الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يحل لمسلم أن يأخذ عصاً (1) بغير طيب نفسٍ منه. قال: ذلك لشدة ما حرَّم الله من مال المسلم على المسلم" رواه ابن حبان في صحيحه، قال الحافظ: وسيأتي في باب الظلم إن شاء الله تعالى.
الترهيب من البناء فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً
1 -
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجلٌ (2)
شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفهُ منا أحدٌ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه (3)، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت فعجبنا له يسألهُ ويُصدِّقُهُ. قال: فأخبرني عن الإيمان (4)؟ قال:
(1) ضرب صلى الله عليه وسلم مثلاً لأي شيء وأقلها عصا، فلا يصح للمسلم أن ينهب أي شيء من أخيه بمعنى أنه طرح في أسفل الأرضين السبع ومعه ذلك الشيء الذي أخذه من الأرض بغير حق، ففيه الترهيب من النهب وحفظ الزراع حدود أرضهم وتقوى الله في أخذ أقل شيء وإن حقر. وفي فقه الشافعية: الغصب الاستيلاء على حق الغير ولو منفعة قال تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" ومن غصب مال غيره وجب عليه رده على الفور عند التمكن ولو لزمه على رده أضعاف قيمته ولزمه أيضاً أرش نقص كمن غصب ثوباً لبسه فنقص بلبسه أو نقص بغير لبس كخرق أو حرق لبعضه ولزمه أيضاً أجرة مثل مدة إقامته تحت يده ولو لم يستعمله إن كان مما يصح استئجاره، وإن تلف ضمنه الغاصب بمثله إن كان مثلياً أو بقيمته إن كان متقوماً، والمثلي ما ضبط شرعاً بكيل أو وزن وجاز السلم فيه كالماء والتراب والدقيق وكالنحاس والمسك والقطن، والمتقوم ما ليس كذلك كالقماش والحيوان والغالية، ويبرأ الغاصب برد العين إلى المالك. أ. هـ.
(2)
ملك في صورة رجل تظهر عليه علامات السعادة والسرور والراحة.
(3)
أي إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم، قال في الفتح: وهذا وإن كان ظاهراً من السياق لكن وضعه يديه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم صنيع منبه للإصغاء إليه، وفيه إشارة إلى ما ينبغي للمسئول من التواضع والصفح عما يبدو من جفاء السائل، والظاهر أنه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره ليقوى الظن أنه من جفاة الأعراب ولهذا استغرب الصحابة صنيعه لأنه ليس من أهل البلد وجاء ماشياً ليس عليه أثر سفر، وعرف عمر أنه لم يعرفه أحد منهم من قول الحاضرين. أ. هـ.
(4)
ما حقيقته استفهام عن بيانه.
[من علامات الساعة تطاول الحفاة العراة في البنيان] أن تؤمن بالله (1)، وملائكته (2)، وكتبه (3)، ورسله (4)، واليوم الآخر (5)، وتؤمن بالقدر (6)
خيره وشره، فقال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان (7)؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة (8)؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها (9)؟ قال: أن تلد الأمَةُ رَبَّتها (10)،
وأن ترى الحُفاة العُراة (11) العالة رعاء
(1) أن تصدق بوجوده وبصفاته الواجبة له تعالى.
(2)
جمع ملك: أي التصديق بوجودهم وأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وهم أجسام علوية نورانية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة.
(3)
إن لله تعالى كتباً جمة: منها التوراة لسيدنا موسى، والإنجيل لسيدنا عيسى، والزبور لسيدنا داود، والقرآن لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
(4)
الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
(5)
يوم القيامة والانتقال إلى دار الجزاء.
(6)
قال الشرقاوي: والقدر مصدر قدرت الشيء قدراً إذا أحطت مراده، والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد وكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين. أ. هـ (ص 77 جـ 1)، وفي النهج السعيد: القضاء عند الأشاعرة إرادة الله الأشياء في الأزل على ما هي عليه فيما لا يزال، فهو من صفات الذات عندهم، والقدر عندهم إيجاد الله الأشياء على قدر مخصوص ووجه معين أراده الله تعالى فيرجع عندهم لصفة فعل، لأنه عبارة عن الإيجاد، وهو من صفات الأفعال. أ. هـ. (ص 69).
(7)
ما معناه المترتب عليه الثواب الجزيل مثل إتقان العمل وإيصال النفع للغير وإتقان العبادة: أي الإخلاص ومراعاة الخشوع والخضوع وفراغ البال حال التلبس بها ومراقبة المعبود حال أدائها، ثم تارة يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بعينه فيفعل العبادة حالة استغراقه في بحار المكاشفة والشهود كما قال صلى الله عليه وسلم "وجعلت قرة عيني في الصلاة" أي لحصول الاستلذاذ بالطاعة يسبب انسداد مسالك الالتفات إلى الغير باستيلاء أنوار الكشف عليه وامتلاء قلبه وسره من تجلى محبوبه، وتارة يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل ما يعمل وقال النووي: وتلخيص معناه أن تعبد الله تعالى عبادة من يرى الله تعالى ويراه الله تعالى فإنه لا يستبقي شيئاً من الخضوع والإخلاص وحفظ القلب والجوارح ومراعاة الآداب مادام في عبادته "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" يعني أنك إنما تراعي الآداب إذا رأيته ورآك لكونه يراك. أ. هـ (شرقاوي ص 78 جـ 1).
(8)
في أي زمن يوم القيامة؟ والله تعالى استأثر بعلم وقت مجيئها. قال النووي: العالم إذا سئل عما لا يعلم يصرح بأنه لا يعلمه، ولا يكون في ذلك نقص من مرتبته، بل يكون ذلك دليلاً على مزيد ورعه، وقال القرطبي: كف السامعين عن السؤال عن وقت الساعة لأنهم كانوا قد أكثروا للسؤال عنها.
(9)
علاماتها السابقة عليها كطلوع الشمس من مغربها.
(10)
المملوكة تلد سيدها ومالكها، بمعنى أن ابنها يرث ملك أبيه السيد، قيل هذا كناية عن اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم، فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها لأنه ولد سيدها، وكثر في زمن بني العباس. وقيل كناية عن فساد الأحوال فيكثر بيع أمهات الأولاد ويتداولهن الملاك، فيشتري الشخص أمه ولا يعلم، وقيل كناية عن الاستهانة بالأحكام الشرعية وكثرة عقوق الأبناء بأن يعامل الولد أمه معاملة الأمَةُ في الإهانة بالسب والضرب والاستخدام.
(11)
عبارة عن ارتفاع العبيد والسفلة الحمالين، وما أحسن قول بعضهم: =
الشاء يتطاولون (1) في البنيان. قال: ثم انطلق فلبثتُ ملياً (2)، ثم قال يا عمر: أتدري (3) مَنِ السائل؟ قُلتُ: الله ورسوله أعلم! قال: فإنه جبريل أتاكم يُعلمكم دينكم" رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
من علامات الساعة أن ترى رعاء البهم يتطاولون في البنيان
2 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَلُونِي، فهَابُوهُ أن يسألوه، فجاء رجل فجلس عند ركبتيه، فقال يا رسول الله: ما الإسلام؟ قال: لا تشرك بالله شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان. قال: صدقت. قال يا رسول الله: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ورسله وتؤمن بالبعث (4) الآخر، وتؤمن بالقدر كله. قال: صدقت. قال يا رسول الله: ما الإحسان؟ قال: أن تخشى الله كأنك تراه، فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك. قال: صدقت قال: يا رسول الله: متى تقوم الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسأُحدثُك عن أشراطها: إذا رأيت المرأة تلد ربها فذاك من أشراطها، وإذا رأيت الحفاة العُراة الصم البكم (5) مُلوك الأرض فذاك من أشراطها، وإذا رأيت رِعَاء البُهْمِ (6)
يتطاولون في البنيان (7) فذاك من أشراطها" الحديث. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وهذا الحديث له دلالات كثيرة، ولم نذكره إلا في هذا المكان حسبما اتفق في الإملاء.
3 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرج يوماً ونحن معه، فرأى قُبةً مُشرفَةً فقال: ما هذه؟ قال أصحابه: هذه لفلان: رجلٍ من الأنصار
= إذا التحق الأسافل بالأعالي
…
فقد طابت منادمة المنايا
(1)
يتفاخرون بإنشاء القصور واستكثارهم منها وتكثر أموالهم.
(2)
مدة أو زماناً واسعاً، ومنه (واهجرني مليا).
(3)
أتعلم.
(4)
القيام من القبور: أي التصديق بما يقع بعده من الحساب والميزان والجنة والنار.
(5)
غير النبهاء لا الأذكياء، أذنهم لا تعي ولسانهم غير فصيح بل ركيك ألكن (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) والمعنى إذا ساد الجهلاء وعز الأغبياء واحتقر العلماء.
(6)
أي الرعاة السود لأن الغالب على ألوانهم الأدمة فهو جمع الأبهم، وهو الذي لا شبه له، وقال الخطابي: معناه الرعاة المجهولون الذين لا يعرفون، جمع البهيم ومنه أبهم هو الأمر فهو مبهم إذا لم تعرف حقيقته بضم الباء وبفتح الهاء: صغار الضأن والمعز: أي رعاة الغنم لحقارتهم في الحياة وجهلهم.
(7)
يتفاخرون بإنشاء القصور واستكثارهم منها وتكثر أموالهم.
[إن كل بناء وبال على صاحبه إلا مالا إلا مالا] فسكت وحَمَلهَا في نفسه حتى إذا جاء صاحبُها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسَلَّمَ عليه في الناس، فأعرَضَ عنه صَنَعَ (1) ذلك مراراً حتى عَرَفَ الرجل الغضب فيه، والإعراض (2) عنه فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: خَرجَ، فرأى قُبَّتَكَ، فرجعَ إلى قُبَّتِهِ، فَهَدَمَها (3) حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ فلم يرها. قال: ما فعلتِ القُبةُ؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه، فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كلَّ بناءٍ وبالٌ (4)
على صاحبه إلا مالا إلا مالا" رواه أبو داود واللفظ له، وابن ماجة أختصر منه، ولفظه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبةٍ على باب رجلٍ من الأنصار (5)، فقال: ما هذه؟ قالوا: قبة بناها فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ ما كان هكذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة فبلغ الأنصاري ذلك فوضعها (6)، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فلم يرها فسأل عنها فأخبر أنه وضعها لما بلغه، فقال: يَرْحَمُهُ الله. يرحمه الله (7).
ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصراً أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مرَّ بِبَنِيَّةٍ (8) قُبة لرجلٍ من الأنصار، فقال: ما هذه؟ قالوا: قُبةٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كُلُّ بناءٍ: وأشار بيده على رأسه، أكثر مِنْ هذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة". قوله إلا مالا: أي إلا ما لابد للإنسان منه مما يستره من الحر والبرد والسباع ونحو ذلك.
(1) فعل ذلك بكثرة صنع كذا. (ط وع ص 609)، وفي (ن د): فصنع.
(2)
الامتعاض منه وعدم الإقرار على عمله.
(3)
فأزالها حتى جعلها مساوية موازية لحجم الأرض بلا ارتفاع.
(4)
ضرر وفيه حساب شديد ودمار وهلاك، وإزالته حسنات لأن الله تعالى يسأل عن كل صغيرة وكبيرة ولا يفعل الإنسان إلا ما فيه الحاجة الشديدة للوقاية فقط (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) يقال: وبلت السماء وبلاً: اشتد مطرها، والوبيل: الوخيم، من وبل المرتع وبالاً ووبالة بمعنى وخم سواء كان المرعى رطباً أو يابساً، ولما كان عاقبة المرعى الوخيم إلى شر قيل في سوء العاقبة وبال، والعمل السيء وبال على صاحبه.
(5)
سكان المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأجل السلام.
(6)
فأزالها.
(7)
دعا صلى الله عليه وسلم له بالرحمة لأنه عمل بسنته صلى الله عليه وسلم في البنيان لقدر الحاجة فقط.
(8)
بمنشأة.
إذا أراد الله بعبد هواناً أنفق ماله في البنيان
4 -
وعن واثلةً بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُ بُنيان وبالٌ على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفه، وكلُ علمٍ وبالٌ على صاحبه إلا مَنْ عَملَ به" رواه الطبراني، وله شواهد.
5 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبدٍ شراً خَضَّرَ (1) لهُ في اللَّبِنِ (2)
والطين حتى يَبْنِيَ" رواه الطبراني في الثلاثة بإسناد جيد.
6 -
وروى في الأوسط من حديث أبي بشير الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبدٍ هواناً أنفق ماله في البنيان".
7 -
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بَنىَ فوق ما يكفيه (3) كُلَّفَ أن يحمله يوم القيامة" رواه الطبراني في الكبير من رواية المسيب بن واضح، وهذا الحديث مما أنكر عليه، وفي سنده انقطاع.
8 -
وعن أبي العالية: "أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بَنَى غُرفةً (4)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اهدمها، فقال أهدمها، أو أتصدقُ بثمنها؟ فقال اهدمها" رواه أبو داود في المراسيل والطبراني في الكبير، واللفظ له، وهو مرسل جيد الإسناد.
9 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) زين وحبب وأمال.
(2)
الطوب المحمى عليه جمع لبنة، وقيل الطوب النئ والمراد ما يبنى به من نحو طوب وحجر وخشب فيشغله ذلك عن أداء الواجبات ويزين له الحياة وينسيه الممات، وهذا في بناء لم يرد به وجه الله وزاد على الحاجة. أ. هـ (جامع صغير ص 85 جـ 1)، وقال المناوي: إذا كان البناء لغير غرض شرعي وأدى لترك واجب أو لفعل حرام فهو حرام. أ. هـ.
(3)
للبذخ والترف والغطرسة والكبرياء، أما إذا بنى قصراً يأوى فيه وتتمتع أضيافه بزيارته، ويراعي حقوق الله في أمواله فهو من باب استعمال الطيبات. قال تعالى:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون"(32 من سورة الأعراف).
(4)
حجرة زائدة عن حاجته، وحاجة أهله وأضيافه. يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصرف المسلمون أوقاتهم في النافع المثمر المفيد للعمل الصالح، وغير ذلك لا لزوم له خشية سؤال الله عنه يوم القيامة لم فعل؟
كلُ معروفٍ (1)
صدقةٌ، وما أنفق الرجل على أهله كُتِبَ له صدقةٌ، وما وَفّى به المرء عِرْضَهُ كُتبَ له به صدقةٌ، وما أنفق المؤمن من نفقةٍ، فإن خَلَفَهَا على الله، والله ضامنٌ إلا ما كان في بُنيان، أو معصيةٍ" رواه الدارقطني والحاكم، كلاهما عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي عن محمد بن المنكدر عنه، وقال الحاكم صحيح الإسناد، وقال الحافظ: ويأتي الكلام على عبد الواحد.
10 -
وعن حارثة بن مَضْرَبٍ قال: "أتينا خُبَاباً نَعُودُهُ، وقد اكتوى سبع كياتٍ، فقال: لقد تطاول مرضي، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تتمنوا الموت لتمنيتُ، وقال: يؤجر الرجلُ في نفقته كُلها إلا في التراب، أو قال: في البناء" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه
11 -
ورويَ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه" رواه الترمذي.
12 -
وعن عطية بن قيس رضي الله عنه قال: كان حُجَرُ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بِجَريدِ النخل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في مَغْزىً له، وكانت أم سلمة موسرة، فجعلت مكان الجريد لبناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قالت: أردتُ أن أكُفَّ عني أبصار الناس، فقال يا أم سلمة: إن شر ما ذهب فيه مالُ المرء المسلمُ البنيان" رواه أبو داود في المراسيل.
13 -
وعن الحسن رضي الله عنه قال: "لما بَنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد. قال: ابنوهُ عَرِيشاً كَعَرِيشِ موسى، قيل للحسن: وما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العريش، يعني السقف" رواه ابن أبي الدنيا مرسلاً، وفيه نظر.
(1) عمل بر وفعل خير والجود والذب عن سيرة الإنسان وحفظ عرضه، هذه خصال تجلب الثواب الجزيل وتعطي الحسنات الجمة، والله تعالى المخلف المنفق الوهاب الذي يضاعف الأجور ويزيد في النعم ويبارك في المال (والله ضامن) ثم استثنى صلى الله عليه وسلم صرف الأموال في ثنتين:
(أ) تشييد المنازل.
(ب) ارتكاب المعاصي فالإنفاق عليهما غير معوض من الله جل وعلا، ويذهب مالهما سدى. لماذا؟ لأن الله تعالى نهى عن الإسراف وبذل المال من غير فائدة "ولا تبذر تبذيراً".