في الشتم كالشتم، وأن التعرض للإيذاء كالإيذاء فإن انتهاك حرمتهما حاصل مع الأمرين والضرر واصل إليهما في كلتا الحالتين مع أن الله تعالى يقول:"ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً" من سورة الأحقاف.

ثامناً: إذا أردت كمال الإيمان ودرجة الأبرار فاجتنب اللعن والذم (لا ينبغي لصديق).

تاسعاً: وسطاء الخير ورسل البر وأصحاب المنازل الرفيعة عند الله ليسوا بلعانين (لا شفعاء ولا شهداء).

عاشراً: عدم الحلف بغير الله تعالى وحده لتعظيمه وإجلاله، فإن من حلف بغير الله كأنه عظم غيره سبحانه، وهذا إشراك:

(أ) قال تعالى: "وربك فكبر"(3 من سورة المدثر).

(ب)"رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً"(9 من سورة المزمل).

(جـ) حكى الله عن فرعون: "فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى"(26 من سورة النازعات).

(د)"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون"(180 من سورة الأعراف).

(هـ)"وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون"(19 - 20 من سورة الأنبياء).

(و)"وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون"(25 من سورة الأنبياء).

الحادي عشر: يتجنب المسلم كل الدعوات التي فيها الانتقام والبطش والنفور والشقاق (لا تلاعنوا).

الثاني عشر: دعوة السوء تحلق في الفضاء وتبحث عن صاحبها الردئ البطال الفاسق العاصي، وإلا رجعت فأصابت قائلها (ارجعي فإن لم تجد مساغاً).

الثالث عشر: نهى صلى الله عليه وسلم عن لعن الدواب ليعود المسلمين حلاوة الألفاظ، وطيب الأقوال وتجنب السخط وبذء الكلام.

الرابع عشر: عدم لعن الريح. =

ص: 477