الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالشمس، فيكون ذلك كالذكاة للحيوان، هذا على مذهب من يُجيز تخليلَ الخمر، وهي مسألة خلاف (1).
* * *
باب: التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَمَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّداً
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ نسَيَ، فَلَا بَأْسَ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]: وَالنَّاسِي لَا يُسَمَّى فَاسِقاً.
وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121].
(وقال الله تعالى: {ولَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}، والناسي لا يسمَّى فاسقاً): ذكر الرازي في كتابه في "مناقب الشافعي": أن مجلساً جمعه وجماعةً من الحنفية، وأنهم زعموا أن قولَ الشافعي:"يَحِلُّ أَكْلُ (2) متروكِ التسمية" مردودٌ بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121].
قال (3): فقلت لهم: لا دليلَ فيها، بل هي حجة للشافعي رضي الله عنه، وذلك أن الواو ليست للعطف؛ لتخالُفِ الجملتين بالاسمية (4)
(1) انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 268). وانظر: "التنقيح"(3/ 1101).
(2)
في "ج": "كل".
(3)
"قال" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "الاسمية".
والفعلية، و"لا" للاستثناء؛ لأن أصل (1) الواو: أن تربط ما بعدَها بما قبلَها، فيبقى أن تكون للحال، فتكون جملةً مقيَّدَة للنهي، والمعنى: لا تأكلوا منه في حال كونه فسقاً، ومفهومُه: جوازُ الأكل إذا لم يكن فسقاً، والفسقُ قد (2) فسره الله تعالى بقوله:{أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145]، فالمعنى: لا تأكلوا منه إذا سمي عليه غيرُ الله، ومفهومه: وكلوا منه إذا لم يُسَمَّ عليه غيرُ الله (3).
قلت: فيه نظر من وجوه:
أما أولاً: فالصحيح أن تخالُفَ الجملتين بالاسمية والفعلية لا يمنع من العطف، على ما هو مقررٌ عند النحاة (4).
وأما ثانياً: فلا نسلِّم أن الفسقَ المذكورَ في هذه الآية مفسِّرٌ للفسق في الآية الأخرى، وإنما الضميرُ في قوله:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]، عائد إلى عدم ذكر التسمية؛ لكونه أقربَ المذكورات، ومعلوم أن التركَ نسياناً ليس بفسق؛ لعدم التكليف والمؤاخذة، فتعَيَّنَ العمدُ.
وأما ثالثاً: فلأنه لو كان المرادُ بالفسق: الإهلال (5) بذكر (6) غيرِ الله على الذبيحة، لزم الإخبارُ بالأخصِّ عن الأَعَمَّ، وهو باطل، وذلك لأن
(1) في "ج": "الأصل".
(2)
في "ج": "فسقاً وقد".
(3)
انظر: "معني اللبيب" لابن هشام (ص: 631).
(4)
وهذا ما ذكره ابن هشام في "المغني" بعد حكايته كلام الرازي.
(5)
في "م": "لإهلال".
(6)
في "م": "بذلك".