الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطولِ الأمل): فيه إيهام الطباق بين الكبير والشابّ، والاستعارة في شاباً، والتوسيع في قوله: في اثنتين
…
إلى آخره؛ إذ هو (1) عبارة عن أن يأتي في (2) عجز الكلام بمثنى مفسَّرٍ بمعطوفٍ ومعطوف عليه؛ كقوله:
إِذَا أَبُو قَاسِمٍ جَادَتْ لَنَا يَدُهُ
…
لَمْ يُحْمَدِ الأَجْوَدَانِ البَحْرُ وَالمَطَرُ
* * *
باب: مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيا، والتَّنَافُسِ فِيها
2789 -
(6425) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أخْبَرَهُ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ - وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَ شَهِدَ بَدْراً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحرَيْنِ يَأْتِي بِجزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلَاءَ ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ، فَوَافَتْهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْصَرَفَ، تَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآهُم، وَقَالَ:"أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ"، قالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَأَبْشِرُوا، وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ! مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ
(1) في "ج": "هم".
(2)
في "ع": "عن".
الدُّنْيَا، كمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ".
(ما الفقرَ أخشى عليكم): قال الزركشي: بنصب "الفقر" مفعول "أخشى"؛ أي: ما أخشى عليكم الفقرَ، والرفعُ ضعيف؛ لأنه يحتاج إلى ضمير يعود عليه، وإنما يجيء ذلك في الشعر (1).
قلت: ضعف ذلك مذهب كوفي، قال في "التسهيل": ولا يختص بالشعر؛ خلافاً للكوفيين.
فإن قلت: تقديمُ المفعول هنا يؤذِنُ بأن الكلام في (2) المفعول، لا في الفعل؛ كقولك (3): ما زيداً ضرَبْتُ، فلا يصح أن يعقب المنفي (4) بإثبات ضدَّه، فيقول: ولكن أكرمته؛ لأن المقام يأباه؛ إذ الكلامُ في المفعول، هل هو (5) زيدٌ، أو عمرٌو - مثلاً -، لا في الفعل المنفي (6)، هل هو إكرامٌ، أو إهانةٌ؟
والحديث قد وقع في الاستدراك بإثبات هذا الفعل المنفي، فقال:"ولكنْ أَخْشى عليكم أَنْ تُبسطَ عليكم الدنيا كما بُسطت على مَنْ كانَ قبلَكُم" إلى آخره، فكيف يتأتى هذا؟
(1) انظر: "التنقيح"(3/ 1185).
(2)
"في" ليست في "ع".
(3)
في "ع" و"ج": "كقوله".
(4)
وفي "ع" و"ج": "النفي".
(5)
في "ج": "المفعول إذ هو".
(6)
"المنفي" ليست في "ع".
قلت: المنظورُ إليه في الاستدراك هو المنافسةُ (1) في الدنيا، فلم يقع الاستدراك إلا في المفعول؛ كقولك: ما زيداً ضربتُ، ولكن عمراً، ثم الفعلُ المثبَتُ ثانياً ليس ضداً للفعل المنفي أولاً بحسب الوضع (2)، وإنما اختلفا بالتعلق، فذكرُه لا يَضُرُّ؛ لأنه في الحقيقة استدراكٌ بالنسبة إلى المفعول، لا إلى الفعل.
* * *
2790 -
(6427) - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ ابْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُم مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ". قيلَ: وَمَا بَرَكَاتُ الأَرْضِ؟ قَالَ: "زَهْرَةُ الدُّنْيَا". فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ، فَقَالَ:"أَيْنَ السَّائِلُ؟ "، قالَ: أَنَا - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَقَدْ حَمِدْنَاهُ حِينَ طَلَعَ ذَلِكَ - قَالَ: "لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَاّ بِالْخَيْرِ، إِنَّ هذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، إِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطاً أَوْ يُلِمُّ، إِلَاّ آكِلَةَ الْخَضِرَةِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ. وَإِنَّ هذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ، مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقَّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَانَ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ".
(1) في "ع" و"ج": "المناقشة".
(2)
في "ج": "الواضع".
(إلا آكلة الخضر (1)): سبق الكلام عليه قريباً (2) في كتاب: الزكاة.
لكن سُئلت قريباً من وصولي إلى هذا المحل عن معنى هذا الاستثناء بعدَ قوله: "إن ما يُنبت الربيعُ ما يقتل حبطاً، أو يُلِمُّ"؛ أي (3): ما يقتلُ، أو يُقارب القتلَ، والظاهرُ أن الاستثناء منقطعٌ؛ أي: لكنَّ أكلةَ الخضرِ لا يقتلُها أَكلُ الخضر، ولا (4) يُلَمُّ بقتلها (5)، وإنما قلنا: إنه منقطع؛ لفوات شرط الاتصال؛ ضرورةَ كون الأول غيرَ شاملٍ له على تقدير عدمِ الثنيا، وذلك لأن "من" فيه تبعيضية، فكأنه يقول: إن شيئاً مما يَنبت يقتلُ حبطاً، أو يُلِمَّ، وهذا لا يشملُ (6) مأكولَ آكلةِ الخضر ظاهراً؛ لأنه نكرة في سياق الإثبات، نعم في هذا اللفظ الثابت في الطريق المذكورة هنا، وهو قوله (7):"إن (8) كُلَّ ما أنبتَ الربيعُ يقتل حبطاً، أو يلم" يتأتى جعلُ الاستثناءِ متصلاً؛ لدخول المستثنى في عموم المستثنى منه، وليس المستثنى (9) في الحقيقة (10)
(1) كذا في رواية أبي ذر الهروي عن الكشميهني، وفي اليونينية:"الخضرة"، وهي المعتمدة في النص.
(2)
"عليه قريباً" ليست في "م".
(3)
في "ج": "أو".
(4)
في "ج": "ولم".
(5)
في "ج": "قتلها".
(6)
في "ع": "وهذا الأشمل".
(7)
في "ع": "هنا وقوله".
(8)
"إن" ليست في "ج".
(9)
في "ج": "المستثنى منه".
(10)
"في الحقيقة" ليست في "ج".
هو الآكلة نفسها، وإلا كان منقطعاً، وإنما المستثنى محذوف، تقديره: مأكولُ آكلةِ الخضر، فحُذف المضاف، وأُقيم المضافُ إليه مقامه، فتأملْه.
* * *
2791 -
(6428) - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَمْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ - قالَ عِمْرَانُ: فَمَا أَدْرِي: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ قَوْلهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً -، ثُمَّ يَكُونُ بَعدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونوُنَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ".
(سمعت أبا جمرة (1)): بجيم.
(زَهْدَمُ): بزاي، على زنة جَعْفَر.
(ابنُ مُضَرِّب): بتشديد الراء، على زنة اسم الفاعل.
(يَشهدون، ولا يُستشهدون): محمول عند الأكثرين على حقوق العباد المحضة.
(ويخونون، ولا يُؤتمنون): ولو ائتمنوا؛ لكانوا أشدَّ خيانة.
(وينذِرون): بكسر الذال المعجمة وضمها.
(ويظهر فيهم السِّمَن): - بكسر السين وفتح الميم -؛ أي: لإيثارِ
(1) في "ع": "أبا حمزة".