الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قال (1): اذهبوا به، فارجموه (2)): هذا اللفظ يُشعر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَحْضُرْه، فيؤخذ منه عدمُ حضورِ الإمامِ للرجم.
قال ابن دقيق العيد: وإن كان الفقهاءُ قد استحبوا أن يبدأَ الإمامُ بالرجم، إذا ثبت الزنا بالإقرار، ويَبدأ الشهودُ به إذا ثبتَ بالبينة، كأن الإمام لما كان عليه التثبتُ والاحتياط، قيل له (3): ابدأ؛ ليكون ذلك زجراً عن التساهل (4) في الحكم في الحدود، وداعياً إلى غاية التثبُّت، وأما في الشهود، فظاهر؛ لأن قتله بقولهم (5).
قلت: الظاهرُ أن مراده بالفقهاء الذين فصلوا هذا التفصيل؛ الشافعيةُ ومَنْ وافقَهم، لا المالكية؛ فإنه لم (6) يؤثَرْ عنهم القولُ بما حكاه.
* * *
باب: رَجْمِ الحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إذا أَحْصَنَتْ
2889 -
(6830) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، مِنْهُمْ
(1) في "ع" و"ج": "وقال".
(2)
كذا في رواية أبي ذر الهروي، وفي اليونينية:"اذهبوا فارجموه"، وهي المعتمدة في النص.
(3)
"له" ليست في "ج".
(4)
في "ع" و"ج": "عن الشاهد".
(5)
المرجع السابق، (4/ 118).
(6)
"لم" ليست في "ج".
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى، وَهْوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ، فَقَالَ: يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ، لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَاناً، فَوَاللهِ! مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً، فَتَمَّتْ؟ فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي - إِنْ شَاءَ اللهُ - لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! لَا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لَا يَعُوهَا، وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ؛ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّناً، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْم مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا. فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللهِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - لأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحَجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، عَجَّلْنَا الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِساً إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا، قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: لَتقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فَأَنْكَرَ عَلَيَّ، وَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ؟ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ، قَامَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ
قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا، لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا، فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا، فَلَا أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللهِ! مَا نجَدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوْ الاِعْتِرَافُ، ثُمَّ إِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ كتَابِ اللهِ: أَنْ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، - أَوْ: إِنَّ كُفْراً بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ - أَلَا ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُطْرُونِي كمَا أُطْرِيَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، وَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ". ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ قَائِلًا مِنْكُمْ يَقُولُ: وَاللهِ! لَوْ مَاتَ عُمَرُ، بَايَعْتُ فُلَاناً، فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ، أَلَا وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنَّ الأَنْصَارَ خَالَفُونَا، وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ: يَا ابُا بَكْرٍ! انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ، لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ، فَذَكَرَا مَا تَمَالَى عَلَيهِ الْقَوْمُ، فَقَالَا:
أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمُ، اقْضُوا أَمْرَكُمْ، فَقُلْتُ: وَاللهِ! لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: يُوعَكُ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا، تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ، وَكَتِيبَةُ الإِسْلَامِ، وَأَنْتُمْ - مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ - رَهْطٌ، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا، وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ، أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَكُنْتُ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ، وَاللهِ! مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي، إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا، أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا، حَتَّى سَكَتَ، فَقَالَ: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ، فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَباً وَدَاراً، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَهْوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا، كَانَ - وَاللهِ - أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي، لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئاً لَا أَجِدُهُ الآنَ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ،
حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الاِخْتِلَافِ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَبَسَطَ يَدَهُ، فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ. وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا - وَاللهِ - مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ: أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يُتَابَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا.
(هل لك في فلانٍ يقولُ: لو قد مات عمر، لقد بايعتُ فلاناً): فيه إدخال "قد" على شرط "لو" وجوابها الماضيين المجردين عن الباقي، وقد مر مثلُه.
وفلانٌ المشارُ إليه بالبَيْعة هو طلحةُ بنُ عُبيد الله، وقع ذلك في "فوائد البغوي" عن عليِّ بنِ الجعد، قاله (1) ابن بشكوال (2)، وهو في "مسند البزار" فيما رواه أسلم (3) مولى عمر عن عمر (4).
(قال عبد الرحمن: فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين! لا تفعلْ): فيه جوازُ الاعتراض على السلطان في الرأي إذا خُشِي من ذلك الفتنةُ، واختلافُ الكلمة.
(فإن الموسمَ يجمعُ رَعاعَ الناس): - بفتح الراء -: الشبابُ الأوغادُ، قاله في "الصحاح"(5).
(1) في "ع" و"ج": "قال".
(2)
انظر: "غوامض الأسماء المبهمة"(1/ 383).
(3)
في "ع" و"ج": "رواه مسلم".
(4)
رواه البزار في "مسنده"(286) عن زيد بن أسلم عن أبيه، وعن عمر بن عبد الله مولى غفرة.
(5)
انظر: "الصحاح"(3/ 1220)، (مادة: ر ع ع).
(وغوغاءهم): - ممدود -: سِفْلَةُ النَّاس وأخلاطُهم.
(فإنهم الذين (1) يغلبون على قُربك): بقاف مضمومة وباء موحدة، كذا لجمهور الرواة.
وعند الأصيلي: على قَرْنك - بقاف مفتوحة ونون -، والأولُ هو الظاهر (2).
(وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها): فيه دليل على أنه لا ينبغي أن توضع دقائقُ العلوم إِلَّا عندَ أهل الفَهْم لها (3)، والمعرفة بمواضعها (4) دون العوام (5).
(فقدمنا المدينةَ في عَقِيب (6) ذي الحجة): بفتح العين وكسر القاف، وبضم العين وسكون القاف، يقال: جاء في عَقِبَ الشهر: إذا جاء وقد بقيتْ منه بقيةٌ، وجاء عُقْبَه: إذا جاءَ بعدَ تمامِه (7)، الضبطُ الأولُ للمعنى الأول، والثاني للثاني.
(فكان فيما أنزل الله آيةُ الرَّجْم) إلى آخر مقالته: في هذا المعنى ما يُشير إلى أنه مِمَّا نُسِخَتْ تلاوتُه، وبقي حكمُه.
(أو كان الحَبَلُ أو الاعترافُ): على هذه القصة جلبَ البخاريُّ هذا
(1)"الذين" ليست في "ع" و"ج".
(2)
انظر: "التنقيح"(3/ 1216) وعنده: "المروزي" بدل "الأصيلي".
(3)
في "م": "له".
(4)
في "م": "بمواضعه".
(5)
انظر: "التوضيح"(31/ 218).
(6)
نصّ البخاريّ: "عَقِب".
(7)
انظر: "التنقيح"(3/ 1216).
الحديث، وبَوَّبَ عليه بابَ: رجمِ الحبلى في الزِّنا إذا أَحْصَنت.
وأجمعَ العلماء على أنها لا تُرجَم حتّى تضعَ.
واختلفوا إذا وضعت، هل تحد حينئذ؟ فقيل: إن وُجد من ترضعه.
وقال الشّافعيّ رحمه الله: لا تُرجم حتّى تَفْطِمَه.
وقيل: إن رأى الإمامَ أن يَسترضعَ له، أو يُؤَخِّرها (1)، فَعَلَ.
واختُلف في المرأة توجَد حاملًا، ولا زوجَ لها، فقال مالك رحمه الله: تُحَدُّ إِلَّا أن تُقيم بينةً على الإكراه، أو تأتيَ مستغيثةً وهي تَدْمي.
وقال الكوفيون والشّافعيّ رحمهم الله: لا تُحَدُّ إِلَّا ببينةٍ، أو اعترافٍ (2).
وحجةُ المالكية قولُ عمر هذا بمحضر الصّحابة، ولم يخالف فيه أحدٌ منهم، فيكون إجماعاً سكوتياً، وهو حجة على الصحيح.
(إنّما كانت بيعةُ أبي بكر فَلْتَةً): أي: فجأةً.
(ولكن وَقَى الله شرَّها): يعني: أن مثلَ هذه البيعةِ جديرةٌ بأن تكون مُهَيَّجَةً للشر والفِتَن، فعصَمَ الله من ذلك، والفَلْتَةُ: كلُّ شيء فُعِل (3) من غير رَوِيَّة.
(وليس فيكم مَنْ تُقطع الأعناقُ إليه مثلَ أبي بكرٍ): يريد: أن السابقَ منكم الّذي لا يُلْحَقُ شَأْوُهُ [في الفضل، لا يكون مِثْلًا لأبي بكر، فلا يطمعَنَّ أن يُبايَع](4) كما بويع أبو بكر، ولا يَطْمَعْ أن يُبايَعَ عن غير مشورة.
(1) في "ع" و"ج": "له ويؤخرها".
(2)
وانظر: "المغني"(9/ 73)، و"حاشية الدسوقي"(4/ 319).
(3)
"فعل" ليست في "ع" و"ج".
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
[(فلا يُبايعَ): من البيعة.
ويروى: "تتابع": بمثناة فوقية وباء موحدة؛ من الاتِّباع] (1).
(تَغِرَّةَ أن يُقْتَلا): - بمثناة فوقية وغين معجمة -، مصدرُ غَرَّرْتُه: إذا ألقيته في الغَرَر، وهو (2) من التَّغَرُّرِ؛ كالتَّقِلَّةِ: من التَّقليل (3).
والذي يظهر لي في إعرابه، أن يكون "تغرةَ" إمّا حالًا على المبالغة، أو على حذف مضاف؛ أي: ذا تَغِرَّةٍ، أو بمعنى اسم الفاعل؛ أي: غارّاً، أو مصدراً بفعل محذوف، والجملة حال؛ أي: يَغُرَّهُ تَغِرَّةً، و"أن يقتلا" على حذف مضاف؛ أي: مخافةَ أن يُقتلا، وهذا مفعول لأجله؛ أي: فلا يُبايَعُ هو والذي بايعَهُ غارّاً له ببيعته، أو باتباعه مخافةَ أن يُقتلا جميعاً إذا انتظما في سلك الرعية، ولم يكن أحدُهما ذا أمرٍ مطاع.
(لَقِيَنَا منهم رجلانِ صالحان): الرجلانِ هما: معنُ بنُ عَدِيٍّ، وعُوَيْمُ بنُ ساعِدَةَ، كما ذكره البخاري في غزوة بدر عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، [ونقله ابن بشكوال عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير](4)(5)، وهو في "مسند البزار" عن الزهري فيما رواه ابن عباس عن عمر (6).
وهذا على (7) القول: بأن عويمَ بنَ ساعدةَ تُوفي في خلافة عمر، وبدا في
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج". وانظر: "التنقيح"(3/ 1217).
(2)
في "ع" و"ج": "هو".
(3)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(5)
انظر: "غوامض الأسماء المبهمة"(1/ 383).
(6)
رواه البزار في "مسنده"(194).
(7)
"على" ليست في "ع" و"ج".
"الاستيعاب" بأنه توفي في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ قال: وقيل: توفي في خلافة عمر.
(تشهَّدَ خطيبهم): الظّاهر أنه ثابتُ بنُ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ.
(فقال قائلُ الأنصارِ (1)): هو الحُبابُ بنُ المنذِرِ، قاله ابن بشكوال عن الإمام مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب (2)، وقد صرح به البخاري في غير هذا الموضع من حديث عائشة.
(أنا (3) جُذَيْلُها المُحَكَّكُ): الجُذَيْل: بالذال المعجمة، تصغير الجِذْل، وهو الأصلُ، ويراد به هنا: الجِذْعُ الذي تُربط إليه الإبلُ الجَرْبى، وتنضمُّ إليه تَحْتَكُّ به، ولذلك وصفَه بالمحكَّك؛ أي: صار أملسَ لكثرةِ ذلك، وهو تصغيرُ تعظيم؛ أي: أنا ممن يُستشفى به، كما تَستشفي الإبلُ الجربى بهذا الاحتكاك (4).
(وعُذَيْقُها (5) المُرَجَّبُ): العُذَيق: تصغيرُ عِذْق - بكسر العين -: عُرْجونُ النخلة، وقيل: تصغير عَذْق - بفتحها -، وهي (6) النخلةُ نفسُها.
والمرجَّب: اسمُ مفعول من قولك: رَجَّبْتُ النخلةَ ترجيباً، إذا دعمتها (7) ببناءٍ أو غيره خشيةً عليها؛ لكرامتها وعزازتها؛ أن ينكسرَ شيءٌ من (8) أغصانها،
(1) نص البخاري: "من الأنصار".
(2)
انظر: "غوامض الأسماء المبهمة"(1/ 382).
(3)
"أنا" ليست في "ع" و"ج".
(4)
في "ج": "الاصطكاك". وانظر: "التنقيح"(3/ 1219).
(5)
في "ع" و"ج": "ويجد عذيقها".
(6)
في "ج": "أو هي".
(7)
في "ع" و"ج": "إذا عمتها".
(8)
"من" ليست في "م".